أجرى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، مشاورات لتسمية رئيس الوزراء الجديد، حيث استقبل كلاً من رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي ورئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، فيما غاب رئيس مجلس الأمة الاسبق أحمد السعدون من المشهد لسفره صباح أمس إلى السعودية دون أن يقدم اعتذارا عن لقاء الأمير مما اعتبره البعض مقاطعة للقاءات التشاورية المتعارف عليها قبل تكليف رئيس الوزراء، انشغلت الأوساط السياسية والنيابية بالقضية الأهم للمرحلة المقبلة، والمتعلقة بما ستكون عليه تركيبة الحكومة الجديدة والتي لابد أن تكون جاهزة وتؤدي اليمين الدستورية أمام الأمير، قبل موعد افتتاح الفصل التشريعي الأول لمجلس الأمة الجديد في السادس عشر من الشهر الجاري. وقد أكد نواب وسياسيون أن تشكيل الحكومة المقبلة لن يكون سهلاً، في ظل الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد، حيث تبقى مهمة الرئيس المكلف بالتشكيل صعبة ودقيقة ، ودائرة الاختيار المطروحة أمامه لن تكون واسعة كما هو معتاد، إذ دعت بعض القبائل إلى مقاطعة الحكومة الجديدة، معتبرة أن ذلك يعد استكمالاً لنهج مقاطعة الانتخابات البرلمانية، وتأكيداً على رفض التعديل الذي طرأ على قانون الانتخاب وجرت على أساسه انتخابات الأول من ديسمبر، كما يتوقع أن تتخذ التيارات السياسية التي قاطعت الانتخابات، كالحركة الدستورية الإسلامية "حدس" والتكتل الشعبي والتحالف الوطني الموقف نفسه. غير أن مصادر نيابية كويتية أوضحت لصحيفة أن الباب لم ولن يغلق أمام مشاركة القبائل والتيارات السياسية المقاطعة للانتخابات في التشكيل الحكومي الجديد، مستشهدة في هذا الصدد بما ذكره أمير إحدى أكبر القبائل قبل يومين من أن من يشارك في الوزارة من قبيلته يمثل نفسه، وهو ما يعني من وجهة أخرى أن هناك من سيقبل فعلاً بالمشاركة، ويأخذ هذا القرار على مسئوليته، والأمر ذاته سيتكرر مع التيارات السياسية المختلفة. ورأت المصادر أن المخرج العملي لهذه المشكلة يكمن في تشكيل حكومة تكنوقراط، بحيث يتم اختيار أعضائها على أساس الكفاءة وحدها، مؤكدة أن ذلك سيرفع الحرج عن الجميع، ويرسخ الاقتناع بأن كل من دخل الحكومة، فإنه دخلها استنادا إلى مؤهلاته وخبراته، وليس لكونه ينتمي إلى قبيلة أو طائفة أو تكتل ما، وإنما هو يشارك في حكومة الكويت، ويستهدف من هذه المشاركة خدمة بلده في المقام الأول والأخير. وأوضحت المصادر النيابية الكويتية أنها لا تتفق مع الدعوة التي أطلقها بعض النواب وطالبوا فيها بعدم "توزير" أي من الأشخاص أو التيارات الذين قاطعوا الانتخابات، محذرة من تبني التوجه لإقصاء أي تيارات سياسية أو شرائح مجتمعية من المشاركة في الحكومة، وقالت: إننا أمام مرحلة مفصلية ودقيقة، وتتطلب إعمال العقل والحكمة، وضرورة أن يتسم أداء كل الأطراف بالرشد السياسي، والابتعاد التام عن النزعات الاقصائية، لأنها ليست في مصلحة أحد، وبالتالي فهي ليست في مصلحة الكويت، وشددت على ضرورة تجاوز حالة الاحتقان التي سادت الشارع الكويتي قبل إجراء الانتخابات، والسعي إلى لم الشمل من جديد، وتوحيد الصفوف، وتصفية الخلافات القائمة بين جميع الاطراف، بهدف تهيئة الأجواء لمرحلة من العمل والبناء والانجاز، يشارك فيها الجميع، بعيداً عن أي اعتبارات أيديولوجية، وبغض النظر عن المواقف التي اتخذها أي طرف خلال الفترة الماضية. وأكد عدد من نواب مجلس الأمة الكويتي الجديد أن الحفاظ على الأمن والاستقرار هو في مقدمة أولويات المجلس الجديد لأنه بدون استقرار لا يمكن الحديث عن التعليم أو الصحة او التنمية، مشيرين الى أن تم في الاجتماع التعارفي بينهم التباحث في مجموعة من القضايا والاتفاق على أسس العمل داخل المؤسسة التشريعية، خاصة وأن الخمسين يمثلون نخبة المجتمع، وهناك مسئولية كبيرة يضطلعون بها في المرحلة المقبلة، ويجب أن يغلب صوت العقل ومصلحة الوطن على كل ما عداه. ومن ناحية اخرى، تجددت التظاهرات مساء أمس في عدد من المناطق، حيث واجهت القوى الأمنية تجمعاًت للمتظاهرين وتم توقيف بعضهم بعد مواجهات بالحجارة والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع، وعمليات كر وفر بين القوى الأمنية والمتظاهرين، وسط تحذيرات أمنية من مغبة تجاوز القانون والاعتداء على القوى الأمنية. وألقى عدد من النواب السابقين باللائمة على الحكومة لأنها سبب المسيرات، بعدم استجابتها لمطالبات الشعب الكويتي الرافض لمرسوم الصوت الواحد، داعين في الوقت نفسه إلى إيقاف المسيرات لأنها ؟ تخدم حراك المعارضة، مع الاستعاضة عنها بتجمعات سلمية يومية في المناطق لأنها لا تحتاج إلى ترخيص . وكانت وزارة الداخلية الكويتية قد أكدت في بيان لها أنها لن تسمح مطلقاً بالتجمهر أياً كانت أهدافه ودواعيه، مشددة على أنها ستتخذ كل إجراءاتها القانونية لردع مثل هذه المخالفات، وقالت إن المسيرات والتجمعات التي تبدا من العاشرة مساء وحتى الرابعة فجرا داخل المناطق السكنية في بعض المحافظات، تخالف القوانين والإجراءات التي سبق للوزارة الإعلان عنها والتحذير منها.