جرت رياح الانتخابات البرلمانية بالكويت كما تشتهي سفن قوى المعارضة التي نجحت في خفض نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الأمة التي أُجريت وفق نظام الصوت الواحد للمرة الأولى في تاريخ الكويت. واختار الناخبون ممثليهم الخمسين لمجلس الأمة المقبل من بين 307 مرشحين تنافسوا على مقاعد المجلس، وسط مقاطعة كبيرة من التيارات والقوى السياسية والمجاميع الشبابية، إذ إن بعض المرشحين الفائزين لم تتجاوز نسبة الأصوات التي حصلوا عليها 2%.
ولم تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات، وفق تقديرات مختلفة، ال38 في المائة من إجمالي الناخبين البالغ عددهم 422569 ناخباً وناخبة، ليفوز النواب بأرقام هزيلة تعكس حجم المقاطعة الشعبية الكبيرة للانتخابات.
17 شيعياً
وافرزت الانتخابات التشريعية في الكويت والتي أجريت في ظل قواعد تصويت جديدة عن مجلس أمة بتركيبة جديدة، ونجاح 17 نائبا شيعيا يمثلون 34% من جملة عدد أعضاء مجلس الأمة الخمسين.
وتعد هذه المرة الأولى في تاريخ الحياة البرلمانية التي يحصل الشيعة فيها على هذا العدد. فطبقا للنتائج في الدوائر الانتخابية حصل الشيعة على ثمانية مقاعد في الدائرة الأولى من أصل 10، وفاز ثلاثة منهم في كل من الدائرتين الثانية والخامسة، وواحد في الرابعة، في حين فاز اثنان في الدائرة الثالثة التي لم تعلن نتائجها النهائية حتى الآن.
ولأول مرة تغيبت الأحزاب السياسية عن المشهد السياسي بسبب المقاطعة البرلمانية للمعارضة، مثل المنبر الديمقراطي، وكتلة العمل الشعبي، والحركة الدستورية الإسلامية "الإخوان المسلمين"، والتحالف الوطني الديمقراطي.
وأفرزت نتائج الانتخابات عدم وجود أي تمثيل نيابي لأكبر قبيلتين في الكويت، وهما قبيلة مطير وقبيلة العوازم حيث تمثل نسبتهما 18% من الشعب الكويتي، وذلك لمقاطعتهما للانتخابات. غير أن نتائج الانتخابات أفرزت قبائل لأول مرة تصل إلى البرلمان.
وكذلك لم ينجح أي من النواب الإسلاميين سوى عضوين، علما بأن عددهم في المجلس السابق أكثر من عشرين نائبا.
وأظهرت النتائج تغييرا شمل الوجوه النيابية في الدوائر الانتخابية بنسبة اربعة وستين بالمئة باستثناء الدائرة الأولى التي عاد أغلب نوابها السابقين إلى مقاعدهم.
وتضاربت الأنباء بشأن نسبة المشاركة غير أن السلطات الكويتية رفضت أي تشكيك في النتائج أيا كانت نسبة المشاركة.
عودة النساء
كما أشارت نتائج الالنتخابات إلى عودة المرأة إلى العمل السياسي، إذ فازت ثلاث مرشحات في هذه الانتخابات بعد غياب النساء عن المجلس السابق.
وحصلت ثلاث نساء على مقاعد في المجلس، هن معصومة المبارك وصفاء الهاشم وذكرى الرشيدي فيما يمثل إنجازا جديدا للمرأة الكويتية.
وبالعودة إلى سير العملية الانتخابية، فقد شهدت الساعات الأولى من الاقتراع إقبالا لافتا من النساء، وأكد رئيس أحد اللجان في مدرسة فاطمة المسباح التي تصوت فيها النساء أن المشاركة كانت ضئيلة في الساعات الأولى، ثم زادت قليلا في الساعات التالية، لافتا إلى أنها ستصل إلى ذروتها بعد الساعة الرابعة أو الخامسة عصرا.
وحرصت بعد النساء على اصطحاب أطفالهن ل"يشاهدوا عملية التصويت"، حسب ما قلن لمراسلتنا، وأكدت أخريات أنهن "حرصن على القدوم والمشاركة في عرس الكويت الديمقراطي.. وأن التصويت اليوم هو واجب وطني".
إسقاط المجلس
ومرّت الانتخابات، التي سبقها حراك سياسي وشعبي كبير معارض لتعديل النظام الانتخابي وخفض حق التصويت من أربعة إلى صوت واحد، بسلاسة وهدوء من دون أن يعكر سير عملية الاقتراع أي شائبة، لكن ستبدأ مرحلة جديدة في حراك المعارضة الداعي إلى إسقاط المجلس ومواجهة العبث في الدستور.
وشهدت الدوائر الانتخابية تفاوتاً في نسب الحضور الانتخابي، فبينما كانت النسبة مرتفعة في الدائرتين الأولى والثانية كانت متوسطةً في الثالثة ومنخفضةً جداً في الرابعة والخامسة. ومن جهتها، عقدت كتلة الأغلبية اجتماعاً أمس بديوان النائب السابق أحمد السعدون لمتابعة نتائج الانتخابات ونسبة الحضور.
وقالت الكتلة، في بيانٍ أصدرته أمس، إنها رصدت المشاركة الانتخابية، وتبين لها أن المقاطعة كانت كبيرة ونسبة المشاركة لم تتجاوز ال26.7 في المائة، وأن عدد المقترعين بلغ 112700 من أصل 422 ألف ناخب.
أبرز المقاطعين
وكان من أبرز الحركات السياسية التي أعلنت مقاطعة الانتخابات هي الحركة الدستورية الإسلامية, وهي مجموعة منبثقة عن الإخوان المسلمين, تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية وبتعزيز الضوابط الاجتماعية, والتجمع السلفي الإسلامي, وهو مرتبط بجمعية إحياء التراث, المجموعة السنية ذات المواقف المتشددة في المواضيع الأخلاقية.
وقاطع أيضا حزب الأمة الإسلامي الانتخابات, وهو الحزب الوحيد في الكويت الذي لم يحصل علي ترخيص من قبل السلطة.وهو ويطالب بحكومة منتخبة وإصلاحات جذرية, وسبق أن قاطع الحزب الانتخابات السابقة.
كما أعلنت كتلة العمل الشعبي, التي تضم نوابا سابقين بقيادة رئيس مجلس الأمة السابق والزعيم المعارض المخضرم أحمد السعدون, مقاطعة الانتخابات. وتركز الكتلة علي مواضيع شعبوية مثل السكن وتحسين الرواتب إضافة إلي دعم الإصلاحات عموما. ودعت الكتلة بقوة لمقاطعة الانتخابات.
وهناك مجموعتان ليبراليتان هما كتلة العمل الوطني والمنبر الديمقراطي في الكويت أعلنتا مقاطعة هذه الانتخابات, ويدافع المنبر عن أفكار تقدمية تتعلق بحقوق المرأة والدولة المدنية وأولوية التنمية. وقررت الغالبية الساحقة من القبائل مقاطعة الانتخابات, وطلب شيخا قبيلتي العوازم والعجمان الكبريين علنا من أبناء قبيلتيهما مقاطعة الانتخابات.
وتتفاوت وجهات النظر بشأن تداعيات هذه المقاطعة علي مستقبل العمل البرلماني في الكويت فثمة من يري أنها لا تخلو من" الكذب والنفاق" لدي بعض التيارات التي تجاهر بذلك علي المنابر الإعلامية وتمارس النقيض في عملها السياسي, بينما قدمت الدعم لبعض المرشحين في الخفاء.
وشهدت مواقع التواصل "تويتر" بالكويت تحديا بين أبناء الدوائر الانتخابية على زيادة المقاطعة عبر إرسال صور لمقار الانتخاب تدل على انخفاض الإقبال بشكل ملحوظ جدا، وكذلك عمل مقارنات سريعة مع الانتخابات السابقة.
وقام وفد من المراقبين الدوليين بلقاء الجموع المقاطعة من نواب سابقين وقوى شبابية في ديوان د.وليد الطبطبائي للتعرف على وجهة نظر المقاطعين عن قرب.
ناقوس القلق
وذكر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن انتخابات الكويت تدق ناقوس القلق داخل أروقة الحكومات في دول الخليج العربي خاصة تلك الحكومات التي تميل إلى التأكيد على نهج التوافق الحر تجاه أي تطور يحدث في أنظمتها التي هي استبدادية أساسًا.
ورجح معهد واشنطن، فى تقرير له أردوه عبر موقعه الإلكتروني على شبكة الإنترنت بعنوان "انتخابات الكويت تجعل حكام الخليج العرب يقلقون من نتائجها" أن ترسى الانتخابات فى الكويت الانقسامات الحالية داخل المجتمع الكويتي وترسخ جمودًا سياسيًا قائمًا منذ شهور.
وتحدث المعهد الأمريكي (الذي يعد أحد أبرز غرفة صناعة القرار المتعلق بمنطقة الشرق الأوسط) عن أن البرلمان الكويتي يعد أحد البرلمانات الأكثر تطورًا فى العالم العربي.
وقال معهد واشنطن: إن البرلمان الكويتي، الذي يعود تاريخه إلى ما يقرب من خمسين عامًا، أصبح فى عام 1991، رمزًا لاستقلال البلاد والحريات القائمة فيها عندما حررت القوات التي قادتها الولاياتالمتحدة تلك الإمارة في أعقاب الغزو العراقي.
وتابع المعهد الأمريكي.. أن السياسة الكويتية منذ هذا عام 1991 منقسمة على نفسها .. فعلى الرغم من هيمنة عائلة الصباح الحاكمة على الحكومة، فإن أعضاء ناشطين في البرلمان - وتحديدًا ائتلاف غير مترابط من الإسلاميين والقوميين العلمانيين وبعض ممثلي القبائل - عادة ما يستخدمون صلاحياتهم المحدودة لاستجواب الوزراء، وبسبب استياء أمير الكويت المتكرر، قام الشيخ صباح الأحمد الصباح البالغ من العمر 83 عامًا بحل البرلمان خمس مرات منذ عام 2006.
وبدأ معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فى سرد تفاصيل الاضرابات التى وقعت فى شوراع مدينة الكويت بالقول .. في 15 نوفمبر تعرض متظاهرون في العاصمة إلى الضرب من قبل رجال الشرطة عندما حاولوا القيام بمسيرة نحو منزل رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح الذي هو أحد أقرباء أمير الكويت. وبسبب منع الجماهير الغاضبة من القيام بذلك، قامت عندئذ باقتحام بوابات مبنى البرلمان المغلقة ودخلت القاعة الرئيسية وهي تردد النشيد الوطني. وكانت الاشتباكات السابقة بين الطرفين قد شملت قيام رجال الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين.
وفي التاسع والعشرين من نوفمبر، دعت المعارضة الناخبين الكويتيين المؤهلين البالغ عددهم 400 ألف شخص (أي الرجال والنساء فوق سن الحادية والعشرين) إلى مقاطعة انتخابات يوم السبت. وفي الثلاثين من نوفمبر، سار ما يقدر ب 15 ألف متظاهر في العاصمة، حاملين لافتات كتب عليها "السيادة في يد الشعب" و "السلطة المطلقة مفسدة". وكانت إحدى شكاواهم الرئيسية هي أن أمير الكويت كان قد غير نظام التصويت الذي هو معقد بالفعل (أي خمس مقاطعات مع عشرة ممثلين منتخبين لكل منهما) لكي يكون للناخبين اقتراع واحد بدلًا من الأربعة السابقة.
وترى واشنطن أن الأحداث الآخيرة فى الكويت تعقد التوازن الدقيق بين دعم الحريات الديمقراطية والاعتراف بأهمية التحالفات التاريخية مع الأسر الحاكمة في المنطقة التي تتيح للقوات العسكرية الأمريكية حماية صادرات نفط الخليج من التهديدات الإيرانية المحتملة وغيرها من التهديدات، على حد قول معهد واشنطن. ويبدو أن الكويت وغيرها من أعضاء "مجلس التعاون الخليجي" (البحرين وعمان وقطر والسعودية والإمارات) ترى أن إيران تشكل تحديًا أكثر أهمية من المطالب الشعبية من أجل الحصول على سلطة سياسية. ولكن المشاكل في الكويت، بحسب معهد واشنطن، تشير إلى أن هذه الدول لم تعد في مأمن من الضغوط التي تجتاح العالم العربي، والتي أسقطت بالفعل الطغاة في مصر وليبيا وتونس.
ونوه معهد واشنطن بأن التحركات الآخيرة لدول "مجلس التعاون الخليجي" تشير إلى تزايد القلق، على سبيل المثال قيام العاهل السعودي المريض الملك عبد الله بتغيير وزير داخليته هذا الشهر، وإصدار الحكومة القطرية الحكم بالسجن مدى الحياة على مواطن لكتابته قصيدة تنتقد الحاكم.. لافتا إلى أن جماعات حقوق الإنسان دانت جميعها حكومة الإمارات بسبب الإجراءات الآخيرة التي اتخذتها ضد الإسلاميين المحليين. مواد متعلقة: 1. إغلاق مراكز الاقتراع لانتخابات مجلس الأمة الكويتي الجديد 2. مشاركون يدعمون الأمير ومقاطعون يرغبون في الإصلاح في انتخابات الكويت 3. أمير الكويت يهنىء الفائزين بعضوية مجلس الأمة