«دوق طعم المخلل الأصلى عند زعيم الطرشى » .. تلك الجملة المتفاخرة حفرت على جدران أحد محال الطرشى فى منطقة الغورية بحارة الكحكيين، وأصبح قاطنو الحى العريق يحفظونها عن ظهر قلب، ليس لكونها تتصدر واجهة المكان فحسب، ولكن لأنها ارتبطت بصلة وثيقة بأسرة «طه» الشهيرة فى صناعة الطرشى منذ أكثر من 150 عاما. المحل مزدحم دائمًا، ومملوء بعدد كبير من العمال الذين يعملون بجد شديد فى خدمة الذين يبحثون عن فاتح الشهية الذى يحبونه على مائدة الإفطار.
كانت ل«الصباح» زيارة لمحل الطرشى التابع لعائلة طه، حيث استقبلنا الحاج محمود طه، الذى تولى الإدارة بعد والده، وقال لنا: «منذ الخامسة من عمرى وأنا مع والدى أتلقى أسرار صناعة الطرشى، وأهمها عدم استعمال الألوان الصناعية، بل الاعتماد على الملونات الطبيعية مثل البنجر أو الفلفل القرنقوطى الذى يعطى الطرشى لون غروب الشمس».
وأوضح لنا الحاج محمود أن الطرشى أنواع: بلدى وإفرنجى.. الأول تستطيع أن تشرب مياهه وتستسيغها، أما الثانى لا، واعترف بأن هناك طرقًا للغش التى يتبعها البعض فى التخليل قائلا: «بعض معدومى الضمير يستخدمون الصودا الكاوية وفضلات الإنسان فى التخزين، بحجة أن هذا يزيد من سرعة التخليل، وهو ما يقوم به بعض بائعى الزيتون الأسود على العربات المكشوفة فى الشارع، فتكون الزيتونة ذات لون غامق قليلا وطعمها مرًّا. لكن نحن يتم الإشراف علينا أسبوعيا من وزارة الصحة للاطمئنان على مطابقتنا للمواصفات الصحية، وأن منتجاتنا صالحة للاستخدام الآدمى».
الحاج محمود قدم لربة المنزل بعض النصائح للتخليل المنزلى، فإذا أرادت أن تخلل فلفلاً وزيتونًا وليمونًا فعليها أن تضع الفلفل أولاً ثم تضع فوقه الزيتون، أما الليمون فتضعه أعلى البرطمان المملوء بالماء والملح، وإذا كانت لا تستطيع أن تضبط مقدار الملح الذى يجب أن تضعه، فينصحها بأن تزيد منه قليلا، لأن هذا أفضل من أن يتلف المخلل بسبب قلة الملح، ولكن إذا كان الملح زيادة فلا مشكلة.
ويحدد الحاج محمود الجدول الزمنى بدقة خبير: «الفلفل ممكن يستوى فى أسبوع واحد والزيتون لو تفاحى هياخد 15 يوم، وأى نوع تانى فمحتاج شهرين، أما الليمون براحتك كل ما يطول كل ما يكون أحسن».
ويختتم زعيم الطرشى حديثة فيقول إن زبائنه ليس لهم طبقة معينة فالناس أغنياء كانوا أو فقراء يحتاجون إلى فاتح للشهية، لأن من يأكل الطرشى لابد أن يعود له، والمصرى ذواق بطبعه، وإنه سعيد بمهنته التى سوف يورثها لأبنائه.