رغم رفض رموز المذهب الشيعى فى مصر، ما جاء فى كتاب «الخطوط العريضة للأسس التى قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثنى عشرية» للعلامة محب الدين الخطيب، الذى انفردت «الصباح» بتقديم عرض واف له، يواصل د. محمد عمارة، إصدار الكتب التى تبين غلو المذهب الشيعى، وقد اختار أن يكون هدية مجلة الأزهر لهذا الشهر «شهر محرم» كتاب «الأزهر والشيعة»، حاشدا آراء نخبة من شيوخ الأزهر الراحلين الذين حذروا بكلمات واضحة من خطر المد الشيعى على أهل السنة. فجوة بين السلطة الفاطمية والشعب فى البداية قدم د. عمارة إطلالة لنشأة الجامع الأزهر وتوظيفه فى عهد الفاطميين لخدمة المذهب الشيعى، لذا حدثت فجوة واسعة بين السلطة الفاطمية الحاكمة وبين القاعدة الشعبية المصرية، وبقى الأزهر-الجامعة الشيعية- مرفوضا من عقول المصريين ووجدانهم طوال حكم الدولة الفاطمية الذى امتد نحو ثلاثة قرون، واستمرار الجامع الأزهر فى هذه المهمة حتى انتهاء العصر الفاطمى، وقدوم صلاح الدين الأيوبى، الذى أعاد مصر إلى دولة الخلافة السنية، وأقام المدارس السنية، الجامعة لمذاهب أهل السنة والجماعة، ثم أغلق صلاح الدين الأيوبى الجامع الأزهر، حتى تحولت مناهجه إلى المذهب السنى، فأخذ مكانته –منذ ذلك التاريخ- قبلة لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، ومنبرا للفكر الوسطى، ومنذ ذلك التاريخ أصبح الأزهر- الجامع والجامعة- حارسا لفكر أهل السنة والجماعة.. وسدا منيعا ضد الغلو الشيعى، الذى ظل أهله يحلمون بالعودة إلى مصر، وإلى إعادته منبرا للفكر الشيعى من جديد. ويضيف د. عمارة: «لقد قاومت مصر التشيع وهى فى قبضة الحكم الفاطمى الشيعى.. وستظل مركز الإشعاع للفكر السنى، فكر جمهور الأمة الإسلامية، كما ستظل الرائدة والقائدة لمذاهب أهل السنة والجماعة، وسيظل الأزهر- الجامع والجامعة- والعلماء والدعاة ضد الغلو الشيعى، وضد كل ألوان الغلو المذهبى والفكرى، الذى ترفضه وتلفظه الطبيعة السمحة للمصريين».
تكفير الصحابة ولعنهم الكتاب يضم آراء خمسة من علماء وشيوخ الأزهر الشريف، فتحت عنوان «بيان من الأزهر الشريف حول الشيعة»، يحلل الشيخ جاد الحق على جاد الحق الفرق الشيعية المختلفة، متتبعا أصولهم وأفكارهم حيث يرى أن من أصول فكر الشيعة الإمامية: تكفير الصحابة ولعنهم، وخاصة أبوبكر وعمر رضى الله عنهما، وادعاء أن القرآن الموجود فى المصاحف الآن ناقض، لأن منافقى الصحابة حذفوا منه ما يخص «على وذريته»، وأن القرآن الذى نزل به جبريل على محمد «17 ألف آية»، والموجود الآن «6263»، والباقى مخزون عند آل البيت فيما جمعه على، والقائم على أمر آل البيت يخرج المصحف الذى كتبه على، وهو غائب بغيبة الإمام، ورفض كل رواية تأتى من غير أئمتهم، فهم عندهم معصومون، يؤمنون بالتقية وهى إظهار خلاف العقيدة الباطنية، لدفع السوء عنهم، والجهاد غير مشروع الآن، وذلك لغيبة الإمام، والجهاد مع غيره حرام ولا يطاع، ولا شهيد فى حرب إلا من كان من الشيعة، حتى لو مات على فراشه، أما فرقة «الشيعة الدروز»، وهم أتباع أبى محمد الدرزى، وكانوا أولا من الإسماعيلية ثم خرجوا عليهم، ويسكنون سوريا ولبنان، وتقوم عقيدتهم على تأليه الحاكم بأمر الله الفاطمى، وبرجعته، ويتخذون سنة 408 هجرية مبدأ لتاريخهم الذى أعلن فيه ألوهية الحاكم، وهؤلاء ليس لهم مساجد، بل خلوات خاصة لا يدرى ما يجرى فيها، ولا يصومون، إلا ما يقال عن الشيوخ العقل من صيام أيام غير رمضان، ولا يحجون إلى الكعبة، بل إلى خلوة البياضية فى بلدة «حاصبية» التابعة لبيروت.
تصنيف الشيعة أما الشيخ الراحل حسنين مخلوف، مفتى الديار المصرية الأسبق، فيرى أن الشيعة من أكبر الفرق الإسلامية، وهم الذين انتحلوا التشيع لعلى- كرم الله وجه- وقالوا إنه الإمام بعد الرسول« صلى الله عليه وسلم»، بالنص الجلى أو الخفى، وإنه الوصى بعده بالاسم أو الوصف دون الصديق وعمر وعثمان رضى الله عنهم، وأن الإمامة لا تخرج عنه ولا عن أولاده، وإن خرجت فبظلم من غيرهم، أو ب«تقية» منه أو من أولاده. ويحصر الشيخ مخلوف أصول فرق الشيعة فى ثلاث: غلاة الشيعة، الزيدية، الإمامية، ويصف الغلاة بأنهم عدة فرق تطرفت فى التشيع حتى خرجت عن ربقة الإسلام بمزاعم مكفرة ومعتقدات باطلة، منها: فرقة تزعم ألوهية محمد «صلى الله عليه وسلم»، وعلى وفاطمة والحسن والحسين، وأنهم شىء واحد، وأن الروح حالة فيهم بالسوية، ولا مزية لواحد منهم على الآخر، ويسمون هؤلاء الخمسة أهل العباء، ومنها فرقة تزعم أن الإله حل فى على وأولاده، وأنه ظهر بصورتهم ونطق بألسنتهم وعمل بأيديهم، ومنها «الباطنية» وتسمى «الإسماعيلية»، نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، أو إلى زعيمهم محمد بن إسماعيل، و«القرامطة والمحرمية» لإباحتهم المحرمات والمحارم، و«السبعية» لزعمهم أن الرسل سبعة، «آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ومحمد المهدى»، وأن بين كل اثنين منهم سبعة أئمة يحمون الشريعة، ولابد فى كل عصر من سبعة بهم يقتدى وبهم يهتدى، وقد نشأت الإسماعيلية فى بلاد الفرس، وأسست دعوتهم على الإباحية المطلقة، واستعجال اللذائذ والشهوات وتأويل التكاليف الشرعية بما يقضى إلى إبطال الشرائع وعودة المجوسية إلى سيرتها الأولى، أما «الشيعة الزيدية»، فينسبون إلى زيد بن على زين العابدين، ومقرهم «اليمن»، وأكثرهم يرجع إلى عقائد المعتزلة، وفى الفروع إلى مذهب أبى حنيفة إلا فى مسائل، وهم بالإجمال أقرب فرق الشيعة إلى أهل السنة والجماعة، و«الشيعة الإمامية» هم الذين زعموا انحصار الإمامة فى الإثنى عشر ورجعة المهدى المنتظر، وعصمة هؤلاء الأئمة، ورمزوا إليهم بخطوط التاج وجعلوا طبقات الولاية الإثنى عشر، ودأبوا على إقامة العزاء يوم عاشوراء، ويرى أنهم فى النهاية مزجوا بين أمور لا يقرها الدين الصحيح فى جملته: فلا عصمة لغير الأنبياء والرسل من الخلق، لا انحصار للإمامة فى آل البيت ولا فى الإثنى عشر، لا وصية من الرسول لعلى، لا بنص جلى ولا بنص خفى، لا أصل فى الدين لخرافة المهدى المنتظر، الذى زعموا أنه اختفى فى سنة 226 هجرية ولايزال حيا فى الأرض وسيظهر آخر الزمان، لا لتقديس غير الرسول الكريم من أهل العباد، لا لعصمة أطفال لم تجاوز أعمارهم «السبع سنين» ولا لتخصيصهم بالعصمة مع وجود أطفال آخرين من أهل البيت غيرهم، ولا للسبعة عشر المحزمين، لا لتحزيمهم وذكر اسم من أسماء الله عند التحزيم لكل واحد، ولا لشد الرحال إلى كربلاء والنجف والأشراف وتقديسهما، كما يزعمون، ولا أصل لاتخاذ يوم عاشوراء يوم حزن وعزاء. وبجزم يقر الشيخ مخلوف أنه من الثابت عن الإمامية عامة ومن انتحل عقيدتهم أنهم: يطعنون على الشيخين وعلى سائر الصحابة إلا أنهم لا يصرحون بذلك أمام غيرهم من الناس تقية فقط، فهى عندهم من أركان العقيدة. وبجزم – ايضا- يقر الشيخ مخلوف بأن «الشيعة الإسماعيلية» ليسوا من الإسلام فى شىء، وأنها طائفة من الطوائف الخارجة عن الإسلام فى عقائدهم وعبادتهم وتعاليمهم، فعقائدهم كفر بواح، وعبادتهم لله أسرار كاذبة، وتعاليمهم نحل باطلة تنتهى بإباحية صارخة، فليسوا من الإسلام فى شىء، ومن ثم لا تجوز مناكحتهم، ولا يجوز دفنهم فى مقابر المسلمين... وأنهم يحرصون كل الحرص على خداع العامة بالتظاهر بالإسلام كذبا وافتراء، سترا لمقاصدهم وإخفاء لتدبيرهم، وإمعانا فى التلبيس والإغواء، حتى إذا وقع الجاهل فى أشراكهم، وسكنت نفسه إليهم، واطمأنوا إلى استعداده لخلع ربقة الإسلام من عنقه، ألقوا إليه بباطلهم، وكاشفوه بتعاليمهم، وأباحوا له ما حرم الله عليه فباء بالكفر الصريح، وفى التاريخ أصدق الأدلة على ذلك، وعلى أن «الإسماعيلية» هى فرق الباطنية الحلولية، وهى دولة القرامطة التى فعلت الأفاعيل للقضاء على الإسلام ودولته، وارتكبت أفحش الفظائع فى أوطانه وأممه.
المصحف ليس كاملاً اختار د. محمد عمارة أن ينشر رأى الشيخ عطية صقر تحت عنوان «الشيعة مخرفون»، الذى يتطرق فيه إلى رأى الشيعة فى القرآن الكريم، فيقول: نزل القرآن على النبى «صلى الله عليه وسلم»، وكان يأمر كاتبه بتدوين ما ينزل، على مدى ثلاثة وعشرين عاما، وحفظ هذا المكتوب ونسخت منه عدة نسخ فى أيام عثمان بن عفان «رضى الله عنه»، ثم طبعت المصاحف المنتشرة فى العالم كله طبق المصحف الإمام الذى كان عند عثمان، والنسخ التى أخذت منه، والشيعة يزعمون أن أبا بكر وعمر- بالذات- حذفا من المصحف آيات كثيرة، منها عدد كبير يتصل بخلافة على- رضى الله عنه- ويزعمون أن المصحف الكامل كتبه على بعد انتقال النبى «صلى الله عليه وسلم» إلى الرفيق الأعلى، ويستشهد الشيخ عطية صقر بما قاله بما ورد فى كتاب «الأنوار النعمانية» لمحدثهم وفقيههم الكبير «نعمة الله الموسوى الجزائرى» ما نصه: إنه قد استفاض فى الأخبار أن القرآن الكريم كما أنزل لم يؤلفه إلا أمير المؤمنين، عليه السلام، بوصية من النبى، صلى الله عليه وسلم، فبقى بعد موته ستة أشهر مشتغلا بجمعه، فلما جمعه كما أنزل، أتى به إلى المتخلفين بعد رسول الله، فقال: هذا كتاب الله كما أنزل، فقال له عمر بن الخطاب: لا حاجة بنا إليك ولا إلى قرآنك.. فقال لهم على، عليه السلام: لن تروه بعد هذا اليوم ولا يراه أحد حتى يظهر ولدى المهدى عليه السلام، وفى ذلك القرآن زيادات كثيرة، وهو خال من التحريف.
عقد زواج باطل أما الشيخ الراحل عبد المجيد سليم، شيخ الجامع الأزهر الأسبق، فقد رد على سؤال هو: رجل درزى أجرى عقد نكاح على امرأة سنية من أشرف النساء، فهل صح هذا العقد؟.. وهل يحل لذلك الرجل الدرزى أن يدخل بتلك السنية؟ فأجاب الشيخ عبدالمجيد سليم: قياسا على ماورد فى باب المرتد من الجزء الثالث من كتاب « رد المختار» أنه إذا كان الرجل المذكور من طائفة الدروز، كان كافرا فلا يجوز له نكاح المسلمة، وإذا تزوجها كان الزواج باطلا، لا يترتب عليه، ولا على الدخول فيه أثر من آثار النكاح الصحيح، فالوطء فيه زنى لا يثبت به النسب ولا تجب العدة.
لن نقبل التشيع أما فضيلة الشيخ الراحل محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر السابق، فقد أوجز رأيه قائلا: «إنه لا مكان ولا وجود للشيعة فى مصر كمذهب، لأن مصر دولة سنية ولن نقبل بنشر التشيع فى بلادنا». ومن الآراء الموجودة فى الكتاب- أيضا- للشيخين محمد أحمد عرفة ود. عبدالمنعم النمر، اللذين يؤكدان استحالة التقارب مع الشيعة.