مخاوف من انقسام المعارضة.. وشد وجذب حتى لا ينفرد المجلس العسكرى بالحكم ما يزيد على 3 أشهر قضاها الشعب السودانى فى الشارع، فى مظاهرات مستمرة ضد نظام الرئيس السودانى عمر البشير، فعلى الرغم من كل المحاولات لإسكاته إلا أنه استمر فى التظاهر حتى إعلان سقوط البشير واستيلاء القوات المسلحة السودانية على السلطة فى المرحلة الانتقالية. سودانيون أكدوا أنهم مستمرون فى ثورتهم حتى تنتقل السلطة بصورة مدنية، وتحقيق طموحاتهم السياسية، وعدم استئثار فئة معينة بالسلطة على حساب ثورتهم ضد النظام السودانى. «الشعب سودانى كله سعيد».. بهذه الكلمات بدأت هبة عبدالعظيم الصحفية السودانية حديثها، مؤكدة دعوات تجمع المهنيين بالتظاهر مستمرة للتوافد إلى ميدان الاعتصام وعدم مغادرته لتحديد مصيره والوصول إلى النتائج التى يرغب فيها. أشارت إلى وجود انقسام فى الجيش على شخصية كمال عبدالمعروف رئيس هيئة الأركان، المقترح اسمه كرئيس للمرحلة انتقالية، موضحة أن السيناريو المتوقع وسبب تأخير إعلان البيان هو التوافق على شخصية من الجيش تكون مقبولة لجميع الأطراف، مضيفة «المعارضة خارج الحسابات، والوضع فقط فى يد تجمع المهنيين السودانيين هو من قاد الثورة». وشهد السودان الخميس الماضى حملة واسعة لاعتقال عدد كبير من السياسيين وضباط الجيش، وإعلان الإقامة الجبرية للرئيس السودانى عمر البشير، وأذاع التليفزيون السودانى أغانى وطنية بعد استيلاء الجيش عليها. وقال مسئولون فى المعارضة السودانية، إنهم رفضوا طوال الفترة الماضية التفاوض مع الرئيس عمر البشير، لكن حال تسلم الجيش للسلطة «سنجلس معهم لبحث كيفية تسليم السلطة للشعب إذا رفضوا سنواصل الاعتصام لكن أتوقع أنهم لا يريدون مواصلة الحكم وأعتقد من السهولة الوصول إلى توافق مع الجيش». وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية بيانًا أكدت فيه اقتلاع النظام والتحفظ على رأسه عمر البشير، وتشكيل مجلس عسكرى انتقالى يتولى إدارة فترة انتقالية لمدة عامين واعتقال البشير، وتعطيل العمل بالدستور، وإعلان حالة الطوارئ لمدة 3 شهور. ونص البيان على حل مجلس مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والمجلس الوطنى ومجلس الولايات وحكومات الولايات، وإعلان وقف إطلاق النار الشامل فى جميع مناطق السودان، وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين فورًا، وبناء الأحزاب السياسة وإجراء انتخابات حرة ووضع دستور دائم، والالتزام بكل الاتفاقيات بكل مسمياتها الإقليمية والعالمية والدولية. وشمل البيان دعوة لحاملى السلاح للمشاركة فى بناء الدولة، والمحافظة على الحياة العامة دون إقصائهم والفرض الصارم للنظام العام ومحاربة أى أعمال تخريبية، وتهيئة المناخ للانتقال السلمى للسلطة، والالتزام بكل الاتفاقيات بكل مسمياتها الإقليمية والعالمية والدولية واستمرار عمل البعثات والسفارات وصون وكرامة حقوق الإنسان والحرص على علاقات دولية متوازنة تأمين الوحدات العسكرية والمناطق الحيوية والمرافق والموانئ والحركة الجوية وكل الخدمات. وهتف السودانيون ضد البيان، معلنين رفضهم لفض اعتصامهم فى الميادين، وتسليم السلطة بشكل سلمى للمدنيين، مؤكدين استمراره فى التظاهر لتحقيق انتقال سلمى ومدنى للسلطة، وعدم الاستحواذ على ثورتهم. كما أصدر تجمع المهنيين السودانيين بيانًا ردًا على بيام القوات المسلحة، قالت فيه إن سلطات النظام نفذت انقلابًا عسكريًا تعيد به إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التى ثار شعبنا العظيم عليها، مضيفًا «يسعى من دمروا البلاد وقتلوا شعبها أن يسرقوا كل قطرة دم وعرق سكبها الشعب السودانى العظيم فى ثورته التى زلزلت عرش الطغيان». وتابع البيان: إننا فى قوى إعلان الحرية والتغيير نرفض ما ورد فى بيان انقلابيى النظام هذا وندعو شعبنا العظيم للمحافظة على اعتصامه الباسل أمام مبانى القيادة العامة للقوات المسلحة وفى بقية الأقاليم وللبقاء فى الشوارع فى كل مدن السودان مستمسكين بالميادين والطرقات التى حررناها عنوة واقتدارًا حتى تسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية تعبر عن قوى الثورة، هذا هو القول الفصل وموعدنا الشوارع التى لا تخون». ومن جهته قال الدكتور أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية ونائب مدير مركز حوض النيل، إن البيان أثار جدلًا واسعًا فى الشارع السودانى ما بين مؤيد للمجلس العسكرى، وما بين معارض خوفًا من إعادة نظام البشير مرة أخرى، خاصة أن كل قيادات الجيش هى التى كانت مع البشير. وأكد أن السودان سيشهد مفاوضات من القوى المدنية، للمطالبة بتشكيل حكومة مفاوضات وطنية، وأن يكون الجيش حكم ما بين السلطات وحامى للثورة، لافتًا إلى أن الأيام المقبلة ستشهد شدًا وجذبًا فى هذا الاتجاه حتى لا ينفرد المجلس العسكرى بالحكم وحتى لا يفرز شخص على غرار البشير. ولفت إلى أن هناك مخاوف من انقسام المعارضة حول نفسها وعدم الاستمرار فى المعارضة والاستمرار فى المطالبة بانتقال سلمى بعيدًا عن القوات المسلحة، مؤكدًا أن تجمع المهنيين سيكون له دور كبير أكبر من الأحزاب لعدم وجود تأييد شعبى لها لعدم تأييدها للثورة منذ البداية، مضيفًا «الصادق المهدى لم ينضم لثورة السودانيين إلا بعد 40 يومًا». وأشار إلى أنه سيتم اعتقال قيادات الموالية للبشير حتى لا تحدث ثورة مضادة، مؤكدًا أهمية استمرار السودانيين فى الميدان ليكونوا وسيلة ضغط لإصدار قرارات لصالح الدولة، وعدم تكرار السيناريو الليبى بحكم المجلس العسكرى، لافتًا إلى أن السيناريو الأقرب الفترة المقبلة مرهونًا باستمرار المعارضة فى الاعتصام وتطوير أسلوبها وهو يحقق سيناريو تشكيل حكومة وطنية مدنية، وفى حال انقسام المعارضة سيستمر الجيش، لافتًا إلى أن تجمع المهنيين فهو الأحق بالسلطة، وهناك ضرورة لإعلان قيادته. أكد طارق الخولى، عضو مجلس النواب، أن قرارات القوات المسلحة السودانية، فى وقتها الصحيح قبل أن تنحدر السودان إلى الهاوية مع قرار البشير بأنه لن يتنحى قبل موعد الانتخابات الرئاسية فى العام المقبل، مع تأكيده أنه لن يترشح مرة أخرى، وهو الأمر الذى تكرر فى أكثر من مرة، قبل أن يتراجع ويترشح مرة أخرى على منصب رئيس الجمهورية، ما أدى إلى غضب شعبى واسع على الرئيس السودانى، مع عدم تنفيذ عهوده وأقلها احترام المعارضة وتضمينها فى القرارات الرئيسية ومشاركتها فى الحكم. وأضاف الخولى، أنه على الأنظمة السياسية أن تتعلم من الشعوب ونضالها ضد الفساد السياسى، والذى نجح فى بعض البلدن فى الاستقرار واستعادة الهيبة والممارسة الديمقراطية الفعالة فى ضوء انتخابات نيابية ورئاسية حقيقية ومستقلة يتحكم فيها الصوت الانتخابى وبإشراف القضاء. من جهته، أكد السيد فليفل عضو لجنة الشئون الإفريقية فى مجلس النواب، أن مصر على ثقة كاملة فى خيارات الشعب السودانى وما يقرره لنفسه، فى ظل انتشاره فى الشوارع المختلفة فى السودان وتأييد الشعب له، الأمر الذى تدعمه بالتأكيد مصر والتى تدعم حق الشعوب واختياراتها المستقلة دون أى تدخلات منها فى الشئون الداخلية لهذه البلدان، مشيرًا إلى ضرورة أن يحافظ الشعب السودانى على وحدة أراضيه وسلامتها ويعبر عن رأيه بسلمية تامة بعيدًا عن إشاعة الفوضى ولا يتراك الفرصة للمخربين لإثارة الفوضى فى البلاد. وأضاف فليفل أنه لا يمكن منع شعب من اختيار وتحديد مصيره خاصة أن هذا الشعب يتظاهر ضد السلطة السياسية عنده لمدة 4 شهور كاملة بكامله فى الشوارع السودانية، وبالتالى لا يمكن حكم أى شعب رغمًا عنه، ويجب على أى حاكم يتم التظاهر ضده أن يترك السلطة لغيره جدير بالثقة ويحقق الريادة لشعبه الذى يستحق كل تقدير واحترام، وهو الأمر الذى يؤكد عليه القيادة المصرية فى كل مرة أن الاختيار دائمًا وأبدًا للشعب المصرى فى الشئون الداخلية. وأكدت وزارة الخارجية المصرية دعم مصر الكامل لخيارات الشعب السودانى الشقيق وإرادته الحرة فى صياغة مستقبل بلاده وما سيتوافق حوله الشعب السودانى فى تلك المرحلة الهامة، استنادًا إلى موقف مصر الثابت بالاحترام الكامل لسيادة السودان وقراره الوطنى». وأضافت: كما تعرب مصر عن ثقتها الكاملة فى قدرة الشعب السودانى الشقيق وجيشه الوطنى الوفى على تجاوز تلك المرحلة الحاسمة وتحدياتها بما يحقق ما يصبو إليه من آمال وطموحات فى سعيه نحو الاستقرار والرخاء والتنمية، كما تؤكد مصر عزمها الثابت على الحفاظ على الروابط الراسخة بين شعبى وادى النيل فى ظل وحدة المسار والمصير التى تجمع الشعبين الشقيقين وبما يحقق مصالح الدولتين الشقيقتين». ودعت مصر المجتمع الدولى، إلى دعم خيارات الشعب السودانى وما سيتم التوافق عليه فى هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، كما تناشد الدول الشقيقة والصديقة مساندة السودان ومساعدته على تحقيق الانتقال السلمى نحو مستقبل أفضل بما يحقق الطموحات المشروعة لشعبه الكريم.