لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي *** وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي "أبو علاء المعري" الشاعر أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري، القب بأبو العلاء المعري ولد وتوفي في معرة النعمان في الشمال السوري في ه / 973 - 1057 م، أصيب العمي وهو في سن الرابعة من عمره، لم يأكل اللحم طيلة حياته وحرم إلام الحيوان، كان نحيف الجسد زاهداً يفضل ارتداء الثياب الخشنة. وجهك و البدر إذا برزا *** لأعين العالم بدران اعتزل الناس في بغداد بعد أن ورد إليه خبر وفاة والده، وقدد عزز فكرة ذهابه عن بغداد أنه رأى تنافس العلماء والرؤساء على الجاه، وعاش بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى *** مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ كان المعري يؤمن بالربوبية، وكان يؤمن بأن الدين ”خرافة ابتدعها القدماء“ لا قيمة لها إلا لأولئك الذين يستغلون السذج من الجماهير، ثم ظهر العديد من الخلفاء في مصر وبغداد وحلب ممن كان يستغل الدين لتبرير وتدعيم السلطة، ورفض المعري بعض معتقدات الإسلام وغيره من الأديان الأخرى مصرحاً: «أفيقوا أفيقوا يا غواة فإنما دياناتكم مكرٌ من القدماء فلا تحسب مقال الرسل حقاً ولكن قول زور سطّروه وكان الناس في يمنٍ رغيدٍ فجاءوا بالمحال فكدروه دين وكفر وأنباء تقص وفرقان وتوراة وإنجيل» قال عنه الدكتور طه حسين :" أن أبا العلاء قد هداه عقله إلى أن لهذا العالم خالقاً، وإلى أن هذا الخالق حكيم. لا يشك في ذلك، أو على الأقل لا يظهر فيه شكاً... وهو إذا تحدث عن هذا الخالق الحكيم تحدث عنه في لهجة صادق يظهر فيها الإخلاص واضحاً جلياً، ولكنه عاجز عن فهم هذه الحكمة التي يمتاز بها هذا الخالق الحكيم، وعجزه عن فهم هذه الحكمة هو الذي يضنيه ويعنِّيه ويعذبه في نفسه أشد العذاب. خالق حكيم، خلق هذا العالم ورتبه على هذا النحو الذي رتبه عليه. ولكن لماذا، وما بال هذا الخالق الحكيم الذي منحنا هذا العقل وهدانا إلى التفكير لم يكشف لنا القناع كله أو بعضه عن وجه هذه الحكمة التي لا نشك فيها ولا نرتاب". كيفَ أصْبَحتَ في مَحلّكَ بعدي يا جَديراً منّي بحُسْنِ افتِقادِ قد أقَرّ الطّبيبُ عَنْكَ بِعَجْزٍ وتَقَضّى تَرَدّدُ العُوّادِ وَانْتَهَى اليأسُ مِنكَ وَاستشعَرَ الوَجْدُ بأنْ لا مَعادَ حتى المعادِ هَجَدَ السّاهرُونَ حَوْلَكَ للتمْريضِ وَيحٌ لأعْيُنِ الهُجّادِ توفي أبو علاء المعري عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان، وبعد وفاته وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، رثاه تلميذه أبو الحسن علي بن همام وقال عنه : إن كنت لم ترق الدماء زهادة فلقد أرقت اليوم من جفني دما سيرت ذكرك في البلاد كأنه مسك فسامعة يضمخ أو فما وأرى الحجيج إذا أرادوا ليلة ذكراك أخرج فدية من أحرما"