«رُدينة» جمعت أخشاب المراكب وحولتها إلى أعمال يدوية تنافس فى المعارض الإسكندرية عشق لكل من يعيش بها؛ ولبحرها أسرار لا يبوح بها إلا لمن أراد الوصول إليها واكتشافها، مليئة بالجماليات التى قلما توجد فى مكان آخر، حتى أنها أصبحت مادة خصبة للمبدعين والفنانين يستخلصون منها لوحات جميلة، وهو ما حدث مع رُدينة طارق، فنانة من الإسكندرية التى دفعها حبها للفنون بكل أنواعها منذ نعومة أظافرها، وشغفها بالأعمال اليدوية لتكوين قطع فنية من مواد مختلفة، وذلك من خلال تجميع قطع أخشاب المراكب والمخلفات البحرية وتحويلها إلى أعمال يدوية خاصة بها، بعدما تواصلت مع البحر واكتشفت ما به من أسرار. «رُدينة» تبلغ من العمر 23 عامًا، درست الأدب الإنجليزى بجامعة الإسكندرية، وتخرجت خلال العام الجارى 2018، لكن حبها للفنون جعلها تتجه للأعمال اليدوية منذ عام 2011، فكانت تصنع الإكسسوارات وكروت المعايدة لأصدقائها، ثم تطورت فى أعمالها اليدوية وتجربتها لأنواع جديدة من الفنون، مثل الصور الطبيعية المطرزة يدويًا وألعاب الأطفال وقطع الديكور، والتى لاقت قبولًا كبيرًا، وحازت على إعجاب الكثير عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وأصبح لديها مشروعها الخاص الذى تمارس فيه هوايتها الفنية. قالت «ردينة»: «أردت تجربة نوع جديد من الفنون يعكس روح عروس البحر وجمالها، فقد عشت طيلة حياتى بالإسكندرية، وكنت دائمًا مستاءة من رؤية المخلفات المتواجدة على الشواطئ، فبدأت بالتفكير؛ كيف لى أن أستغل كل هذه المخلفات، ومن هنا بدأت بتجميع أكبر عدد من بقايا خشب المراكب، وساعدنى فى ذلك أصدقائى؛ ولكن كل ذلك بدون هدف محدد، فلم أكن أعرف ماذا أفعل بتلك القطع الخشبية». بعد عملية تنظيف القطع وتجفيفها؛ نظرت رُدينة لها بعين أخرى، واكتشفت أنها تستطيع أن تصنع منها قطعًا فنية حية تشبه مدينة الإسكندرية، فالبحر دائمًا لا يعطى إلا الخير والجمال، وبالفعل صنعت أول بيت من الخشب، وكان ذلك بداية الخيط لعمل «سكندريات صغيرة». صنعت «رُدينة» مجموعة «سكندريات صغيرة» كما أطلقت عليها، وهى عبارة عن بيوت ومراكب تُجسد طبيعة عروس البحر، وقالت عنها: «لم أستخدم خامات فى هذه المجموعة، فهى جميعها مُعاد تدويرها باستثناء الألوان والمسامير المستخدمة فى القطعة الفنية، فأبدأ بنشر خشب المراكب وتكوين الشكل الذى أرسمه فى مخيلتى؛ لجمال القطعة الفنية تكمن فى طبيعتها». وأشارت إلى أنه فى هذا الفن لا توجد قطعة تشبه الأخرى، نظرًا لأنها تعمل اعتمادًا على مخرجات البحر، مع مراعاة أن تترك الخشب قدر الإمكان على هيئته الأصلية سواء فى التلوين أو فى التشكيل، حتى لا يفقد طبيعته الأصلية. «رُدينة» قامت بالمشاركة فى معارض بالإسكندرية والقاهرة، وكانت ردود الأفعال إيجابية جدًا؛ فكل من يرى القطع السكندرية ينبهر بأن تلك القطع الفنية كانت من مخلفات ملقاة على شواطئ البحر، وتأمل بأن تستطيع أن تصنع قطعًا فنية أخرى تكون من الطبيعة وأن تطور من مشروعها، ناصحة كل من لديه موهبة بأن يحرص على تنميتها.