التعليم: إجراءات قانونية ضد كل من ثبت تقصيره في حادثة مدارس النيل الدولية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المشدد 15 سنة لشاب أنهى حياة آخر بإحدى قرى قلين    تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بختام تعاملات اليوم 14 ديسمبر    المجتمعات العمرانية الجديدة: سحب الأعمال من شركات المقاولات المتقاعسة بالعلمين الجديدة وإسنادها إلى شركات أكثر كفاءة    لميس الحديدي: أزمة أرض نادي الزمالك تدخل منعطفًا خطيرا    نعى رائد سعد أحد قادة الطوفان .. خليل الحية: سلاحنا حق مشروع كفلته القوانين الدولية    ألافيس ضد الريال.. الملكي يتقدم في الشوط الأول عن طريق مبابي    منتخب مصر يخوض تدريبه باستاد القاهرة استعدادا لمواجهة نيجيريا    4298 مترا.. السجن 5 أعوام لمتهم بالاستيلاء على أرض عمارة الميناء في الإسكندرية    أول تعليق من عمر مصطفى متولي بعد وفاة والدته إيمان إمام    الوطنية للانتخابات تعقد مؤتمراً عن تصويت المصريين بالخارج    القس أندريه زكي يختتم زيارته الرعوية للمنيا بخدمة روحية في الكنيسة الإنجيلية الثانية    متحدث الطب البيطري بالزراعة: الحيازة العشوائية من أسباب انتشار الكلاب الخطرة    الضفة.. جيش الاحتلال يقرر هدم 25 مبنى جديدا بمخيم نور شمس    كمال أبو رية ينضم ل «فن الحرب» بطولة يوسف الشريف | رمضان 2026    مناقشة مستقبل المكتبات والمتاحف في العصر الرقمي بمعرض جدة للكتاب    نقيب التشكيليين وشاليمار شربتلي يفتتحان معرض الفنان عبدالحليم رضوي.. صور    محافظ مطروح يكرم المتميزين بقطاع الصحة (صور)    فرحة لم تكتمل.. مصرع عريس بعد 45 يومًا من زفافه بالصف    طارق بن شعبان: قرطاج السينمائي يدعم سينما المؤلف الملتزمة بالقضايا الإنسانية    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    محفظ قرآن بالأقصر يسجد شكرا لله بعد فوزه برحلة عمرة مجانية ويهديها لوالدته    كنيسة القديس مار مرقس الرسول بدمنهور تعقد لقاء بعنوان "النجاح في حياة زوجة الأب الكاهن"    العثور على جثة رضيع حديث الولادة بقنا    مصر تدين الهجمات على مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    كرة القدم وكأس العرب «1»    منتخب مصر يحقق برونزية بطولة كأس العالم للفرق المختلطة للاسكواش    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    عملية أمنية ضد خلايا داعش في ريف حمص بعد هجوم على قوات أمريكية    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    فيفا يعلن عن تفاصيل حفل جوائزه لعام 2025 في قطر    في قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق المهرجان القومي للتحطيب واحتفالات اليوم العالمي للغة العربية    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    ألمانيا: إحباط هجوم مخطط له فى سوق لعيد الميلاد واعتقال خمسة رجال    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    سفراء التحكيم المصري في أمم أفريقيا يتوجهون إلى المغرب    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    اليوم، وزارة الداخلية تعلن نتيجة القبول فى كلية الشرطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحاب الهواري يكتب : الفوضى الخلاقة
نشر في الصباح يوم 18 - 01 - 2018

الحلقة الخامسة من دراسة: من "النظام العالمي الجديد" إلى "الربيع العربي".. 20 عاما من المؤامرة الأمريكية
في ولايته الثانية، بدا الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن كما لو كان "هتلر" قد بعث من جديد لغزو نصف العالم، فالرجل الذي نشأ في عائلة الجمهوريين، وانحدر من سلفه بوش الأب، كان من الجنون بمكان ليعلن صراحة مشروع الشرق الأوسط الجديد، وليبدأ في تنفيذه أمام العالم كله من العراق، بل ويسمح بأن يتسرب مشروعه للعالم من خلال الصحافة الأمريكية الأوسع انتشارا في جميع أنحاء العالم، بل إن الرئيس الأمريكي ذهب لأبعد ما يتخيله المراقبون؛ مطلقا مصطلح جديد وهو "الفوضى الخلاقة" ليكون "اللعب على المكشوف"؛ فبعد أن بدأ الكونجرس يحاصر "بوش" في ولايته الثانية، ويحاسبه على إهدار آلاف المليارات على الحرب في أفغانستان والعراق، بدأ الرئيس الأمريكي في تغيير استراتجيته، فبالطبع لن تكون هناك ميزانية جديدة لشن حرب أخرى في مكان آخر، وحتى لو وجدت فلن تكون هناك ميزانيات أخرى لحرب رابعة وخامسة..الخ، وبالتالي كان شعار "الفوضى الخلاقة" هو الأكثر مناسبة والخيار الأسهل الذي صدره بوش للعالم في ولايته الثانية.
في مطلع عام 2005 أدلت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، بحديث صحفي مع جريدة واشنطن بوست الأميركية، أعلنت فيه عن نية الولايات المتحدة في نشر الديمقراطية في العالم العربي والبدأ بتشكيل مايعرف ب"الشرق الأوسط الجديد" عبر نشر "الفوضى الخلاقة" في الشرق الأوسط من خلال الإدارة الأميركية، حيث يشير مصطلح الفوضى الخلاقة، في تعريفه، إلى خلق مرحلة فوضى متعمدة الإحداث، يقوم بها أشخاص معينون، بدون الكشف عن هويتهم، وذلك بهدف تعديل الأمور لصالحهم، حيث كانت هذه هي الخطة الأسهل من عناء الحرب، التي تكلف آلاف المليارات وتتم في العلن، بينما في مرحلة الفوضى الخلاقة سيكون هناك من يلعب نيابة عنك باسمك بناء على اتفاق في الخفاء، ولكن كيف تتم الفوضى الخلاقة؟
قبل الحديث عن أدوات وعملاء واشنطن في المنطقة الذين مكنوها من محاولة تنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة، يجب التأكيد أولا على أن واشنطن لم تلجأ لهذا الخيار إلا بعد أن فشلت في إخضاع القادة العرب، سواء عسكريا أو سياسيا، لما يتحلون به من وطنية ودماء سالت في حروب مع أمريكا وإسرائيل في النصف الأخير من القرن الماضي، وبالتالي كان الرهان الأمريكي عليهم خاسرا منذ البداية، ليكون الخيار الوحيد هو التعاون مع بعض القوى السياسية غير الوطنية في هذه الدول، مثل جمعية الوفاق في البحرين، والإخوان المسلمين في مصر، فالتعاون مع هؤلاء أثبت منذ القدم نجاحه، إذ إنه بالعودة إلى تاريخ الإخوان على سبيل المثال سنجد أنهم تآمروا مع الإنجليز والأمريكان على الثورة الناصرية، ولكن كيف يتم هذا التعاون مع هؤلاء العملاء وفرضهم على الساحة السياسية في بلدانهم؟ تم هذا من خلال شعار الديمقراطية، الذي كثر الحديث عنه في العقد الأول من القرن الحالي، من خلال مخطط تم وضعه في البنتاجون الأمريكي لهذه الجماعات والقوى السياسية، ليتم السير عليه، فبدأ الإخوان في مصر يلتحقون بالبرلمان وتشكيل جبهة ضد الحكومة، وفي الكويت كانت الحكومة تستقيل كل شهرين مهددة مصالح المواطنين، بسبب سياسة الاستجوابات الخاطئة، وفي البحرين يمكن القول أن المعارضة المأجورة لجمعية الوفاق كادت أن تفرغ العملية البرلمانية من مضمونها المتمثل في الدفاع عن مصالح الشعب، واتجهت إلى نواحٍ سياسية لا علاقة للشعب بها، وبدت التجربة البرلمانية كما لو كانت خصومة سياسية وليست عملية وطنية لصالح المملكة، حيث كادت التجربة السياسية في البحرين أن تترهل، لولا وجود رجل قوي محنك يقف وراء الأحداث ويراقبها ويحسن التصرف فيها، وهو صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء.
استخدمت واشنطن شعار الديمقراطية، وتم تدريب عملاء أمريكا في المنطقة على أهدافه الهدامة وليست البناءة، بهدف استبدال القادة والزعماء العرب في المنطقة بحكام آخرين يقبلون بالوصاية الأمريكية، ولهذا عملت على أن تثير شعوب المنطقة على حكامها، من خلال قنوات الإعلام المتعددة التي زرعتها في المنطقة وعلى رأسها الجزيرة، بالإضافة إلى دور منظمات حقوق الإنسان العالمية، لإثارة الشعوب، وقد ظهر هذا واضحا في تسريبات "ويكيليكس" في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر 2010، التي فضحت رؤساء الولايات المتحدة، حيث كانت أمريكا نفسها هي من سربت هذه المعلومات لصاحب الموقع جوليان أسانج، لخدمة المخطط الأمريكي في إثارة الشعوب العربية ضد حكامها وحتى تكتمل أركان التمثيلية، ثم إصدار قرار بالقبض على "أسانج" والاعتقال بتهمة التحرش لا التجسس.
على أن استراتيجية الفوضى الخلاقة تقوم في الأساس على خلق فوضى سياسية وليست أمنية في الوطن العربي، وهو الأمر الذي يمكن القول معه أنه قد تم سياسيا في أحد مراحله، لكن الأمر أثبت أيضا عدم نجاعته بالشكل الذي يمكن معه لواشنطن تنفيذ مشروعها الأصلي وهو الشرق الأوسط الكبير، الذي لابد فيه من وجود فوضى أمنية في المنطقة وليست سياسية فقط، ففي البحرين استطاع صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، احتواء الفوضى السياسية بقوة القانون وكذلك فعل الرئيس المصري حسني مبارك، وهو الأمر الذي كان لابد معه من التفكير في استراتيجية جديدة، وهي التي بدأت في 2011 تحت شعار "الربيع العربي" وهي المرحلة التي مكنت واشنطن من زرع فوضى أمنية وسياسية بل واجتماعية في المنطقة العربية لأول مرة، على نحو ما نتعرض له تفصيليا في الفصل القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.