لم يكن يعلم أن انفصاله عن زوجته، سيجعل من ابنه فريسة للإدمان، ويتحول من شاب يفخر به إلى مصدر للمعاناة والتعب، عم «أنور. ص» صاحب ال47 عامًا، لم يكن يتخيل أن يكتب القدر نهاية فلذة كبده على يديه. البداية كانت بطلاق أنور من زوجته، بعد أن تحولت الحياة بينهم إلى جحيم بسبب كثرة شكواها والخلافات الدائمة بينهما، ليتحول بعدها نجلهما إلى «مدمن»، وعندما علم الأب بالأمر فقد عقله. عم أنور، والذى يعمل بأحد المساجد بمحافظة القليوبية، كان دائمًا يسير على طريق الطاعة، وأخذ على عاتقه تربية أولاده على طاعة ربهم، والسير على الطريق المستقيم، لكن الرياح دائمًا تأتى على عكس ما يتمنى الإنسان، فابنه أحمد صاحب ال21 عامًا، انجرف فى طريق الشيطان، وسار فى درب المخدرات، وتحول لمدمن، يفعل أى شىء للحصول على «المزاج». الأب الذى عرف عنه التدين وسط أبناء منطقته وعائلته، أصبح يلاحقه سيرة ابنه السيئة، وتحول الابن من نعمة إلى نقمة، ولم يكن هناك مفر من تصحيح الوضع، فحاول الأب جاهدًا أن يجعل نجله يحيد عن طريق المخدرات، وسعى كثير لانتشاله من هاوية الإدمان، لكن الابن صم أذنيه عن نصائح الأب. الأب لم ييأس من عودة ابنه إلى الطريق الصحيح رغم فشله أكثر من مرة، فلم يعرف العجز طريقًا إلى قلب الرجل طمعًا فى أن يأتى اليوم الذى يعود فيه لأحضانه، ويبتعد عن رفقاء السوء الذين استدرجوه لطريق الشيطان، إلا أن الابن أصر على ما هو فيه، بعد أن تحكم فيه «الكيف» وصار عبدًا ذليلاً له، يفعل أى شىء ليحصل على «الجرعة». الحزن والهم أصبحا، ملازمين لعم أنور، لكنه لم يمل أو يكل فكل يوم يمر يرى فلذة كبده يتحول لهيكل إنسان، نتيجة تغلل المخدرات فى جسده، فلم يكن هناك سوى حل وحيد لإنقاذه من الضياع، إذ قام بحبس ابنه فى محاولة لعلاجه وإبعاده عن المخدرات، فالأب وضع حجرًا على قلبه لينقذ نجله، فعندما كان يأتى موعد الجرعة كان الفتى المدلل يستجير بوالده ليعطيه الجرعة، والأب يموت من الحزن على ولده. الابن المدلل، استغل إرهاق والده، وهرب وذهب لأصدقاء السوء، وبعد تعاطيه المخدرات فر إلى منزل والدته، الأب المسكين عندما أفاق فوجئ بهروب الابن، وبحث عنه ليجده محتمى بوالدته، وعندما ذهب إليه علم أنه هرب ليحصل على المخدرات، لحظات مرت على الأب وهو يشاهد ماذا سيحدث لابنه مستقبلاً، فإما السجن أو ميتًا فى أى شارع أو غرزة. الغضب عصف بعقل الأب المسكين، ولم يشعر بنفسه إلا وهو يلقى بنزين عليه ويشعل النار فيه، لينهى حياة ابنه المدمن، الأم حاولت أن تطفئ النار المشتعلة فى جسد نجلها، ويهرب الأب ويترك ابنه فى المستشفى بين الحياة والموت. كان اللواء محمد توفيق مدير أمن القليوبية، قد تلقى بلاغًا من مأمور مركز شبين القناطر بنشوب حريق بمنزل بناحية عرب جهينة، وانتقلت على الفور قوات الحماية المدنية، وبالفحص تبين نشوب الحريق بمنزل عامل فى مسجد بمديرية أوقاف القليوبية، ونجم عن ذلك إصابة نجله «أحمد»، عامل، بحروق من الدرجة الثانية والثالثة بالوجه واليدين. وبسؤال المصاب اتهم والده بإلقاء مادة سريعة الاشتعال «بنزين» تجاهه وإضرام النيران به لرفضه العلاج من الإدمان، وتمكن ضباط مباحث المركز من ضبط المتهم وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وذلك لرفضه العلاج من الإدمان وتولت النيابة التحقيق، والتى أمرت بحبسه على ذمة التحقيقات.