المعركة الحامية بين دونالد ترامب وصديقة إيلون ماسك، لها شبيه فى الأدب الشعبى المصرى «أدهم الشرقاوى وبدران»، وإن كنت لا أعرف «من فيهما أدهم ومن بدران».. ولها أيضا شبيه فى العلاقة بين جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر، وعنوانها «الصداقة القاتلة». الدرس المستفاد هو : لا تصادق ترامب ولا تعاديه، فى صداقته عبء وفى عدائه حرب. فجأة وصف ترامب صديقه ماسك بأنه :»مجنون فقد عقله، ويتعاطى الكيتامين والإكستاسى والفطر المهلوس، ويحمل معه صندوقًا يحتوى على حوالى 20 حبة يوميًا»، وهى مخدرات محظورة شبيهة بالترامادول والكبتاجون الشعبى فى مصر. اندهشت من حدة الخلاف وتوقيته، فمنذ أسابيع كان يجلس بجواره فى زيارته للخليج ويصفه بأنه «عبقرى التكنولوجيا» و»رجل المستقبل»، فأصبح سكيرا عربيدا ويتعاطى عقاقير الهلوسة، فى صدام عميق بين سلطة طاغية ورأسمال جامح. لا أعرف إن كان ماسك قد فقد عقله ويهلوس، ومن خلال متابعته على منصة «إكس» يمكن أن يكون ذلك صحيحا، من منشوراته الغامضة وتحديه للبيت الأبيض ونظريات عن الذكاء الاصطناعى والمستقبل، وحواراته مع شخصيات مثيرة للجدل، ولكن ذلك لا يبرهن على أنه مجنون وعربيد وفقد عقله. كان ماسك حليفًا استثنائيًا لترامب، وموّل حملته الانتخابية وجعله بطلا أسطوريا على منصته، ومنحه ترامب منصبًا رمزيًا «وزارة كفاءة الحكومة»، وكانا يرددان أنهما يقودان معًا «ثورة ضد الدولة العميقة». وتحطم كل شيء، عندما هاجم ماسك بضراوة القانون الذى فرضه ترامب باسم «القانون الجميل والضخم»، مؤكدا أنه يضيف تريليونات إلى الدين الأمريكي، قائلا: «لا للسياسات الشعبوية التى تتجاهل الأرقام وتخاطب الغرائز فقط». لكن ما خفى كان أعظم. ترامب لا يناقش ولا يحاور، بل يلجأ دائما إلى الهجوم الشخصى الذى لا يتوقف عند حدود، وبدأ هو وحلفاؤه فى إلغاء العقود الحكومية مع شركات ماسك، والتشكيك فى وضعه القانونى، وفى سلامته العقلية. ما يحدث تكرار للصراع التاريخى الدامى بين الأصدقاء عندما تختلط الثروة والسلطة ثم تفترقان، ماسك رجل أعمال له مصالح ويستخدم النفوذ الإعلامى بطريقة استعراضية، وترامب اعتبره خطرا عليه عندما تعارضت المصالح.. ماسك لم يعد يدفع بل يتكلم، لأنه يملك «منصة» يستطيع أن يقول فيها ما لا يريد ترامب سماعه. ماسك قد يكون مجنونا ولكن جنونه وصل إلى مرحلة الخطر عندما قرر أن يتحدى ترامب، الذى لا يعرف حدودا للعداء ويستخدم أسلحة محرمة من الاتهامات دون أن يمتلك دليلا، غير أنه قابض على السلطة بقوة. الصراع ليس بين شخصين، بل بين تحالف ينفض بين السلطة المطلقة والثروة الجامحة، وتصبح المعارك الشخصية مجرد واجهات لصراع أعمق يعيد تشكيل موازين القوة فى أمريكا وخارجها.