عاشت منعزلة عن الزمان والمكان لفترة طويلة بين المرتفعات والجبال للاحتماء ضد أى عدوان على أفرادها، وتتمسك بالتقاليد الغريبة كالتعرى ويرون الملابس نوعًا من التصرفات الدخيلة عليهم. قبيلة «الكونسو» من القبائل الإثيوبية التى تمارس أغرب العادات والتقاليد التى تقف حائلًا دون التحضر، وتعتبر أن التمسك بالتراث القديم للأجداد أمرًا حتميًا رغم أن القبيلة تعيش فى بيئة صعبة وتتعرض كثيرًا للجفاف والانهيارات لكنها لا تتخلى عن موطنها السكنى. تقع الكونسو ضمن القبائل التى تعيش على الحدود الجنوبية فى إثيوبيا بالقرب من الحدود الكينية حول وادى نهر «أومو» ويعيش فى القبيلة ما يقرب من 5 آلاف فرد، منهم 2258 من الرجال بينما تصل أعداد النساء إلى 2335 امرأة تقريبًا، وذلك حسب آخر تعداد سكانى للبلاد. وتفتخر قبيلة الكونسو بكونها متمسكة بالعادات والتقاليد التى مارسها الأجداد والتى تخطت كونها مجرد إرث إلى عادات يوميًا ونسق حياة، وأيديولوجية فكرية، فثقافة التعرى من أهم العادات التى تعيش عليها القبيلة، فهم ينظرون إلى الملابس على أنها تصرف غريب وغير مفهوم، ويتعجبون إذا ذهب إلى القرية أشخاص أجانب يرتدون الملابس، ويذهب رجال القبيلة إلى أعمالهم ويمارس الجميع حياته اليومية دون ارتداء الملابس. أما الرجال بشكل خاص فيحرصون على تناول الأطعمة التى تزيد من الوزن وتساهم فى السمنة ويفتخرون بالحجم الكبير والبطن الكبيرة، فالرجل الذى يمتلك هذه المواصفات يحوز مهابة الناس واحترامهم، ويحاول الجميع امتلاك الجسد الضخم. ومن العادات والتقاليد الخاصة بالقبيلة أثناء إقامة احتفالات العرس والزواج تزويد أنفسهم بأشكال غريبة تشبه الحيوانات التى تعيش فى البيئة بألوان مختلفة، لكن العادة الأغرب على الإطلاق أن المرأة من ضمن الموروثات التى يتركها الرجل بعد موته وتنتقل الزوجة للورثة. أما الحرف التى يعيش عليها سكان قبيلة الكونسو فتتنوع بين رعى الحيوانات والزراعة وتربية النحل، وبيع الملح والتجارة فى أسواق المدينة التى تقام مرتين أسبوعيًا. وتتميز الزراعات فى القبيلة بالمدرجات التى يصنعونها على حافة الجبال والمناطق شديدة الانحدار لحماية التربة من الانجراف والتعرية والتآكل بفعل العوامل الطبيعية فى البيئة. وتهتم قبيلة الكونسو بتطوير الفنون القتالية باستمرار لمجابهة أى خطر يلاحق أفراد القبيلة أو مقدراتها رغم أنها تعيش حياة شبه منعزلة عن باقى القبائل حولها، محتمية فى البيئة والموقع الجغرافى الذى يتميز بوجود الجبال والمرتفعات والمناطق الوعرة. ولقبيلة الكونسو اعتقادات خاصة بالموتى تقع ضمن العادات والتقاليد الغريبة للقبيلة، فيعتقد شعب الكونسو أن الموتى بعد موتهم ينتقلون إلى حياة جديدة خاصة بهم فيصنعون تماثيل ومجسمات للشخص الميت يتم وضعها فى الطرقات وعلى المقابر التى تقع فى الغابات الكثيفة والجبال العالية، والأماكن العامة للذكرى وتخليد البطولات التى قام بها الشخص قبل وفاته. ومن ضمن الأعمال التى تخلد بها ذكرى الفقيد لدى قبيلة الكونسو استخدام فنون النحت على أعمدة من الخشب والحجارة حول المنازل والأماكن العامة تسمى «واقا» التى تعنى فى لغتهم التراثية الأب الكبير، فالنحت من الموروثات الهامة التى يتميزون بها ولهم مسلات ضخمة من الأحجار معروفة بارث كونسو وهى ضمن التراث الإنسانى العالمى الذى تم تسجيله فى منظمة اليونسكو عام 2011. وتغلب المعتقدات الوثنية على الديانات الموجودة فى القبيلة رغم الممارسات التبشيرية للكنائس الإنجيلية فى فترات الجفاف. ورغم العادات والتقاليد الغريبة بالقبيلة، تظل الكونسو «نيويورك» إفريقيا كما يسميها الزوار السائحون، نظرًا للمدرجات والتضاريس الغريبة فى المناطق الغنية بالمعادن وهى من أشهر الوجهات السياحية للزوار فى إثيوبيا.