البدو بتقسيماتهم القبلية أو الجغرافية (شرق أو غرب أو شمال أو جنوب) لقرون طويلة مضت احتفظوا بخصوصية تميز وجودهم على الخريطة المصرية من ناحية.. ومن ناحية أخرى تظهرهم نسيجًا على طرف نسيج هذا الوطن.. فى العادات والتقاليد والفكر والطباع.. وإذا اعترفنا بالصعوبات التى قابلت كل الحكومات المصرية لتغيير وضع البدو المذكور بات علينا التسليم اليوم بحتمية تحقيق نجاح فى هذا الملف. بعد أن امتدت أطراف العاصمة (القاهرة) عمرانيا، ومعها (المدن فى الأقاليم والريف) إلى مدى جعل البدو فى قلب الحضر رغمًا عنهم ورغمًا عنا، وأنهى للأبد تلك الخصوصية الجغرافية التى كانت حاجزا منع لقرون تصادمنا مع خصوصيتهم، وتصادمهم مع سوء فهمنا لهذه الخصوصية أحيانًا. فى هذا الملف نسلط الضوء على بدو مصر الذين دفعوا ثمن إهمال الحكومات المتعاقبة على مدار سنوات عدة إضافة إلى ملامسة حقيقة أوضاعهم عن قرب ومطالبهم واحتياجاتهم وردودهم الساخنة مع فئة مهمة توصف دائمًا بالمهمشة والمظلومة. مشايخ قبائل سيناء: نحن وطنيون حتى النخاع.. ونرفض تشويه تاريخنا يظل بدو سيناء فى قلب مصر ويتميزون بالخصوصية الشديدة لتاريخهم ونضالهم الوطنى. «أكتوبر» التقت الشيخ حسن خلف من كبار مشايخ قبيلة «السواركة» الذى قال إن البدو مواطنون مصريون، ويجب إعادة النظر فى وضعهم كشريحة مهملة فى المجتمع، مشيرًا إلى أن الحكومة يجب أن تبادر لبحث مشاكل البدو وحلها، خاصة أنهم يفتقرون إلى مقومات الحياة خاصة فى المناطق المتطرفة فهم يحتاجون إلى البنية الأساسية لأى مجتمع عادى، إضافة إلى الرعاية الصحية والمدارس، مؤكدًا أن المبادرة يجب أن تكون من الحكومة بالنظر إلى البدو، خاصة الشباب الذين يحتاجون إلى وظائف ليندمجوا فى المجتمع من ناحية والاعتماد على الحكومة كمصدر رزق من ناحية أخرى مثلهم مثل باقى شرائح المجتمع. ويوضح الشيخ حسن خلف أن عادات وتقاليد البدو ثابتة منذ مئات السنين نتوارثها أبًا عن جد سواء ما يخص الزواج أو غير ذلك، وتلك العادات ليست بعيدة عن العادات الإسلامية والعربية، أما فيما يتعلق بتسجيل المواليد فنحن نحتاج إلى الحكومة والنظام العام بالدولة أكثر من احتياج الدولة لنا لأننا فئة مهمشة وننتظر الكثير من الحكومة حتى يتم وضع قدمنا على أول طريق الإنسانية. وأوضح أن اتهام البدو بالتجارة غير المشروعة باطل وأنهم ضعاف النفوس شائعات بغرض تكريس الكراهية مفادها أن بعض أبناء البدو يلعبون حلقة الوصل بين الأباطرة فى الداخل وعملائهم فى الخارج، مؤكدًا أن رؤوس الأموال دائمًا ما تكون فى المدن يحركها أباطرة كبار وليس للبدو دور فى تلك التجارة سوى تسهيل المرور نظرًا لمعرفتهم وخبرتهم فى دروب الصحراء فالسجون تمتلئ بصغار التجار ولكن دائمًا ما يكون كبار التجار فى منازلهم. ويشير الشيخ خلف إلى أن الحكومة يقع على عاتقها الدور الأكبر سواء فى حل مشاكل البدو ودمجهم بالمجتمع أو فيما يخص وضع قوانين صارمة تحد من عمليات التهريب، فعلى سبيل المثال يجب أن يتم وضع قوانين لتجريم تهريب المخدرات تلك القوانين تراعى البحث عن المصدر الرئيسى والبحث عن جهات التمويل حتى يتم حل تلك المشكلة من جذورها. ميزة مصرية ويقول الشيخ سلامة الرقيعى من كبار مشايخ قبيلة «الدواغرة» فى شمال سيناء وبرلمانى سابق ورئيس جمعية البادية للثقافة والتراث الشعبى فى سيناء، أنه يجب أن تتم المساواة بين العرب البدو وباقى شرائح المجتمع فى الحقوق والواجبات، إذ يسرى عليهم ما يسرى على المواطنين فلا يتم تمييزهم سلبًا أو إيجابيًا فهم أصحاب مواطنة أصيلة. وأوضح أن البدو منذ الفتح الإسلامى إن لم يكن قبل ذلك متواجدون فى عمق مصر وفى كافة مدنها وليسوا على الحدود فقط، مشيرًا إلى أن مصر متميزة فى كونها امتدادا لكافة الوطن العربى، فالقبائل العربية فى الجنوب امتداد للعمق الأفريقى وهى فى الغرب امتداد للمغرب العربى، وكذلك فى شبه جزيرة سيناء امتداد للشام والجزيرة العربية وهى ميزة لمصر تنفرد بها ويجب استغلالها ثقافيًا وسياحيًا وهذا دور الحكومة فى النهاية متمثلة فى الوزارات المعنية الثقافة والآثار والسياحة. ويشير إلى أن صورة القبائل العربية الآن تغيرت كثيرًا فهناك مواءمة بين التقاليد والأعراف التى اعتادت القبائل العربية العمل بها وبين القوانين المعمول بها فى الدولة سواء ما يخص تسجيل المواليد أو توثيق عقود الزواج. وكشف أنه فى عهد محمد على كان هناك مايسمى بمكتب شئون القبائل وكانت هذه الجهة مسئولة عن كل احتياجات العربان وتختص برعاية شئون القبائل العربية والآن وبعد ثورة 25 يناير ظهرت ملامح ما يسمى بائتلافات القبائل العربية والتى تسعى إلى توضيح صورة القبائل العربية والاحتياجات التى تطالب بها من الحكومة سواء من مسكن أو رعاية صحية أو تأسيس مشروعات وطنية لدمج بعض القبائل مع المجتمع واستغلالها فى عملية التنمية. القضاء العرفى من جهته قال الشيخ عبد الله أبو جوهاما شيخ مشايخ إحدى القبائل العربية فى العريش: نطلب أن تبقى الحكومات على العادات والتقاليد السيناوية والقضاء العرفى الذى يتعامل به أبناء سيناء من مئات السنين، وهذا القضاء حل الكثير من المشاكل وله قضاة متخصصون. ونطلب من الحكومة الحفاظ على هذه العادات والتقاليد وأيضا إيجاد مصادر رزق لأبناء سيناء والعمل على تنمية المنطقة وأبنائها وأود أن أشيد بدور الجهاز الوطنى لتنمية سيناء، وأتمنى أن تدخل منطقة سيناء فى دائرة الاهتمام والعمل على استخراج الثروات التعدينية بوسط سيناء، وتحويل الأرض الصفراء إلى أرض خضراء، خاصة مع وجود 125 ألف فدان مستصلحة استصلاحا طبيعيا بجوار ترعة السلام وهو ما أكدته كل الدراسات. وأضاف أنه ينبغى الاهتمام بمجاهدى سيناء والمحافظات الأخرى وإعطاؤهم قطعة أرض لأنهم شاركوا فى حرب أكتوبر المجيدة وكان لهم دور مؤثر ومهم. كما أتمنى أن يهتم الإعلام بإبراز الدور الوطنى لهم والذى لا يزالون متمسكين به والجزء الأهم الذى أتمناه أن تتولى القوات المسلحة محاور التنمية لما عهدناه فيهم من جدية وانضباط فى العمل. وعن الزواج وتقاليده قال: لا شك أن بعض القبائل لا تزال متمسكة بعاداتها لكن هذا طبعًا لا يعنى أن كل القبائل لا تزال تمارس هذا العرف. وعما تبذله منظمات حقوق الإنسان فى ملف «البدو» واستعادة حقوقهم يقول د.علاء شلبى أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان إن هناك أشياء ضرورية لابد أن تؤخذ فى الاعتبار هى ترسيخ وتفعيل مبدأ المواطنة لدى هذه القبائل، وإنهاء حالة التهميش من خلال خطة تنموية حقيقية تستهدفهم بالدرجة الأولى إضافة الى توصيل الخدمات المناسبة لهم، ومساعدتهم فى الحفاظ على ثقافاتهم الخاصة بالقيم والتراث المرتبطة بالبيئة. وأشار إلى أن هناك بعض المشاكل التى تتطلب إجراءات عاجلة من الدولة أهمها ضعف حجم النشاط الاقتصادى، خاصة فى سيناء ومشروع حفر الآبار الذى يعتبر إحدى الأولويات المهمة التى يجب أن تهتم به الدولة والذى يعتبر مطلع عملية التنمية الشاملة التى تفيد هذه القبائل أنفسهم بشكل حقيقى ومركزى ومن ثم تعود الفائدة على الدولة والمجتمع. ومن جانبه، أكد عبد الفتاح حامد رئيس منظمة الشرق الأوسط للسلام وحقوق الإنسان أن اندماج القبائل العربية فى المجتمع المصرى لا يتم إلا من خلال بث روح الوطنية بداخلهم وبالطبع كل مواطن على أرض مصر له حقوق وواجبات سواء سياسية أو اجتماعية وغيرهما يجب أن يكون مشاركا فيها. ويقترح على الدولة فى الفترة القادمة الاهتمام بإحياء الهوية الوطنية لدى القبائل العربية من خلال تملك بعض الأراضى حتى يشعروا أن هذه أرضهم ووطنهم وأنهم ليسوا رحالة والدولة ترعاهم بكل الوسائل. ويقول المستشار صلاح عبد الحميد عضو المجلس الأوروبى لحماية المرأة والطفل ضد التحرش والاغتصاب وعضو المجلس القومى للمرأة: نسعى الآن داخل لجنة الخمسين أن يكون هناك لجان استماع للقبائل العربية لعرض مشاكلهم وإيجاد الحلول المناسبة لهم. وأكد على عثمان عضو منظمة حقوق الإنسان وحركة تمرد أن البدو لهم ثقافتهم الخاصة ولا يجوز التفرقة بينهم وينبغى ادماجهم مع الشعب المصرى فى مختلف النواحى الاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية وللمنظمات الحقوقية دور كبير فى احتواء ودعم هذه القبائل العربية فى المنظومة الداخلية. وتقول د.كريمة الحفناوى الأمين العام للحزب الاشتراكى ومتخصصة فى قضايا المرأة: هناك عادات وتقاليد للقبائل العربية ربما يتميزون بها ومتوارثة لديهم كالمجلس العرفى «شيخ العرب» والعكس صحيح لديهم عادات ضارة فى الزواج المبكر للفتيات وإهمال تعليمهن وإهدار حقوقهن وأضافت: حينما قمت بعمل بحث فى هذا الشأن «المرأة من التهميش إلى التمكين والتنمية فى المحافظات الحدودية» وجدت مشاكل كبيرة خاصة بالمرأة الحدودية البدوية ذلك على الرغم من أن المرأة لها دور كبير فى العائلة وهى عمود العائلة إلا أنها تفتقد الكثير من حقوقها ولا يستخرج لها بطاقات ووثيقة الزواج غير مسجلة على الرغم من أن الزواج يتم الإشهار به ويترتب على ذلك مشاكل عديدة تواجههم فى التعامل مع الدولة الحديثة. يضيف حسن ترك رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى أن الدولة يجب أن تنظر بعين جادة لهذا الملف الشائك، وفى هذه المشكلة يجب أن يتم استخدام سلاح العلم والفكر، فالتعليم هو الحل لكافة مشاكل القبائل العربية فى مصر ويجب الاهتمام بالمدارس فى كافة المناطق البدوية سواء فى سيناء أو مطروح أو أى مناطق أخرى فى مصر، فالسبب الرئيسى لمشاكل البدو أو المشاكل التى يصدرها البدو للدولة «الجهل»، مشيرًا إلى ضرورة قيام الدولة بدورات تثقيفية فى المناطق البدوية، إضافة إلى حل مشاكلهم سواء ما يخص الرعاية الصحية أو الاقتصادية، فمشاريع التنمية التى سيتم إقامتها فى سيناء خلال المرحلة المقبلة سوف توجه فى الأساس إلى سكان وأهالى تلك المناطق، فالحكومة ظلت لفترة طويلة تتجاهل مشاكل تلك الفئات ويجب أن يتم النظر إليهم لأسباب سياسية وإنسانية، فهم لهم كل حقوق المواطنة كما يجب عليهم كافة الواجبات. علماء الأزهر علماء الأزهر أكدوا أن الإسلام دين لا يعرف التفرقة والكل أمامه سواسية، يقول الشيخ أحمد على عثمان من علماء الأزهر الشريف أستاذ سيكولوجية الأديان بالجامعة الأمريكية:إن الرسول y قدوتنا ومعلمنا وضع لنا أسلوبًا للتعامل مع الناس كافة وهناك موقف يروى عن الرسول y حينما كان هناك أعرابى يتبول فى مسجد رسول الله وهم الصحابة أن يفتكوا به فقال لهم محمد y اتركوه فلا تقطعوا «بولته» والأعرابى هو ساكن البادية وهم البدو أو العربان وقد أعطانا بذلك الرسول نموذجا أساسه تعليم هؤلاء الناس فهو واجب شرعى وقد قال رسول الله y «بلغوا عنى ولو آية» فيجب تبليغ وتعليم البدو الآيات الكونية والقرآنية والعملية وتقديم الخدمات لهم واجب شرعى ودور الحكومة والأزهر الشريف كبير ويجب الاهتمام بهم وحل مشاكلهم وتذليل العقبات أمامهم فيما يخص فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية. وأوضح أن أسباب الجريمة فى أى دولة من دول العالم واحدة وهى الفقر والجهل وتهميش الدولة لبعض الفئات مثل البدو وغيرهم هو من يدفع بعضهم إلى السلوك غير القويم سواء بالمشاركة فى تهريب السلاح أو المخدرات أو أى أعمال أخرى غير شرعية.مشيرًا إلى أن الأخذ بيد تلك الفئات واجب شرعى فالصدقة والزكاة خير مثال فى الإسلام وعلى الدولة أن تمد يد العون لهم وتساعدهم على حياتهم الصعبة وتقويمهم، والبدو المتواجدون فى سيناء والواحات وسيوة وبلاد النوبة منهم من لا يعرف ثقافة المدينة ويجب أن نجعل منهم دافعًا لتطوير البلاد وخدمة اقتصادها من ناحية، وأن نذلل لهم سبل الحياة من ناحية أخرى. رأى الفتاة وعن رأى الدين فى زواج الفتاة يقول الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف لابد أن يؤخذ رأى الفتاة وأن ينظر الفتى للفتاة وذلك لقوله y انظر إليها لعله أحرى أن يؤدب بينكما. فلابد أن ينظر الفتى للفتاة وتنظر الفتاة للفتى، ولأن فى النظر دوما للعشرة والمحبة، والبكر تستأذن وإذنها سكوتها، ولقد جاءت امرأة إلى النبى y فقالت إن أبى زوجنى من ابن أخيه ليرفع به خسيسته، فأعطاها النبى y الحق فى الرجوع عن ذلك وعندما قالت «يارسول الله، أردت أن أعلم بنات جنسى»، إن البنت لا تجبر على الزواج والبدو لطبيعة حالهم ونظرًا لأنهم يعيشون فى الصحراء ربما لا تكون لهم شهادات ميلاد فيتزوج بعضهم بعضًا برضاء البنت والفتى، فمسألة الجبر هذه لم تعد كما كانت من ذى قبل وعشت مع بدو الأردن فوجدت أن الدولة قامت بتوطين هؤلاء البدو ليعقد لهم الزواج كما نفعل نحن فى الحضر. قال عدد من خبراء علم الاجتماع إن معاملة البدو تتطلب مراعاة ظروفهم وطبيعتهم الخاصة، تقول سامية الجندى أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: تربية البدو بأسلوب معين جعل من الصعب جدا تغير أطباعهم وأفكارهم فمن الممكن أن يأتى هذا التغير من خلال شىء جوهرى لأنهم تعلموا أسس ومفاهيم معينة ومن الصعب ان يتخلوا عنها فيجب محاولة تعديل هذه الأفكار وليس تغيرها من الأساس فالتغير يحتاج الى وقت ويأتى تدريجيا ولابد أن يعيشوا فى مناخ جديد لكى يبداوا فى التغير لان البدو لهم اسس ومفاهيم خاصة. وطالبت الدولة بالاستفادة منهم فى المجتمع من خلال المهن والحرف التى يتقنوها مثل الزراعة بتوفير أراضى، إضافة إلى الصناعة والتجاره وغيرها، فالبدو بهم الخير والشرير ومنهم المتعلم والأمى فالجامعات بدأت تقبل البدو فالتعليم مهم جدا فى تغير حياتهم و المفاهيم والثقافة البشرية لديهم. وأضاف د. سعيد عبد العظيم أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة: حياة البداوة تتسم بالتنقل المستمر ويعتمدون على الفطرة، لذلك نسميهم بالبدو وهم ينقسموا إلى قبائل، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست فى البدو، حيث قاموا بأدوار بطولية فى حرب اكتوبر، المشكله الحقيقية فى نظام مبارك الذى أهمل تماما تنمية سيناء والبدو الذين كانوا فى حاجة لتوفير خدمات سواء تعليمية أو مهنية كتوفير أراض زراعية لتشغيل ابنائهم بدلا من انتشار البطالة. وأشار د. إسماعيل محمد يوسف أستاذ الطب النفسى جامعة الفيوم إلى أن البدو متواجدين قبل الدولة الحديثة ولهم أعراف وتقاليد خاصة جدًا ولا يعترفون بالدولة ولا قوانينها فلهم قانون خاص يعتبرون فوق قوانين الدولة. لذا لابد من اندماجهم بالمجتمع لإعادة تأهيلهم، ومن ثم توفير فرص العمل لهم ويجب ربطهم بالدولة بتجنيد بعضهم وطرح فرصة لبعضهم للالتحاق بكليات الشرطة، وأضاف أن بعض الدول تقوم باستبعادهم وهو خطأ كبير. وأكد أنهم يعيشون حالة نفسية واجتماعية خاصة حيث انهم منغلقون على أنفسهم، ويجب على الدولة عدم التعامل معهم بالقسوة والعنف، إنما من خلال التنميه النفسية والاجتماعية والتوعية الاجتماعية والتعليم. اختلاف فى عادات وتقاليد القبائل «المعازة» تتصدر المشهد القبلى فى بنى سويف تتنوع القبائل العربية بمحافظة بنى سويف، فمنها من يمتد أصولها لقبائل عربية ومنها من يمتد لقبائل ليبية ليست عربية الأصل ومن هنا اختلفت العادات والتقاليد الموروثة لدى كل قبيلة واشتهرت بينهم الأحكام العرفية التى تحددها طبيعة كل قبيلة، ولكن هذه القبائل تقع ضحية للدولة التى عزلتهم عن المجتمع فى كل شىء مثل قبيلة الخويلد التى يمتد أصلها لقبائل شبه الجزيرة العربية وهما يتوطنون الآن فى مركز «أهناسيا» التابع للمحافظة واشتهرت هذه القبيلة بأنها لا تسمح لفتياتها بالزواج من الفلاحين ولكن يجب أن يكون العرسان من القبائل نفسها ومشهور عنهم مقولة شهيرة البنت ياكلها التمساح ولا ياخدها الفلاح مما أدى هذا العرف إلى ارتفاع نسبة العنوسة داخل القبيلة؛ لأن الفتاه اذا لم يسعدها الحظ وترتبط بشخص من أحد القبائل ستظل بدون زواج حتى الموت على العكس تماما مع قبيلة العوامرة وهى قبيلة تنتمى لقبائل أولاد على الليبية وتقيم أيضًا فى مركز أهناسيا حيث تختلف تقاليد هذه القبيلة فى الزواج لأنهم سيمون بزواج بناتهم للفلاحين وأبناء القبائل الأخرى أيضًا وتشبها أيضًا قبيلة القوالين وتتوطن أيضًا فى مركز اهناسيا ولكن بالرغم من اختلاف بعض التقاليد والعادات الخاصة بكل قبيلة إلا إنه يوجد اعراف مشتركة بينهم وهى الزواج المبكر للفتاه وعدم التحاقها بالتعليم وحصولها على ميراثها الشرعى. وتتوطن بمركز بنى سويف قبائل «الزواقة و«الحايكة ، و«العثمانة و العبابدة و المعازة وهذه القبائل يرجع تاريخها إلى 20 عاما وهى قبائل متاصلة وتقيم شرق النيل فى المناطق الجبلية كسنور وبياض العرب وجزيرة أبو صالح وهذه القبائل كانت من عشرين عاما تحتكم لتقاليد وعادات مورثة كالقبائل الأخرى ولكن بدأت فى تغيير عاداتها بعد اندماجها فى المجتمع. وللتعرف على طبيعة القبائل بصفة عامة تحدث إلينا الشيخ ناصر الجبل شيخ قبيلة «السماعنة» مسقط رأسها محافظة قنا كما أنه كبير القبائل بالجبل الغربى من سمسطا حتى الفشن، حيث ذكر أن كل قبيلة لها تقاليدها والعرف الخاص بها كقبيلة نجع أبو معيدة ، فإنها لا تسمح بجواز أبنائها خارج القبيلة، وبالتالى لا تقوم بالمصاهرة مع الفلاحين، ولكن العادات فى هذه القبائل تطورت مع الجيل الجديد كتعليم الفتاة وزواجها فى السن القانونية. بينما يتحدث اللواء إبراهيم هديب مدير أمن بنى سويف قائلًا: إن المنظومة الأمنية تتعامل مع كل القبائل فى الشق الجنائى حسب القانون، لأن الكل سواسية أمام القانون ويتم محاسبة كل من يخطئ أو يتسبب فى ترويع أو تهديد حياة المواطنين. بينما تؤكد نرمين محمود مقررة المجلس القومى للمرأة ببنى سويف أن المجلس يتبنى مبادرة لمناهضة زواج القاصرات بالاشتراك مع جمعيات أهلية والمجتمع المدنى للحد من هذه الظاهرة لأنها تدخل تحت مسمى الاتجار بالبشر وتم عمل ندوات فى ثلاث قرى (السعادنة، حاجر بنى سليمان، أهوة)، كما أن المجلس يطالب لجنة الخمسين بالإبقاء على المادة الخاصة بتحديد سن الزواج للفتاة عند سن 18 ويتم معاقبة والدها عند مخالفة ذلك لأن الزواج المبكر أدى إلى انتشار زواج التصادق الذى نتج عنه مشاكل اجتماعية للزوجين لأنه لا يضمن حقوق الاثنين معا والطفل أيضا. كما تطالب بالتوعية للقبائل التى تتبنى ظاهرة الزواج المبكر وعرض الآثار السلبية المترتبة على ذلك. أكبر المدن كثافة ب «العربان .. «الصف» .. أرض الخوف تعتبر مدينة الصف التابعة لمحافظة الجيزة من أكبر المدن والتى يقيم بها العديد من «العربان» وتعتبر المعلومات عن تلك القبائل شبه منعدمة، حيث ذاب واندمج منهم الكثيرون فى نسيج المجتمع فتخرج الكثير من المتعلمين وأصحاب المناصب الكبيرة إما بالقضاء أو الشرطة وغيرها من المناصب المرموقة فى حين عاشت بعض العربان فى المناطق الصحراوية بمدينة الصف حياة بسيطة مع الاحتفاظ ببعض العادات والتقاليد القاسية حيث يعانى هؤلاء من نقص الخدمات من تعليم وصحة وخدمات عامة مما أدى إلى انتشار الفقر والجهل والعصبية والعادات والتقاليد السيئة وخاصة فى موضوع الزواج وعدم تعليم المرأة وعدم الاهتمام بصحة وتعليم الأطفال حيث يعيش بالصف عرب أبو ساعد والشرفا والعيايدة وعرب أبو عريضة وأبو طماعه والترابين وعرب الحصار عرب العمارين قبلى وسكان هذه المنطقة مازالوا يحتفظون بغالبية سمات العربان كاللغة والملبس وحياة البداوة وأيضا حرفة رعى الأغنام ويسكنون المنطقة الشرقية الصحراوية لمدينة الصف أو ما يسمى بمنطقة عزبة السلام وعرب اسكر و القميعى. وتحتاج المدينة إلى تدخل كبير وتكاتف جميع مؤسسات الدولة بداية من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وجميع الأجهزة المعنية لإعادة بنائها بما يتناسب مع مصر بعد ثورة 25 يناير، كما أن المجلس القومى للمرأة رصد حالات لسيدات تعشن أسوأ حياة بالحرمان من التعليم والخدمات الصحية والزواج بالإكراه وفى سن مبكرة، حيث إن هناك بعض القبائل العربية فى مدينة الصف ترفض زواج بنات القبيلة من الفلاحين ولابد أن تتزوج من نفس القبيلة وأن ترضى بالقانون الظالم وإلا يتم ذبح أى بنت ترفض الزواج من أبناء القبيلة ويتم دفن الجسد فى مكان مجهول فى حين يتم تعليق الرأس لمدة ثلاث أيام فى مكان يسمى «بالمصطبة» وهو المكان الذى تقام فيه الأحكام العرفية بعيدا عن قانون الدولة وفى هذا السياق أكد محمد حنفى رئيس مجلس المدينة أن الأهالى عاشوا حالة من الفوضى الأمنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية بعد فض اعتصام رابعة والنهضة وما ترتب عليه من حرق لمقر مجلس المدينة وقسم شرطة الصف ومكتب الأمن الوطنى ومقر شرطة المطافئ والإسعاف فقد ترتب على ذلك انتشار الفوضى الأمنية وارتفاع معدلات الجريمة وخصوصا أن تلك المدينة يوجد لها ظهير صحراوى يعيش فيه بعض الأشخاص معتادى الإجرام والهاربين من أحكام غيابية وأنه يتم حاليا شن حملات أمنية لإعادة الأمن لمدينة الصف من خلال رجال الشرطة ورجال القوات المسلحة والتى تهاجم المناطق الجبلية وتقوم بتمشيطها بحثا عن هؤلاء الخارجين عن القانون. «عرب المشارقة» بالفيوم .. عزلة وجهل وأمية القبائل العربية والبدوية بالفيوم عديدة ومنتشرة فى جميع قرى ومراكز المحافظة وخصوصاً قرى الظهير الصحراوى وتلك القبائل مقسمة إلى قسمين الأول ويسمى عرب المغاربة ويضم العدد من القبائل أشهرها الرماح – البراعثة – الفوايد وهذه القبائل قامت منذ عشرات السنين بالانفتاح على المجتمع المصرى واهتمت بتعليم أبنائها وثقافتهم حتى أصبح منهم الطبيب والمستشار والضابط والصحفى فعلى سبيل المثال قبيلة الرماح التى ينتمى إليها الكاتب الصحفى عبد العظيم الباسل نائب رئيس تحرير الأهرام والسياسى المخضرم أبو بكر الباسل الذى ظل لفترة طويلة يتولى رئاسة لجنة الرى والزراعة بمجلس الشعب فضلا عن تولى العديد منهم مناصب قيادية فى العديد من مؤسسات الدولة ونفس الأمر ينطبق على باقى قبائل المغاربة التى لها باع طويل فى النضال الوطنى مثل قبيلة البراعثة والفوايد.. وعلى الجانب الآخر نجد أن قبائل المشارقة أو عرب البادية كما يطلق عليهم مازالوا يعيشون فى عزلة عن المجتمع المصرى. «أكتوبر» التقت ببعض أبناء تلك القبائل لنتعرف منهم عن السبب وراء عزلتهم وعدم اندماج أبناء تلك القبائل مع باقى أطياف الشعب المصرى فأكد الشيخ محمود عطية سليمان من مشايخ قبيلة الحويطات التابعة لعرب المشارقة إن السبب فى عزلة تلك القبائل يرجع إلى احتفاظها بالعادات والتقاليد البدوية التى لا تسمح للأغراب على حد تعبيره فى التدخل بين أبناء القبائل البدوية وجميع مشاكل أبناء هذه القبائل يتم حلها عن طريق المجالس العرفية أما موضوع توثيق عقود الزواج وتسجيل المواليد فيعتبره الشيخ محمود شأنًا خاصًا وخصوصاً إن عادات تلك القبائل لا تسمح بزواج الفتاة من خارج القبيلة وبخصوص عدم تسجيل المواليد يؤكد سيد محمد سلامة من أبناء قبيلة العمران إن من عادات القبائل البدوية عدم تسجيل المواليد إلا بعد مرور عامين على ولادته والتأكد من عدم إصابته بمرض الطيرا المعروف بالجفاف وعن السبب وراء انتشار الجهل والأمية بين أبناء تلك القبائل يقول الشيخ عواد سيد إن السبب فى ذلك راجع فى الأساس إلى عدم تسجيل المواليد أو استخراج شهادات ميلاد لهم وبالتالى لا يتم دخولهم المدارس مطالباً الحكومة الحالية بضرورة الاهتمام بتوعية أبناء قبائل المشارقة وتوفيق أوضاع أبنائها والاهتمام بهم أسوة بأبناء قبائل المغاربة الذين أصبحوا يتولون المناصب المهمة فى الدولة. يتركزون فى الصالحية وبلبيس والحسينية.. بدو الشرقية لا يعرفون إلا القضاء العرفى تضم الشرقية عددًا كبيرًا من أبناء القبائل البدوية، فى مدينة الصالحية الجديدة التقينا بالشيخ رفيع الحسن أحد مشايخ القبائل والذى أكد أن القضاء العرفى هو الذى ينظم حياة البدو وهو منقول يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد وتشتهر قبائل بعينها بالقضاء بين المتنازعين فقضايا الدم لها محكمة وقاض خاص وقضايا الأرض لها محكمة أيضا وقاض خاص، أما أصعب القضايا فهى التى تخص المرأة ولها محكمة خاصة والمحكمة فيها قاسية وإجراءات التقاضى لها شروط وترتيبات خاصة والمحكمة لا تعقد فى كل وقت بينما فى شهر رمضان لا تنظر قضايا وتؤجل كما لايتم التقاضى فى الأعياد والمناسبات الدينية. وأضاف السيد إبراهيم شيخ قبيلة بكوبرى أبوكبيش التابع لمدينة الصالحية أنك تجد معظم أفراد العائلة متجاورين فى السكن ويعيشون فى مكان واحد ولا غرباء بينهم، كما يوجد مايسمى بالمقعد وهو أشبه بقصر الرئاسة تدار فيه شئون العائلة ويقوم على خدمته شباب العائلة وهو مفتوح طوال اليوم ويتم استقبال الضيوف به إضافة إلى إقامة الولائم والأفراح وتجد الكبار دائما جالسين فيه يتدبرون شئون العائلة.أما عن حياة البدو السياسية فأكد السيد إبراهيم أن هناك ما يسمى بائتلاف شباب القبائل البدوية والذى يتبنى حملة لجمع التوقيعات التى تؤيد الفريق أول عبدالفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية وبدأوا بالفعل فى طباعة استمارات لجمع التوقيعات عليها. فيما أكدت فتاة بدوية أن سن الزواج للفتيات البدويات يبدأ فى عمر مبكر مع البلوغ وتعتبر الفتاة التى تخطت العشرين ولم تتزوج «عانس». وأشارت الفتاة إلى أن المرأة البدوية كانت فى سالف العهد تعانى مما تعانيه جميع النساء فى مصر من القهر والظلم، ولكن بعد حصول المرأة على بعض الحقوق فى المدن مازالت المرأة البدوية تعانى من الإهمال إذ أنه ليس هناك مقارنة بينها وبين السيدات فى المدن الحضرية إلا فى بعض الحالات مثل أن تكون الأسرة أصولها ليست من البدو ولكنها وافدة للعيش هناك، وفى ذلك الوقت يمكن لها أن تعبر عن رأيها بحرية وأن تذهب إلى الجامعة ويكون ذلك فى نطاق محدود. وتقول تغريد صابر مسئولة صندوق الشكاوى بالمجلس القومى للمرأة أن المرأة فى المجتمع البدوى لا تمارس حقوقها مثل المرأة العادية فكل حياتها مقتصرة على أعمال المنزل كما ينظر لها الرجل وكأنها شىء يباع ويشترى وليس لها حق فى التمتع بالحرية التى يتمتع بها الرجل البدوى. وأضافت أن الطفل الذى يولد فى بيئة بدوية لا يقيد بشهادة ميلاد ولا ببطاقة لتثبت هويته فيفضل أهله أن يكون مجهول الهوية. ويبذل المجلس ما بوسعه لحل مشاكلهم من أمية وتدهور ثقافى وعلمى ودينى وصحى عن طريق النزول إلى أماكنهم الخاصة وعمل ندوات تعليمية ودورات تثقيفية وقوافل طبية وندوات لتوعية القبائل البدوية بدور المرأة، إضافة إلى التشديد على مساواتها مع الرجل حتى يختفى الجهل. أما من الناحية الأمنية، أكد اللواء سامح الكيلانى مدير أمن الشرقية إنه يتم التنسيق بين الأمن ومشايخ القبائل ويعقد اجتماعًا دوريًا مع شيوخ القبائل بديوان مديرية الأمن لحل تلك المشاكل. بنى عدة ومُرة ومحمد .. أشهر قبائل أسيوط سكنت القبائل العربية أسيوط فمنها من ذاب فى كيان المجتمع ومنها من عمل كيانًا مستقلًا واحتفظ بعادات البدو وتقاليدهم وحافظ على أصولهم حتى وقت قريب وخاصة فى الأنساب والزواج فهناك قرى كاملة فى أسيوط تحمل أسماء قبائل عربية شهيرة منها قرى بنى عدى وبنى مرة وبنى محمد كما أن هناك من القرى تجمعها كلمة عرب وبنى نسبة إلى العرب مثل قرية عرب الأطاولة وقرية عرب العطيات البحرية وعرب العطيات القبلية وعرب القداديح وعرب الشنابلة وعرب مطير والعوامر وعرب الجهمة وبنى هلال وبنى قرة وغيرها من القرى التى لها لقب عرب أو بنى فهى قبائل عربية ذابت فى مجتمع الصعيد كما أن هناك قبائل ذابت بين كيان المجتمع ذاته وتحولت إلى عائلات كبيرة داخل المدن والقرى. ويقول سيد نصير مدير مدرسة إن أهلها بسطاء حتى صنفت القرية من القرى الأكثر فقرا وعن مشكلات أهل القرية تعانى من انقطاع المياه المستمر غياب الخدمات الصحية والطبية ومحرومة تماما من البوتاجاز لا يوجد بها مخزن أو محطة وقود تعانى من الانقطاع المستمر للكهرباء يقطن أهلها تحت الجبل بالرغم من هذه القرية مكان جيد للاستثمار فهى تقع على كتلة هائلة من الآثار الرومانية والفرعونية إلا أن عدم الاستفادة من هذه الميزة جعل منها يتمتع بالثراء والغالبية يعيش تحت خط الفقر وهكذا الحال بالنسبة لقرية عرب العوامر التى تبحث عن كوب ماء نظيف يقول حسين محمود أمين مكتبة: يعانى أهلها من ملوحة المياه الجوفية ولا يوجد بها مركز شباب كما تنقصها الخدمات الصحية بينما يؤكد رئيس مدينة أبنوب أنه والمجلس التنفيذى للمحافظة وافق فى اجتماعه الأخير برئاسة المحافظ على تخصيص قطعة أرض أملاك دولة على مساحة 6 أفدنة و22 قيراطًا بناحية عرب العوامر بمركز أبنوب لإقامة مجمع ملاعب نادى أبنوب الرياضى عليها أما عرب مطير تلك القرية الصغيرة الواقعة أقصى شرق مركز الفتح والتى تحمل وراءها أسراراً لا حصر لها من كفاح وتحمل للصعاب ومواجهة للمخاطر تنقصها الخدمات وتعانى من الإهمال وعصابات قطاع الطرق والحالة الأمنية السيئة والثأر، يقول الشيخ ممدوح عبد المحسن شيخ ناحية عرب مطير إنها كانت مقر الحكم للقبائل العربية.