ولايته الأولى ب«التموين» شهدت طوابير على الخبز وأزمات بسبب أسطوانات الغاز هورجل كل العصور ومهندس القرارات الصعبة، خاصة ما يقلص دعم السلع التموينية للغلابة وخبز الغلابة، منذ عصر الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، تحت العديد من المسميات والأسماء التسويقية. دخل على مصيلحى بوابة الحكومة فى اليوم الأخير من شهر ديسمبر لعام 2005 ليستمر إلى آخر يوم فى نظام المخلوع بعد ثورة 25 يناير وزيرًا للتضامن الاجتماعى والتموين، حينما كانت وزارة واحدة، فى حكومة أحمد نظيف، ثم فى حكومة أحمد شفيق آخر رئيس وزراء مبارك، لتنتهى معه خدمة على مصيلحى فى 23 فبراير لعام 2001. مصيلحى كان رجل مبارك المسئول عن إعداد وتنفيذ خطة تطوير شبكات الأمان وترشيد الدعم، وبرغم أن الخطة تهدف إلى تقليص دعم الفقراء إلا أنه سوقها بمسمى خطة «التنمية الاجتماعية». كانت علاقة على مصيلحى بالدكتور نظيف هى كلمة السر فى المناصب التى تقلدها والمهام التى نفذها فى حكومته بداية من مهمته فى وزارة الاتصالات وحتى توليه وزارة التضامن الاجتماعى والتموين. ونتيجة لسياسات على مصيلحى قبل 2011، فقد شهدت وزارته العديد من الأزمات واختفاء رغيف الخبز عن أقاليم مصر وحتى قلب القاهرة، وتفاقمت ظاهرة الطوابير لتخلف ضحايا يصل عددهم إلى 56 قتيلًا فى سبيل الحصور على رغيف الخبز وتجاوز حواجز الطوابير، بجانب الأزمات المتتالية وشبه المتكررة كل عام، فى أسطوانات الغاز التى كانت تحدث مطلع كل الشتاء، ومع ذلك كان يتفاجأ بها وزير التموين. وقتها شهدت محافظة الجيزة أزمة حادة، بسبب اختفاء رغيف العيش من المخابز فى كثير من الأحياء، كما اندلعت المشاجرات بين الأهالى وأصحاب المخابز، بسبب نقص حجم الرغيف وسوء حالته، واضطر المواطنون إلى شراء الرغيف السياحى الذى زاد سعره على 25 قرشًا، واتهموا أصحاب المخابز ببيع حصص الدقيق فى السوق السوداء وتعمد إنقاص حجم الرغيف. وحاصرت قوات الأمن مبنى محافظة الفيوم فى مارس 2008، خوفًا من تطور مظاهرات الآلاف بسبب اختفاء رغيف الخبز، حيث حطموا، وقتها، واجهات مكاتب مديريات التموين احتجاجًا على تفاقم أزمة الخبز. كل تلك المعاناة التى واجهها الفقراء لم تمنع النظام السياسى الجديد من الاستعانة به، فخلفيته العسكرية وعمله بالقوات المسلحة منذ تخرجه فى كلية الفنية العسكرية وحتى استقالته عام يناير 1991، بالإضافة إلى قراراته الجريئة التى تمس خبز الفقراء، كل ذلك أهّله أن يكون رجل المرحلة الاقتصادية، نظرًا لتوافق وجهات نظره مع السياسات الاقتصادية للدولة، التى ترمى إلى أن يصل الدعم إلى صفر فى الموازنة العامة فى مرحلة ما. ودخل على مصيلحى البرلمان للمرة الأولى عام 2005 عن دائرة أبو كبير ليتم ترشيحه لمنصب وزارة التموين فى نفس العام، وبعد ثورة يناير عاد إلى الواجهة مرة أخرى فى انتخابات مجلس النواب عام 2015 عن حزب الحركة الوطنية الذى أسسه أحمد شفيق ليفوز بنسبة 70 بالمئة من الأصوات، فهو رجل يعرف كيف يحسم الانتخابات لصالحه. على مصيلحى لديه خطة واضحة لخصخصة الشركات الحكومية، وهو ما لم يلتفت إليه أحد من قبل، فهو فى تطابقه مع السياسات الاقتصادية للدولة «ملكيًا أكثر من الملك»، ومن قبل دعم تمرير موازنة الحكومة، كنائب برلمانى، فى مجلس النواب للعام المالى الحالى برغم معارضة أكثر التكتلات البرلمانية لها. وقدم للمحكمة فروض الولاء أثناء رئاسته للجنة الاقتصادية، عبر خطته الجوهرية لتقليص عجز الموازنة العامة، فكان يرى أن الحل الأنسب هو تصفية الدين المحلى لدى البنوك بأن تتنازل الدولة وتبيع جزءًا من الشركات الحكومية نظير مديونياتها لدى البنوك. السيرة الذاتية السابقة لوزير التموين «الجديد- القديم»، بالإضافة إلى قوانين أخرى مررتها لجنته الاقتصادية بالبرلمان، ليست سوى مؤشرات قوية لمستقبل مرعب للقطاع العام والدعم. ورغم توليه رئاسة اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، حتى جلوسه على كرسى الوزير منذ شهر تقريبًا، إلا أن «مصيلحى» ضرب رقمًا قياسيًا جديدًا تحت القبة، حيث أصبح أول وزير فى الحكومة الجديدة، ينقلب عليه النواب بعد قراره الأخير. عدة طلبات إحاطة، قدمها بعض نواب البرلمان ضد وزير التموين الجديد على مصيلحى، بسبب أزمة الخبز الأخيرة، التى تسببت فى حالة غضب فى الشارع، بخروج مئات المواطنين فى احتجاجات تنديدًا بقرار مصيلحى، بشأن تخفيض حصة خبز الكارت الذهبى لأصحاب البطاقات الورقية، الذين لا يملكون بطاقات خبز ذكية. كان أول طلبات الإحاطة ضد وزير التموين، قدمه سمير رشاد، عضو مجلس النواب عن دائرة مجلس سمالوط بالمنيا، الثلاثاء الماضى، بعد ما شهدته عدة محافظات من احتجاجات للمواطنين ضد القرار. من جانبها تواصلت «الصباح » مع نائب سمالوط، لمعرفة تفاصيل طلب الإحاطة الذى قدمه لوزير التموين الجديد، اعتراضًا على قرار تخفيض حصة الخبز لبعض المواطنين، الذى قال إننا فوجئنا صباح يوم الثلاثاء الماضى بقرار وزير التموين بتخفيض حصة الخبز لحاملى الكارت الذهبى لحين حصولهم على الكارت الذكى، مستدركًا بأن «القرار صائب لكن توقيته خاطئ، فقد صدر فى توقيت صعب .» وأفاد رشاد بأنه تحدث مع على مصيلحى، وزير التموين ودار جدل كبير بينهم فى هذا الشأن، وأخبره الوزير بأن القرار صدر عن رئيس الوزراء وليس قراره هو، وكشف النائب البرلمانى أن وزير التموين أعطاه وعدًا بأن الأزمة سوف تنتهى خلال أسبوع بالضبط، وأنه سوف يعطى المواطنين مهلة لمدة 48 ساعة لاستخراج الكروت الذكية ليحصلوا على حصتهم كاملة من الخبز. واستطرد «الأزمة فى طريقها للحل وتم استخراج ما يقرب من 74ألف بطاقة خبز ذكية لأهالى محافظة المنيا »، مؤكدًا أنه أصدر بيانًا عاجلً فى نفس الشأن، لمعرفة أسباب إصدار القرار فى هذا التوقيت الخاطئ والهدف من إصداره الآن. فيما تقدم النائب البرلمانى الدكتور محمد العقاد، عضو مجلس النواب عن دائرة مصر القديمة هو الآخر بطلب إحاطة ضد وزير التموين، بشأن القرار نفسه. وكشف العقاد فى تصريحات ل «الصباح » أن القرار تم إصداره دون تمهيد أو دراسة، وإنه قرار غير مناسب، وتسبب فى الأزمة الأخيرة، وأن مثل هذه القرارات تتسبب فى اهتزاز هيبة الحكومة. وأضاف: «إننا كمجلس نواب نحاول بناء الثقة بين الشعب وحكومته، وكان من الضرورى دراسة القرار قبل اتخاذه، ولابد من مراعاة أن يكون جميع المواطنين يملكون الكروت الذكية للخبز، ويجب الأخذ فى الاعتبار تبعات هذا القرار وما سوف يترتب عليه فى حالة إصداره .» وأكد نائب مصر القديمة، أنه تقدم بطلب إحاطة فى المجلس بخصوص قرار وزير التموين لمعرفة رد الوزارة، فيما يتعلق بأسباب إصدار القرار ووجهة نظر وزير التموين فى اتخاذه. وأيضًا، تقدم النائب مجدى ملك، بطلب إحاطة ضد مصيلحى بسبب قرار تخفيض حصة الخبز. وقال ملك: «كان يجب اتخاذ عدة خطوات قبل إصدار هذا القرار،وهى استخراج كروت بدل فاقد للمواطنين، وبدل تالف وكروت أيضًا للبطاقة الورقية، ثم بعد ذلك يتم إصدار القرار »، مشيرًا إلى أنه سوف يتم إعادة تنقية قاعدة البيانات والتى يتم ضبطها من خلال وزارات الإنتاج الحربى والاتصالات، ويجب الانتهاء منها لنتمكن من تحديد المستحقين للدعم .