المقرحى: تجار الآثار يحصلون على العملة من صفقات التهريب ويحولونها إلى الجنيه بأقل الأسعار خبير مصرفى: أغلب الدولارات الموجودة بالسوق فى الوقت الراهن مجهولة المصدر المستوردون من الصين على رأس «المستفيدين»..وكبار التجار حولوا نشاطهم إلى تجارة العملة أصبح الدولار ملعبًا واسعًا لمن يريد جنى أرباح سريعة من وراء السوق السوداء، خاصة مع انتشار فوبيا الارتفاع والانخفاض بين المضاربين على العملات، بعد الأرقام القياسية التى حققها خلال الفترة الماضية عقب قرار تعويم الجنيه، حيث هرول التجار إلى سوق العملة الصعبة على أمل تحقيق مزيد من الأرباح، فى ظل غياب «الأخضر» عن السوق الرسمى سواء فى البنوك أو شركات صرافة، ووسط كل هذا ظهرت مافيا جديدة تعرض العملة بسعر منخفض عن السوق السوداء، مما دفع الكثيرون للتساؤل عن سر توافر تلك الدولارات، ومصادرها الغامضة. «الصباح» رصدت وقائع مثيرة حول ترويج بعض الأشخاص للدولار فى الصعيد بأسعار أقل من الأسعار الرسمية، ففى الوقت الذى سجل فيه الدولار 19 و20 جنيهًا خلال الأسابيع الماضية، سجل الدولار مجهول المصدر بمنطقة الصعيد 14 جنيهًا، مما دفع مستوردى البضائع من دولة الصين، للتهافت وراء «الدولار الرخيص» أملًا فى جنى أرباح أكثر. «مسعد.ج» صاحب شركة استيراد وتصدير بمنطقة الموسكى، وأحد المستفيدين من الدولارات مجهولة المصدر، أكد أن الحكومة كذبت على صغار المستثمرين، ولم توفر العملة الصعبة لهم، مما أدى إلى توقف استيراد البضائع من الصين وتراكم الديون عليهم، للدرجة التى دفعت أحد رجال الأعمال فى الصين إلى احتجاز بعض المستثمرين المصريين هناك، حتى يقومون بسداد ديونهم. وتابع «مسعد»: «عرض علىِّ صديق التوجه معه إلى أسيوط لشراء دولارات بسعر أقل من السوق السوداء، ولم أتردد فى السفر إلى هناك، حيث فوجئت بأن سعر الدولار هناك أقل من السعر الرسمى بما يعادل 2 إلى 3 جنيهات، ونجحنا فى الحصول على 30 ألف دولار، مما شجعنى ومجموعة من أصدقائى إلى العودة مرة أخرى وشراء كمية أكبر». وسرد تفاصيل عمليات البيع والشراء، قائلًا: «تبدأ بمكالمة هاتفية مع البائع ليدبر المبلغ قبل أن نتحرك من القاهرة، وإذا ما كانت الكمية المطلوبة أكثر من 50 ألف دولار نحضر خبيرًا للتأكد من أن الأموال ليست مزيفة، ولا يعطينا البائع شهادة بالدولارات التى نشتريها». واقعة أخرى، يرويها «مختار.ص» مستورد من الصين، مؤكدًا أن منطقة الصعيد تحولت خلال الفترة الماضية إلى أكبر سوق للاتجار بالعملة، حيث جمع كبار رجال الأعمال ملايين الدولارات من محافظات الجنوب، خاصة أصحاب مصانع الحديد للحصول على خامات مستوردة، حيث يعمل لصالح رجال الأعمال جيش من صغار السماسرة ممن يذهبون بالجنيه ويعودون بالدولار. واستكمل «مختار» قائلًا: «البنوك التى تعاملنا معها لم تسألنا عن مصدر الدولارات التى حصلنا عليها، لأنها تقوم بتشغيل تلك الأموال لبضعة أيام قبل أن تقوم بتحويلها للجانب الصينى، وأغلب المستوردين لا يقومون بوضع المبلغ مرة واحدة، بل يقومون بتحويله على مراحل لمنع إثارة الشكوك، وبعضهم يلجأ لأصحاب الشركات الكبيرة إذا ما كان المبلغ كبيرًا ولا يناسب حجم تعاملات الشركة وسابقة تعاملاتها مع الجانب الصينى». وأضاف: «نسافر إلى الصعيد مرتين أو ثلاثة بالشهر على أقصى تقدير، ولا يزيد المبلغ على 50 ألف دولار فى كل مرة، وأحيانًا نتمكن من الاتجار بالعملة بدلاً من شراء سلع من الصين، عن طريق شراء فواتير من شركات صرافة مقابل مبلغ مالى يتم الاتفاق عليه معها». فيما أكد «أحمد عبدالله» سمسار بسوق العملات، أن تجارة العملة مثل الاتجار بالسلاح والمخدرات، حيث تكون الثقة معدومة بين البائع والمشترى، مما يمنع التجار من الإتيان للقاهرة من الصعيد، خاصة أن تلك العمليات تتم خارج إطار القانون وبعيدًا عن الشركات والبنوك، إضافة إلى أن نقل العملة للقاهرة مسألة تحفها المخاطر، مشيرًا إلى أن تجار السلاح والمخدرات من الزبائن المعتمدين لدى تجار العملة بالصعيد، خاصة أن نسبة كبيرة من تجارتهم مهربة من الخارج. وعن مصدر تلك الدولارات، أكد اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية للأموال العامة سابقًا، أن منطقة الصعيد تشهد العديد من عمليات التنقيب عن الآثار، ويتم بيع القطع الأثرية بالعملة الصعبة، حيث يجنى التجار ملايين الدولارات، وبالتالى يعتمدون على سماسرة العملة لتبديلها إلى الجنيه، بعيدًا عن البنوك وشركات الصرافة، للهروب من رقابة مباحث الأموال العامة، وبعد تبديل العملة يقومون بشراء العقارات، فى إطار عمليات غسيل الأموال. وأضاف «المقرحى»: «أغلب رجال الأعمال تحولوا إلى تجار عملة خلال الفترة الماضية، ولعل الدولارات مجهولة المصدر كانت واحدة من مصادر حصولهم على العملة الصعبة، خاصة أن الأجهزة الأمنية لا تتحرك ألا فى ضوء معلومات وبلاغات، ضد الشركات أو كبار المضاربين». أما الخبير المصرفى محمد فاروق، فأكد أن أغلب الدولارات الموجودة بالسوق خلال الوقت الرهن مجهولة المصدر، فلم تعد شركات الصرافة تعطى البائع أو المشترى أى شهادات أو فواتير تثبت أن الحصول على العملة تم بشكل قانونى. وأرجع «فاروق» السبب وراء البيع بأقل من السعر الرسمى، إلى رغبة البائع الذى حصل على تلك المبالغ بشكل غير شرعى فى التخلص منها، وتحويلها إلى العملة المحلية. وكان مجلس النواب، قد طالب البنك المركزى العام الماضى برفض التعامل مع العملات مجهولة المصدر، وجاء ذلك بناء على طلب من النائب سيد عبد العال عضو اللجنة الاقتصادية، بوقف التعامل مع المستوردين طالما كانت عملاتهم مجهولة، وهو ما يؤدى لتضييق الخناق على السوق الموازية للدولار، إلا أنه لم يتم الالتفات لهذا الطلب، نظرًا لحاجة البنك إلى العملة الصعبة.