يذخر تاريخ المرأة الإفريقية بالعديد من الصراعات والمعاناة فى مختلف المجالات فى حال أن المرأة التى تشكل أكثر من نصف سكان القارة هى أكثر نساء العالم تحملًا لأعباء الحياة، وصمودًا ضد العنف والجهل والفقر والمرض. وتسعى دائمًا نساء القارة لإثبات الذات ومحاولة التغلب على معاناتهن حيث إن نسبة تمثيل المرأة فى الحكومات تصل إلى 60فى المائة، بينما فى المجال الزراعى 70فى المائة، وبرغم ذلك لا تزال تعانى من التهميش وعدم الاعتراف بأهمية دورها على عكس أقرانها بالدول المتقدمة. وعلى الرغم من الثروات والخيرات التى تذخر بها القارة السمراء إلا أنها لا تزال تعانى الفقر والجهل والأمراض خاصة المرأة الإفريقية التى تقاسى أوضاعًا منها تدنى مستويات التعليم والصحة والاقتصاد والعنف الجنسى والبدنى، وهى أكثر نساء العالم تحملًا لأعباء الأسرة فى ظل غياب الزوج والحروب أو الموت والطلاق إلى غير ذلك، كما أنها تخضع للعادات القبلية، والتى لا تزال تعانى منها حتى اليوم. المرأة الإفريقية هى صاحبة أعلى معدلات زواج وولادة فى العالم حيث تلد فى المتوسط من 3 إلى 5 أطفال مقابل 2 إلى 3 للمرأة بالدول المتقدمة، وتأتى المرأة النيجيرية لتتربع على عرش إحصاءات الولادة فى العالم بمعدل 4 إلى 7 أطفال. وعلى الرغم من اعتماد الاقتصاد على النساء بنسبة كبيرة تتخطى 70٪ سواء فى مجالات الزراعة أو الصناعة أو التجارة إلا أنها لا تزال تعانى العنصرية والتهميش. وبالإضافة إلى دورها فى الاقتصاد هناك دورها الأسرى المهم جدًا فى رعاية الأسرة فى غياب الزوج ورعاية الأبناء أو الوقوع تحت ضغوط لتوفير الدعم المالى أو الوقوع تحت تأثير الاستغلال أو العنف الجنسى الذى تعانى منه نحو 65٪ من الإفريقيات أى بما يعادل 75٪ من المصابات بالأمراض على مستوى العالم مثل الإيدز وغيرها من الأمراض القاتلة. وتذخر القارة السمراء بالعديد من التناقضات فمع وجود ثروات وخيرات بالقارة إلا أنه وفق الإحصاءات يوجد 59٪ من الأفارقة الذين يعيشون تحت خط الفقر، وتصنف 21 دولة إفريقية كدول فقيرة من بين 37 دولة حول العالم. وبالإضافة إلى كل هذه التحديات والمعاناة التى تعيشها المرأة السمراء طوال حياتها فإنها تفتقر الرعاية الصحية حيث إن أكثر من نصف مليون امرأة يمتن كل سنة نتيجة مشاكل الحمل والولادة، كما أن 70 ألفا منهن تتراوح أعمارهن بين 15 إلى 19 سنة وهى مشكلة فى غاية الأهمية نظرًا للزواج المبكر وافتقار التوعية والرعاية لهن. وتوجد معاناة أخرى بالإضافة إلى المعاناة الصحية والاقتصادية التى تعانى منها الإفريقيات وهى تعرضها للعنف والقتل والتشريد نتيجة للصراعات والحروب الأهلية التى تشهدها بعض الدول مثل أنجولا وليبيريا والصومال والكونغو الديمقراطية وسيراليون وبعض مناطق بدولة جنوب السودان حيث تشير إحصاءات الأممالمتحدة إلى أن 80٪ من اللاجئين والمشردين والعالقين على الحدود هم من النساء والأطفال. فمشكلات النساء لا تعد ولا تنتهى حتى عصرنا هذا، فقد وضعت المرأة منذ زمن حتى اليوم تحت طائلة الأعراف والتقاليد القبلية المتخلفة التى تلزمها المعاناة وتهمشها تعليميًا وتقضى على الوعى والمعرفة لديها. كذلك انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة ليس فقط بالقبيلة أو القرى بل المدن وفى وضح النهار وبالأماكن العامة، والذى أصبح أمرًا اعتياديًا لا يبالى به أحد ورغم وجود العديد من المواثيق والاتفاقات الدولية التى تجرم العنف ضد المرأة أشهرها ميثاق الأممالمتحدة عام 1993 إلا أنه لا يلتفت أحد لهذه المواثيق بل زادت حدة العنف حيث تشير الإحصاءات بمنظمة الصحة أن 51٪ من النساء وقعن ضحية العنف و11٪ منهن تعرضن له أثناء الحمل و21٪ تزوجن قبل سن 15 و24٪ أجريت لهن عملية الختان. ورغم اتفاق 53 دولة إفريقية عام 1995 على بروتوكول حقوق المرأة إلا أنها لا تزال تعانى من التمييز والعنصرية وعدم المساواة ولا تأخذ حقوقها فى مجتمعات تسيطر عليها التقاليد والأعراف الخاطئة والمفاهيم المغلوطة، وعلى الرغم من وجود الكثير من التشريعات فى كل الدول والتى تدعم حقوق المرأة فإن 21 دولة فقط منها تمتلك تشريعات تجرم كل أشكال التمييز والعنف وتدعم حقوق المرأة.