على الرغم من بلوغ العالم للألفية الثالثة فى الدول المتقدمة، وتحقيق المرأة لمكاسب عدة لكونها نصف المجتمع بل وأكثر، مازالت أوضاع المرأة فى إفريقيا وكأنها فى الألفية الأولى، إذ تُعانى أوضاعًا إنسانية قاسية، فضلًا عن التدنى فى مجالات التعليم والصحة والاقتصاد وغيرها فهى تفتقد الكثير من مقومات الحياه السلوكية، بالإضافة إلى تعرضها للعنف بأشكال متعددة. ورغم أن المرأة فى إفريقيا تشكل أكثر من نصف التعداد السكانى فى القارة، إلا إنها لا تزال تعانى من تدنى المستوى التعليمى والصحى والاقتصادى، إذ أنها أكثر امرأة فى العالم تتحمل الأعباء القاسية خاصة فى إعالة الأطفال فى ظل غياب الزوج بسبب موت أو طلاق أو هجرة. وعانت المرأة الإفريقية اجتماعيًا كثيرًا فهى تتزوج أكثر من مرة، وتنجب فى المتوسط ما بين 4 إلى 7 أبناء، وهى النسبة الأعلى عالميًا، وتشكل المرأة الإفريقية قوة لا يستهان بها فى الاقتصاد الإفريقى إذ تمثل 60٪ من العاملين بالقطاعات الحكومية، و70٪ من قوة الزراعة، وتنتج 90٪ من الغذاء، وتدير أكثر من 50٪ من المشروعات والمصانع المتوسطة وصغيرة الحجم. وبعد بلوغ المرأة تلك المكانة إلا أنها لا تزال مستعبدة، حتى الآن فى بعض البلدان الإفريقية ومهمشة سياسيًا، كما أن النسبة الأعلى عالميًا بين المشردين واللاجئين من الحروب هن النساء، وهو ما يضطرهن للعمل بالسخرة أو الزواج الإجبارى أو التجارة الجنسية مقابل سد فقرها وجوعها. وتشير الأرقام إلى إصابة 56٪ من الإفريقيات فى الدول الواقعة فى جنوب الصحراء بالإيدز، وهو ما يعادل نسبه 75٪ من المصابات بالمرض القاتل على مستوى العالم. كما تعانى المرأة فى بعض الدول الإفريقية من العبودية حيث ما زالت تحت مسمى الجوارى فى بعض البلدان، وتعانى السيدات كثيرًا من التناقضات، وعلى الرغم من الثروات الضخمة التى تنعم بها القارة إلا أن 59٪ من الأفارقة لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر وصنفت 21 دولة إفريقية باعتبارها تفتقر للأمن الغذائى من بين 37 دولة فى العالم. وتعانى المرأة فى القارة السمراء من نقص الغذاء حيث يقع على عاتقها مسئولية توفير الغذاء لأسرتها وتمثل النساء الغالبية العظمى للمنتجين الزراعيين فى العالم وفق تقرير الأممالمتحدة، حيث يوفرن 50٪ من الغذاء الذى يزرع على الصعيد العالمى وفى دول جنوب الصحراء فإن النسبة تتضاعف ليصل إنتاجها 80٪ من المواد الغذائية التى تزرع بالمنطقة. وتعانى المرأة الإفريقية المنجبة للأطفال أكثر بكثير من أى نساء فى العالم حيث إن 60٪ منهن يعانين سوء للتغذية، وهو ما يعرض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر والموت. ولا تقتصر معاناة سيداتى القارة السمراء، على الغذاء والعمل فقط، إذ تعانين من عدم توافر مياه نظيفة وآمنة صالحة للشرب، إذ أن هناك 300 مليون إفريقى لا يجدون المياه النظيفة، و 313 مليون إفريقى مصابين بأمراض سببها الأساسى تلوث المياه. ورغم محاولة المرأة التأقلم والعيش وسط الأجواء الموحشة، إلا أنها تعانى مع سكان القارة من تهديد 30 مليون شخص بالمجاعات ومرض نقص المناعة الإيدز، ما أدى إلى وفاة 10 ملايين شخص، ومنذ انتشار هذا الوباء فى القارة أصيب 30 مليونًا ويمثل هذا 70٪ من حالات الإصابة فى العالم. ووفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية فإن 40 مليون إفريقى مهددون بالموت جراء الأمراض خلال السنوات العشر المقبلة منهن 58٪ من النساء نتيجة الجهل والفقر والاستغلال الجنسى. وحصدت المرأة أكبر عدد من الوفيات، خاصة فى نزاعات سيراليون، وتشاد، وأنجولا، وليبيريا، والصومال، والكونغو الديمقراطية، بسبب معاناتها من النزوح أو الاحتجاز أو العنف الجنسى. ورغم إطلاق العديد من الدول مبادرات ومواثيق لمحاولة تحقيق المساواة للمرأة الإفريقية، إلا أنها لاتزال تعانى وتنتظر الحصول على بعض حقوقها لتساوى ما تقوم به من أعمال وواجبات وتضحيات. وتم تأسيس العديد من الحركات النسائية المساندة لحقوق المرأة، وأقمت عدة فاعليات لتحسين أوضاع المرأه، كانت آخرها ما تضمنه الاجتماع الثالث للاتحاد الإفريقى بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة الذى عقد فى رواندا الشهر الماضى، والذى أعلن فيه عن موعد انعقاد أول اجتماع لوزراء المرأة فى إفريقيا فى مصر يناير المقبل.