كان اول مصرى حصل على دكتوراة العلوم " Dsc" من انجلترا, ومنح لقب أستاذ من جامعة القاهرة , قبل ان يبلغ الثلاثين من عمره . قالوا ان الملك فاروق اشترك مع الموساد لقتله مسموماً , لكنه اغتيل بطريقة اكثر بطءً وألماً ً , اغتيل دون ان يسيل دمائة على يد قاتله .. انه القتل المعنوى الذى اغتال " اينشتين العرب " , انه العالم والفيلسوف المصرى , على مصطفى مشرفة . تحتفل الصباح اليوم بذكرى ميلاده مع ابنته الصغرى , دكتورة سلوى مشرفة , التى اسعدها كثيرا انه ما ذال هناك من الجيل الجديد من يتذكر والدها بعد مرور اكثر من ستون عاماً على وفاته . الى تفاصيل الحوار. فى البداية نريد ان نتعرف من خلالك على مشرفة الاب والانسان ؟ تعرفت على والدى الاب والانسان , من خلا ل ما نقل لى من والدتى واختى التى تكبرنى فى العمر , فوالدى توفى وانا ابلغ عامى الثانى , ولم استطع فى ذاك الوقت معرفة ابى عن قرب . عرف عن والدى انه كان اباً مثالياً , حنون ومحباً لأبنائه , وكان يبث فيهم دائما ًحب العلم والصدق , حيث كان يقول لهم دائماً " قولوا الصدق ولو كنتم على خطأ " . اما والدى الانسان , فقد عرف عنه حبه الشديد للنظام والترتيب والنظافة , وكان صريحاً الى ابعد حد , تلك الصراحة التى اغضبت منه الكثير حتى اقرب الناس اليه . وكان والدى رجلاً متديناً بشكل كبير , وعرفت ذلك بالصدفة عندما عثرت على مذكراته , والتى تم نشرها بعد ذلك ووجدت فى بداية كل يوم يكتبه يذكر ايه من القرأن ويذكر الصورة الخاصة بالاية , التى ترتبط بشكل كبير بعنوان المذكرة , بالاضافة الى ذكر السورة الخاصة بالاية . اشارت بعض المراجع التارخية الى ان مشرفة كان له دور ونشاط ثورى فى ثورة 1919 م ؟ لم يكن والدى فى مصر فى تلك الفترة , ففى عام 1917م سافر الى انجلترا للإلتحاق بجامعة توتنجهام , للحصول على درجة البكالوريوس فى الرياضيات , والتى حصل عليها عام 1920 م , وفى اثناء اندلاع ثورة 1919 م بقيادة سعد زغلول , اراد والدى العودة الى مصر للمشاركة فى الثورة , حيث كتب الى صديقه , محمود فهمى النقراشى , احد زعماء الثورة ليخبره بذلك , لكن النقراشى ارسل اليه خطاب , قال فيه " نحن نحتاج اليك عالماً أكثر مما نحتاج اليك ثائراً , اكمل دراستك ويمكنك ان تخدم مصر فى جامعات إنجلترا أكثر مما تخدمها فى شوارع مصر " . كان الملك فاروق على خلاف دائم مع مشرفة , فما السبب وراء ذلك ؟ كانت للضغوط والخلفات التى شكلها الملك فاروق على والدى , بالغ الاثر على صحته فى ذاك الوقت , مما جعلنا نشعر بأنها كانت السبب الحقيقى وراء وفاته فى سن مبكر . بدأت الخلافات عندما قام الملك بمنح والدى لقب الباشوية , وكان ذلك يستدعى من والدى ان يذهب ليقدم الشكر للملك , وكان ذلك ضمن اشكال البروتوكول المتعارف عليها انذاك , لكن والدى لم يذهب , و لم يشكر الملك و مما اثار غضب الملك عليه , فمنع عنه السفر لامريكا ,بعد موافقة مجلس الوزراء على انتدابه استاذاً زائراً بناء على دعوة من قبل جامعة "برينستون " الامريكية , والتى يقوم بالتدريس بها نخبة من كبار العلماء من بينهم العالم اينشتين , لكن والدى صمم فى تلك الاثناء على مواصلة السفر على نفقته الخاصة , متوجهاً الى انجلترا , اذ شعر بمجرد وصوله بوعكة صحية , فضل بعدها ان يمكث بعض الوقت فى سويسرا , ثم عاد بعدها لمصر . وظل الملك فاروق مترصد لوالدى , فلم يكتفى بمنعه من السفر , الا انه سلب منه وظيفته كوكيل للجامعة القاهرة , ثم منع تعينه كمدير للجماعة , وفضل عليه من هو احدث فى الاستاذية وفى الدرجة . ظل والدى بعد ذلك لا يرى الا حزيناً ومهموماً حتى داهمة الموت . قيل انه كان هناك صلة تواصل بين مشرفة والعالم الكبير اينشتين , فما هى طبيعة هذه الصلة ؟ كان والدى احد تلاميذ العالم اينشتين , ثم اصبح بعد ذلك احد اهم مساعديه , حيث كان له مجهود فى استخراج النظرية النسبية , وعرف عنه انه من اول ثلاث اشخاص على مستوى العالم الذين استطاعوا فهم النظرية النسبية , واطلق عليه اينشتين لقب " اينشتين العرب , وعندما علم اينشتين بوفاه والدى حزن حزناً شديداً , وقال "لا يمكنني أن أصدق أن مشرفة مات، إنه لازال حيا من خلال أبحاثه ". ماذا عن رؤيته حول امتلاك السلاح النووى ؟ كان والدى من القلائل الذين عرفوا سر تفتيت الذرة , واشترك مع " ابنهايمر" , " واينشتين " , فى الدعوة لاستخدامها فى السلم , وكان دائماً يدعوا الحكومة انذاك الى العمل على البحث الذرى وتصنيع القنبلة الذرية , ليس لاستخدامها فى الحروب , ولكن لكى تكون سلاح رداع , تعمل على حفظ توازن القوى فى المنطقة كما كان والدى , اول من اضاف فكرة انه من الممكن ان يصنع من الهيدروجين قنبلة , لكنه لم يكن يتمنى ان تصنع . وكان والدى دائماً يقول ان صحراء مصر الشرقية مليئة باليورانيوم , ولكن لم يجد من يستمع او يهتم لهذا الامر . بماذا اسهم مشرفة فى مجال الموسيقى , والمجالات الفكرية ؟ كان والدى محباً للموسيقى بشكل كبير , حتى انه كان يجيد العزف على البيانو , والكمان , ومن كثرة اهتمامه بالموسيقى عمل على اثرائها من خلال تأسيس " الجمعية المصرية لهواة الموسيقى " وذلك بمشاركة كل من , أبوبكر خيرت ومحمود الحفنى ووديع فرج , حيث لعبت هذه الجمعية دور اساسى فى ترجمة الاوبريتات العالمية الى العربية . اما فى المجال الفكرى , فكان لوالدى اسهامات كبيرة فى مجال البحث العلمى , والاكتشافات العلمية , كما انه كان اول الداعين لانشاء المركز القومى للبحوث . يقال ان هناك علاقة حب ربطت بين مشرفة وتلميذته سميرة موسى , فما حقيقة هذا الامر ؟ هذا امر غير صحيح , فوالدى كان يحب والدتى حباً شديداً , وسميرة فى ذاك الوقت كانت صغيرة جداً , كما ان نظرة والدى لها , لم تتعدى نظرة استاذ لتلميذته . اشيع ان الملك فاروق و الموساد اشتركوا فى قتل مشرفة بالسم , فما حقيقة هذا الامر ؟ الملك فاروق شارك بشكل غير مباشر فى قتل والدى , وذلك عندما تسبب له فى مشكلات كثيرة , ضيق الخناق عليه , حتى ان والدى ظهر عليه فى الفترةالاخيرة من حياته , الهم والحزن . اما بالنسبة للموساد الاسرائيلى , فلا اعتقد انها وراء وفاته, لان والدى توفى عام 1950 م , اى بعد حرب 1948 م بعامين , وهذا يعنى ان اسرائيل كدوله كانت عمرها سنتين , ولم يكن الموساد بالقوة والحجم الذى ظهر به بعد ذلك , وانا ارى ان والدى مات بطريقة طبيعة , وليس مقتولا . كان والدة ينتابه شعرور دائم بان حياته قصيرة , فعندما ولدتنى امى , قال لها " انا حاسس انى مش هعيش اربى سلوى , انا ادامى سنتين , ثلاثة " . وبالفعل تحققت نبوءته , ففى صباح يوم الخامس عشر من يناير , استيقظ والدى , واثناء جلوسه على سريره طلب من " الدادة " كوباً من الشاى , وبعدما احضرت "الدادة " الشاى , صعدت معها وكنت فى الثانية من عمرى الى حجرته , وقام والدى بإحتساء القليل منه ثم وافته المنيه اثر تعرضة لأزمة قلبية . فى ذاك الوقت شاهدت موت ابى , لكن صغر سنى احال بينى وبين ان استوعب كل ما يدار حولى .