غلاف العدد الجديد محيط - سميرة سليمان في العدد الجديد من مجلة "العربي" الكويتية لشهر سبتمبر 2008 كتب رئيس التحرير د.سليمان إبراهيم العسكري تحت عنوان "حديث الشهر" عن "التعليم والداخل: علاقة منسية" قائلا: مثل أشياء كثيرة في عالمنا العربي، تبدو قضية التعليم كأنها منفصلة عن أي أهداف أو خطط للحاضر والمستقبل، كأننا نعلم أولادنا لمجرد التعليم، ومن ثم نترك العملية التعليمية تسير كأنما بالدفع الذاتي، ولغايات مظهرية. إن قضية التعليم في المجتمعات التي تنظر إلى أبعد من ظل أقدامها تثير نقاشات محتدمة، ويتم ربطها بمخرجات عملية تخص مستقبل الأفراد والمجتمع والأمة، لهذا يضعونها على قمة مشاغلهم، وينظرون إليها من زوايا غير مألوفة لنا، لكنها زوايا عملية ذات شأن خطير لدى الأفراد والمجتمعات على السواء. وفي ختام مقاله يقول: كلنا يعرف أن سياسات التعليم العربي لا تربط المحتوى التعليمي بالاحتياجات الملّحة لتطوير الاقتصاد العربي، ومن ثم يراوح هذا الاقتصاد مكانه، ويزداد جيش العاطلين عن العمل، سواء في شكل بطالة سافرة، أو بطالة مقنعة. فهل ننتبه إلى ما نحن مقبلون عليه، وهل نفكر في إنقاذ التعليم العربي بما يتناسب مع عالم يتجه نحو اقتصاد غير مسبوق في تنافسيته، وغير مسبوق في اعتماده على العقول القادرة على التعامل مع تقنيات فائقة؟ إذا كانوا في أمريكا يعتقدون أن مأزقهم لا يحتمل الانتظار فإن الانتظار لدينا يعني الانتحار، فهل نسارع بإنقاذ أنفسنا، بإنقاذ التعليم في بلادنا، واستعادة المبادرة والمناهج من أيدي قوى التخلف والماضي، لنصنع مستقبلا زاهرا لأجيالنا الحاضرة والمقبلة؟!. الشافعي شاعر العدد الشافعي وريشة تقطر إبداعا تحت عنوان "الإمام الشافعي..شاعرا وحسب!" تقول الشاعرة الكويتية سعدية مفرح: انسابت قوافي محمد بن إدريس الشافعي بموسيقاها الخجول لتعلن شاعريته الصافية في محاولة غير مقصودة لتوثيق صورة غير معتادة للفقيه المسلم الجالس في حلقة الدرس ليبين للجالس بين يديه حدود الحلال والحرام. إنه محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي. أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة وإليه نسبة الشافعية كافة. ولد في غزة بفلسطين عام 150 ه فقيرا ويتيم الأب. بدأ مسيرة التعلم من مكة بحفظ القرآن ثم رحل إلى البادية ليستقي اللغة العربية من منابعها الصافية بعيدا عمّا اختلطت به من أخلاط ممن تعج بهم المدن عادة، فرحل إلى البادية حيث أقام عدة سنوات عند بني هذيل طلبا لفصاحة اشتهروا بها. فلم يلبث أن اشتهر بها بدوره حتى أصبح ممن تؤخذ عنه العربية. لكن عربية الشافعي لم تكن وسيلته الجميلة نحو التفقه في الشريعة وحسب بل غايته المتوخاة شعرا أيضا وبين الشعر والشريعة كان الشافعي يكّون نفسه الطموح، ويحميها من غوائل الغرور بالكثير من تواضع العالم فكان يقول لتلاميذ حلقته: "كل ما قلت لكم فلم تشهد عليه عقولكم وتقبله وتره حقا فلا تقبلوه، فإن العقل مضطر إلى قبول الحق". وبالإضافة إلى ثقافته اللغوية الواسعة حاز الشافعي ثقافة إنسانية أكثر سعة نتيجة لأسفاره المتعددة وأشهرها إلى المدينة، وإلى بغداد، وإلى مصر حيث بقى يفتي ويعلم وفقا لمدرسته التي أسسها فكانت رمزا للتقارب بين المذاهب كلها وتعبيرا عن سماحته الشخصية التي عبر عنها في شذرات شعرية راقية وفقا لمقولته الخالدة: "والله ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة" إلى أن توفاه الله عام 204 ه 819 م تاركا وراءه تراثا فقهيا تمثل في كتب أهمها "الحجة"، "الأم"، "الرسالة" وغيرها. أما أشعاره فقد تفرقت في كتب التراث والتاريخ الأدبي إلى أن تصدى لجمعها زهدي يكن ونشرها في بيروت، ثم جمعها "محمد عفيف الزغبي" مستدركا ما فات زهدي يكن. قال الإمام أحمد بن حنبل: "ما مس أحد محبرة ولا قلما إلا وللشافعي في عنقه منة". واعترافا بتلك المنة الباقية نحتفي بالشافعي في هذا العدد من "العربي" ومن أشعار الشافعي التي أوردتها المجلة: دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء وكن رجلا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والوفاء وإن كثرت عيوبك فى البرايا وسرك أن يكون لها غطاء تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء وكتب د.قاسم عبد قاسم عن الوجه الآخر لعلاقة التتار بالعالم العربي ، والتي اقترنت صورتها دائما بالحرب والغزو في أغلب كتب المؤرخين . مشرفة .. عبقري عصره علي مصطفى مشرفة وتحت عنوان "علي مصطفى مشرفة أحد عباقرة العلم في القرن العشرين" كتب د.محمد كامل ضاهر: مازلنا اليوم نجهل كثيرا عن منجزات آلاف العلماء العرب في القرن العشرين المنتشرين في مراكز البحوث والمؤسسات العلمية في كل أنحاء العلم، الذين ساهموا ويسهمون في العلوم التي غيرت حياة الإنسان ومجتمعاته المعاصرة من الأعماق. من المستغرب أن نعرف كثيرا عن منجزات المفكرين العرب الذين صاغوا ثقافتنا العربية الحديثة والمعاصرة كالطهطاوي والإمام محمد عبده وأحمد لطفي السيد وطه حسين وعباس محمود العقاد أحمد أمين وسلامة موسى وفرح انطوان وتوفيق الحكيم وكثيرين غيرهم، ولا نعرف إلا القليل جدا عن علمائنا العرب في ميادين الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب وجميع فروع العلوم الحديثة، في الوقت الذي تعرف مراكز البحوث في العالم كل شئ عن أبحاثهم وإبداعاتهم العلمية. ولد علي مصطفى مشرفة في 11 يوليو عام 1898 في مدينة دمياط وكان الابن البكر لمصطفى مشرفة أحد وجهاء تلك المدينة وأثريائها، تلقى علي دروسه الأولى على يد والده ويقول عن طفولته: "لقد كنت أفنى وانا طفل لكي أكون في المقدمة، فخلت طفولتي من كل بهيج، ولقد تعلمت في تلك السن المبكرة أن اللعب مضيعة للوقت، تعلمت الوقار والسكون في سن اللهو والمرح، حتى الجري كنت اعتبره خروجا على الوقار". في البكالوريا عام 1914 كان ترتيبه الثاني على القطر كله وهو في السادسة عشر من عمره وهو حدث فريد في عالم التربية والتعليم في مصر يومئذ. انتسب إلى دار المعلمين العليا التي تخرج منها بعد ثلاث سنوات بالمرتبة الأولى فاختارته وزارة المعارف العمومية إلى بعثة علمية إلى بريطانيا على نفقتها. انتسب إلى كلية نتنجهام الجامعية التي حصل منها بتفوق على شهادة البكالوريوس في الرياضيات خلال ثلاث سنوات بدلا من أربع. وأثناء اشتعال ثورة 1919 كتب علي مشرفة إلى صديقه محمود فهمي النقراشي أحد زعماء الثورة يخبره برغبته في العودة إلى مصر للمشاركة في الثورة وكان جواب النقراشي له: "نحن نحتاج إليك عالما لا ثائرا، أكمل دراستك، ويمكنك أن تخدم مصر في جامعات انجلترا أكثر مما تخدمها في شوارع مصر". وبعد حصوله على البكالوريويس في ثلاث سنوات بدلا من أربع لفت ذلك نظر أساتذته الذين اقترحوا على وزارة المعارف المصرية أن يتابع مشرفة دراسته للدكتوراه في جامعة لندن استجيب لطلبهم والتحق عام 1920 بالكلية الملكية وحصل منها عام 1923 على الدكتوراه في فلسفة العلوم انتخب على إثرها عضوا في الجمعية الملكية البريطانية وصار محاضرا فيها، ثم رئيسا لها فكان أول أجنبي يحتل هذا المنصب. وبدأت المجلات العلمية المشهورة تنشر أبحاثه في نظرية الكم وتكوين الذرة والإشعاع والميكانيكا والديناميكا. عام 1926 تم تعيينه أستاذا للرياضة التطبيقية في كلية العلوم جامعة القاهرة فكان اول أستاذ مصري في هذه الكلية وهو لا يتجاوز الثامنة والعشرين من عمره. وفي عام 1930 انتخب وكيلا لكلية العلوم ثم عميدا لها في مايو 1936. فضلا عن ذلك كان مشرفة عالما في الموسيقى الكلاسيكية وعازفا بارعا على الكمان والبيانو لاعتقاده أن: "الموسيقى تربي النفس على حب الجمال والكمال وتهذيب الشعور". كان د. مشرفة يعمل معظم ساعات الليل والنهار لاعتقاده أن على العلماء واجب نحو الإنسانية ورسالة لا ينبغي ان تخلو عنها فكان من الطبيعي ان يؤثر ذلك الجهد في وضعه الصحي والنفسي فاعتل جسده وضعفت أعصابه فكانت وفاته المفاجئة 16 يناير 1950 وهو في الثانية والخمسين من عمره. قال اينشتاين عن وفاته: "إن وفاة مشرفة خسارة جسيمة" ونعته الإذاعة الأمريكية كواحد من سبعة علماء يعرفون أسرار الذرة. تحت عنوان "الجنوبي" كتب د.جابر عصفور عن شعر أمل دنقل، بينما كتب د.فليح كريم الركابي عن "المعري كما رآه الجواهري" . وتساءل بنسالم حميش "هل يمكن الوصول إلى العامية الفصيحة؟" قائلا: رغما عنا تزحف العامية على المعجم العربي الفصيح، تؤازرها في ذلك أجهزة الإعلام والدعوات الإقليمية ، كما كتب إبراهيم فرغلي عن الفنان السويسري فيليكس فالوتون الذي كانت أعماله أول ما عرض في قاعات المتحف بزيورخ ، وكتب عبود عطية عن الفنان رينوار . ملف العدد كان موضوعه "مسلمو آسيا في رمضان" ماليزيا، الهند، كوريا، والصين. وفي باب "اللغة حياة" كتب د.مصطفى علي الجوزو بعنوان "الفرس ليس أنثى الحصان" ، وفي باب "الإنسان والبيئة" كتب أحمد الشربيني تحت عنوان "على خطى الديناصورات: التنوع الحيوي قضية تنمية اقتصادية". وكتب فاروق شوشة "رمضان في شعر هؤلاء" ، وفي باب "مساحة ود" كتب رمزي الغزوي تحت عنوان "كستناء مشوية..وقرود بشرية". المكتبة العربية والعالمية غلاف كتاب المسيري ومن المكتبة العربية يعرض محمد سيد بركة كتاب "رحلتي الفكرية في البذور والجذور والثمر" للراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري ويقول: لمن لم يقرأ اعمال الكاتب المصري البارز عبد الوهاب المسيري وهي متنوعة وغزيرة وأشهرها موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" يمكنه أن يجد في سيرته الذاتية الفكرية تلخيصا لرؤيته للعالم. إضافة إلى ما يعتبره نقاده تحولات من الماركسية إلى الإسلام. ومن المكتبة الأجنبية ينتقي لنا المترجم المصري علي سيد أحمد علي كتاب "القارة المكبّلة الماضي والحاضر والمستقبل" تأليف روبرت جيست الذي يقص فيه مؤلفه كيف أنه أجرى حديثا مع حاكم أحد الأقاليم في ناميبيا الذي أنزل عقابا من السجن والتعذيب بمئات من المواطنين الذين قاموا باضطرابات ثم أطلق سراحهم بعد ذلك، وسأله المؤلف: هل قدم اعتذارا عمّا حل بمواطنين أبرياء؟ فأجابه بأن اعتذاراه أو ندمه الوحيد والذي أصر عليه أنه لم يشترك بنفسه في العقاب! ويعلق المؤلف قائلا: لم استطع أن أفكر في طرح أي أسئلة أخرى بعد ذلك. وفي هذا الكتاب يقدم لنا روبرت جيست وهو مراسل مجلة "الإيكونوميست" في افريقيا زبدة تجاربه هناك: "لقد ترعرعت على ملامح بارزة لحقائق الزعامة الأبوية الإفريقية، وكوني غربيا عن افريقيا وأعيش في لندن بيد أن القارة المكبّلة سرعان ما حركت فيّ مشاعر الاستثارة والدهشة". يكشف الكاتب عن طريق الأرقام أن نصف سكان القارة القاطنين داخل الصحراء البالغ عددهم قرابة ستمائة مليون نسمة يعيشون بما يقيم أودهم تحت مستوى 65 سنتا يوميا، إن لم يكن أقل وواحد من كل خمسة قد مزقته الحرب الضروس، 50 مليون إفريقي قضوا نحبهم جراء مرض الإيدز.