تولى الدولة المصرية، في إطار رؤيتها الاستراتيجية للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة الدواء، أولوية قصوى لتوطين هذه الصناعة الحيوية، إيمانًا منها بأهميتها كإحدى ركائز الأمن القومي، حيث تسعى الدولة جاهدة لتعميق الصناعات الدوائية، من خلال تبنى أحدث تقنيات التصنيع العالمية لدعم الإنتاج المحلى، علاوة على توطيد التعاون مع كبرى الشركات العالمية، لتحقيق التكامل فى مجال صناعة الدواء، وجذب الاستثمارات، وهو ما يُسهم فى تلبية احتياجات السوق المحلي، وتقليص الاعتماد على الاستيراد، إلى جانب فتح آفاق جديدة لنفاذ المُستحضرات الطبية المصرية إلى الأسواق الإقليمية والدولية. ◄ إتاحة المزيد من التيسيرات لجذب الاستثمارات ◄ توطين الصناعة أمن قومي.. وتوفير الدواء أولوية قصوى ■ الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته إلى مدينة الدواء المصرية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أشار إلى أن الحكومة قطعت شوطًا مُهمًا للغاية بملف دعم الصناعة، وتيسير الإجراءات الخاصة بإقامة المُنشآت الصناعية، وهناك مؤشرات مُهمة على ذلك نلمسها بشكل واضح من الإقبال الكبير من قِبل المستثمرين المحليين والأجانب على إقامة مصانع جديدة بالقطاعات الصناعية المختلفة، مُضيفًا خلال جولة تفقدية بعدد من المصانع بمدينة العاشر من رمضان، أن ما نشهده من تقدم بملف الصناعة يُمثل إنجازًا مُهمًا على طريق تحقيق مُستهدفات الدولة المصرية لتوطين مُختلف الصناعات، وهو الأمر الذى يُساعد فى تغطية مُتطلبات السوق المحلية، بجانب أن معظم هذه المصانع تُخصص حصصًا من إنتاجها للتصدير، ما يُسهم فى زيادة العوائد من العملة الأجنبية. ◄ أولوية للدولة أضاف مدبولى، أن قطاع الصناعات الدوائية من القطاعات ذات الأولوية للدولة المصرية، موضحًا أنه يتم العمل على إتاحة المزيد من التيسيرات والمُحفزات لجذب المزيد من الاستثمارات لهذا القطاع المُهم، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة العمل على توطين وتعميق صناعة الدواء فى مصر، ونقل مُختلف التكنولوجيات الحديثة المُطبقة فى هذا المجال، وذلك بما يُسهم فى توفير مُختلف احتياجات ومُتطلبات السوق المصرية من الدواء، فضلًا عن زيادة حجم الصادرات من هذا القطاع، والدخول للمزيد من الأسواق الجديدة، منوهًا إلى حصول هيئة الدواء المصرية على اعتماد مُنظمة الصحة العالمية "مستوى النُضج الثالث" بمجال الدواء، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تأتي نتاجًاً للجهود التى تبذلها الدولة المصرية فى إطار دعم قطاع الدواء، تحقيقًا لمزيد من الدور الريادى على المستويين الإقليمي والدولي بمجال صناعة الدواء. نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة والسكان، الدكتور خالد عبدالغفار، يؤكد الالتزام الكامل بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بشأن توطين صناعة الأدوية كمحور استراتيجى لتحقيق الاكتفاء الذاتى، وتعزيز الأمن الدوائى فى مصر، ويُشدد على أهمية ضمان وصول العلاج لمُستحقيه بشكل عادل وفعال، وأن الوزارة تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية لوضع آليات رقابية ومُتابعة دقيقة لضمان الاستخدام الأمثل للأدوية، بما يتماشى مع رؤية الدولة نحو إصلاح القطاع الصحى كاملًا، وإعداد بيان شامل لضمان الاستخدام الأمثل للأدوية، مع مُراجعة البيانات العلمية الخاصة بها، وذلك لضمان الاستخدام الرشيد والفعال، مُشددًا على ضرورة حصر ومراجعة الأصناف الدوائية التى لها بدائل محلية، بهدف تقليل الاعتماد على المستورد، وتعزيز الصناعة الوطنية بما يحقق التوازن بين كفاءة العلاج وترشيد النفقات. ◄ توجيهات رئاسية مُساعد وزير الصحة والسكان، المُتحدث الرسمى باسم الوزارة، الدكتور حسام عبد الغفار، يُشير إلى أن هناك توجيهات مُستمرة من الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بالاهتمام بدعم وتوطين صناعة الدواء، باعتباره أمنًا قوميًا، وتوفيره للمرضى أولوية لا يمكن التهاون فيها، لافتًا إلى أنه تم الإعلان عن تصنيع أدوية الإنسولين، سواء على مستوى الشركات التابعة لقطاع الأعمال أو الشركات التابعة للقطاع الخاص بالتعاون مع شركة أمريكية عالمية، بعد أن عكفت الدولة على إطلاق أول دفعة من عقار الإنسولين المنتَج محليًا، فى خطوة تعكس رؤيتها الطموح نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى، وتعزيز فرص مصر لتصبح بوابة استراتيجية للأسواق العربية والإفريقية. ◄ زيادة الصادرات ووفقًا للمركز الإعلامى لمجلس الوزراء، توقعت وكالة "فيتش" زيادة صادرات الأدوية بمصر 39%، خلال 4 سنوات لتصل ل466.5 مليون دولار 2029، مُقارنة ب335.5 مليون دولار 2025. لافتة إلى أن إنشاء المركز الإقليمى لرفع القدرات التصنيعية الحيوية بمصر يُعزز قوة السوق المحلى ويجذب الاستثمار، بينما أعربت مُنظمة الصحة العالمية، عن فخرها بتحقيق مصر مستوى النضج الثالث لتنظيم الأدوية واللقاحات مُتصدرة إفريقيا، وقد أكدت المراكز الإفريقية لمُكافحة الأمراض والوقاية منها، أن صناعة الأدوية بمصر تُعد نموذجًا مُتميزًا يعكس محورية دور الإنتاج المحلى لتحقيق الاكتفاء الذاتى. ووفقًا للمركز، شهدت مؤشرات الإنتاج والتصدير توسعًا ملحوظًا، فعلى صعيد الإنتاج، بلغ إجمالى عدد مصانع المُستحضرات الصيدلية البشرية والعشبية والحيوية والبيطرية والمواد الخام 179 مصنعًا، كما بلغت نسبة الاكتفاء الذاتى من الأدوية 91.3%، منها 93% إنتاج قطاع خاص، وتوفر الدولة مخزونًا استراتيجيًا من المواد الخام للأدوية الأكثر طلبًا يكفى 3 أشهر، فيما نجحت الدولة فى التغلب على مشكلة نواقص المُستحضرات بنسبة بين 97 ل98%. ◄ سوق ضخم الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الصناعات، يُشير إلى أن صناعة الدواء بمصر كبيرة وضخمة، وهناك خطة لزيادة صادراتها ل3 مليارات دولار 2030، مؤكدًا أن مصر من الدول الكبيرة فى صناعة الدواء، وتمتلك سوقا قوية، كما أن مصر دولة محورية وهى أكبر دولة فى إفريقيا بالمجال، منوهًا لارتفاع صادرات مصر من الأدوية 65.6%، لتصل ل447.1 مليون دولار 2024، مُقابل 270 مليون دولار 2019، كما صدرت مصر لأكثر من 147 دولة خلال 2024، على رأسها السعودية وإسبانيا وألمانيا، مُضيفًا أن مصر دشنت بنية تنظيمية وتحتية قوية لتوطين صناعة الدواء، على رأسها "هيئة الدواء المصرية"، التي تأسست 2019، بهدف تنظيم ومراقبة جودة وفاعلية المُستحضرات والمُستلزمات الطبية والمواد الخام، وقد رخصت الهيئة ل31 مُصنعًا منذ تأسيسها وحتى الآن، كما تم توطين 180 مستحضر مضاد حيوى محلى الصنع بتركيزات وأشكال صيدلية مختلفة منذ 2019 وحتى بداية 2025. ◄ 200 مليون عبوة محمود فؤاد، المُدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواء، يؤكد أن ملف توطين الصناعات الدوائية على رأس أولويات الدولة، مُشيرًا إلى أن سوق الدواء بمصر تبلغ 4 مليارات دولار، وهناك 175 مصنعًا مُسجلًا رسميًا لدى وزارة الصحة، إضافة ل160 مصنعًا قيد التأسيس، ويضم السوق 22 شركة أجنبية، و8 شركات تابعة لقطاع الأعمال، فضلًا عن أكثر من 1200 شركة تجارية لا تمتلك مصانع خاصة بها، وتحدث فؤاد عن مدينة الدواء "جيبتوفارما"، التى تم افتتاحها 2021، وتُعد كبرى المدن الدوائية على مستوى الشرق الأوسط، حيث يبلغ حجم إنتاجها الفعلى 100 مليون عبوة سنويًا، مع استهداف الوصول ل150 - 200 مليون عبوة 2025، فى حين بلغت قيمة صادراتها بين 2.5 ل3 ملايين دولار، منوهًا بالدور المحورى الذى تلعبه الشركات الوطنية والقطاع الخاص في توطين صناعة الدواء، ومن بينها مجمع "فاكسيرا"، الذى تصل الطاقة الإنتاجية لمصنع اللقاحات البيطرية التابع له ل400 مليون جرعة سنويًا، إضافة ل300 مليون جرعة سنويًا لخط تعبئة اللقاحات البشرية ولقاح كورونا، وكذا شركة "إيبيكو"، إذ تبلغ طاقتها الإنتاجية 330 مليون عبوة سنويًا، و400 مستحضر عبر 51 خط إنتاج، وتمثل صادراتها 25% من إجمالى صادرات مصر من الأدوية، وقد بلغت استثمارات تنفيذ مشروع مصنع "إيبيكو 3" أكثر من 100 مليون دولار، لصناعة البدائل والمستحضرات الحيوية بنسبة إنجاز تصل ل95%، وكذا مصنع "استرازينكا مصر"، الذى تصل طاقته التصنيعية القصوى إلى 900 مليون قرص سنويًا، عبر 4 خطوط إنتاج، وقد تم ضخ استثمارات جديدة فيه بقيمة 50 مليون دولار. أضاف: كما حققت الدولة نجاحات مُستمرة فى توطين صناعات العقاقير واللقاحات والمواد الفعالة وغير الفعالة، شملت صناعة الإنسولين، حيث تم إطلاق أول دفعة من عقار الإنسولين «جلارجين» المُصنع محليًا فى ديسمبر 2024، فضلًا عن توطين مُستحضرات علاج فيروس كورونا «باستثناء مُستحضر واحد»، وتم كذلك توطين 50 مثيلًا محليًا لمستحضرات دوائية، ليوفر فاتورة استيرادية بقيمة 182 مليون دولار سنويًا، كما تم توطين 129 مادة فعالة، كانت تكلفة استيرادها 633.7 مليون دولار، كما تم البدء فى التفاوض على توطين 30 مادة غير فعالة من إجمالى 280 مادة، تمثل أكثر من 60% من الاستيراد.