أستاذ مياه ب«عين شمس»: مشكلة السد فى فترة ملء الخزان.. ومصر ستكون الزبون الأول لكهرباء إثيوبيا المخاطر «المرعبة» والعطش القاتل، اللذين أكد العديد من الباحثين وأساتذة موارد المياه، على أنهما سينجم عن بناء «سد النهضة» الإثيوبى على مصر، فى مقابلهما «آيات من النعم» يراها آخرون، من الخبراء وأساتذة الجامعات، الذين لا يكتفون بالتأكيد على عدم خطورة السد الإثيوبى على مصر، بل يرون أنه سيكون مفيدًا لمصر، وأن الخطر منبعه السودان، التى تملك قرار زيادة مساحة الأرض المزروعة بها بشكل يؤثر على حصة مصر المائية المتفق عليها فى اتفاقية 1959. الدكتور سامح داود أرمانيوس، أستاذ الموارد المائية بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، قلل من خطورة سد النهضة على مصر، لافتًا إلى أن السد الأثيوبى مجرد سد لتوليد الكهرباء فقط، والمشكلة تكمن فى فترة ملء الخزان أمام السد، وهذا الموضوع لا يحل إلا بالجلوس على مائدة المفاوضات وبالمناقشة الأخوية المبنية على حكمة «لا ضرر ولا ضرار». وأشاد أرمانيوس بدور القيادة السياسية فى التعامل مع ملف سد النهضة وتوقيع كل من مصر وإثيوبيا والسودان على إعلان مبادئ مشروع سد النهضة الإثيوبى، مشددًا على ضرورة تعظيم الاستفادة من بناء السد، وأن مصلحة مصر أن تكون الزبون الأول للحصول على حاجتها من الكهرباء من إثيوبيا، مطالبًا بضرورة البدء فورًا فى الربط الكهربائى بين سد النهضة ومصر. وأوصى أرمانيوس بضرورة إحياء التفاوض المباشر والفورى مع حكومة جنوب السودان لاستكمال وإحياء مشروع قناة جونجلى لتوفير 8 مليارات متر مكعب من المياه. الدكتور هيثم ممدوح، أستاذ مساعد بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، أكد على أن الكلام عن أن سد النهضة الإثيوبى يجلب لمصر الخراب والدمار، «مجرد خطاب إعلامى منفعل فقط»، بل طالب بتوجيه الشكر إلى إثيوبيا لبنائها سد النهضة، الذى سيأتى بالنفع على مصر، وسيزيد من موارد مصر المائية من نهر النيل، على حد قوله. وفى سياق متصل، أثارت دراسة نشرها الدكتور إسلام ممدوح، الحاصل على درجة الماجستير، تخصص سدود، من كلية الهندسة الفيدرالية السويسرية فى لوزان، والحاصل على الدكتوراه من جامعة كيوشو فى اليابان، عن عدم خطورة سد النهضة على مصر، صدى كبير فى الأوساط المهتمة بسد النهضة، وبملف النيل عمومًا. وقالت الدراسة «سد النهضة الإثيوبى سيعمل على توليد الكهرباء وليس للرى، حيث إن إثيوبيا لا تعانى من مشكلة رى، فهى فقط تحتاج للكهرباء للقيام بمشاريع تنموية بها، وتقنيًا لا يمكنها حجز المياه خلف هذا السد «متوسط الحجم» لأنها كى تتكمن من توليد الكهرباء «الهدف من السد أصلاً» يجب أن تمرر المياه، لتشغل التوربينات التى تنتج الكهرباء، وعليه فإن الحديث عن منع المياه هو من قبيل العبث»، وفقًا للدراسة. وتابع ممدوح «إثيوبيا أعلنت أن ما تحتاجه من الطاقة الكهربائية المنتجة من سد النهضة هى فقط 50 فى المائة من إجمالى إنتاجه، واتفقت مع السودان على شراء 30 فى المائة من الإنتاج بسعر 6 سنتات/ كيلو وات وهو سعر أقل من متوسط السعر العالمى البالغ 10سنتات/كيلو وات، وتواجه إثيوبيا مشكلة فى ال20 فى المائة المتبقية من الطاقة التى ستتولد عن السد، حيث لا يمكنها تسريبها فى البحر، وداخليًا لا تحتاجها، والحديث عن نقلها لإسرائيل مستحيل علميًا، فإذن ليس أمامها سوى خيارين، إما أن تبيع للسودان أو لمصر، وهذا أول مكسب لمصر من سد النهضة». الدراسة تابعت «سد النهضة سوف يمنع الفيضان الحادث بالنيل الأزرق، وعليه فالمياه التى كانت تذهب سدى ستسير فى مسار النهر، بلغة أخرى كمية المياه الواردة ستزيد ولن تقل، وتحديدًا ستزيد بحوالى 6 مليارات متر مكعب فى السنة، وهذه الزيادة ستقسم بين مصر والسودان وفقًا لاتفاقية تقسيم مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان سنة 1959 بنسبة 3:1، أى أن حصتنا فعليًا ستزيد من المياه ولن تقل، وهذا مكسب آخر لمصر». وأكد خبير السدود أن سد النهضة هو صفقة رابحة للجميع، فإثيوبيا ستحصل على الكهرباء التى تحتاجها للتنمية، والسودان سيحميها السد من الفيضان المدمر فى أغسطس وسبتمبر، وسيساعدها على إتمام خطتها فى التوسع الزراعى بعد أن ينضبط معدل سريان المياه بالنهر، وستزيد حصتها من المياه بعد توفير هدر الفيضان، فضلًا عن أنها ستحصل على كهرباء بسعر رخيص، أما مصر فلن تنضر بل ستزيد حصتها «من ال6 مليارات متر مكعب الزيادة بعد توفير هدر الفيضان» وستحصل مصر على كهرباء بسعر رخيص، هى فى أمس الحاجة إليها. لكن الدكتور مغاورى شحاتة، مستشار وزير المياه، ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، رأى أن السد الإثيوبى ليس له ميزة واحدة تعود على مصر، وأن من يقول عكس ذلك لم يدرس السد جيولوجيا وبيئيًا واجتماعيًا واقتصاديًا جيدًا. أما بالنسبة إلى شراء الكهرباء من إثيوبيا بسعر أقل من السعر العالمى، فقال شحاتة «قدرة سد النهضة الإنتاجية من الكهرباء تبلغ 7 جيجا فقط، وطاقة استهلاك مصر من الكهرباء تبلغ 27 جيجا، فالزيادة التى تجنيها مصر من سد النهضة من الكهرباء لا تعوض نقص المياه، فمن المتوقع أن تشترى مصر 2 أو 3 جيجا من طاقة سد النهضة، وهذا غير مرادف للخسائر».