أتباع الطريقة «الميرغنية الختمية » يتوجهون لجبال «التاكا » كل عام مقام «أبو جلابية » بجبال «تكلا » قبلة الزائرين.. و 17 شعبان موعد الاحتفالات على خلاف الرواية الشهيرة للأديب السودانى الراحل، الطيب صالح «موسم الهجرة إلى الشمال»، يقصد بعض أبناء الطريقة «الميرغنية الختمية» فى مصر، حدودها الجنوبية وتحديدًا فى السودان، فى طريقة أشبه ما يكون بالحج إلى قبة تعرف باسم «أبوجلابية» وتقع وسط جبال «التاكا» فى منطقة «كسلا» بشرق السودان.. «الصباح» رصدت الطقوس المميزة وأبرز معتقدات أتباع الطريقة فى كرامات من يقصدون زياراتهم. فى السابع عشر من شهر شعبان، تبدأ الاحتفالات بمولد السيد «محمد الحسن أبو جلابية»، وينتشر أتباع الطريقة التى تتخذ من «أبو جلابية» إمامًا فى العديد من الدول مثل إريتريا، والنيجر، والمغرب، والجزائر، وتحتل مصر مكانًا بارزًا من حيث نسبة انتشار أتباع هذه الطريقة، والذين يحجون بالآلاف سنويًا إلى المقام الأرفع بالنسبة لأبناء الطريقة. ويتوزع أبناء «الختمية» فى مصر، على عدد من المحافظات ومنها القاهرة التى يوجد بها «تكية الميرغني» بمنطقة باب الوزير بجوار دار المحفوظات فى حى القلعة، فضلًا عن عدد من الزوايا بالإسماعيلية، وأسوان التى تعتبر المركز الأكبر لتجمع أبناء الطريقة، حيث تتواجد هناك عائلات «الميرغنى». يقول خليفة الطريقة فى السودان، عبد الله الحسن الباترا: إن السيد الحسن أبو جلابية، هو ابن السيد محمد عثمان الختم مؤسس الطريقة الختمية، وقد سُمى الأول بهذا الاسم لأن والده أرسل له «جلبابًا» من أرض الحجاز ولم يكن متعارفًا عليه بين أبناء السودان، فكان هو أول من يرتديه، وتبعه فى ذلك كل أبناء الطريقة «الختمية» فى السودان وغيرها من الدول. وأضاف الباترا، أن المكان الحقيقى لوفاة «أبو جلابية» هو إريتريا، لكن جثمانه نقل إلى «كسلا» فى السودان تنفيذًا لوصيته، وأقام ابنه، محمد عثمان الأقرب، القبة التى يقع تحتها ضريح «أبو جلابية». وبحسب محمد عليوة، أحد أبناء أسوان، فإن الضريح يختلف عن بقية المبانى فى منطقة «كسلا»، ويحمل طابعًا معماريًا مميزًا، والجبال التى تحيط به تُضفى بعدًا روحانيًا على موقعه، والساحة الكبيرة التى تحيط به لا تكاد تخلوا، فالزوار يأتون إلى المكان فى مختلف الأوقات، وليس فقط فى موعد مولد السيد «أبوجلابية». وأضاف عليوة ل«الصباح»، «يوجد بالضريح خمسة مدافن لكبار الطريقة، وعند فتح باب الضريح يلتزم الزائرون بخلع الحذاء، ويتحملون حرارة الرمال خلال الزيارة. ولفت محمود سلطان، أحد أبناء الطريقة، إلى أن رحلة الزيارة تبدأ بحسب اعتقاد أبناء الطريقة بإحساس داخلى فى الغربة بالزيارة، وبعدها يبدأ التنسيق مع سادة الطريقة فى القاهرة، الذين يقومون بالتنسيق مع نظرائهم فى أسوان. وتابع سلطان، أنه وبمجرد الذهاب إلى أسوان يبدأ أبناء الطريقة «الميرغنية» فى استضافة فوج الزوار فى كنفهم، تمهيدًا لتحديد الموعد المناسب للرحيل باتجاه شرق السودان عبر الدروب التى يتقنها المرشدون المرافقون للرحلة. ويشير سلطان، إلى وجود بئر يسمى «توتيل» يقع على بعد أمتار قليلة من مقام «أبو جلابية»، ويعتبرها أبناء الطريقة أحد الكرامات ويتناقلون حكاية تشير إلى انفجار عين البئر تلقائيًا ليشرب منها الزائرون الذين يعودون إليها بعد الشرب منها. من جانبه، يقول الشيخ، محمد علاء أبو العزايم، رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية: إن الطريقة الميرغنية والمعروفة باسم «الختمية» هى إحدى الطرق الصوفية المنتشرة فى مصر، والتى تحاول المحافظة على صحيح الدين ونشر تعاليم الإسلام السليمة. واعتبر أبو العزايم، أن السفر إلى «مقام أبو جلابية» لا شىء فيه، مشبهًا إياه بزيارات مقامات الأولياء للدعاء، محذرًا من محاولات متبعى الجماعات السلفية للترويج أن تلك الزيارات تمثل مخالفات واستخدام منهج العنف لوقف كل من يخالفهم. ومن جانبه، يوضح الشيخ، عبدالفتاح عبد الغنى العوارى، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، أن السفر إلى السودان جائز شرعًا ولا شيء فى ذلك، مضيفًا أنه ليس صحيحًا ما يدعيه البعض أن فى زيارة مقامات الصالحين شركًا. وأكد العوارى، أن الدعاء فى مقامات الصالحين مقبول، لأن السُنة نصت على أن قبول الدعاء ارتباط بالمكان الذى وقع فيه الدعاء، وخير مثال لذلك قصة سيدنا زكريا والسيدة مريم، فعندما رأى سيدنا زكريا البركات التى حلت على السيدة مريم، دعا ربه من نفس المكان الذى كانت تتعبد به. ويقول نقيب الأئمة الشيخ، محمد البسطويسى: إنه لا بأس من توسم الصلاح فى شخص ما وسؤاله الدعاء، ولكن هذه المقامات والأضرحة المنتشرة لا يجب أن تزار بقصد الدعاء، فالدعاء يصح من كل الأماكن، وليس هناك وسيط بين العبد وربه، فصاحب المقام أو الضريح هو شخص توفاه الله، وانقطع عمله إلا من الثلاث طرق التى حدثنا عنها رسول الله «صلى الله عليه وسلم». وأكد البسطويسى، أن هناك فوضى كبيرة فى مسألة انتشار الأضرحة والمقامات، لأنه لم يُكشف عنها لمعرفة ماذا تحتويه، فيستطيع الآن أى شخص أن يُبنى مقامًا، ويدعى أنه تابع إلى أحد الأولياء، ويكون بابًا للتكسب.