*طلب مناظرة بحيرى.. وهاجم مؤلفات قطب.. وحظى بثقة الإمام الأكبر رغم أن عمر الدكتور أسامة الأزهرى، عضو المجلس التخصصى لتنمية المجتمع، لم يتخط الأربعين، إلا أن وضع الرئيس عبد الفتاح السيسى ثقته الكاملة فيه، باختياره مستشارًا دينيًا له، ما دفعه بسرعة الصاروخ إلى دائرة أقرب المرشحين لخلافة شيخ الأزهر الحالى، الدكتور أحمد الطيب، خاصة أن اختيار الرئاسة له، بالتزامن مع دعواتها المتتابعة إلى تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب، وتنقية التراث من الشوائب العالقة به، تكشف عن مدى قربه فكريًا من عقل الرئيس فى تلك الفترة. وطوال الفترة الماضية، ظهر الأزهرى إعلاميًا فى صورة المصرى المعاصر، الداعى إلى إعادة النظر فى التعامل مع العلوم الشرعية، بالإضافة إلى سعيه جاهدًا إلى رد الاعتبار إلى البخارى، بعد كل ما تعرض له من انتقادات، وأخيرًا انتهى به المطاف بمقابلة رئيس الجمهورية قبل أيام، تحدثا خلالها عن شخصية المصرى التى تحولت من الإبداع وصناعة الحضارات، إلى القتل وممارسة العنف، وسبل مواجهة الفكر التكفيرى والإلحادى. كل تلك التفاصيل التى لعب الأزهرى دور البطولة فيها، كانت مبررًا لما تم تداوله من شائعات مؤخرًا، حول مباركة الرئاسة لأن يصبح هو شيخ الأزهر القادم، لما يحمله من أفكار ومشروعات قومية وفكرية، بالإضافة إلى ما يحمله من سمات شخصية، جعلت رفاقه يطلقون عليه «صاحب الوجه البشوش»، فهو لا يتمتع بحبهم فحسب، وإنما يتمتع أيضًا بشعبية كبيرة فى العديد من الأوساط الأخرى، بحسب مصادر مقربة منه. ولد الأزهرى فى يوليو 1976 بمحافظة الإسكندرية، ثم انتقل بعدها إلى سوهاج، حيث مقر عمل والده، وهناك نشأ على قراءة وحفظ القرآن فى سن مبكرة، ما لقى مباركة ودعمًا من الأب، فدخل فى سلك التعليم الأزهرى، ومن وقتها لم تتوقف مسيرته عند حد الدراسة الأكاديمية، فواصل مسيرته داخل المؤسسة العريقة، بمرافقة كبار العلماء، والسفر معهم إلى اليمن والمغرب وبلاد الشام. وذكر الأزهرى معظم أسماء المشايخ الذين رافقهم، فى عدد من مؤلفاته، كمعجم الشيوخ، وأسانيد المصريين، وبحسب مصادر مقربة منه، فإنه حصل على ليسانس أصول الدين والدعوة الاسلامية من جامعة الأزهر عام 1999، وعمل معيدًا فى قسم الحديث بكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية فى فرع جامعة الأزهر بأسيوط، خلال الفترة بين عامى 2000 و2005، كما حصل على درجة الماجستير فى الحديث والدعوة الإسلامية فى عام 2005، ثم الدكتوراه من كلية أصول الدين فى عام 2011. ويدرس الأزهرى علوم الحديث والفقه فى ركن الأتراك بالجامع الأزهر، كما شارك فى عدد من المؤتمرات والندوات العلمية بالمحافل الدولية، وكرس الكثير من جهده وفكره وكتاباته لإحياء فكرة الإسناد، بكل ما تشتمل عليه من وظائف علمية متعددة الوجوه، من حيث تصحيح نقل المصادر، وتوريث مناهج الفهم، وتلقى الخبرات والمهارات والمفاتيح العلمية، وتوريث الأخلاق والآداب الشريفة. ومن الأفكار التى نادى بها الأزهرى، نظرية الاستيعاب القرآنى للحضارات المختلفة، وإحياء فكرة الإسناد، والارتباط بالأصل، والاتصال بالعصر، حيث حاول لفت انتباه القدر الأكبر من الناس إلى العلاقة بين ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، وماهية التعلق السليم بمناهج سلف الأمة، وتراثهم العلمى الهائل الذى خدم البشرية، ومفاتيح فهم ذلك التراث بشكل لا إفراط فيه ولا تفريط، فلا يحدث ذلك الانغلاق على النفس، والتجمد الفكرى، والوقوف خلف عجلة الزمن، وفى نفس الوقت لا يحدث انسياق أعمى وراء كل صيحة، ودعوة لا أساس لها، كما يحدث لبعض الواقعين تحت تأثير صدمات المعرفة، أو الهرولة الهوجاء فى بعض الاتجاهات، التى لم يتم تأصيلها بسبب عدم القدرة على التمييز بين التفكر غير المستقر، الذى ما زال قيد البحث والمداولة، وبين العلم المستقر والمناهج الراسخة المدروسة. ودخل الأزهرى فى صدام مع جماعة الإخوان، أثناء فترة حكم الرئيس المعزول، بالتزامن مع حملتهم ضد شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، فوقتها أوضح أن كتاب «العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، لمؤلفه سيد قطب، هو المرجع ل«الإخوان» والتيارات المتطرفة الأخرى، وصولاً إلى تنظيم داعش الإرهابى، كما صرح فى أكثر من مناسبة، بأن «قطب هدم الإسلام». وأوضح أن جميع التيارات المتطرفة تعود إلى كتاب ظلال القرآن، بتأويلاته المنحرفة، وإسناده آيات نزلت بشأن الكافرين إلى المسلمين، مؤكدًا أن التيارات المتطرفة جعلت قضية الخلافة أشبه بسمكة خرجت من الماء بعد تجريدها من المقاصد والأهداف، وأنها تغيب عنها منظومة الأخلاق العامة والخاصة، كما دعا الإعلامى إسلام بحيرى، إلى مناظرة على الهواء مباشرة بينهما، حول ما يثيره الأخير من شكوك حول الأحاديث المروية فى صحيح البخارى، وتم تأجيل موعد المناظرة إلى 15 إبريل، لحين وصول الداعية الحبيب على الجفرى من الخارج، ليكون حكمًا بين الطرفين. وقالت مصادر مقربة من مشيخة الأزهر، ل«الصباح»، أن الأزهرى يتمتع بشبكة علاقات مع عدد كبير من مشايخ الإسلام فى جميع الأقطار العربية، ما دفع الدكتور أحمد الطيب إلى الاعتماد عليه فى عدد من المهام الخاصة، لفض الاشتباك فى الآراء بين كبار المشايخ، نظرًا لتمتعه بقدرة كبيرة على الإقناع، وثقة كبيرة فيما يقوله من جانب كبار رجال الدين، لذلك تم تلقيبه ب«رجل المهام الصعبة». أكد الدكتور محمد مهنا، مستشار شيخ الأزهر، إن ما تردد عن عزم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر تقديم استقالته، لسوء حالته الصحية أمر عارٍ تمامًا عن الصحة، وقال ل«الصباح»، إن الطيب مستمر فى خدمة العالم الإسلامى بأسره إلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولا. وأوضح مهنا أن الطيب يتمتع بصحة جيدة، ويجرى فحوصات على قلبه فى مركز مجدى يعقوب بأسوان كل 3 شهور حيث أجرى عملية قسطرة تشخيصية للقلب بالمركز منتصف 2012 الماضى، ويتردد على مكتبه بالمشيخة بشكل يومى ولساعات طويلة رغم أنه لا يتقاضى أى راتب عن منصبه. وأشار مستشار شيخ الأزهر، إلى أن مروجى شائعات استقالة الطيب بعض من الذين يريدون إزاحته لاعتبارات شخصية، إلى جانب بعض المأجورين الراغبين فى تعويق الأزهر عن استعادة دورة الريادى فى مواجهة التشدد والتطرف. من جانبه قال الدكتور أسامة الأزهرى، عضو المجلس التخصصى لتنمية المجتمع، التابع للرئاسة، إن من يردد شائعات توليه مشيخة الأزهر يريد إحداث وقيعة بينه وبين الدكتور الطيب الذى يشعر نحوه بالتقدير والاحترام إذ أنه أحد تلاميذ العلماء الذين علمهم الطيب.