«ربنا ما يكتبها عليا أقف على باب مستودع أنابيب»، هكذا بدأ محمد سيد، 50 سنة، حديثه ل«الصباح» عن معاناته للحصول على أسطوانة بوتاجاز من مستودع الأوتوستراد، ليثبت عكس ما يصرح به المسئولون عن انتهاء أزمة البوتاجاز، واختفاء السوق السوداء، فوسط أكثر من 50 شخصًا آخر، وقف الرجل فى طابور طويل، بجوار طابو آخر النساء، فى انتظار الحصول على أسطوانة بالسعر الرسمى، بعدما كوتهم «السوق السوداء. قال عم محمد: «بقى حلم حياتى ألا أقف على باب مستودع البوتاجاز، لأنى اتخنقت من الاستغلال»، موضحًا أن الأزمة ليست فى الأسطوانات أو المواطنين، لكن فى الاتفاق بين مستغلى المواطن البسيط من العاملين فى المستودعات، وكبار السريحة، الذين يدفعون رشوة للمستودع، ويحصلون على الحصة الأكبر من الأسطوانات على مرأى ومسمع من المواطنين، لتباع الواحدة بأضعاف ثمنها. ومن جهته، نفى إسماعيل عثمان، أحد العاملين فى مستودع أسطوانات الأوتوستراد، أن يكون المستودع متورطًا فى بيع الأسطوانات ل«السريحة»، مؤكدا أن العاملين يبدلون الأسطوانات للمواطنين دون أن يتعرفوا على هويتهم، سواء كان مواطنًا عاديًا، جاء ليغير أسطوانة منزله، أو بائعًا سريحًا، يربح من ورائها، وأشار إلى أن غلق باب المستودع لا يتم إلا بعد نفاد الكمية، و«المستودع لا علاقة له بحجم وكمية الأسطوانات التى تصل إليه». وفى المقابل، يرى موسى على، أحد الباعة السريحة على «تروسيكل» فى محيط المنطقة، أنه يقدم خدمات جليلة للمواطن، ويرحمه من التزاحم أمام المستودع، ويأخذ ما يراه مناسبًا مقابل تلك الخدمة، مؤكدًا أن مكسبه فى الأسطوانة هو 7 جنيهات، بعد «الشاى» الذى يعطيه للعاملين فى المستودع، معتبرًا أن ما يقوم به «خدمة للقادرين»، دون أن يكون بها أى استغلال لأحد، «لأن المواطن هو من يختار بين ذهابه إلى المستودع وبين تبديل الأسطوانة من البائع السريح». وقالت السيدة الأربعينية هدى عبدالصبور، إنها تقف على باب مستودع «التبين» منذ السادسة صباحًا، موضحة «عندما جئت وجدت ما يقرب من 7 آخرين سبقونى إلى الباب»، واصفة العناء الذى تتكبده فى سبيل الحصول على الأسطوانة» ب«الذل»، قائلة «إحنا بنقف بالساعات مذلولين، فى انتظار حمولة الأسطوانات، وبعدها، نحصل على أسطوانة أو لا، وعلينا أن نتحمل قلة أدب الناس اللى فى المستودع، حرام عليهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، اللى مبيلحقش يأخذ أسطوانته يضطر إلى شرائها ب50 جنيهًا من الشارع، دون رقابة أو حكومة». وفى محاولة من المواطنين لعلاج الأزمة، نظم عدد من أفراد العائلات الكبرى بمركز الصف فى جنوب محافظة الجيزة، ومنها «السلامية»، و«الزوايدة»، عملية استلام الأسطوانات التى تصل إليهم، حيث يتم إعداد كشوف بأسماء الأسر، وفقًا للعدد، وتتسلم كل أسرة أسطوانة واحدة، لتوفير فرصة لبقية الأسر، ما اعتبره رضا فتحى، ابن عائلة الزوايدة، وأحد أهالى عزبة الجبلاوى التابعة لمركز الصف، «ليس حلا للأزمة، وإنما محاولة للتعامل معها، خاصة أنها لا تنتهى طوال أشهر الشتاء، مع غياب الرقابة، ما يستدعى تدخل الحكومة». وأكدت آمال جمعة، وهى سيدة أربعينية من الجيزة، أن سيارة المستودع لا تأتى إلى منطقتها إلا مرة واحدة فى الشهر، موضحة أن بعض الأهالى ينتظرون أسابيع حتى يستطيعوا تغيير الأسطوانات الخاصة بهم من المستودع، ما يجعلهم عرضة للوقوع تحت يد استغلال البائع السريح، الذى يرفع سعر الأسطوانة كلما زاد الإقبال عليها، لافتة إلى أن «سعر الأسطوانة يتراوح بين 30 و60 جنيهًا، بحسب السريح، وحسب حاجة الأهالى». ومن جهته، قال رئيس قطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين والتجارة الداخلية، محمود عبدالعزيز: إن «الوزارة كثفت جهودها فى الفترة الماضية لإنهاء أى أزمة»، لافتًا إلى أن «هناك العديد من الحملات التفتيشية من الوزارة، للقضاء على السوق السوداء، وهناك العديد من المحاضر يتم تحريرها ضد المخالفين».