*شركات عمالة إخوانية تولت تسفير 60 من شباب الجماعة إلى ليبيا بالتزامن مع وصول زعيم التنظيم فى بلاد المغرب ركزت أغلب وسائل الإعلام، فى تناولها لأزمة إغلاق السفارات الأسبوع الماضى على تفسيرين، أولهما، وكان الأكثر رواجًا، أرجع قرار الغلق إلى مخاوف من ردود أفعال غاضبة، عقب ظهور تقرير مجلس الشيوخ الأمريكى، حول أعمال التعذيب التى ارتكبتها وكالة الاستخبارات المركزية «سى. أى. إيه»، بعد أحداث 11 سبتمبر، والتفسير الثانى ذهب إلى نظرية المؤامرة، مرجحًا أن تكون خطوة إغلاق السفارات محاولة لزعزعة الاستقرار بمصر، بينما أغفل الجميع الحديث عن حقيقة تلك التهديدات التى تذرعت بها الدول لإغلاق سفاراتها، ومدى تورط جماعة الإخوان فيها.. «الصباح» تكشف فى السطور التالية عن معلومات تفيد بتحرك الجماعة لتنفيذ هجمات إرهابية ضد سفارات غربية ليلة رأس السنة، وربما كانت تلك المعلومات التى توصلت لها الجريدة، هى نفسها المعلومات التى استندت إلى مخابرات تلك الدول التى أغلقت سفاراتها. البداية كانت بتداول المواقع الإخبارية خلال الأيام الماضية أنباء عن وجود تنسيق مشترك بين تنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب العربى» والتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، بهدف الإشراف على معسكرات التدريب التى أقامتها الجماعة فى ليبيا، فيما كشف اللواء إبراهيم الحكيم وكيل المخابرات الحربية الليبية السابق عن أن أجهزة مخابرات غربية التقطت مجموعة من الصور تجمع بين أبو مصعب عبدالودود زعيم «القاعدة فى بلاد المغرب» وبين محمود الزنتانى قائد قوات «فجر ليبيا» الإخوانية. وبناء على المعلومات التى وردت على لسان «الحكيم»، تناول اللقاء سبل التعاون بين الجبهتين وتدريب «قوات فجر» ليبيا، حيث دخل «أبو مصعب» إلى الأراضى الليبية عن طريق دولة مالى ثم إلى الجزائر ومنها إلى ليبيا، لتشتيت انتباه أجهزة المخابرات الأجنبية التى تراقبه منذ فترة لكونه على رأس قائمة المطلوبين لدى المخابرات الأمريكية. وتكشف المعلومات التى حصلت عليها «الصباح» عن أن مجموعة كبيرة من شباب الإخوان الذين يقاتلون فى ليبيا بايعوا «القاعدة» لتنفيذ هجمات إرهابية ضد عدد من السفارات الأجنبية فى مصر ومالى والجزائر، وهو ما يفسر إغلاق سفارات بريطانياوكندا وأستراليا فى القاهرة مؤخرًا. وربما تكون هذه المعلومات التى حصلنا عليها هى المعلومات ذاتها التى وردت لأجهزة أمنية غربية بعد أن أصدرت كل من سفارتى كنداوبريطانيا أمرًا بإخلاء موظفيها لدواع أمنية تتعلق بحادث إرهابى محتمل، بالإضافة إلى تحذيرات السفارة الأسترالية لرعاياها فى مصر من حوادث إرهابية متوقعة. وكانت السفارة البريطانية لدى القاهرة طالبت «الداخلية» بمزيد من التعزيزات الأمنية كإجراءات احترازية خاصة، وذكر مصدر أمنى ل«الصباح» أن «أجهزة الوزارة لم تستقبل أى بلاغات من قبل وزارة الخارجية أو سفارات الدول التى أعلنت إجلاء موظفيها، بالإضافة إلى صعوبة تنفيذ أى عمليات إرهابية فى منطقة جاردن سيتى بوسط القاهرة نظرًا للكثافة الأمنية، والمتاريس وقوات الجيش والشرطة المنتشرة فى الشوارع، وكلها عوامل تمنع تنفيذ أى عملية إرهابية ضد السفارات. بداية الخيط الذى التقطناه كانت مع زيارة «أبو مصعب» إلى ليبيا والتنسيق مع ميليشيات الإخوان لتنفيذ عملية إرهابية ليلة رأس السنة الميلادية، حيث كشف مصدر مطلع ل«الصباح» أن «التنظيم الدولى للإخوان كان يمول تنظيم «القاعدة» فى السابق، وكان هذا هو أحد أسباب نجاح هجمات 11 سبتمبر، ولكن بعد ثورة 30 يونيو تحول الإخوان إلى دعم تنظيمى «داعش» و «أنصار بيت المقدس» الذى بايع بدوره الجماعة نظرًا لوجوده داخل مصر، وبالتالى إمكانية تنفيذ هجمات ضد الجيش والشرطة فى حين أن «القاعدة» غائبة تمامًا عن المشهد فى مصر. وأضاف المصدر أن «تنظيم القاعدة يبحث عن التمويل فى مصر وليبيا، والمصدر الوحيد للتمويل هم الإخوان، وزيارة أبو مصعب إلى ليبيا ولقاؤه مع الزنتانى كان بهدف عرض خدمات التنظيم على الإخوان مقابل الحصول على الدعم لتقوية «جبهة النصرة» التى تقاتل فى سوريا، وانتهى اللقاء باتفاق الطرفين على تدريب مجموعة من إخوان مصر ودعمهم بالسلاح لتنفيذ هجمات باسم تنظيم القاعدة وسحب البساط من تحت أقدام تنظيم «ولاية سيناء» المعروف باسم «أنصار بيت المقدس» والذى بايع «داعش» مؤخرًا. وعن الطريقة التى خرجت بها العناصر الإخوانية من مصر وتوقيت عودتهم إلى البلاد، قال المصدر إن «السفر يتم بشكل شرعى لأن الشباب المتطوع لتنفيذ هذه العمليات لم يدرج اسمه فى أى من القضايا المثارة ضد الإخوان، بالإضافة إلى أن هناك شركات عمالة إخوانية مهمتها توريد عمال بناء إلى ليبيا ودول عربية أخرى بشكل عام، وهى مرخصة وتستخدم فى هذا الغرض، حيث تسهل عملية سفر الشباب من مصر إلى أى دولة، وربما يكون هذا هو الشكل الذى خرجت به المجموعات الإخوانية للتدريب فى ليبيا، وهناك طريقة أخرى هى السفر عن طريق الممرات والوديان الموجودة على طول الحدود الغربية، والتى تقع تحت سيطرة الجماعات الإرهابية». وأوضح المصدر أنه «وفقًا لمعلومات حصلت عليها من داخل التنظيم، فهناك ثلاث رحلات خرجت من مصر إلى ليبيا عن طريق شركات إخوانية حملت كل رحلة قرابة 20 شابًا تتراوح أعمارهم من 25 إلى 30 عاما». وفى سياق متصل قال القيادى الإخوانى المنشق محمود الوردانى ل«الصباح» إن «التعاون بين الإخوان وتنظيم القاعدة ممتد من أيام الغزو السوفيتى لأفغانستان فى الثمانينيات من القرن الماضى، عبر لجان الإغاثة الدولية التى ترأسها عبدالمنعم أبو الفتوح وأرسلتها الجماعة إلى أفغانستان». وتابع «الوردانى» أنه «قبل انهيار حكم الإخوان أسس خيرت الشاطر مجموعات تسمى «التطهير» كانت مهمتها حماية الشخصيات البارزة فى تنظيم الإخوان، وقوام هذه المجموعات شباب سبق لهم السفر لقطاع غزة وظهروا فى فض اعتصام الاتحادية وأحداث مكتب الإرشاد، ولكن بعد فض اعتصام رابعة العدوية اختفوا تمامًا عن المشهد، وربما تكون هى نفس المجموعات التى سافرت إلى ليبيا». وحول الطريقة التى تشكلت بها هذه المجموعات، أشار الوردانى إلى أن «الجماعة تختار أبناء الأقاليم البعيدة عن القاهرة، مثل محافظات الصعيد وتجندهم داخل مجموعات خاصة، وحارس الشاطر الذى قبض عليه لحيازته سلاح دون ترخيص كان من ضمن هذه المجموعات، ولا أستبعد استخدامهم فى تنفيذ هجمات إرهابية بالتعاون مع تنظيم القاعدة». من جهته، قال مصدر جهادى منشق ل«الصباح» إن «تنظيم القاعدة يحاول الظهور على الساحة مجددًا، مستعينًا بالإخوان فى مصر وليبيا، بعد تهديدات تنظيم داعش بالقضاء على وجوده داخل الشرق الأوسط، مضيفًا: «إذا ربطنا بين دخول زعيم القاعدة إلى ليبيا وبين سفر شباب الإخوان إلى ذات المكان فى نفس التوقيت، فتكون النتيجة هو وجود خطة لاستهداف السفارات الأجنبية بالتزامن مع احتفالات العام الميلادى الجديد». من ناحية أخرى، قال اللواء محيى نوح، وكيل جهاز المخابرات الأسبق، إن «وجود مخاوف لدى الدول الغربية من وقوع عمليات إرهابية خلال الاحتفال بأعياد الميلاد كلام مرسل ولا يستند إلى أى حقائق، فلم تشهد الساحة المصرية من قبل أى اعتداءات على سفارات أجنبية، بالإضافة إلى أن قوات الجيش والشرطة الموجودة فى محيط هذه السفارات فى حالة تأهب تام للتعامل مع أى جماعات متطرفة، وهناك أجهزة لجمع المعلومات تعمل ليل نهار». ولفت «نوح» إلى أنه «فى الحالة التى نحن بصددها قد تكون الدول التى أخلت سفاراتها ومنها بريطانياوكندا، لديها معلومات من أجهزة المخابرات حول احتمالية وقوع حادث إرهابى كبير، خاصة مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير وفشل مظاهرات 28 نوفمبر الماضى».