*الأساقفة المحافظون يرفضون آراء البابا الإصلاحية ويعتبرونها خروجا على الدين *رفضوا حضور حفل سيامة أسقف عينه حديثًا وقالوا إن البابا شنودة كان يرفض آراءه *صرح بأن اختلاف الطوائف يخلق تنوعا جميلا.. فكذبوا تصريحه وعارضوه *رفع الحظر عن كتب الأب متى المسكين فضغطوا لكى يتم منع أهم كتابين من هذه الكتب على أعتاب المجمع المقدس، تظهر الصراعات الداخلية فى الكنيسة أكثر من أى وقت آخر، وما بين الاتهامات التى تلاحق البابا تواضروس، من التيار المحافظ بالكنيسة ودفاع بعض الإصلاحيين عن الرجل التى حلت ذكرى جلوسه الثانية على المقعد البابوى الأبرز فى الشرق الأوسط، يقف تواضروس الساعى لإصلاح الشأن الكنسى وحل الملفات العالقة منذ زمن طويل.. «الصباح» ترصد بالمعلومات والشواهد الأجواء المحيطة براعى الكنيسة الوطنية فى محاولة لنقل الصورة كاملة أمام الرأى العام، دون تحيز أو انحياز لطرف دون آخر. يأخذ البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية على عاتقه منذ تولى منصبه مهمة تاريخية فى غاية الصعوبة، ألا وهى إصلاح كل ما يتعلق بالأفكار والطقوس الأرثوذكسية القديمة وتطويرها ونبذ ما يخالطها من شوائب. وفى رحلة البابا نحو مسايرة العصر بالتعليم المتطور للكنيسة، يواجه تيارًا متشددًا مضادًا يضع له العقبات ويقف خلفه بعض الأشخاص والكيانات من داخل الكنيسة وخارجها. وبين الحين والآخر يزداد عدد المناهضين للبابا الذين يحاولون إعاقة مسيرة الإصلاح التى يتبعها للتغلب على إخفاقات الكنيسة الأرثوذكسية، والتى اتضحت مؤخرًا فى تحول الكثير من رعاياها إلى الطوائف الأخرى، ووصلت المواجهة بين الطرفين (الإصلاحى والتشددى) إلى ترك بعض الكهنة الأرثوذكس لمناصبهم، مثل القمص «أندراوس إسكندر» الذى تقدم باستقالته فى واقعة تعد الأولى من نوعها فى التاريخ الكنسى الحديث.
داخل المجمع المقدس يقف مجموعة من الأساقفة فى صف آخر مغاير لما يريده البابا التنويرى، وهم أساقفة كبار يأتى على رأسهم الأنبا بيشوى أسقف دمياط، والأنبا بنيامين أسقف المنوفية، هؤلاء الأساقفة يدافعون عن التراث الكنسى والتقاليد الموروثة التى سارت عليها الكنيسة فى عهد المتنيح البابا شنودة الثالث، ويرفضون أى تغيير على هذا التراث، لأنهم يعتبرون أى تغيير بمثابة البعد عن تعاليم الكنيسة الأم. كل محاضرات وكتب هؤلاء الأساقفة، بل وكلامهم داخل المجمع المقدس يعبر عن رفض عملية الإصلاح الدينى التى يحاولها البابا تواضروس، وعلى سبيل المثال عند سيامة الأنبا ايساك أسقفًا عامًا، امتنع عدد من أساقفة هذا التيار المحافظ عن حضور حفل السيامة، متعللين بأن هذا الأسقف صدر قرار سابق من المجمع المقدس ولجنة التعليم بأن له كتابات تصل إلى درجة الهرطقة، وتم إيقافه لمدة زادت على العشرين عامًا. أيضا اعترض القساوسة المحافظون على تصريح للبابا فى أحد اجتماعات الأربعاء بأن «اختلاف الطوائف يخلق تنوعًا جميلًا»، فقد رأوا فى هذا التصريح مخالفة للفكر الأرثوذكسى تمامًا، واضطر الأنبا رافاييل بعد بضعة شهور إلى التصريح بأنه لا وحدة كنائس إلا بالاتفاق التام، وأن اختلاف الطوائف ليست تنوعًا جميلًا، فى نقد ضمنى لمقولة البابا السابقة. أيضا أثار قول البابا بأن «الإساءة الجسدية بين الزوجين تؤدى للتطليق»، وذلك فى لقائه ببرنامج «سنوات مع أسئلة الناس» لغطًا كبيرًا، حيث قال البابا بإمكانية طلاق المرأة التى يضربها زوجها، وهو ما يخالف الفكر الأرثوذكسى التقليدى، وهو ما جعل الأنبا سيرابيون يظهر فى قناة اللوجوس (قناة أقباط المهجر) ليصحح المفهوم، ويقول إن البابا تحدث عن الانفصال وليس إعادة الزواج. المجمع المقدس الآن منقسم ما بين ما يعرف ب «أساقفة البابا شنودة» و«أساقفة البابا تواضروس»، والفريقان يسيران على خطوط متوازية لن تلتقى أبدا، بل إن الصدام يقع بينهما بين الحين والآخر، وكان آخر وقائعه ما تم فى اجتماع المجمع المقدس السابق، الذى عقد فى يونيو الماضى، عندما تمت مناقشة لائحة التعليم الخاصة بالمعاهد اللاهوتية، التى اعتبرها الحرس القديم تُفقد التعليم الأرثوذكسى هويته، جعل بعض الأساقفة والمطارنة تتصدى لها وتم تأجيل نقاش اللائحة. البابا تواضروس أيضًا اتخذ قرارًا شجاعًا بالسماح لكل كتب «الأب متى المسكين» بالتواجد داخل معرض الكتاب القبطى، رغم أن البابا شنودة الثالث كان يرفض الكثير من تعاليم الأب متى المسكين، ومنع كتبه من التداول داخل الكنائس. لكن بضغط من فريق المحافظين على البابا تم منع بعض هذه الكتب من التواجد هذا العام فى نفس المعرض، حيث صرح الأنبا موسى قائلًا «كل كتب الأب متى المسكين مرحَّب بها، لكن تم فقط منع كتابين لوجود ملاحظات من المجمع المقدس عليهما». وجدير بالذكر أن رهبان دير أبو مقار امتنعوا عن حضور فاعليات معرض الكتاب هذا العام بسبب منع بعض كتب معلمهم الأب متى المسكين. شائعات فى محراب البابا أيضا أحد الأسلحة التى يستخدمها أعداء البابا فى حربهم الخفية ضده هو سلاح الشائعات، والبابا تواضروس ناله الكثير من هذه الشائعات، فبمجرد اعتلائه للكرسى المرقسى تواترت شائعات كثيرة عن عدم مصداقية القرعة الهيكلية التى أجريت أمام الملايين من الناس، وصرح مصدر مقرب من الكنيسة أن هناك ثلاث قضايا ادعت بطلان انتخابات البابا تواضروس، اثنتان منها تم التفاوض عليهما وحدثت صفقات وتم التنازل عليهما، أما القضية الثالثة فتم حفظها إداريا على الرغم من تقديم وثائق كثيرة - على حد زعم المصدر- لبطلان هذه الانتخابات. أيضا من ضمن الشائعات التى ترددت أن الأنبا باخوميوس وجه الطفل بيشوى جرجس، الذى أجرى القرعة، لاختيار الكرة التى تحمل اسم الأنبا تواضروس، فى دلالة منهم أن الانبا تواضروس هو تلميذ الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة.
أما أخطر الاتهامات التى ترددت ووجهت ل«البابا تواضروس» فهى الانتماء والسير على النهج البروتستانتى، وأنه كان يميل إلى هذا التعليم قبل توليه المنصب البابوى، ومن ثم قدم أحد الأشخاص طعن فى الأنبا تواضروس عندما كان مرشحًا لمنصب البابا مدعيًا أن هناك جمعية بروتستانتية روج لها تواضروس، ودعا الأقباط الأرثوذوكس للاشتراك فيها، وقدم فيديوهات توحى بذلك لكن تم رفض الطعن، وعندما بدأت الانتخابات وقع الأنبا موسى والأنبا تواضروس على وثيقة تؤكد أن هذه الجمعية تقوم باستعمال صورهم على دعايتها دون الرجوع إليهم، وذلك حتى لا يتم تثبيت الاعتراض المقدم بذلك. ويؤكد المصدر الكنسى السابق أن بعض الأساقفة رفضوا الطريقة التى يتم بها التعامل مع هذه الطعون ضد مرشحى البابوية فى المجمع المقدس، مثل الأنبا بنيامين أسقف المنوفية. وانتشرت شائعات متكررة عن مرض البابا ومعاناته من أورام فى العمود الفقرى وهو ما يستدعى سفره الدائم للعلاج بالخارج، وهو ما دعا البابا نفسه لنفى الشائعة والتصريح بأنه يعانى من آلام فى العمود الفقرى جراء الإرهاق وقلة ساعات الراحة بسبب الخدمة التى يقوم بها، وليست مرضًا مزمنًا. أما أغرب الشائعات التى أحاطت بالكرسى البابوى فكانت الادعاء بأن البابا تواضروس حاصل على الجنسية الأمريكية، الأمر الذى نفته الكنيسة، موضحة أن شرطا من شروط الترشح للكرسى البابوى أن يكون المتقدم حاصلًا على الجنسية المصرية فقط دون أى جنسية أخرى، الأمر الذى أدى إلى استبعاد بعض المرشحين الآخرين لهذا السبب.