* السادات تحالف مع خصوم البابا شنودة.. وعبدالناصر تحالف مع حرس الكنيسة القديم * أقباط مصر حاربوا ضد الحملات الصليبية ووقفوا مع عبدالناصر وأحمد عرابى رغم إيمانهم بمدنية الدولة * الكنيسة ساهمت فى بناء الجماعة الوطنية وتحتاج لآباء من الثورة * البابا شنودة ابن الثورة الصناعية عالميا و1919 مصريا.. والبابا تواضروس ابن ثورة الاتصالات عالميا ويوليو مصريا * الكنيسة شهدت صراعات كثيرة فى القرن العشرين * شنودة ابن ثورة 19 ولد فى صعيد مصر * الهوية الوطنية «القبطية» تسبق فى تعريفها العقيدة الأرثوذكسية، فهى لم تقع فى مصيدة إغواء الحملات الصليبية بشعار الصليب * السادات بعد رحيل البابا كيرلس كان يحبذ انتخاب الأنبا شنودة خلفًا للبابا كيرلس ويراه الأنسب!! * هيكل كشف الصراع فى «خريف الغضب» * لابد من إعادة الهرم المقلوب إلى وضعه الصحيح أى أن يكون السياسى منبثقا من التقليد الوطنى الكنسى بغير اختلاط أو اندماج أو تغيير * الأزمات حاصرت كلاهما على جميع المستويات * البابا تواضروس ابن ثورة يوليو 1952، وجيه صبحى باقى سليمان، ولد فى 4 نوفمبر1952 فى عمق الدلتا البحيرة ،ولم يكن قد مضى على ثورة يوليو شهور الكنيسة المصرية القبطية الأرثوذكسية كنيسة وطنية بامتياز، وإن كانت مصر هى أقدم دولة فى التاريخ، فكذلك الكنيسة هى أقدم كنيسة فى العالم، وتتميز عن باقى الكنائس الأخرى كنائس: «أورشليم روما أنطاكية القسطنطينية» غير انها وطنية، فإنها يسبق لديها لاهوت الوطن عن لاهوت العقيدة، فهى تسمى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أى أن الهوية الوطنية «القبطية» تسبق فى تعريفها العقيدة الأرثوذكسية، فهى لم تقع فى مصيدة إغواء الحملات الصليبية بشعار الصليب، وحارب أبناؤها ضد الحملات الصليبية، كما رفضت حماية روسيا القيصرية الأرثوذكسية، حينما ذهب القنصل الروسى للبطريرك يعرض عليه حماية القيصر للكنيسة سأله البطريرك: وهل قيصركم يموت فرد القنصل: نعم، فأجاب البطريرك: ولماذا نضع أنفسنا فى حماية شخص يموت إذا كنا فى حماية الله الدائم الذى لا يموت، وحينما حاول نابليون إغواء الكنيسة للوقوف بجانبه ضد ظلم المماليك والعثمانيين رفضت الكنيسة وقاتل أبناؤها مع مشايخ الأزهر وسائر المصريين حتى جلاء الحملة الفرنسية عن مصر، ووقفت الكنيسة وأبناؤها عام 1804 مع الشريف عمر مكرم فى ثورته ومع عرابى فى عام 1882 فى نضاله، الأمر الذى أدى إلى نفى الإنجليز للبطريرك الأنبا كيرلس الخامس إلى دير البرموس، ومواقف الكنيسة مشهودة فى ثورة 1919، كما رفضت أن تكون أقلية فى دستور 1923، ورحبت بثورة يوليو بما فى ذلك قرارات يوليو الاشتراكية 1960 رغم أن تلك القرارات بشكل غير مقصود صادرت المكانة الاقتصادية للنخبة القبطية، واستمرت الكنيسة فى مواقفها الوطنية بعد حرب 67 وأوفد قداسة الأنبا كيرلس السادس نيافة الأنبا صموئيل ليجوب العالم ليفضح الاحتلال الإسرائيلى، وصدرت سلسلة كتابات بعنوان «من وراء خط النار» من بيت التكريس فى حلوان عبر فيها الرهبان عن مواقفهم الوطنية ضد الاحتلال الصهيونى، وصولا للعبور العظيم الذى كان أحد قادته اللواء فؤاد عزيز غالى، ثم ثورة 25 يناير التى قدم فيها الأقباط الشهداء والجرحى وفى مقدمتهم مايكل مسعد ومينا دانيال.وثورة 30 يونيو والعقاب الجماعى الذى نال المواطنين المصريين الاقباط لموقفهم القيادى فى الثورة. الديمقراطية هى السر الثامن من أسرار الكنيسة: لمزيد من فهم وادراك الصراعات الكنسية لابد ان نتوقف امام اهم الصراعات التى شهدتها الكنيسة فى القرن العشرين، منذ 1872 يدور داخلها صراع ديمقراطى حول لائحة المجلس الملى، ومنذ 1927 دار الصراع حول لائحة انتخاب البطريرك، وما بين الصراعين رفعت 16 قضية، وعقدت 8 جلسات للبرلمان، ومنذ لائحة انتخاب البطريرك 1927 التى وضعها الفقية الدستورى صبرى أبو علم وحتى لائحة 1957 مازال الصراع الديمقراطى ممتدا حتى الآن من اجل اقرار لائحة جديدة. البابا شنودة والسلطة الكنسية والسياسية: من «نظير جيد» وحتى «البابا شنودة» مرورًا بالراهب «أنطونيوس السريانى»، 58 عامًا منها 50 عامًا من المسئولية، حيث رسم البابا كيرلس السادس الراهب أنطونيوس السريانى أسقفًا للتعليم عام 1962، ومنذ ذلك التاريخ وحتى رحيله عام 2012، هناك العديد من الأسئلة الموضوعية التى تحتاج لمزيد من الإجابات، على سبيل المثال سؤال: «هل كان البابا شنودة يحب السلطة؟»، ولمحاولة الإجابة عن ذلك السؤال لابد من العودة إلى عام 1956 حينما فتح باب الترشح للكرسى البابوى بعد رحيل الأنبا يوساب الثالث 1956، تقدم الراهب الشاب أنطونيوس السريانى للترشح للكرسى البابوى، رغم أنه لم يكن مضى أكثر من عامين على دخوله الدير! ترى لماذا يقوم راهب شاب ترك العالم ولم يكن قد تمرس بعد فى الحياة الرهبانية بالتطلع إلى أعلى رتبة وسلطة كنسية؟ هل كان لديه مشروع لإصلاح الكنيسة من قبل دخول الرهبنة؟، وذلك المشروع ما كان ليتحقق إلا بالجلوس على قمة الهرم الكنسى؟ أم أن الأمر لا يعدو أكثر من الرغبة فى السلطة؟.. فى الحالتين هل كانت الرهبنة هى السلم للوصول لتلك القمة؟.. ولم يقتصر الأمر على الشاب نظير جيد (أنطونيوس السريانى) بل كان هناك مرشحون آخرون مثل الراهب مكارى السريانى (الأنبا صموئيل) فيما بعد، والراهب متى المسكين، ووهيب عطاالله (باخوم المحرقى)، والأنبا غورغوريوس فيما بعد.. وهكذا يبدو جليًّا للعيان أن ما جمع هؤلاء الرهبان الشباب هو الحلم فى تغيير الكنيسة عبر الصعود إلى أعلى سلم الرهبنة، حيث التأهل لقمة الهرم الكنسي، حيث مراكز صنع القرار.. أم أن الأمر هو مجرد الرغبة فى الوصول للسلطة؟! خاصة أنهم كانوا الرهبان الأوائل الحاصلين على مؤهلات عليا، فى وقت كانت الرهبنة يغلب عليها الأميون أو غير المتعلمين، ولكن حينذاك أتت الرياح بما لا تشتهى السفن. تحالف عبدالناصر الثورى فى 1956 مع الحرس القديم فى الكنيسة، ولعب المرحوم كمال رمزى أستينو (وزير التموين حينذاك) فى ذلك دور الوساطة بينه وبين الأساقفة المحافظين، وفى مقدمتهم القائمقام الأنبا إثناسيوس مطران بنى سويف.. والذى رسم أسقفًا فى مطلع القرن العشرين، ويمتد فكره التقليدى إلى القرن التاسع عشر، وافق الزعيم الثورى عبدالناصر على لائحة انتخاب البطريرك (لائحة 57) التى تقضى بألا يقل سن المترشح عن 40 سنة، علمًا بأن ناصر كان رئيسًا للجمهورية فى سن 38!! وذلك لتحقيق رغبة الإكليروس التقليدى لاستبعاد كل المرشحين من شباب الرهبان. تبقى أمام الحرس الكنسى القديم من المرشحين القمص متى المسكين الذى كان يتبقى على بلوغه الأربعين شهور، فتمت إضافة بند للائحة يقضى بأن يكون المرشح قد أمضى 15 عامًا فى الحياة الرهبانية.. بذلك تم إبعاده وكان القائمقام الأنبا أثناسيوس قد اتخذ قرارًا بعدم جواز ترشح الأساقفة والمطارنة، ولذلك ما تبقى من المرشحين صاروا خمسة قمامصة هم: دنيال المحرقى وتيموثاوس المحرقى وأنجيليوس المحرقى ومينا الأنطونى ومينا البراموسى (البابا كيرلس السادس) ويعود ذلك القرار إلى عدم جواز ترشح أساقفة للكرسى البطريركى وفق مقررات أكبر مجمع كنسى وهو مجمع نيقية 325 ميلادية، وذلك لأن التقليد الكنسى يعتبر أن الأسقف تزوج من (إيبارشيته) ولا يجب أن يكون الأسقف إلا (بعلًا لامرأة واحدة)، والغريب أن البابا شنودة الذى أضير من اللائحة وكتب ضدها فى مجلة مدارس الأحد العديد من المقالات.. لكنه بعد وصوله للكرسى البابوى دافع عن تلك اللائحة حتى الموت! أما عن علاقة البابا شنودة الثالث بالمجموعة التى ترشحت معه عام 1956 للكرسى البابوي؟ (متى المسكين، الأنبا غورغوريوس، الأنبا صموئيل)، فالغريب أن العلاقات بينهم صارت غير طبيعية، هل يعود ذلك للتنافس على السلطة الكنسية؟ ولم يتوقف الأمر على الخلاف، بل وصل الأمر إلى حد القطيعة مثلما حدث بين الآباء متى المسكين وغورغوريوس والبابا، وتحالف بعضهم مع السادات فى أزمة 1980! ولم يقتصر الأمر على خلاف البابا شنودة مع أقرانه، بل بعد أن رسمه البابا كيرلس السادس أسقفًا للتعليم 1962، دب بينهما الخلاف عام 1968 بسبب الكلية الإكليريكية.. فتظاهر الإكليريكيون ضد البابا كيرلس فأبعد البابا كيرلس الأنبا شنودة إلى الدير، ثم عاد بعد وساطة الدكتور سليمان نسيم، عالم الاجتماع ورئيس تحرير مجلة مدارس الأحد حينذاك وتلميذ البابا كيرلس، الغريب أن البابا شنودة أبعد فيما بعد سليمان نسيم عن المجلة وعن رئاسة قسم الاجتماع بمعهد الدراسات القبطية وقاطعه حتى الموت!! من السلطة الكنسية إلى السلطة السياسية نتوقف قليلًا أمام الخلاف بين الرئيس السادات والبابا شنودة.. وكما يؤكد الكاتب الكبير حسنين هيكل فى كتابه، «خريف الغضب»، فإن السادات بعد رحيل البابا كيرلس كان يحبذ انتخاب الأنبا شنودة خلفًا للبابا كيرلس ويراه الأنسب!! وفى عام 1977 بعد انتفاضة 18 و19 يناير زار السادات الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ومدح البابا شنودة! ترى ماذا حوّل هذه العلاقة الودية إلى الصدام؟ هل المظالم القبطية؟ البعض يرى أن المظالم القبطية كانت موجودة وتتفاعل من سيئ إلى أسوأ، ولم تتدهور العلاقة بينهما مثلما وصلت فى أحداث سبتمبر 1980.. هل يعود ذلك إلى الصراع على السلطة كما أراد أن يصور ذلك السادات؟ علمًا بأنهما- الرئيس والبابا- أبناء مدرسة سياسية واحدة، مدرسة الكتلة لمكرم عبيد!! وهكذا يبدو للعيان أن أصعب الأسئلة التى تحتاج للدراسة العلمية الموضوعية هى علاقة البابا شنودة بالسلطة الدينية والسياسية، كون البابا شخصية مؤثرة فى حياة الوطن والكنيسة. البابا تواضروس وفصل الكنيسة عن السياسة: ومن البابا شنودة ابن ثورة 1919، ولد البابا شنودة الثالث فى صعيد مصر، اسيوط، 3 أغسطس 1923، ودستور 1923 يتم تدشينه، الى البابا تواضروس ابن ثورة يوليو 1952، وجيه صبحى باقى سليمان، ولد فى 4 نوفمبر1952 فى عمق الدلتا البحيرة ،ولم يكن قد مضى على ثورة يوليو شهور، ثم الراهب ثينودور الانبا بيشوى (نفس الاسم باليونانية) اسقف عام البحيرة، الانبا شنودة استقر ايضا بعد الانتقال من دير لآخر فى دير الانبا بيشوي، من الصعيد ورث البابا شنودة «عند» الصعايدة، ومن هدير النيل فى طريقه للمصب ورث البابا تواضروس الانسياب الهادئ، كلاهما عانا من مرارة اليتم، والحرمان من الاب فى وقت مبكر، ولكن وجيه ابن مهندس المساحة تنقل بين مدن كثيرة ولذلك لعبت الجغرافيا دورا كبيرا فى تشكيل شخصيته، وان كان البابا شنودة قد تمرس فى السياسة بحزب الكتلة بقيادة مكرم عبيد، فإن البابا تواضروس عايش الساسة والسياسيين فى صيدلة الاسكندرية ابان دراسته 1970/1975، أى من موت عبد الناصر وحتى الانفتاح الاقتصادى، مرورا بالعبور العظيم، كلاهما ترعرع فى اشد مراحل الانتقال لمصر، البابا شنودة من دستور 23 حتى انقلاب صدقى وصولا لانقسام الوفد وحرب 1948 التى كان بها ضابطا، وعلى الصعيد الكنسى عاش نظير مجلى انحياز الانبا يؤنس البطريرك للانجليز، وفساد يوساب واختطافه، ووجيه صبحى شهد «صولجان وسلطوية» اساقفة البلاط البابوي، كما شهد علاقة البابا شنودة بالدولة، والتحول الساداتى نحو الاسلاميين، والصدام مع الدولة .. باختصار حفظ الدرس! لاننسى ان كلاهما ترهبن فى وقت ازمات مصرية مصيرية، البابا شنودة 18يوليو 1954(لم يكن قد مضى على أزمة الديمقراطية فى مارس سوى شهور) والانبا تواضروس ذهب للدير فى 20 أغسطس 1986(ولم يكن قد مضى ايضا على ازمة الامن المركزى سوى شهور) هكذا ولد الباباوان فى ازمات ثورية، ودرسا ونما فى ازمات، وترهبنا فى ازمات، كلاهما من عائلة كهنوتية، وكلاهما شخصيات قيادية، ولكن البابا تواضروس الثانى ادارى ناجح، ادار مصنع ادوية فى دمنهور، ودرس دراسات عليا فى الهندسة الصيدلانية، الانبا شنودة الثالث ابن الثورة الصناعية، والبابا تواضروس ابن ثورة الاتصالات والمعلومات،لذلك البابا شنودة شاعر وايدلوجي، وابن مهندس المساحة البابا تواضروس مخطط ومصور تكنولوجى .هكذا عندما ولد وجيه صبحى نوفمبر 1954، كان قد مضى اربعة شهور على سيامة الراهب انطونيوس السريانى (البابا شنودة فيما بعد) فى 18/7/1954، ولست ادرى لماذا مهنة الصيدلة تذكرنى بالاب متى المسكين، وعلاقته بالراهب انطونيوس السريانى حينذاك، ليست دعوة للمقارنة بقدر ما هى دعوة موضوعية لشباب الباحثين فى الشأن القبطى بدراسة العوامل المتداخلة فى تكوين باباوات الكنيسة العتيدة الأنبا تواضروس بين التحديات والفرص: من الفرص التى قد يستطيع قداسة الأنبا تواضروس إنجازها هى العلاقة مع الكنائس الأخرى أو الحوار بين الكنائس والطوائف المسيحية، وكذلك العلاقات الخارجية والدولية بما يتيح للكنيسة تخطى حواجز كثيرة وإنجاز مهام وطنية مثل العلاقات مع إثيوبيا وأفريقيا فيما يخص ملف النيل، وتقنين أوضاع المهجر فى علاقته مع الكنيسة الأم. ثالثا: منذ أن ابتلى البابا تواضروس الثانى بصليب الجلوس على كرسى مار مرقص.. اتبع منهج محاولة الفصل بين الكنيسة والسياسة.. وربما كانت رؤية البابا صحيحة نظريا ولكنها تحتاج إلى مراجعة فى ضوء المتغيرات المصرية والعولمية، لأن إعادة إنتاج الماضى فى سياق القطيعة المعرفية أقرب إلى دخول سباق سيارات بحصان عربى أصيل ولذلك لابد من حل بضعة إشكاليات وفى مقدمتها الثابت والمتغير فى جدل العلاقة بين الكنيسة والوطن. وليسامحنى صاحب القداسة فإن أولى خطوات الفهم هى الإجابة عن سؤال: ما الفرق بين الخطاب الوطنى للكنيسة والخطاب السياسى لها؟ وطنية الكنيسة جزء من التقليد الايمانى وهى من الثوابت.. أما الخطاب السياسى فهو إما أن يكون منبثقا من الرؤية الوطنية للكنيسة التى تنطلق من التقليد والخبرة التاريخية للكنيسة بغض النظر عن المتغيرات، أو أن ينفصل عنها فينفصل رويدا رويدا عن الوطنية الإيمانية الكنسية مما يؤدى إلى تحول الكنيسة من عمود من الأعمدة التى ترتكز عليها الدولة إلى جزء من النظام، هذا ما حدث للكنيسة فى العشرين سنة الأخيرة، وهكذا لابد من إعادة الهرم المقلوب إلى وضعه الصحيح أى أن يكون السياسى منبثقا من التقليد الوطنى الكنسى بغير اختلاط أو اندماج أو تغيير. أما الإشكالية الثانية التى تطل برأسها وتعانى منها الكنيسة فهى أن مصر بعد 25 يناير تشهد انهيارا ل«الأبوية» وكنيستنا العتيدة تأسست على الأبوية، ومن ثم كيف يمكن إدراك كيفية إعادة صياغة التعليم الكنسى ليجمع بين الحرية الداخلية (التى تتسق مع الأبوية) والحرية الخارجية (التى تتسق مع العقلية الثورية) تلك الإشكالية لن تحل إلا بتكوين آباء من الثوار الجدد وهذا لابد أن يمر بمرحلة انتقالية لابد أن تتوفر فيها سعة الصدر والحوار، الانتقال من «ابن الطاعة تحل عليه النعمة» إلى «ابن نعمة الحوار تحل عليه الطاعة». أما الإشكالية الثالثة هى أن الكنيسة عمرها ألفا عام والدولة الحديثة لا يتجاوز عمرها مائتى عام، وللكنيسة تقليد عريق فى العلاقة مع الدولة الحديثة حيث شاركت مع أسرة محمد على فى بناء الدولة، كما أنها ساهمت فى ثورة 1919 فى صياغة وبناء الأمة ومفهوم «الجماعة الوطنية» لذلك فإن دفاعها عن الدولة المدنية والنسيج الوطنى للأمة جزء لا يتجزأ من التقليد الإيمانى. يبقى أن نلفت النظر إلى نقطة لم يلتفت إليها أحد من قبل وهى أن تحرر الأقباط من الجزية 1856 فى عهد الخديو سعيد وارتباط ذلك بدخولهم الجيش أى أن تأسيس المواطنة للأقباط ارتبطت بالخدمة فى الجيش ودون ذلك المنطلق لن يفهم أحد العلاقة المصيرية بين الأقباط والجيش، (وقف الأقباط والكنيسة مع عرابى وناصر رغم إيمانهم بالمدنية). كل تلك الإشكاليات تحتاج إلى دراسات معمقة وجماعة تفكير «thInk tank وآفاق أرحب للرؤية ما بين دعاة التغيير والمحافظين، ما بين الإكليروس والعلمانيين، من له أذنان للسمع فليسمع ومن له عينان للنظر فلينظر. نشر بعدد 682 بتاريخ 6/1/2014