ضابط شرطة سابق هو الأب الروحى الجديد للتنظيم الإرهابى.. والبيان التكفيرى الأول يوزع فى شبين القناطر محمود مبروك القيادى بالتنظيم أفرج عنه بقرار من المعزول مرسى فى مطلع 2012.. وبداية ظهور رجاله كانت فى «رابعة» خبير أمنى: «الناجون من النار» انتهى ولم يعد له وجود.. وأى صبى يستطيع أن يكتب بيانًا وينسبه لأى تنظيم يريده اللواء طلعت مسلم: لابد من التعامل مع كل التهديدات بجدية نظرًا لالتهاب الأوضاع بالشرق الأوسط أثار التصريح الأخير لزعيم تنظيم الجهاد السابق نبيل نعيم حول ظهور جماعة «الناجون من النار» من جديد بمنطقة شبين القناطر العديد من علامات الاستفهام، وبدأت التساؤلات تتردد عن علاقة ظهور هذا التنظيم القديم الآن بتنظيم داعش الإرهابى، وشط البعض فى وجود صفقة قديمة بينهم وبين الإخوان يعود تاريخها إلى مطلع عام 2012 حينما أصدر المعزول مرسى قرارًا بالعفو الرئاسى عن مجموعة مساجين من بينهم محمود إبراهيم مبروك القيادى بتنظيم «الناجون من النار» - تولى المسئولية عقب القبض على مؤسس التنظيم مجدى الصفتى عام 93 – وهو متهم باغتيال اللواء «رؤوف خيرت». تنظيم «الناجون من النار» ظهر فى مصر فى منتصف الثمانينيات، وعرف حينها باسم تنظيم «التوقف والتبين»، وبدأ نشاطه عندما تخلى مؤسسه الطبيب الشاب مجدى الصفتى عن فكر القطبيين المكتفى بتكفير المجتمع دون اتخاذ خطوات عنيفه لرده عما يظنونه الكفر، وأصبح الصفتى مؤمنًا بضرورة الجهاد المسلح ضد الجميع، وهى نفس الأفكار التكفيرية التى أوصلت المنطقة إلى وجود تنظيم داعش الآن، ولا غرابة فى أن يكون داعش مجرد امتداد طبيعى لفكر «الناجون من النار»، خاصة أن المعلومات التى حصلنا عليها تؤكد أن واحدًا من فقهاء داعش كان قياديًا بتنظيم «الناجون من النار». فى البداية تواصلنا مع مؤسس تنظيم الجهاد نبيل نعيم، وسألناه عن حقيقة ظهور التنظيم مرة أخرى، فأجاب أن «الناجون من النار» عاد بالفعل قبل أيام وقام بتوزيع منشور يدعو فيه إلى الجهاد المسلح، مؤكدًا أن الخطوة القادمة على أجندة التنظيم هى البحث عن تمويل، فهم يملكون العنصر البشرى لكن تنقصهم الأموال، وأغلبهم خرج من السجون فى عهد مرسى، وما أن تتوافر لهم الماديات سيحملون السلاح فى وجه الدولة، فهم بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى وقت خاصة أن أعدادهم ليست بالقليلة. حكايات الماضى وفى سياق متصل حصلت «الصباح» على معلومات عن أماكن تمركز التنظيم، حيث عكفت قياداته خلال الفترة الماضية على إعادة هيكلته وتجميع عناصر جديدة من محافظات الوجه القبلى والدلتا ومنحهم دروسًا فى المنهج التكفيرى المتطرف، حيث قال لنا جهادى منشق رفض نشر اسمه: «كنت من أوائل المنضمين إلى تنظيم «التوقف والتبين» مطلع الثمانينيات، وكنت وقتها طالبًا بالفرقة الثانية حقوق القاهرة، وانضم معنا كل من محمود مبروك المتهم فى اغتيال اللواء رؤوف خيرت، ويسرى عبدالمنعم المتهم الرابع فى قضية الانتماء للتنظيم، وبعدها المقدم حلمى هاشم ضابط الأمن المركزى الذى تمكنا من تجنيده وقت أن كان يخدم فى السجون وأقنعاه بالفكر التكفيرى، وآخر ما وصلنى عنه أنه بات الآن واحدًا من فقهاء داعش وكنيته «عبدالرحمن شاكر نعم الله» وهو من وضع أدبيات الذبح وأفتى بذبح الرهائن الأجانب لدى داعش». ويستكمل المصدر حكايته مع التنظيم بقوله: «اتبعنا المنهج التكفيرى القائم على فكر التوقف والتبين، لأن وقتها كانت جماعة الجهاد المصرى تعاير التيار الإسلامى بأنه يتبع أضعف الايمان فقط دون محاولة التغيير باليد، فتوجهنا إلى العمل المسلح وخطط التنظيم لعدة عمليات اغتيالات أولها كانت عملية اغتيال النبوى إسماعيل وزير الداخلية الأسبق واللواء حسن أبو باشا مدير مباحث أمن الدولة، والصحفى مكرم محمد أحمد، علاوة على عدد من القيادات الأمنية التى عملت بالسجون وقامت بتعذيب أبناء الجماعات الإسلامية». ويقول المصدر إن نهاية تنظيم «الناجون من النار» جاءت بعد القبض على الدكتور مجدى الصفتى عام 93، حيث تفرق أبناء التنظيم وتشتتوا ما بين المعتدلين هم الذين نبذوا الفكر التكفيرى وقاموا بعمل مراجعات، وبين من استمروا على تشددهم وسافروا إلى أفغانستان للجهاد ضد الروس. الفكر لا يموت وبسؤال العضو السابق فى «الناجون من النار» عن حقيقة البعث الثانى للتنظيم ووجودهم فى مصر حاليًا، وعن مخططاتهم القادمة، أجاب: «فكر التوقف والتبين التكفيرى لم ينته، بل انتقل من مصر إلى بلدان أخرى وظل متربصًا بها، فأساس ذلك الفكر سيد قطب القيادى الإخوانى الذى تم إعدام منتصف الستينيات، وعودة «الناجون من النار» إلى مصر أمر طبيعى لاحظته على فترات، أولها ظهورهم فى رابعة العدوية، وخاصة القيادات التى أفرج عنها محمد مرسى، ثم ظهروا بعدها فى تنظيم داعش كالضابط المصرى حلمى هاشم الذى أصبح فقيهًا لداعش.» المصدر قال إن لديه معلومات بأن جهات الأمن المصرية على علم بتحركات أعضاء التنظيم الجدد منذ فض اعتصام رابعة وحتى الآن، فوجودهم حقيقة أكدها البيان الذى وزعوه فى شيبن القناطر، معتبرًا ما حدث محاولة لجس نبض قوات الأمن، فإن تعاملت معهم بجدية وقبضت على بعضهم سيعودون إلى جحورهم، وإن تعامل الأمن باستهتار وتراخٍ فسوف تكون منطقة شبين القناطر ملاذًا آمنًا لهم لتنطلق منه العمليات الإرهابية فيما بعد. وللإجابة عن سؤال «لماذا شبين القناطر بالتحديد»، قال: «لو عدنا بالذاكرة للوراء ستجد أن قوات الأمن سبق لها وأن قبضت على خلية إرهابية مكونة من أربعة أفراد - مهندس بالإذاعة والتليفزيون وبقال وطالب ثالث بكلية التجارة ورابع طالب بكلية أصول الدين - بتهمة تصنيع المتفجرات، وحينها قيل إنهم إخوان مسلمين، وأنا أقول بأنهم خلية تابعة لتنظيم «الناجون من النار» وكانوا يخططون لأولى عملياتهم، عندما تم القبض عليهم فى شبين القناطر تم تأجيل فكرة العودة وقتها إلى أن وزعوا بيانهم التكفيرى مؤخرًا. أما سبب اختيار هذه المنطقة بالتحديد فيعود إلى حجم الزراعات والكفور والقرى المتناثرة التى من الصعب حصرها والدخول إليها دون إحداث ضجة ستنذر أعضاء التنظيم بقدوم الشرطة، وبها أماكن عديدة تصلح للاختباء فيها». وبسؤاله عن مخططاتهم القادمة، أجاب المصدر أنه لا يستبعد على تنظيم يرى المجتمع برمته كافرًا أن يرتكب أبشع الجرائم، وإذا كانوا فى الماضى حاولوا اغتيال وزير الداخلية فقد يكون هدفهم القادم وزيرًا أو مسئولًا كبيرًا، فهم فى حاجة إلى عملية كبيرة ليعلنوا عن ظهورهم من جديد». على الجانب الآخر أكد الجهادى السابق منصور القواسمى أن ظهور مثل هذه الجماعة مرتبط ببقاء الفكر التكفيرى فى مصر، وأن الطريق الوحيدة لهزيمة مثل هذه التنظيمات هى المواجهات الفكرية، لهذا فهو يعتبر أن على الأزهر مسئولية محاربة هذا الفكر والمنهج الشيطانى برمته، أما القضاء على تنظيم «الناجون من النار» فمرتبط بالقبض على قادته، وهم إبراهيم مبروك وحلمى هاشم، علاوة على نشر المراجعات الفكرية التى قام بها القيادى السابق بالتنظيم يسرى نوفل على نطاق واسع، والذى حصل على حكم بالبراءة فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون، فمثل هذه المراجعات قد تكون القشة التى تقسم ظهر التنظيم وتحرمه من المنتمين إليه. القواسمى اعتبر أن خروج «الناجون من النار» مرى أخرى من تحت الأرض مرتبط جذريًا بانتصارات تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، مؤكدًا أن داعش حاليًا تعمل على استقطاب كل التنظيمات الجهادية فى العالم العربى كى يبايعوها ويكون لها فرع فى كل دولة، وفى مصر لا يوجد تنظيم تكفيرى يعمل بطريقة داعش إلا «الناجون من النار» وقد اختفى من فترة طويلة، لكن مسألة إحيائه أسهل من تكوين تنظيم جديد من وجهة نظر القواسمى، الذى لا يستبعد أن يكون تنظيم داعش قد أمد «الناجون من النار» بالمال. قيادات التنظيم من أبرز قيادات التنظيم المقدم السابق حلمى هاشم، وهو ضابط شرطة سابق خرج من الخدمة برتبة رائد، من مواليد 17 نوفمبر 1952 التحق بكلية الشرطة عام 1970 تخرج فيها 1974، تبنى الفكر التكفيرى الذى استمده من الجماعات الاسلامية التى كانت مسئوليته القبض عليهم وإيداعهم الزنازين، حيث عمل وقتها ضابطًا بمصلحة السجون، فكانت فرصة ليتعرف على أفكارهم، وبهذا أصبح خلال فترة قصيرة مقتنعًا بالفكر التكفيرى معتمدًا على غلوه فى الدين والتطرف لآرائه. تم فصل هاشم من الخدمة واعتقاله لارتباطه بتنظيم «الناجون من النار» وتبنى لمنهجهم الفكرى، وبعد أن قضى سنوات فى السجن خرج ليستكمل حياته بين التنظيمات المتطرفة إلى أن تم تعيينه قاضى قضاة تنظيم داعش الإرهابى، وصار يعرف باسم «عبدالرحمن شاكر نعم الله». حلمى هاشم يعتبر من الشخصيات المقربة من أبوبكر البغدادى، وقد أوعز إلى من تعتبره داعش «أمير المؤمنين» بضرورة أن يكون للتنظيم فرع فى مصر، لينسق مع مجلس شورى شباب الإسلام الذى بات يسيطر على درنا وقريبًا سيخترق الحدود الغربية بين مصر وليبيا، وذلك وفقًا لتصريحات سابقة للجهادى ياسر السرى رئيس المرصد الإسلامى بلندن. أما الدكتور مجدى الصفتى، مؤسس التنظيم، فكان تلميذًا لعبدالحميد الشاذلى الذى ساهم مع أستاذه سيد قطب فى نشر المنهج الجهادى التكفيرى، هرب من مصر إلى اليمن بعد محاولة اغتيال النبوى إسماعيل وحسن أبوباشا خوفًا من القبض عليه، وبعد ذلك فر إلى السعودية، واستمر فى هروبه لست سنوات حتى قبض عليه عام 1993 وتم ترحيله إلى مصر. وبعد أن اختفى ذكره بعدها لسنوات طويلة ظن تلاميذه أنه قتل داخل السجن، لكنه بعدها أصد كتاب «أصل الدين بين الغلو والتفريط»، وقبل أيام صرح نبيل نعيم مؤسس تنظيم الجهاد أن مجدى الصفتى مازال يعتنق الفكر التكفيرى القديم، وأنه مازال حيًا يرزق ويختبئ فى مكان مجهول يدير من خلاله تنظيمه التكفيرى. أيضا من قادة «الناجون من النار» يسرى عبدالمنعم نوفل وهو من مواليد محافظة المنوفية فى 8 مارس 1959 متزوج ولدية 12 ولدًا وحفيدان، أنجبهم جميعًا وهو فى السجن حيث قضى فترة عقوبة استمرت ل 26 عامًا، حيث اعتقل فى أغسطس 1987 بتهمة محاولة اغتيال حسن أبو باشا، وتم القبض عليه بعد قيامه ثلاث محاولات اغتيال للصحفى مكرم محمد أحمد. نوفل هرب من السجن إبان ثورة 25 يناير 2011، وتم القبض عليه بعد أربعة شهور من ثورة 30 يونيو أعلى كوبرى السلام أثناء سفرة إلى سيناء بدعوى شراء بعض البضائع، بعدها حصل على البراءة من التهمة المنسوبة إليه وهى الهروب من سجن وادى النطرون كونه قد أمضى فترة عقوبته بالفعل واحتجازه كان مخالفًا للقانون. من جانبه أكد الخبير الأمنى اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق ل«الصباح» استحالة عودة هذه الجماعة التى تشتت أعضاؤها ولم يعد منها سوى الاسم الذى ارتبط بحوادث إرهابية منتصف الثمانينيات، مؤكدًا أن قوات الأمن استطاعت القضاء على هذه الجماعة نهائيًا. واستطرد نورالدين تصريحاته ل«الصباح»: «يستطيع أى شخص أن يكتب بيانًا ويوقعه باسم تنظيم «الناجون من النار» ويلقيه فى الشوارع فى وقت متأخر من الليل، وهو تصرف صبيانى ليس إلا، أما بخصوص وجود قيادى بداعش سبق له الانضمام بتنظيم الناجون فهو أمر يحتاج للتأكيد ولا يجب أن نصدق كل ما يقال عن هذه التنظيمات الإرهابية، فسلاحهم الأول هو نشر الذعر والشو الإعلامى» كما صرح الخبير بالحركات الإسلامية سيد جبر ل«الصباح» «التوقف والتبيين هو المسمى الفعلى للحركة التى أسسها مجدى الصفتى وقت أن كان طالبًا بالصف النهائى من كلية الطب، إلا أن الأجهزة الأمنية هى من اختارت لهم اسم «الناجون من النار» حتى صار الاسم الإعلامى لهم، وباتوا معروفين به بين التنظيمات الأخرى، وكانوا على وشك الدخول فى صدام مسلح مع جماعة الجهاد المصرى التى وصفتهم بأنهم قطيع منشق عن الإخوان، إلا أن العمليات التى قاموا بها كانت أبلغ رد، انشقت الجماعة على نفسها وتقسمت إلى فرق فخرج منهم السلفية الحركية التى عرفت فيما بعد بالسلفية الجهادية، وتنظيم القاعدة أيضًا خرج منهم حيث اعتنق فكرهم الدكتور أيمن الظواهرى قبل أن يسافر إلى أفغانستان ونشر منهج التكفير هناك، وظهورهم فى الوقت الحالى مرتبط بالعمليات الإرهابية التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط خاصة أنها مزدحمة بالتنظيمات التى تبحث عن تمويل، والإخوان باتوا الممول الأول لأى تنظيم طالما أن عملياته ستعود بالمنفعة على الجماعة وتنظيمها الدولى». بينما أوضح الخبير الاستراتيجى والعسكرى اللواء طلعت مسلم أن خطر هذه الجماعات لابد أن يواجه بكل حزم ولابد من تتبع سير البيان الذى نشر مؤخرًا فى شبين القناطر، تحسبًا لظهور هذه الجماعة مرة أخرى التى عاصرنا إرهابها فى الثمانينيات، ناصحًا الأجهزة الأمنية بالتعامل بجدية مع المعلومات التى ترد إليها، فالخطر الذى يحيط بمصر ليس بالهين خاصة أن الأوضاع فى ليبيا ملتهبة.