يوسف... ضحكة فى منزل أسرة مصرية، لم تتعدى العشر سنوات، ضحكة باتت هى أغلى ماتملكه الأسرة بل عائلته بأكملها، راحت تلك الضحكة ضحية لإهمال قرية سياحية بالعين السخنه، كل ما تعنى به جمع الأموال، تأخذ آلاف الجنيهات مقابل اعطاء السعادة للناس فى أجازة الصيف بعد طول عناء طوال السنه، فلم تكتف بذلك فراحت تقبض روح طفل صغير صار يلح طوال العام كى يذهب للمصيف . راح يوسف ضحية للغرق فى حمامات سباحة قرية الموت،قرية هوريزون الوادى الأربعاء الماضى لا من منقذ ولا مراقب لها، رغم عمقها وطولها الرهيب الذى يكفى لإغراق الكبار قبل الصغار، ومع ذلك لا يوجد حتى طبيب واحد أو مسعف بالمكان، ورغم وجود شخص ما بالمكان ينادونه ب " المسعف " إلا أنه لا يملك حتى الترخيص لإجراء الإسعافات الأوليه البسيطة، فبعد أن أخرجوه من حمام السباحة، وكانت به آخر الأنفاس ومازال قلبه ينبض، لم يجدوا من يسعفه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة أمام عائلته الصغيرة المكونه من أب وأم واختان أكبر منه فهو آخر العنقود كما يقولون . ربما تذهب الأذهان إلى أين أهله، أو وجود ناس بالقرية تقفز لانقاذه ؟ للأسف لم يهب أحدا لانقاذ الصغير حيث اكتفى الجميع بالصراخ والنحيب والاشاره فقط دون أن يفعل أحد شئ حتى اخته الصغيره التى لم تتجواز أربعة عشر عاما كان يغرق امام عينيها تصرخ، ولكن ماذا تفعل فاذا نزلت ستغرق معه وليس بيديها شئ، أما الأب والأم انهمكوا فى اجراءات القرية لاستلام الغرف المخصصه لهم للنزول " كانوا لسه واصلين " واطمئنوا عليه مع اخوته بعد التنبيه عليه لنزول الحمام المخصص للأطفال وقبل صعودهم للغرف سمعوا صوت صراخ ليجدوا ابنهم جثة هامدة يحاول الناس اسعافه لكن بلا جدوى . حرروا محضر بقسم العتاقة بالسويس التى تتبع لها العين السخنة، ولأن الأب اراد انهاء الاجراءات ليقوم بدفن وحيده، اعتبر الحادث قضاء وقدر كى ينهى الاجراءات ويأتى على القاهرة . يذكر أبيه وأمه عن الملاك الصغير أنه كان سامتا طوال الرحله ينظر من نافذه السيارة فقط ويسأل عن الوقت المتبقى كى ينزل حمام السباحه الذى اشتاق له، حتى قبل وفاته كان يحتضن ابويه واختيه بطريقة غير طبيعيه ولا يفارقهم أبدا كما كان هناك مناسبة خطوبة أحد اقاربه بيومين قبل الحادث سلم على الجميع وسأل عن عدم وجودى فهو إبن خالتى الذى اعتبرته أخاً وابناً وصديقاً رغم فارق السن الكبير بينى وبينه وتعلقت به أشد التعلق ولكن من منا لم يحبه؟ حتى من لم يعرفوه بكوا أحر البكاء عليه . والدته رأته فى لباسه الأبيض كأنه عريسا فى بدلته وليس فقيدا بكفنه، رأته يزف إلى مثواه الأخير . فى النهاية هذا عمر وهذا قضاء وقدر اللهم لا اعتراض لكن الإهمال بمصر أصبح شيمه وصفه اعتدنا عليها، أحببت أن أحذر الجميع من هذا المسخ البشع الذى يتسبب كل يوم فى حصد الاف الارواح، الموت حق علينا جميعا لكننا نأخذ بالأسباب وأدعو الجميع إلى الدعاء لأهله بالصبر والسلوان، لا الدعاء له فهو حى يرزق وعصفور صغير بجنة الرحمن .