-أحد الباعة الجائلين: أعمدة الكهرباء فى الشوارع ملك عام و «الجدع » يعترض أعلنت حكومة المهندس إبراهيم محلب خططا عاجلة لمواجهة حالات انقطاع التيار الكهربائى عن المنازل نتيجة النقص فى إنتاج الكهرباء، لكن الباعة الجائلين كان لهم رأى آخر فضربوا عرض الحائط بتحركات الكهرباء، وكرسوا جهودهم لسرقة التيار الكهربائى من أعمدة الإنارة وعلب الكهرباء الموجودة فى الشارع، وإذا كنت رأيت مثل هذه الوقائع فى الشارع فلا تتعجب ولا تحاول أن تشتكى، فالهيئة المنوط بها عملية التفتيش عن سرقة التيار الكهربائى هى ذاتها الجهة المسروقة. «الصباح» قامت بجولة فى منطقة الإسعاف بوسط البلد، والتى لا تبعد عن مقر شركة جنوبالقاهرة لتوزيع الكهرباء، إلا ببضعة أمتار، حيث تجد علبة الكهرباء، تتوسط حائطا أبيض كبيرا، تخرج منها أسطوانة رمادية اللون تحوى بداخلها مجموعة من الأسلاك الممدودة من الأسطوانة البنية هى «الكهرباء المسروقة» من داخل الشركة، ويتم توزيعها على البائعة الجائلين، الذين افترشوا الأرض فى المنطقة الفاصلة بين مقر الشركة حتى الإسعاف. وظهرت المصابيح والأدوات الكهربائية فى جميع الأماكن التى يتمركز بها الباعة، فمهما كانت المساحات لديهم صغيرة يوجد لدى كل بائع مصباح واحد على الأقل، وهو ما كشفه صاحب أحد الأكشاك فى المنطقة، ويدعى أحمد علوان، بأن «كل أصحاب البالات والأكشاك المحيطة بشركة الكهرباء، تسرق الكهرباء منها، باستخدام سلك يتم مده إلى صناديق الكهرباء، وكل الباعة لا يملكون عداد كهرباء، لأنهم فى الأساس لا يملكون أية تراخيص تسمح لهم بالوقوف فى هذه الأماكن والبيع فى منطقة وسط البلد، وللهرب من الملاحقة يقوم البائع بدفع 20 جنيهاً، يتم وضعها فى يد الموظف الذى يأتى لتنفيذ أمر إزالة نصبة البائع المخالف، أو قطع سلك الكهرباء المخالف، ولو مافيش فلوس يتم تقديم قطعة حشيش للموظف»، وتدخل البائع المتجول، عصام الأسوانى فى الحديث قائلاً: «لا يقدروا، بعد أخذ الرشوة على قطع السلك أو الإبلاغ عنا، لأنهم يعرفون أننا نقدر نفضحهم، ونقول إنهم أخذوا مننا فلوس أو حشيش، عشان كده نحن مطمئنون، والجدع يعترض». واعترف رئيس قطاع العلاقات العامة بشركة جنوبالقاهرة، محمد الجوهرى، بكل التسهيلات الجبرية التى تمنحها الشركة وتشرف عليها مباحث الكهرباء، قائلاً: «مئات الباعة فى الشوارع يقومون بتوصيل ومد أسلاك الكهرباء من داخل الشركة بالقوة أمام من يحاول إيقافهم حتى لو كانت مباحث الكهرباء». وحول أسباب عدم التحرك لمواجهة التعديات قال الجوهرى: «كلنا نخاف على أنفسنا وأطفالنا، ونخشى من البائعة الجائلين لأن معظمهم من محترفى الإجرام والخارجين عن القانون، ولا أحد يجرؤ أن ينزل فى الشارع المجاور للشركة ويزيل تلك التعديات، وهذا هو السبب وراء خوف كل المسئولين وكل مفتشى الكهرباء من التعامل مع الباعة الجائلين فى هذه الشوارع». أوضح الجوهرى أن القضاء على علميات السطو المسلح للتيار الكهربائى يحتاج إلى تغيير فى أسلوب الإدارة السياسية نفسها، مشيرا إلى أن وزارة الكهرباء قدمت العديد من الخطابات لوزارة الداخلية للتدخل فى إنقاذ شركات الكهرباء من سطو البلطجية عليهم، وقطع الأسلاك المخالفة المسروقة الممدودة، لكن أحداً لا يستجيب نهائياً لنا، فيما علق مصدر مسئول بوزارة الداخلية أنهم لم يرفضوا على الإطلاق مساعدة الكهرباء فى إزالة التعديات، كما أنهم لم يتباطئوا فى أداء واجباتهم على الإطلاق، وما يحدث من سرقات نتيجة تواطؤ البعض مع مثيرى الشغب والبلطجة. فى الأثناء، كشف تقرير صادر عن الشركة القابضة لكهرباء مصر عن وصول قيمة الخسائر السنوية لقطاع الكهرباء من سرقات التيار إلى 8 مليارات جنيه وتبلغ حوالى 12% من إجمالى القدرات الكهربائية المنتجة سنويا (200 مليار كيلووات) وسط غياب الأجهزة الرقابية التى تعد المسئول الأول عن هذا الإهدار للمال العام، حيث كشف المهندس جابر دسوقى رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، أن هذه السرقات تهدد أمن واستقرار الشبكة القومية، بالإضافة إلى ما تمثله من إهدار للمال العام، مشيرا إلى أن معظم السرقات تتركز فى الأسواق العشوائية، وأماكن الباعة الجائلين المنتشرين فى الشوارع، الذين يحصلون على التيار بدون وجه حق، من خلال الوصلات غير الشرعية. من جهتها، قررت وزارة الأوقاف المساعدة فى ترشيد استهلاك الكهرباء فى المساجد التابعة لها، بعدما قررت عدم تشغيل المكيفات بالمساجد قبل 15 مايو المقبل، وألا تقل نسبة التبريد عن 25 درجة، مع عدم تشغيلها فى غير أوقات الصلاه (قبل الآذان بنصف ساعة وبعده بنصف ساعة)، وإغلاقها فيما عدا ذلك، واستخدام الأضواء على قدر الحاجة فقط مع تعدد مفاتيح الإضاءة وعدم استخدام المفاتيح المركزية كدفعة واحدة للفتح والغلق.
حيث أكد وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، الدكتور محمد عز، أن الوزارة تسعى حالياً إلى ترشيد استخدام الكهرباء حيث قامت باستبدال لمبات الإضاءة بلمبات موفرة، بعدما اشترت الوزارة هذا العام 20 ألف لمبة موفرة سيتم توزيعها على المساجد والمديريات كدفعة أولى، كما أن الوزارة ستقوم بتوفير 90 ألف لمبة موفرة فى مطلع شهر شعبان القادم، وذلك لسد احتياجات أكثر من 110 ألف مسجد، تتبع الأوقاف على مستوى جميع المحافظات، كما كلفت الوزارة مجالس الإدارات المعتمدة بسداد فواتير المياه والكهرباء ضمن حصيلة إيرادات المسجد وفق القواعد المالية والمنظمة ووفق القانون.