لابد من إعادة هيكلة أسعار الكهرباء لأن هناك فرقا بين ما يدفعه المستهلكون وبين سعر إنتاج الكهرباء الحقيقى، هكذا قال المهندس محمد شاكر، وزير الكهرباء، فى تصريح سابق له موضحا أحد حلول أزمة الكهرباء، مضيفا: «إعادة الهيكلة ستساعد فى وجود سيولة كافية لشراء الوقود لإنتاج المزيد من الكهرباء وبالتالى تجنب انقطاعها». نسبة استخدام الكهرباء فى مصر وفقا لأحد التقارير الصادرة عن الشبكة القومية للكهرباء تصل إلى 27 ميجا وات، بينما ما يتم إنتاجه هو 20 - 21 ميجا وات، لذلك تبلغ نسبة العجز فى إنتاج الكهرباء بين 6000 و 7000 ميجاوات، وكلما زاد الاستهلاك دون مقابل مادى كافٍ لشراء الغاز، ازدادت نسبة العجز، حيث سينخفض الغاز المولد للطاقة، وتزداد مرات انقطاع الكهرباء. تصريحات الوزير السابقة والأرقام الرسمية الصادرة تتحدث عن العلاقة بين الوزارة والمستهلك العادى، الذى يدفع مقابل خدمته فاتورة شهرية، سترتفع مع زيادة الأزمة وستنخفض إذا ما تم حلها، لكن ماذا عن المستهلك غير الشرعى؟ ماذا عن سرقة كهرباء الشارع العمومى، والتلاعب فى عدادات الكهرباء وغيرها من أساليب التحايل؟ يقول المهندس محمد اليمامى، المتحدث الإعلامى بوزارة الكهرباء، إن %10 من نسبة الكهرباء المنتجة مفقودة سنويا، موضحا تعريف الفقد الكهربائى، بأنه الكهرباء التى تنتجها الشبكة القومية للكهرباء وتصل إلى المستهلك دون مقابل مادى. ووفقا للكلام السابق، فمصر تخسر سنويا من 328 مليونا و500 ألف جنيه إلى 365 مليوناً جراء هذا الفقد الذى ازداد مع ارتفاع معدلات السرقات إلى 400 مليون جنيه، ويبلغ عدد محاضر حملات مباحث الكهرباء 8 آلاف يوميا بإجمالى 36 ألف محضر خلال الثلاثة أشهر الأخيرة؟ الباعة الجائلون فى شارع رمسيس، لن يغيب عنك مشهد الأسلاك الممتدة من أعمدة الإنارة بالميدان إلى فرش كل الباعة الجائلين، ينتشرون على امتداد الشارع حتى ميدان الإسعاف، بعضهم يكتفى بمصباح واحد للإنارة، والتى لا تكفى أصحاب الخيام الكبيرة، ويستهلك كل منهم ما يقرب من 15 مصباحا وآخرون 6 مصابيح، وكل منها مما يستهلك «400 وات». الغريب فى الأمر أن السرقة لا تمتد من أعمدة الإنارة فقط بل من مرفق الإسعاف نفسه، يقول أحد العاملين فى المرفق إنهم لا يستطيعون التدخل مع الباعة خوفا من الصدام الذى لن يكون فى صالحهم نظرا للفراغ الأمنى. الباعة الجائلون فى مصر وفقا للنقابة المستقلة لهم يصل عددهم إلى 5 ملايين بائع، فإذا استخدم كل منهم مصباحا واحدا، فهذا يعنى أن هناك ما يقرب من 5 ملايين مصباح يوميا تتم إنارتها من الكهرباء العمومية بدون مقابل. الأكشاك فى المهندسين، مثال مختلف، فما يقرب من 18 كشكا غير مرخص يستخدم كهرباء الشارع العمومى لتغذية مصابيحه وأجهزته الكهربائية، فى هذه الأكشاك يخفى أصحابها الأسلاك تحت الأرض، فلا يظهر سرقته للكهرباء، صاحب أحد الأكشاك أوضح أنه يدفع 300 جنيه كل 3 أشهر للوزارة كممارسة مقابل توصيل التيار، أغلب أصحاب الأكشاك يجدون فى ذلك وسيلة أرخص لدفع مقابل الكهرباء، حيث لا يرتفع المبلغ مهما زادت نسبة استهلاكهم. يبلغ عدد الأكشاك غير المرخصة فى مصر مليونى كشك تستهلك 4 ملايين كيلو وات يوميا، وفقا لأرقام وزارة الكهرباء، وتدخل فى حيز السرقة. الأفراح وافتتاح المحال التجارية الأفراح تحتاج ما لا يقل عن 1000 مصباح كهربائى، هكذا أكد لنا أحد منظمى الأفراح فى الشارع، موضحا أن افتتاح المحال يحتاج مصابيح أكثر حيث تصل إلى 1500 مصباح، يخرج أغلبهم من عقوبة السرقة عن طريق وسيلتين، كما يرصدهم «اليوم السابع»، الأولى بتأجير مولد كهربائى الذى يقوم بتغذية جزء من المصابيح ليصبح بعيدا عن السرقة فى الظاهر بينما تمتد أسلاك البقية من كهرباء الشارع العمومية، أما الطريقة الثانية، فعن طريق تقديم طلب للحصول على تصريح لاستخدام كهرباء الشارع، بعدد مصابيح معينة، تزداد فى الأغلب على أرض الواقع. ويؤكد تقرير «مركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء»، عن عام 2010، أن الاستهلاك فى مصر يزداد بصورة سريعة، وجاءت مصر فى المرتبة رقم 30 ضمن قائمة الدول الاكثر استهلاكا للطاقة الكهربائية عام 2009، ورغم ذلك بلغ متوسط نصيب الفرد من الطاقة الكهربائية المنتجة محليا 1782 كيلو وات فى الساعة خلال العام المالى 2009/2010، ويعد هذا المتوسط أقل من المتوسط العالمى والبالغ 2730 ك.و.س للفرد فى عام 2009. سرقة الكهرباء والقانون تنقسم سرقات الكهرباء إلى مخالفة وهى التى يستهلك صاحبها من الكهرباء العمومية أكثر من استهلاكه الظاهر على عداد الكهرباء، عن طريق وصلات غير شرعية، وسرقة مباشرة لا يقوم صاحبها بأى من الإجراءات السابقة. ووفقا للقانون تفرض إجراءات ضبط سرقة الكهرباء، وجود أحد الفنيين التابعين لشركة التوزيع مع مندوب الشرطة، مع اشتراط أن يكون الضبط فى حضور المنتفع أو أحد أقاربه ويثبت أسماء الحاضرين بتقرير الضبط، كما يتم تصوير واقعة الضبط بكاميرا تسجل التاريخ والوقت وتكون فى عهدة الفنى التابع للشركة ويتم إثبات الحالة الظاهرية للعداد والطريقة التى تمت بها السرقة ووقت الضبط. وتأتى العقوبة بناء على كمية التيار المسروق وذلك طبقا لإجمالى الأحمال المركبة وقت الضبط على أساس 8 ساعات يومية للاستخدامات المنزلية و12 ساعة لباقى الأغراض، وتحدد قيمتها وفقا للأسعار السائدة مع مراعاة الشرائح التصاعدية بين الضغط العالى والمنخفض، وتتراوح الغرامة من شهر إلى 12 شهرا بحد أقصى تتضاعف فى حال تكرار السرقة، بالإضافة إلى سداد ما يساوى ضعف قيمة التيار المسروق محسوبا بسعر أعلى شريحة محاسبة فى أغراض الاستهلاك المستخدم فيها التيار. وأوضح محمد اليمامى أن الحملات المستمرة لضبط السرقات أدى إلى تقليل السرقات نظرا لارتفاع قيمة الغرامة من 4 إلى 5 آلاف جنيه. وأوضح اليمامى أن تفعيل قرار الوزارة بتركيب العدادات الكودية سيقضى على الممارسة التى يتحجج بها البعض لسرقة الكهرباء، مع زيادة أعداد الفنيين فى الحملات لزيادة القدرة على ضبط وسائل التحايل.