حملة إعلانية موجهة إلى المواطنين عبر شاشات التليفزيون تهيب بأهل مصر أن يرشدوا استهلاكهم من الكهرباء!، وتصريحات لا تتوقف محذرة من الإظلام الذى قد تواجهه مصر فى أشهر الصيف، مما قد يضطر شركات الكهرباء إلى قطع التيار الكهربائى لساعة أو ساعات بهدف تخفيف الأحمال على الشبكات التى أصبحت عاجزة عن الوفاء باستهلاك الناس للكهرباء خاصة فى أوقات الذورة، وانتشار استخدام أجهزة التكييف مما لم تكن مصر تعرفه قبل سنوات مضت!، فلما اختلفت أحوال المناخ وتصاعدت درجات الحرارة إلى معدلات غير مسبوقة بدأت مصر تعرف ضرورة تكييف المنازل، وتشغيل مكيفات السيارات، واشتد الطلب على المراوح الكهربائية حيث هى الوسيلة الوحيدة والأرخص لطلب تهوية تخفف حرارة الجو، وقد أصبحت احتمالات عجز الشبكات الكهربائية عن مواجهة الاحتياجات اللازمة لحياة الناس معلومة لدى القاصى والدانى، مع ملاحظة للناس على ارتفاعات مفاجئة فى قيمة فواتير الكهرباء للمنازل التى لم تشهد ارتفاعا فى استهلاكها حيث إنها لم تضف إليها أجهزة تكييف!. وكل هذا لابد من استعراضه وأنا أتوقف عند مظاهر عديدة مرجعها ليس للمواطنين فقط، بل ويعود استفحالها إلى سهولة الترخيص بها عند شركات الإمداد بالكهرباء!، فهذه الشركات ترخص بمقابل مادى يدفع مقدما لمن يفتتحون محلا تجاريا أو يقيمون عرسا بتحويل الشوارع والأزقة ليلا إلى ظهيرة نهارية مضيئة باستخدام آلاف اللمبات الملونة متقطعة الإضاءة لتظل هكذا لساعات طويلة حتى ينفض سامر الافتتاح أو العرس!، ولست أفهم ما معنى اجازة الترخيص بذلك، والشركات تحذر الناس من أن عجز الشبكات سوف يؤدى بنا إلى حالة إظلام كامل!، ومن يصدق الشركات إذا ما دعت عجز شبكاتها فى أحوال يمنح فيها ترخيص بهذه الإنارة المهدرة الفاحشة!، أضيف إلى ذلك هذه الكارثة التى حلت علينا بتوسع إمبراطورية الباعة الجائلين، وفوضي اقامة الأكشاك التى أصبحت لا يفصل بينها غير أشبار، وقد احتلت الأرصفة التي لم يعد فيها موضع لقدم!، وقد جعل الذين اغتصبوا الأرض والشوارع لإقامة الأكشاك من هذه متاجر كاملة تمددت ببضائع مختلفة أخذت بأي ترخيص بإقامة كشك، بل لم يعد الترخيص ضرورياً لكل من أراد إقامة كشك على أى مساحة يحددها!، وزاد من فجور أصحاب هذه الأكشاك أنهم يقومون علناً بسرقة التيار الكهربائى اللازم لإضاءة أكشاكهم من داخلها وخارجها من أعمدة الانارة المخصصة للشوارع!، حتى أن التحايل على ذلك كثيرا ما يؤدى إلى إظلام أعمدة الإنارة ذاتها!، لكن السلطات المعنية برصد هذه المخالفات لا تعير هذه الأكشاك انتباهاً وهى تعيش بمخالفة القانون فى كل شيء!، وتصبح مسألة الاستهلاك الكهربائى مأساة الناس فى المنازل فقط!، فهم لا يستطيعون التوقف عن الاستهلاك، ولا يملكون غير دفع الفواتير!، بل ينتابهم الحسد لأصحاب الأكشاك والباعة الجائلين الذين يسرقون التيار الكهربائى جهاراً نهاراً دون حسيب!، أو التراخيص التى تتيح إضاءة آلاف اللمبات للأعراس والافتتاحات!.