تزايد حرارة الجو هذه الأيام وما أعقبه من ارتفاع استهلاك الكهرباء فى المنازل أديا إلى مضاعفة قيمة فواتير الكهرباء بشكل غير مسبوق، صاحبها شكاوى المواطنين من أخطاء قراءات العدادات.. إضافة لزيادة الأحمال الكهربائية على الشبكات خلال شهر يوليو إلى 22750 ميجاوات.. أى بزيادة 13% عن معدل الاستهلاك فى يوليه من العام الماضى. كل ذلك جعل لا حديث للمسئولين فى قطاع الكهرباء وعلى رأسهم الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة سوى عن حتمية ترشيد الكهرباء فى المنازل والشوارع والمحلات وذلك بإلقاء عشرات التصريحات من خلال وسائل الإعلام. المدهش فى مشكلة ترشيد الكهرباء أن هناك غيابا تاما لخطط محددة تستهدف تحقيق ترشيد الكهرباء إلا فى إجراء اتخذته وزارة الكهرباء بنشر اللمبات الموفرة للطاقة.. ومؤخراً أصدر مجلس الوزراء قراراً بتخفيض إنارة الشوارع بنسبة 50%. ما غاب عن مسئولى الكهرباء تقديم المعلومات الخاصة بأساليب ترشيد الطاقة وتوفير الكهرباء للمواطن العادى فهل يعرف المواطن أى الأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة أو الأجهزة المستهلكة لها أكثر.. هل يعرف كيف يتعامل مع الأجهزة الكهربائية بأسلوب يقلل من قيمة فاتورة الكهرباء؟! المفاجأة فى قضية ترشيد الطاقة أن هناك مشروعاً لتحسين كفاءة الطاقة ممولا من مرفق البيئة العالمى وقطاع الكهرباء والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة يعمل منذ عام 2004 على وضع خطة ترشيد الطاقة سواء فى محطات التوليد أو الاستخدام أو المنزل وهو المشروع الذى أرسى دعم نشر اللمبات الموفرة للطاقة.. هذا المشروع أهدر آلاف الأدلة الإرشادية لتعريف المواطن بالأجهزة الكهربائية الأكثر توفيراً أو استهلاكاً للطاقة عند شرائها من خلال مطبوع. الدليل الإرشادى يوضح للمواطن أيضاً كيفية تعامله مع الأجهزة الكهربائية فى المنزل.. وكان من المفترض أن تقوم شركات توزيع الكهرباء وهى تحقق أرباحاً دائمة بطباعة تلك الأدلة الإرشادية وإرفاقها مع فاتورة الكهرباء لكنها لم تصل ليد مواطن واحد. المفاجأة الثانية.. أن مشروع تحسين كفاءة الطاقة قد جاء لبث حملات إعلانية لتوعية المواطنين من خلال الإعلام المرئى لكن المسئولين فى التليفزيون أصروا على احتساب تلك الحملات تجارياً مثلها مثل أى إعلان تجارى.. مما أوقف تسويق تلك الحملات التى تم الإعداد لها. المفاجأة الثالثة أن «ترشيد الطاقة» أصبح له بيزنس يتم الاستفادة منه فبعد تسويق اللمبات الموفرة ووضع المواصفات والقياسات لتلك اللمبات.. انتشرت اللمبات الموفرة ذات المواصفات التى لا تتسم بالجودة يتم تصنيعها بمصانع تحت السلم مجهولة الهوية. وهناك حرب خفية بين شركات تصنيع اللمبات المتوهجة وشركات اللمبات الموفرة.. حيث لجأت الأولى إلى بث دعاية مضادة تشير إلى خطورة الزئبق المتواجد فى اللمبات الموفرة إذا سقطت على الأرض وأن استنشاقها يسبب سرطانا فى المخ.. وذلك خوفاً على إنتاجها الذى بدأ يقل نتيجة التوسع فى استخدام اللمبات الموفرة.. إذا كانت شركات توزيع الكهرباء قد عجزت عن إفادة المواطنين بأسلوب ترشيد الكهرباء.. فقد حاولت «روزاليوسف» أن توفر تلك الإرشادات والمعلومات البسيطة للقارئ ربما تساعده فى تقليل فاتورة الكهرباء. وذلك من خلال رأى الدكتور إبراهيم يس مدير مشروع تحسين كفاءة الطاقة.. الذى قال لنا: منذ 2003 بدأنا فى العمل مع الهيئة العامة للمواصفات والجودة لوضع مواصفات لجميع الأجهزة الكهربائية سواء المستوردة أو المحلية وتصنيفها الأكثر أو الأقل استهلاكاً للطاقة من خلال تيكت ملصق على كل جهاز ووجدنا أن الثلاجات والمبردات «ديب فريزر» وسخانات الكهرباء وأجهزة التكييف هى الأكثر استهلاكاً.. لكن كفاءة الطاقة فى النوعية الواحدة تختلف من جهاز لآخر ومن شركة لأخرى.. وقامت الهيئة بفرض ملصق على كل جهاز تحدد فيه درجة كفاءة الطاقة.. وهذا الملصق لا يزال تتم إزالته بسهولة. ويضيف د. إبراهيم من خلال الإحصاءات اكتشفنا أن نسبة استهلاك الطاقة فى مصر من القطاع المنزلى والتجارى تصل إلى 42% وأن 35 - 40% من هذا الاستهلاك يتركز على الإضاءة وليس الأجهزة الكهربائية.. لذلك ركزنا على قضية ترشيد الطاقة فى مجال الإضاءة بوضع استراتيجية التخلص تدريجياً من اللمبات العادية المتوهجة واستبدالها باللمبة الموفرة للطاقة. فمن خلال الاختبارات ثبت أن اللمبة الصفراء 100 وات 95% منها حرارة، 5% منها ضوء.. والعكس فى اللمبة الموفرة 95% ضوء، 5% منها حرارة. واللمبات الموفرة عبارة عن لمبة فلورست عادية نستخدمها من 50 عاماً، لكن مع التطور تم تغيير المحول المغناطيسى فى النيون إلى محول إلكترونى هذا المحول رفع نسبة التوفير فى الطاقة من 40% مقارنة باللمبة العادية إلى 80% فى اللمبة الموفرة أى أن اللمبة الموفرة تستهلك فقط 20% من طاقة اللمبة العادية، علاوة على أن الزئبق الذى تم الترويج لخطورته يصل فى اللمبة النيون إلى 10 ملليجرامات، لكنها تصل فى اللمبة الموفرة إلى 2 ملليجرام، وهو ما يعطى أمانا أكثر. د. إبراهيم يس أكد أن هناك حربا شرسة تقوم بها شركات اللمبات العادية بسبب كساد المعروض من تلك اللمبات فادعت خطورة اللمبات الموفرة، رغم أننا نستخدم اللمبات النيون منذ سنوات عديدة ولم يتم الشكوى منها، وحتى لو تكسرت تتم إزالتها وعدم لمسها احتياطيا، والدليل على أمان اللمبات الموفرة أن الاتحاد الأوروبى وكندا وأستراليا قد اتخذت قرارا بإحلال جميع اللمبات العادية بأخرى موفرة للطاقة بحلول عام 2012 ليكون قد تم التخلص من جميع اللمبات العادية المتوهجة فى تلك الدول. والمشكلة التى تواجهنا فى نشر اللمبات الموفرة - كما يقول د. إبراهيم - أننا حتى عام 1999 كنا نستورد اللمبات النيون، لكن بدأنا تشجيع تصنيعها محليا ووصلت درجة الجودة إلى نفس درجة إنتاجها فى الخارج، حتى إن شركات عالمية كانت تحاربنا.. ثم وصلنا إلى إنتاج 13 مليون لمبة عام 2009 من أربعة مصانع، ولدينا اختبارات كهربية وضوئية وكيمائية لضمان جودة اللمبات. سألته: لكن هناك نوعيات من اللمبات لا تستمر إضاءتها إلا أياما قليلة رغم ارتفاع سعرها عن اللمبات العادية؟ أجاب: لأن مصانع بئر السلم بدأت فى إنتاج نوعيات غير جيدة المواصفات، وللأسف لا نعرف عددها أو حجم إنتاجها، وتلك مسئولية الرقابة التموينية. وأنصح بشراء اللمبات الموفرة من فروع شركات توزيع الكهرباء التى توفرها بالقسط أو تضيف ثمنها على فاتورة الكهرباء ولها ضمان لمدة عام، ويجب على المواطن عدم شراء أى لمبة موفرة من المحلات بدون ضمان. وبالنسبة للأجهزة الكهربائية يقول د. إبراهيم يس: إن المواطنين للأسف لا يتخذون إجراء الصيانة أو الحماية اللازمة لكفاءة الجهاز، مما يتسبب فى زيادة الاستهلاك، مثلا جهاز التكييف لابد أن تتم صيانته وإزالة الأتربة كل 4 شهور لأن هذه الأتربة تسد وتمنع دورة الهواء الذى يخرج غير بارد فنضطر إلى تخفيض حرارة التكييف أكثر إلى درجة 16 وجهاز التكييف أقل من 23 درجة لا يفصل، والمعروف أن فصل الجهاز يقلل من الاستهلاك ويمكن للاستفادة بالهواء البارد وضع الجهاز عند 23 درجة ووضع مروحة معه ستعطى نتيجة جيدة، وتقلل استهلاك الكهرباء، ومعظم المواطنين لا يعلمون أن عدم غلق الأجهزة ذات الريموت كنترول من الجهاز نفسه يستهلك 10% من استهلاكها أثناء تشغيله رغم أنها غير مستخدمة، لذلك من الأفضل فصل الكهرباء عنها. فى السخان الكهربائى يتم ضبطه إلى 80 درجة مئوية ثم يستعين المواطن بمياه باردة ليقلل إحساس السخونة. المفترض أن أضبط السخان على 55 درجة مئوية.. فى الثلاجات يجب أن تتم تعبئة المبرد أو الفريزر بأى عبوات حتى لو أكياس مياه لأن وجود فراغ يعمل على زيادة الاستهلاك، أيضا لابد من معرفة كفاءة كاوتش باب الثلاجة بتمرير كرتونة بين الباب والثلاجة، إذا تم تمريرها فذلك يعنى دخول هواء ساخن من الخارج يزيد من استهلاك الكهرباء، من المهم للترشيد العام ألا يتم تشغيل السخانات والغسالات فى فترة ذروة الاستهلاك وهى ساعتان بعد المغرب.