يعد قطاع الكهرباء من القطاعات التى لم يصلها بعد نبأ الثورة التى شهدتها البلاد على مدار ثلاث سنوات، فالفساد لا يزال سيد الموقف فى قطاع يؤثر على إيقاع الحياة اليومية لجميع المصريين، وفى ظل انقطاع الكهرباء عن الكثير من شوارع القاهرة والمحافظات مؤخرًا، جاءت المعلومات التى حصلت عليها «الصباح» لتكشف انتشار الفساد فى قطاع الكهرباء بصورة تنذر بكوارث تمس حياة جميع المصريين خلال الأسابيع المقبلة، خصوصًا مع اقتراب شهور الصيف التى تشهد عادة زيادة فى معدلات انقطاع الكهرباء. مصدر فى وزارة الكهرباء كشف ل«الصباح» أن قطاعات الوزارة تعانى من تضخم الفساد المالى والإدارى والفنى ما يؤدى إلى وقوع الكوارث، من انقطاع للتيار الكهربى بشكل متكرر، والسبب الرئيسى فى ذلك، هو بيع مناقصات تنفيذ مشروعات لتوليد الكهرباء إلى عدد من الشركات، وهى: مجموعة «بن لادن» السعودية، و«أوراسكوم للإنشاء»، و«بتروجيت»، «وأركريدون» اليونانية، و«اتحاد المقاولين» العالمى، و«شنغهاى هربز الهندسية» الصينية، و«الهندسية للصناعات والتشييد»، ودار للتجارة والمقاولات، و«مصر لأعمال الأسمنت المسلح»، و«حسن علام»، و«أيبكس» الصينية، و«المقاولون العرب»، وشركة «الجزيرة». وأضاف المصدر: «محطة توليد كهرباء عتاقة بالسويس، تعتبر خير دليل على الفساد فى قطاع الكهرباء، فالمحطة التى أجريت لإحدى وحداتها عملية صيانة كلفت الدولة 56 مليون جنيه، نظير تغيير مواسير الغلايات بها، لم يمض عليها وقت حتى ظهرت عليها أعراض الانهيار والعطب مرة أخرى، بعدما تآكلت المواسير الجديدة، ورغم أن القدرة الإنتاجية لتلك الوحدة 150 ميجاوات، والقدرة الإنتاجية للمحطة 900 ميجاوات، فإن الإنتاج الفعلى للمحطة - رغم تكاليف الصيانة الباهظة - لم يتجاوز 350 ميجاوات، أى أقل من نصف القدرة الإنتاجية للمحطة». وأشار المصدر إلى أن عملية الصيانة نفسها شابها كثير من الغموض فبعد أن تعاقدت وزارة الكهرباء رسميًا مع إحدى الشركات الهولندية لإجراء عملية الصيانة، فوجئ العاملون بالوزارة باستبعاد الشركة الهولندية، والتعاقد مع شركة مصرية تسمى «الجزيرة»، لإتمام عمليات الصيانة لمواسير الغلايات التى لم تستمر أكثر من ثلاثة أشهر فى العمل، لتظهر عليها أعراض التآكل والصدأ، ولم يقتصر الإهمال على محطة توليد كهرباء عتاقة فقط، بل هناك أمثلة صارخة على تغوّل الفساد الإدارى فى قطاع الكهرباء؛ منها ما حدث ويحدث بقطاع تنفيذ المحطات المائية بمنخفض القطارة، الذى كلف الدولة أموالًا طائلة، غير أن حالته ليست أفضل من حالة محطة توليد كهرباء عتاقة، واكتفى الوزير بتنبيه المسئول عن هذه الوقائع دون اتخاذ أى إجراء قانونى. وكشف المصدر عن أن هناك صورة أخرى من الفساد المالى فى القطاع يتمركز فى لجان «البت بقطاع الكهرباء»، وتم تقديم تقرير إلى الجهاز المركزى للمحاسبات، حول تلك اللجان، لا يمت إلى الواقع بصلة، ففى تقرير مرسل إلى الجهاز المركزي،خاص بعبد العزيز عنتر محمد أحمد غزلان رئيس منطقة كهرباء القاهرة- قال التقرير إن المذكور حصل على 194 ألفًا و33 جنيهًا، رغم أنه حصل على 39 ألفًا و360.60 جنيه عن الشهر نفسه حوافز عن لجان البت العليا، وهو ما يتنافى تماما مع ما ذكره التقرير، فضلًا عن أن عنتر حصل على حوافز خرافية وصلت إلى 23 ألفا و67.49 جنيه فى ثلاثة أيام فقط. وأشار المصدر إلى أن كل هذا الفساد فى القطاع تم تقديمه إلى وزير الكهرباء ولم نتلق منه أى رد، وظل ساكنا وصامتا على ما يحدث مناشدين الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء بسرعة التدخل وتطهير الوزارة من الفاسدين . من جهته، أكد عضو الجمعية الوطنية لمحاربة الفساد بقطاع الكهرباء، الذى فضل عدم ذكر اسمه، أنه تم عرض المشكلات على وزير الكهرباء والطاقة، المهندس أحمد إمام واطلاعه على كل ملفات فساد، وإمداده بجميع المستندات، غير أن الوزير ماطل ورفض الجلوس مع أعضاء الجمعية، ولم يفكر فى التواصل مع أعضاء الجمعية للاستماع لما لديهم من حلول بعد أن سبق أن حذروه من حوادث انقطاع التيار الكهربى منذ أكثر من ثلاثة أشهر إذ يرجع سبب الانقطاع الدائم للتيار الكهربى الذى تعانى منه محافظات الجمهورية فى هذه الأيام إلى عدم توافر قطع غيار لمحطات الكهرباء التى خرج معظمها من الخدمة بعد التغاضى عن صيانتها أو صيانة بعضها صوريا، وأن المشكلة ليست فى توفير السولار والغاز لأنه حتى لو تم توفيرهما فإن المحطات لم تعد قادرة على العمل، والدليل على ذلك محطة توليد كهرباء عتاقة بالسويس. من جهته، أكد وكيل أول وزارة الكهرباء، المهندس حسن محمود حسانين، أن الوزارة اجتمعت مع أصحاب الشكاوى المتعلقة بالفساد المالى والإدارى بالوزارة ومناقشة المشكلات التى يتعرض لها العاملون وسبل حلها، مضيفًا ل«الصباح»: «الوزير أوصى بالتعاون مع كل من يقدم شكوى فساد والتحقيق الجاد فى كل الوقائع والمخالفات التى ترصدها لتطهير القطاع من الفساد»، مشيرًا إلى أن هناك لقاءات أخرى معهم حسب تعليمات الوزير، ومع كل العاملين للتواصل وحل مختلف المشاكل التى تواجههم.