«خلق فرص عمل للشباب، وتوزيع عادل للثروة، وحد أدنى وأقصى للأجور، والقضاء على الفقر، والمساواة بين المواطنين»، أهم 10 أفكار لخصها خبراء اقتصاد وشخصيات عامة، كترجمة حقيقية لكل ما هو متداول حول تطبيق العدالة الاجتماعية، التى رفعها الثوار فى ثورتيهما 25 يناير و30 يونيو، إلا أن الشعارات المرفوعة على أعناق الملايين لم تعرف الطريق إلى أرض الواقع، لذلك تظل مهمة تحقيق تلك الشعارت إلى واقع ملموس مهمة الحكومة المقبلة، التى يفترض أن تتشكل بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها قبل منتصف أبريل المقبل، فى ظل أمل المصريين بأن يقود المشير عبدالفتاح السيسى البلاد، و«يكمل جميله» بتحقيق العدالة الاجتماعية على أرض الواقع. «الصباح» رصدت مجموعة من الأفكار الجديدة وغير تقليدية لتحقيق «العدالة الاجتماعية»، لوضعها أمام صانع القرار المصرى المرتقب، خلال استطلاع شمل شخصيات من جميع أطياف المجتمع المصري، وفى مختلف قطاعاته، للحصول على أفكار لتطبيق العدالة الاجتماعية تكون كافية لتلبية أدنى حقوق المصريين والذى أصبح بمثابة «حلم» لكل مصرى. التعليم والصحة رأى وزير التخطيط والتعاون الدولي، أشرف العربي، أن الحكومة المقبلة عليها القيام بمهمة إبعاد الفقراء عن تحمل تكلفة فاتورة خطة الإصلاح الاقتصادى لتحقيق العدالة الاجتماعية، ودعم كل المستلزمات الاستهلاكية للمواطن المصرى، بالإضافة إلى طرح كل هذه الأفكار فى حوار مجتمعي، مشددًا على أن أى حكومة تستطيع أن تحقق برنامجا للعدالة الاجتماعية بنسبة 100% من خلال طرح خطط توسعية للموازنة العامة للدولة وزيادة الإنفاق على بنود التعليم والصحة والأجور بالإضافة إلى تطبيق اللامركزية لإعادة وتأهيل العاملين بالمحليات، ووضع خطة محكمة لتجفيف منابع الفساد المالى والإدارى عن طريق مجموعة من التشريعات الجديدة. مشروعات صغيرة فيما أكد رئيس الحكومة الأسبق، على لطفى، أن الحكومة المقبلة يجب أن تنطلق من منظور تحقيق العدالة الاجتماعية، مع مراعاة تكافؤ الفرص بين كل أطياف المجتمع المصرى، بالإضافة إلى توزيع الاستثمارات فى الموازنة العامة للدولة، بما يتناسب مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كثيفة العمالة. فيما شدد رئيس جمعية «رجال الأعمال»، حسين صبور، على أن تلاشى الفجوة بين الفقراء والأغنياء ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية، مضيفاً: «يجب على الرئيس القادم أن يراعى طبيعة الفوارق الكبيرة بين الطبقات المصرية والتى خلفتها الأنظمة السابقة، حتى يتجنب عواقب ثورة جياع قريبة». تفعيل الدستور ورأت المرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية، بثينة كامل، أن تحقيق عدالة اجتماعية هو أمر فى غاية السهولة، يستطيع أى حاكم تحقيقه بمجرد تطبيق الدستور الجديد للبلاد، بالإضافة إلى عمل قوانين جديدة تحقق المساواة بين الغنى والفقير فى الحصول على مستحقات الحياة من وظيفة جيدة وتأمين صحى. الخبير الاقتصادي، صلاح جودة، قال ل«الصباح»: إننا يجب أن نتحول من مرحلة الشعارات الرنانة، إلى مرحلة التطبيق الفعلى لمواد الدستورالجديد، فالدستور بشكل عام يحقق العدالة الاجتماعية. فلأول مرة تتحدث مواد الدستور عن تحديد الحد الأدنى للإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي، بما يضمن مساواة جميع المواطنين فى التعليم والحصول على خدمة صحية حقيقية. مضيفاً: «تطبيق الدستور يسمح كذلك بوضع جميع موظفى الدولة تحت سقف واحد كل حسب درجته الوظيفية، ولا نسمع عن الفروق الكبيرة فى المرتبات، فليس من المعقول أن يحصل 20 ألف موظف من إجمالى 5.5 مليون موظف بالقطاع الإدارى للدولة، علي 64 مليار جنيه، من إجمالى 180 مليار جنيه، فهذا يعتبر انتهاكاً صريحاً للعدالة الاجتماعية». الاعتماد على الكفاءة وذهب الباحث فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يسرى الغرباوي، أن العدالة الاجتماعية لا تعنى زيادة الأموال فى أيدى الفقراء، بل إتاحة الفرص أمام الجميع بالتساوى مع ترك الفوارق وفقا للتميز والقدرات الشخصية، مشدداً على ضرورة أن تظل الكفاءة والقدرات الشخصية، هى الطريق الوحيد أمام تحقيق النجاح الاجتماعى بعيداً عن الواسطة والمحسوبية. وقال رئيس جهاز «حماية المستهلك» اللواء عاطف يعقوب، إن الرئيس القادم إذا أراد تطبيق عدالة اجتماعية واضحة، فيجب عليه أن يعمل على «مكافحة التميز» وإزاحة الفوارق بين الأغنياء والفقراء فى الأسعار والخدمات، وتطبيق مبدأ المساواة بين جميع أطياف وطبقات المجتمع. الدعم العينى وطالب رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات الدكتور محمد سعد الدين، بضرورة أن تتحول الحكومة من دعم السلعة إلى دعم الفرد ذاته، بحيث يتم تحويل الدعم العينى الموجه للسلع والخدمات التى يتلقاها المواطن إلى دعم نقدى باستخدام الكروت الذكية، مع وضع نظام وآلية واضحة لتحديد مستحقى الدعم فى مصر بما يضمن وصول الدعم لمستحقيه. مؤكداً أن مبدأ تحقيق العدالة الاجتماعية ل 90 مليون مواطن مصرى، لن يتحقق إلا بضبط «حنفية» الدعم فى مختلف القطاعات. فعلى سبيل المثال من أوجه الخلل فى مصر أن تدعم الحكومة أنبوبة البوتاجاز الواحدة بنحو 60 جنيها تقريباً، ويستخدم الفقير أنبوبة واحدة فقط فى الشهر، فى حين أن مصنعا لإنتاج الطوب مثلاً قد يحصل على 50 أنبوبة بنفس سعر المقدم للمواطن، وبالتالى فدعم الحكومة للمواطن الفقير، فى الشهر بحوالى 60 جنيها فى قطاع البوتاجاز فى حين يحصل صاحب مصنع الطوب على دعم بقيمة 3 آلاف جنيه شهرياً، وهذا يبرز الخلل الكبير فى منظومة العدالة الاجتماعية فى مصر. الاستغناء عن المستشارين وأكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» الصحفية، والخبير الاقتصادي، أحمد سيد النجار، أن الاستغناء عن المستشارين الذين يتقاضون رواتب ضخمة بالملايين دون فائدة، سيحقق فائضا كبيرا للخزانة العامة للدولة تستطيع به تعويض عجز الأجور فى الموازنة، مشدداً على ضرورة ربط الحدين الأدنى والأقصى للأجور بالأسعار، باعتباره الحل الأمثل، لتحقيق العدالة الاجتماعية التى ينشدها الجميع، فالمشكلة الكبرى لمصر عدم وجود نظام أجور يحقق أحلام فقراء مصر. وأضاف: «أجر معظم العمال المصريين لا يكفى لإطعام «قطة»، فما بالك بأسرة كاملة، فى بلد تجاوز نسبة الفقر فيها 40%، فسياسة ربط الأجر بالإنتاجية ستكون حافزا لأى مواطن يريد تحسين دخله لعيش حياه كريمة». جذب الاستثمارات وطالب رئيس اتحاد العمال السابق، عبد الفتاح إبراهيم، بضرورة إعادة فتح 4000 مصنع معطل بسبب الروتين والبيروقراطية الحكومية، التى أدت إلى عدم تدخل للحكومة لحل أزمة تلك المصانع مع البنوك، فتحقيق مطالب العمال وحصولهم على أجر عادل، وحل مشاكلهم مع المستثمرين وأصحاب الأعمال، يوفر لهم الحد الأدنى من الأمان المعيشى والوظيفى، بالإضافة إلى إجبار أصحاب المصانع على توفير التأمين اللازم لحمايتهم من مخاطر العمل، سيكون خطوة حقيقية فى تحقيق العدالة الاجتماعية، فضلاً عن أنها وسيلة ناجعة لجذب الاستثمارات التى تعنى فتح مصانع جديدة، وتوفير فرص عمل لعشرات الآلاف من الشباب المصري. وأكد رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، محمود العسقلاني، أن الدولة لابد أن تعيد النظر فى دعمها لرجال الأعمال فى قطاعات الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك التى يستفيد منها قلة من رجال الأعمال، وإعادة ضخها لصالح الفقراء، وهو ما سيوفر على الدولة نحو 90 مليار جنيه، وهو مبلغ لابد أن يتحول إلى دعم عينى لشرائح المجتمع الأكثر فقراً، للسيطرة على مظاهر التضخم وغلاء الأسعار، فالمواطن البسيط لن يشعر بعدالة اجتماعية حقيقية إلا إذا تم توزيع بنود الموازنة العامة للدولة بالتساوى بين جميع أطياف المجتمع. إصلاح اقتصادى «رفع الدعم عن رجال الأعمال يعطى الفرصة للحكومة المصرية لإعادة توزيعه من جديد لصالح المجتمع المصرى الذى يقع 40% منه تحت خط الفقر».. هكذا قال رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أحمد الوكيل، مطالباً بضرورة إجراء إصلاح اقتصادى ومالى عاجل، يشارك فيه مجتمع الأعمال المصرى، من خلال رفع أسعار الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة سواء المازوت أو الكهرباء، ورفع أسعار المياه لشرائح معينة من المواطنين الذين يسكنون القصور والفيلات التى تستهلك كميات كبيرة من المياه، فى ظل وجود حمامات سباحة. ورأت أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، الدكتورة يمن الحماقي، أن إتاحة التمويل اللازم لدعم مشروعات الشباب، ستعمل على خلق فرص عمل كثيرة للشباب العاطل، وانشغاله بالعمال والإنتاج بدلا من إتاحة الفرصة لانتشار الإحباط واليأس. فهناك العديد من مشروعات الشباب الجاهزة، التى تنتظر عطفا من حكومة واعية تعرف معنى العدالة الاجتماعية، لتقليل الفجوة بين طبقة الأغنياء والفقراء وخلق طبقة متوسطة تمثل معظم طوائف الشعب المصرى، مؤكدة أن الحل الوحيد لاستيعاب ما يقرب من 13 مليون شاب عاطل هو توفير قروض ميسرة للشباب لبناء حياتهم من خلال أفكار تتم دراستها. الاهتمام بالعمال رئيس اتحاد الصناعات، محمد السويدي، دعا إلى أن الحكومة المقبلة لابد أن تهتم بالعامل، لأن مصر من أكبر الدول التى لديها هالك فى قيمة العامل، فلو اهتمت به الحكومة، فهذا يعتبر من أفضل الطرق الموصلة إلى العدالة الاجتماعية، لأنها ستوفر له فرصة فى الحصول على حياه أفضل، مع الأخذ فى الاعتبار تحفيزه للعمل بكامل طاقته الإنتاجية. زيادة الأجور وفيما أكد أحمد مسعد، عامل نظافة بإحدى الشركات الأجنبية، أن مفهوم العدالة الاجتماعية يتلخص فى راتب يعادل ما يبذله من عمل لأكثر من 12 ساعة يومياً، ويكفى حاجة أسرتي، رأى الطالب بالدراسات العليا بإحدى الجامعات الحكومية، عبدالرحمن ممدوح أنه لن يتم تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية إلا من خلال تحقيق تكافؤ الفرص لجميع المصريين، خاصة أمام الشباب لأن لديهم إحساسا بالظلم مع اختفاء فرص العمل الجيدة فى ظل تصاعد متطلبات الحياة، لذلك ي لسان حالهم يقول: من أين يأتى الانتماء؟!.