«طول عمره حارمنى من متع الحياة، لم أهنأ يوما بطعم الدنيا لأن بخله فاق كل الحدود. حتى الخروج مع أصدقائى حرمنى منه بحجة الحفاظ على المال، ورغم أن حالته ميسورة إلا أنه كان يضيق الدنيا علىّ وعلى أشقائي». بهذه الكلمات المريرة بدأت اعترافات الشاب المتهم بقتل والده وتمزيق جسده بمنطقة أكتوبر للحصول على وديعة من البنك قيمتها 500 ألف جنيه، كان قد تركها والده.
«الصباح» التقت المتهم «أحمدج. م»، داخل محبسه بقسم شرطة ثان أكتوبر، كى يروى لنا تفاصيل ارتكابه جريمة القتل، فوجدناه شابًا فى مقتبل العمر، عرفنا منه أنه تخرج فى الجامعة حديثًا، ومشكلته طوال عمره أن والده كان دائم التشاجر مع والدته لأنه بخيل جدًا، لا ينفق عليهم إلا فى أضيق الحدود، ويتحرى أرخص الأسعار، ويصف الشاب طفولته بأنها كانت عذابًا مستمرًا، فلم يستمتع أبدًا بلعب الأطفال أو النزهات الجميلة أو هدايا الأعياد. يتابع المتهم: حاولت والدتى أن تصلح من طباع والدى أو تغيِّر من سلوكه، لكنها فشلت، وقررت الاستمرار معه من أجل تربيتنا فقط، وفى المرحلة الابتدائية كان يعطينى أقل مصروف ممكن، وكنت الوحيد بين زملائى الممنوع من الدروس الخصوصية، وكان يقول لى «لازم تنجح بمجهودك ومن غير مساعدة منى»، حتى أصبحت أكرهه، وظللت أفكر كثيرًا فى الهروب من المنزل، إلا أن والدتى الحنون كانت تمنعنى، وعندما وصل بى المطاف إلى الجامعة تعرفت على زميلة لى، وبدأت بيننا قصة حب تمنيت أن أكللها بالزواج فقررت أن أخطبها، وعندما عرضت الأمر على والدى كان رد فعله وكأنى ضربته بالنار، صفعنى على وجهى وطردنى من المنزل، وقال لى «لما تعرف تصرف على نفسك ابقى فكر فى الجواز». هذه الواقعة كان لها تأثير كبير على المتهم، الذى بدأ بعدها حياة التشرد وتعاطى المواد المخدرة بعدما تعرف على أصدقاء السوء، الذين زينوا له جريمة التخلص من والده كى يستمتع بأمواله. ويوضح المتهم تفاصيل الخطة بقوله: «قررت التخلص منه بعدما تأكدت من أنه يودع فى إحدى البنوك مبلغ 500 ألف جنيه، اعتبرتها حقًا لى، مقابل كل سنوات الشقاء التى أجبرنى عليها، فانتظرت حتى يوم الحادث، وتسللت إلى المنزل بعد منتصف الليل، ودخلت غرفته وأيقظته من النوم وهددته بسلاح أبيض طالبًا منه أن يحضر دفتر شيكاته، ويصدق على صرف مبلغ 500 ألف جنيه باسم أحد أصدقائى، وبالفعل نفذ ما طلبته منه، وحين كنت أهم بالخروج من الغرفة لاحقنى وحاول الإمساك بى، إلا أن سكينتى كانت أقرب إلى قلبه فسددت له عدة طعنات أودت بحياته، بعدها صرفت المبلغ أنا وصديقى من البنك، لكن تم إلقاء القبض علينا بعد ذلك. كان المقدم فوزى عامر رئيس مباحث قسم شرطة ثان أكتوبر، تلقى بلاغًا من ربة منزل تفيد بعثورها على زوجها مقتولًا داخل غرفته، ومن خلال الانتقال والمعاينة عثر على الجثة غارقة فى دمائها وبها عدة طعنات، وبعد إجراء التحريات وجمع المعلومات التى أشرف عليها اللواء محمود فاروق مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة، تبين أن وراء الجريمة «أحمد. م» (طالب جامعى)، وهو نجل المجنى عليه، وأن الدافع وراء الجريمة خلافات مالية بينه وبين والده، فتم إلقاء القبض على المتهم، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وتحرر محضر بالواقعة أحاله اللواء كمال الدالى مساعد وزير الداخلية ومدير الأمن إلى النيابة العامة التى تولت التحقيق.