اسمه «بابا نويل»، أو «سانتا كلوز»، أو «القديس نيكولاس».. ولكن هل قصة حياته حقيقة أم أسطورة؟ ولماذا ارتبطت بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام؟ وما هذه الملابس الغريبة التى يرتديها؟ ولماذا نراه أحيانا يركب حمارا وأحيانا مركبة تجرها الغزلان؟! ما لا يعلمه الكثيرون أن «بابا نويل» شخصية حقيقية، وربما يتعجب البعض عندما يعرف أن الشخص شبه الأسطورى الذى تحتفل الكنيسة القبطية بعيد وفاته فى العاشر من شهر «كيهك» القبطى، هو القديس نيكولاس «أسقف مورا» فى منطقة آسيا الصغرى خلال القرن الرابع الميلادى. وعى «نيكولاس» منذ حداثته على كل تعاليم الكنيسة، فأصبح شماسا ثم راهبا فى دير كان ابن عمه رئيسا عليه، فعاش عيشة النسك والجهاد والفضيلة، حتى رُسم قسا وهو فى التاسعة عشرة من عمره، وأعطاه الله موهبة مساعدة الناس وخاصة المرضى منهم حتى ليجل عن الوصف ما أجراه من آيات وقدمه من إحسان وصدقات. ومن ذلك أنه كان بمدينة مورا رجل غنى فقد ثروته حتى احتاج للقوت، وكان له ثلاث بنات جاوزن سن الزواج، ولم يزوجهن لسوء حالته، فوسوس له الشيطان أن يوجههن للأعمال المهينة، ولكن الرب كشف للقديس نيكولاوس ما اعتزمه هذا الرجل، فأخذ من مال أبويه 100 دينار، ووضعها فى كيس وتسلل ليلا دون أن يشعر به أحد وألقاها عبر نافذة منزل الرجل، وكانت دهشة الرجل عظيمة عندما وجد الكيس فى الصباح وفرح كثيرا واستطاع أن يزوج بهذا المال ابنته الكبرى. وفى ليلة أخرى كرر القديس عمله وألقى بكيس ثان من نافذة المنزل، وتمكن الرجل من تزويج الابنة الثانية، إلا أنه أراد أن يعرف هوية ذلك المُحسن الغامض، فلبث ساهرا يترقب، وفى المرة الثالثة حالما شعر بسقوط الكيس، أسرع إلى خارج المنزل ليرى من الذى ألقاه، فعرف أنه الأسقف الطيب القديس نيكولاس، فخر على قدميه وشكره كثيرًا، لأنه أنقذ فتياته من العنوسة، أما هو فلم يقبل منهم أن يشكروه، بل أمرهم أن يشكروا الله الذى وضع هذه الفكرة فى قلبه. وبعد وفاة القديس «نيكولاس» انتشرت سيرته العطرة، وعمت أماكن عديدة فى روسيا وأوروبا، وخصوصا فى ألمانيا وسويسرا وهولندا وكانوا يتبادلون الهدايا فى عيد الميلاد على اسمه، فبدأت الحقيقة تختلط بالأسطورة. وجاء اسم «بابا نويل» ككلمة فرنسية تعنى «أب الميلاد»، وظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد، وذهب البعض الآخر إلى أن موطنه فنلندا، خصوصا أن هناك قرية باسم «بابا نويل» يروجون لها سياحيا على أنها مسقط رأس نيكولاس ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويا. ومع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون إليها قديسيهم ومنهم القديس نيكولاوس أو «سانت نيكولا» وتطور الاسم حتى صار فيما بعد «سانتا كلوز». أما الصورة الحديثة ل«بابا نويل» فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكى كلارك موريس الذى كتب سنة 1823 قصيدة بعنوان «الليلة التى قبل عيد الميلاد» يصف فيها هذا الزائر المحبّب ليلة عيد الميلاد. وفى عام 1881، قام الرسام الأمريكى توماس نيست فى جريدة «هاربرس» بإنتاج أول رسم ل«بابا نويل»، كما نعرفه اليوم، ببدلته الحمراء الجميلة ولحيته البيضاء الطويلة وحذائه الأسود اللامع، ويقال إن ذلك كان ضمن حملة ترويجية لشركة كبرى، ربما تكون «كوكاكولا». ومن وقتها انتشر «بابا نويل» فى ثوبه الجديد وصار من أشهر الشخصيات التى يحبها الأطفال فى كل أنحاء العالم، ومع تغير المكان تخلى «سانتا كلوز» عن حماره الذى كان يحمل عليه الهدايا والألعاب ليمتطى «زحافة» على الجليد تجرها 8 غزلان يطلق عليها حيوان (الرنة) ذو الشكل المميز. وتروى الحكايات أن «بابا نويل» يضع للأطفال الهدايا داخل «جوارب» صوفية يضعونها فوق المدفأة فى منازلهم، حيث كان يتسلل من فتحة المدفأة حتى لا يراه الأطفال ليلا ويفاجئون بالهدايا فى الصباح فيتملكهم السرور. وفى مصر انتشر بابا نويل فى الكنائس القبطية خلال احتفالات رأس السنة الميلادية، وصار رمزًا للاحتفال بالعام الجديد، ونسى الكثيرون أنه قديس ومعترف به فى الكنيسة الأولى «كنيسة القرن الرابع الميلادى».