وسط انطباع سيئ عن اللاعب المصرى فى الملاعب الأوروبية صنع محمد صلاح نجم مصر ونادى بازل السويسرى نجاحات غير متوقعة، وعمره لم يتجاوز الثالثة والعشرين وخلال أقل من موسمين.. كان اسم الفتى الذهبى المصرى يدق كالأجراس ليس فى الملاعب السويسرية فقط ولكن فى كل أنحاء أوروبا.. بعد أن تخطت نجاحاته مجرد الفوز بالدورى السويسرى، ووصل مع ناديه إلى الدور قبل النهائى فى يورباليج الموسم الماضى، وحقق نجاحات ملموسة فى دورى أبطال أوروبا الموسم الحالى، ويكفيه فخرا أنه هز شباك بيتر تشيك، أفضل حراس العالم، ذهابا وإيابا فى مواجهتى تشيلسى وبازل.. وقهر البلوز بقيادة البرتغالى الداهية مورينيو، ليرتفع سعره خلال أقل من عام إلى 20 مليون استرلينى، أى ما يفوق 200 مليون جنيه مصرى، وتتصارع عليه كبرى الأندية الإنجليزية والألمانية لضمه خلال الموسم المقبل. الدرس الأول فى عالم النجاح كرة القدم ليست فقط مجرد مهارة رائعة.. وقدرة على إظهارها داخل البساط الأخضر، هذا هو الدرس الأول الذى تعلمه ابن طنطا، مع موافقة ناديه السابق المقاولون العرب على انتقاله النهائى إلى بازل السويسرى بعد فترة معايشة أثبت خلالها كفاءته الفنية وجدارته بارتداء قميص النادى السويسرى. وضع صلاح فى اعتباره كل أخطاء ميدو وعمرو زكى ومحمد زيدان وعصام الحضرى وغيرهم ممن لم يحسنوا استغلال فرص الاحتراف التى لاحت لهم وتعامل بجدية احترافية منذ الدقيقة الأولى له فى سويسرا، وأتقن لغة أهل البلد عن ظهر قلب.. إضافة إلى اللغة الإنجليزية عبر عدة كورسات رغم أنه لم يحصل على مؤهل عال مرموق، كونه حاصلا على دبلوم صنايع، ما سهل له كثيرا من الأمور.. وأبعد عنه شبح المرض المزمن لكل اللاعبين المحترفين المصريين المسمى ب«الحنين إلى الوطن». عقلية الاحتراف تتغلب على عاطفة الانتماء للزمالك لم يكن محمد صلاح وضع فى ذهنه أن الاحتراف فى سويسرا سيكون ترانزيت للعودة إلى الأهلى أو الزمالك فى مصر، ونحى عواطفه جانبا وهو يغادر مطار القاهرة الدولى وألقى خلف ظهره حلم ارتداء قميص الزمالك الأبيض الذى عشقه منذ نعومة أظافره، ولم يعبأ كثيرا برفض ممدوح عباس، رئيس نادى الزمالك السابق، لانضمامه إلى القافلة البيضاء بدعوى أنه يحتاج إلى جهد كبير ليكون ضمن صفوف الزمالك، هكذا قال ممدوح عباس فى حوار مسجل بالصوت والصورة وفضل عليه محمد الننى، الذى لحق به بعد عدة أشهر من انتقاله إلى بازل السويسرى، متصورا أن الننى سيكون أكثر فائدة للزمالك.. فلا طال صلاح ولا نال الننى. ترسانة الأهلى تفشل ولم يغر ذهب الأهلى النجم الكبير رغم كل محاولات عدلى القيعى وترسانة القلعة الحمراء التى طاردته، وتصدى لها بكل احترافية المهندس شريف حبيب، رئيس نادى المقاولون العرب، الذى خرج عن النص، وتعامل بطريقة مختلفة عن باقى رؤساء الأندية، ومنح صلاح ثم الننى حرية الاحتراف بعيدا عن الفكر الضيق، بانتقال لاعبى أندية الوسط إلى الأهلى والزمالك. قميص أبوتريكة وربما لا يعلم كثيرون أن محمد صلاح الذى ارتدى القميص رقم 10 فى نادى المقاولون العرب، طالب إدارة ناديه بازل السويسرى بارتداء القميص رقم 22 اقتداء بالأسطورة المصرية محمد أبوتريكة والذى لعب دورا كبيرا فى تألق محمد صلاح مع منتخب مصر خلال مشوار تصفيات كأس العالم، فأهدى له العديد من الهدايا التى كفلت للفتى الذهبى إحراز 6 أهداف فى مشوار تصفيات كأس العالم الأخيرة، تصدر بها هدافى مصر فى المونديال مناصفة مع تريكة، ومتفوقا عليه كونه أحرزها جميعها من لعب مباشر بينما كان لتريكة ثلاثة أهداف من ركلات جزاء أمام غينيا وزيمبابوى وغانا. الطريق لم يكن مفروشا بالورود لم يكن طريق صلاح فى بازل مفروشا بالورود.. لاحقه اسم عصام الحضرى الذى أطاحت به انطباعات الأشياء، عندما كان حارسا لنادى سيون السويسرى قبل أن يرحل عنه متجها إلى الدورى المحلى من جديد، فذهب رحلة احتراف غير شرعية من دون إرادة النادى الأهلى.. لكن إصرار وعزيمة صلاح كفلت له ترسيخ الفارق فى أذهان جماهير بازل بينه وبين الحضرى. لم يكن صلاح يحصل على مباراة كاملة.. لكنه كان قادرا فى الفترة التى يشارك فيها على أن يصنع الفارق.. وبعد مباراة تلو الأخرى.. فرض نفسه أساسيا لتعمل ماكينة أهدافه بسرعة فائقة، أذهلت مرات ياكين، المدير الفنى لبازل، وهو من أصل تركى كما يتضح من اسمه. الإفلات من الفخ الإسرائيلى بعد موسم واحد فقط انهالت العروض على محمد صلاح ووصل سعره إلى 5 ملايين يورو، لكنه لم يسقط فى الفخ، وقرر أن يكمل مشواره مع بازل السويسرى وانضم إليه محمد الننى، نجم خط وسط المقاولون العرب، وشكلا معا ثنائيا مصريا رائعا، وكانا سفيرين فوق العادة، وعندما تعرضا لأول مطب «متوقع» بملاقاة فريق إسرائيلى، فى دورى أبطال أوروبا لم يسقطا فى الاختبار، تعاملا بهدوء شديد وبذكاء يحسدا عليه.. تجنبا كل الاستفزازات الإسرائيلية، وكان لصلاح بصمة رائعة أقصت المنافس الإسرائيلى لبازل هابونيل تل آبيب على ملعبه ووسط جماهيره، وأصر النجم المصرى على السجود شكرا لله فى عقر دار الصهاينة، كما تجنبا مصافحة الإسرائيليين وفقا لقواعد اللعب النظيف.. التى أقرها الفيفا بأن صافحهم بقبضة اليد وليس بالطريقة المعتادة التى تعبر عن علاقة حميمة تعبر عن السلام. 18 ديسمبر زفاف النجم الكبير ولأن صلاح يؤمن بأن الزواج المبكر أفضل طريق للاستمرار فى الملاعب لفترة طويلة والمحافظة المكانة التى يصلها أى نجم.. فقد قرر أن يكمل نصف دينه خلال النصف الثانى من ديسمبر الحالى، وتحديدا يوم 18 ديسمبر الجارى بعد الانتهاء من مباراة شالكة فى ختام دور المجموعات بدورى أبطال أوروبا وتحديد مصير بازل فى مشوار البطولة الأوروبية، كما يؤمن أيضا أنه لابد من حصوله على مؤهل عال، وعدم الاكتفاء بحصوله على دبلوم صنايع، ويحاول صلاح الآن الحصول على بكالوريوس معهد الدراسات التعاونية والتجارية. ولم يحزن صلاح عندما تم استبعاده من قائمة أفضل اللاعبين مرشحين لجائزة أفضل لاعب فى إفريقيا عن عام 2013، وهى القائمة التى لم يدخلها من مصر غير محمد أبوتريكة.. ويدرك صلاح جيدا أن فرصته ستكون أكبر خلال الأعوام المقبلة، إذا ما ذهب بعيدا مع بازل فى دورى الأبطال أو إذا انتقل لناد أكبر فى أوروبا، وشارك فى مسابقة أكثر قوة مثل الدورى الألمانى، أو الدورى الإنجليزى، لاسيما أن سعره وصل الآن إلى 20 مليون استرلينى.