بدأت السلطات الليبية مرة أخرى مفاوضاتها مع السلطات المصرية، لتسليم عدد من المطلوبين للعدالة فى ليبيا، والهاربين بعد ثورة السابع عشر من فبراير إلى مصر. السلطات الليبية أعدت قائمة تتضمن 76 متهما، جميعهم مسئولون سابقون فى نظام القذافى، وقدمت طلبا رسميا للسلطات المصرية لتسليمهم فى عهد الرئيس المعزول، ولا يزال الأمر معلقا حتى الآن. وزير الخارجية والتعاون الدولى الليبى محمد أحمد عبد العزيز، أكد فى تصريح خاص ل«الصباح» أن بلاده تنتظر من السلطات المصرية ردا حول المطلوبين الليبيين الموجودين فى مصر، موضحا أنهم ناقشوا مع النيابة العامة المصرية، ووزارة العدل فى القاهرة، هذا الملف منذ نحو أسبوعين، وأشار إلى أن السلطات المصرية تعهدت بالتعاون معهم لكن الأمر سيحتاج لمزيد من الوقت. من جهته، أكد عمر حميدان، المتحدث باسم المؤتمر الوطنى العام (البرلمان الليبى)، أنه هناك جدل حول بعض المطلوبين الليبيين الموجودين فى مصر من أصحاب الرأى، والذين لم يتورطوا فى قضايا جنائية. وقال حميدان فى اتصال هاتفى مع «الصباح»: إن قضية تسليم المطلوبين تتكون من شقين أحدهما سياسى، والآخر قانونى، الأول فيما يخص الشق السياسى، فإن بعض المطلوبين ينظر إليهم على أنهم أصحاب فكر سياسى، وبالتالى يفضل تأجيل البت فى أمرهم حاليا، أما المتورطون فى ارتكاب جرائم، فلابد من تسليمهم، وأضاف: «فيما يخص الشق القانونى، فلا يوجد مانع قانونى يحول دون تسليم المطلوبين، خاصة الجنائيين لأنهم يهددون الأمن القومى الليبى». وأكد حميدان أن صلاح المرغنى، وزير العدل الليبى، يتابع هذا الملف بشكل جدى، مبينا أنه لم يطرح ضمن بنود جلسات المؤتمر الوطنى العام (البرلمان الليبى) وإن كان بعض الأعضاء يتابعون هذا الموضوع. وحول ما أثير عن الصفقات المتبادلة لتسليم المتهمين قال عمر حميدان: «أنا لا أستطيع أن أنفى أو أؤكد الأمر ولكنى وفقا للمنطق أستبعد حدوث ذلك». المتحدث باسم المؤتمر الوطنى العام الليبى أكد أن ليبيا تأمل من مصر التعاون فى مسألة تسليم المطلوبين، مشددا على أن بلاده تدعم الشرعية المصرية، وتسعى لدعم الاستقرار فيها، ويتوقع من القاهرة حرصها على المساعدة فى حفظ الأمن فى ليبيا. فى حين ذهب عدد من المثقفين والنشطاء الليبيين إلى القول بأن الظروف لا تعتبر سانحة لتسليم المطلوبين فى الوقت الحالى، حيث قال الصحفى الليبى فتحى بن عيسى: إن الموقف المصرى من التسليم موقف تاريخى، التزمت به تجاه كل من يلجأ إليها، وكلنا يذكر أنها لم تسلم الملك إدريس السنوسى، رغم مطالبة القذافى به ورغم صداقته مع جمال عبد الناصر. وأضاف بن عيسى فى تصريح ل«الصباح» أن ليبيا تعانى غياب الأمن وعدم توفر ضمانات كافية لإنجاز محاكمات عادلة، وهذا بشهادة أركان الحكومة الليبية، مستشهدا بما أعلنه وزير العدل الليبى الحالى عن محاولة خطفه والاعتداء على مرافق القضاء، ولفت بن عيسى إلى أنه فى ظل هذه الأوضاع يصبح الأمر بالمطالبة نوعا من العبث، فحتى الآن لم تستطع ليبيا إنجاز محاكمة الموقوفين لديها وأعدادهم بالآلاف فكيف لها أن تطالب بمن هم فى الخارج؟. واعتبر بن عيسى أن قضية التسليم قضية مسيسة، موضحا أنه فى الوقت الذين تطالب ليبيا إعلاميا بتسليم الموجودين فى مصر، تغض الطرف عن موسى كوسا مثلا، ولفت إلى أن المزايدة تدخل بشكل كبير فى هذه القضية.