وضعت جبهة الإنقاذ حدًا للشائعات المنتشرة حول بقائها، وخوضها الانتخابات البرلمانية بقائمة موحدة، ودعمها الكامل لمرشح ثورى مدنى لخوض انتخابات الرئاسة. إذ يبدو أن أيام جبهة الإنقاذ الوطنى أصبحت معدودة، فالجبهة التى ساهمت فى إسقاط نظام الإخوان، مهددة ب «الحل» خاصة بعد طرح اسم اللواء مراد موافى، ليكون مرشح الجبهة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بديلًا عن حمدين صباحى، بعد أن أعلن عدد من الأحزاب داخل الجبهة تخليها عن دعم صباحى، بالإضافة إلى الخلافات حول نسبة تمثيل كل حزب فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. ورغم التصريحات «الرسمية» الصادرة عن الجبهة ببقائها، تؤكد جميع المؤشرات انتهاء دورها «عمليًا» بعد انفراط عقد أحزابها، واختلافاتها الظاهرة للجميع.. ومع اقتراب الانتخابات، وظهور عدة أسماء تنتوى الترشح، بدأت أحزاب الجبهة فى البحث عن مكاسبها الشخصية، وغنائم ما بعد ثورة 30 يونيو. «الصباح» تنفرد بكشف تفاصيل اللقاء السرى الذى عقد بفندق جراند حياة، بين الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد، والقيادى بجبهة الإنقاذ، واللواء مراد موافى رئيس المخابرات السابق، والذى تم خلاله التأكيد على دعم الأخير فى انتخابات الرئاسة القادمة، والإعلان الرسمى عن ذلك. الاجتماع الذى تم فى العاشر من الشهر الجارى، جاء بالتنسيق مع عمرو موسى المرشح الرئاسى السابق، الذى اعتذر عن عدم حضور الاجتماع فى اللحظة الأخيرة لظروف خاصة، وبحضور الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية. وشارك فى اللقاء مجموعة من كبار رجال الأعمال، الذين أعلنوا دعمهم الكامل لموافى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، واستعدادهم لتحمل جميع النفقات الخاصة بالحملة الرئاسية. وتم خلال اللقاء إبلاغ مراد موافى بتحفظ جبهة الإنقاذ على ترشح حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى فى الانتخابات، وأن أغلبية الأحزاب المشاركة فى الجبهة، وعلى رأسها حزبا الوفد والجبهة ترفض ترشح صباحى، وتدعم ترشيح موافى. ووعد موافى الحاضرين بدراسة الأمر برمته قبل إعلان موقفه النهائى، خاصة مع وجود بعض الشخصيات المحسوبة على التيار العسكرى، والتى تنتوى الترشح لانتخابات الرئاسة. الخلاف داخل جبهة الإنقاذ ظهر واضحًا للعيان، خاصة بعد اعتزال البرادعى العمل السياسى وابتعاده عن الساحة، ودخول حمدين صباحى وعمرو موسى فى خلاف كبير، بعد أن قرار صباحى خوض الانتخابات الرئاسية، ومطالبته فى نفس الوقت قيادات الجبهة بعدم الترشح، فى إشارة لشخص «عمرو موسى»، وهو الأمر الذى حاولت جبهة الإنقاذ التقليل من أهميته، ودعم أمين جبهة الإنقاذ الدكتور أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، فكرة عدم أهمية ما يثار حول الخلاف بين حمدين صباحى وعمرو موسى على فكرة الترشح. وأكد سعيد فى تصريحات خاصة ل «الصباح»، أنه لا يوجد خلاف بين موسى وصباحى، بعد أن أعلن موسى أمام الجميع، أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وليس صحيحًا فكرة إبعاد موسى عن الترشح مرة أخرى، ليكون للتيار المدنى ولجبهة الإنقاذ مرشح واحد متفق عليه وهو حمدين صباحى. كان حمدين صباحى قد طلب من قيادات جبهة الإنقاذ الوطنى دعمه الكامل فى الانتخابات المقبلة، لكن البعض تحفظ على طلبه، ولم يبد أى رأى فى ذلك الأمر، وإرجاء الموافقة لحين العودة إلى أحزابهم، وهو الأمر الذى جعل حمدين صباحى يراهن على الشباب فى دعم حملته الانتخابية. الغريب فى الأمر أنه بعد إعلان حمدين صباحى خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإعلان حملة «مرشح الثورة» التى أطلقها شباب وكيانات ثورية لدعم حمدين، خلت الحملة من بعض أحزاب جبهة الإنقاذ والتى تحسب على التيار الليبرالى، مثل حزب الوفد وحزب المصرى الديمقراطى برئاسة الدكتور محمد أبوالغار، وحزب الجبهة الديمقراطية برئاسة الدكتور أسامة الغزالى حرب، وصولًا لشباب جبهة الإنقاذ الذين رفضوا المشاركة فى حملة «مرشح الثورة». وعن سبب عدم دعم بعض أحزاب الجبهة لحملة حمدين صباحى، أكد مجدى حمدان القيادى بجبهة الإنقاذ، أن صباحى مواقفه السياسية متذبذبة ومهزوزة فى الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أن صباحى طلب من قيادات جبهة الإنقاذ قبل تشكيل لجنة الخمسين إعلان دعمهم له فى الانتخابات الرئاسية تحت بند مرشح الثورة، وهو الأمر الذى تحفظ عليه كثيرًا من قيادات الأحزاب التى كانت متواجدة فى هذا الاجتماع، ورفضوا طلبه، مؤكدين أنهم لن يدعموا مرشحًا بعينه إلا بعد أن يتوافق عليه الشعب. وأكد حمدان ل «الصباح» أن أغلب أعضاء الجبهة، ومن بينهم حزب الجبهة الديمقراطية التى ينتمى له، أكدوا للجميع أنه يجب أن يكون المرشح القادم ذا خلفية عسكرية بسبب الاضطرابات الأمنية التى تشهدها مصر، مؤكدًا أن المرشح المدنى القادم سيكون مصيره الفشل فى ظل الأزمات التى تشهدها مصر فى معظم المجالات. من جانبه قال عمرو بدر منسق عام حملة «مرشح الثورة»، إننا سنفتح قنوات اتصال بين جميع الأحزاب المصرية، ومع أحزاب الجبهة بشكل خاص، لطرح فكرة التوحد على مرشح رئاسى مدنى، لتجنب تفتيت الأصوات الانتخابية كما حدث فى الانتخابات الماضية، مؤكدًا أن الحملة حتى الآن لم يشارك بها أى من الأحزاب المكونة لجبهة الإنقاذ، لأننا نريد أن نكون أكثر مصداقية، ولا تابعين لأى تيار أو كيان سياسى. وأشار «بدر» إلى أننا سوف نطرح البرنامج الكامل لمرشح الثورة خلال الأسابيع المقبلة، بالتزامن مع فتح الحوار مع الأحزاب السياسية لدعم مرشح الثورة. انتخابات البرلمان الخلاف داخل جبهة الإنقاذ لم يقتصر على الانتتخابات الرئاسية، بل امتد أيضا للبرلمانية، فالأحزاب اليسارية هددت بانسحابها من الجبهة بسبب تقسيم «النسب» على القوائم الانتخابية، وتحديد نصيب الأحزاب من المرشحين، ورفض الأحزاب الكبرى أن تكون النسب متساوية، مما أدى إلى حالة من التخوف والقلق عند البعض، من ضآلة تمثيلهم فى القوائم الانتخابية. وجاء إعلان لجنة نظام الحكم، المنبثقة من لجنة الخمسين لتعديل الدستور، بأن الأغلبية فى البرلمان القادم ستشكل حكومة، ليزيد الاحتقان داخل الجبهة، ولتعيد أحزاب جبهة الإنقاذ ترتيب أوراقها من جديد، ودراسة نزول كل حزب بمفرده بقائمة فى الانتخابات، بدلًا من قائمة موحدة للجبهة. وبالفعل أعلنت أحزاب المصرى الديمقراطى، والمصريين الأحرار، والجبهة الديمقراطية، عن خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، بتحالف واحد على غرار «تحالف الكتلة المصرية»، إذا تم إقرار نظام القائمة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، وكذلك فعل التيار الشعبى الذى أعد قوائمه الانتخابية بعيدًا عن جبهة الإنقاذ، مع وجود تعاون مع الأحزاب اليسارية والناصرية التى هددت بالانسحاب بسبب «المحاصصة» الحزبية غير العادلة داخل الجبهة. الانتخابات البرلمانية القادمة يبدو أنها ستكون الفيصل الأخير فى استمرار جبهة الإنقاذ؛ فالهيئة العليا لحزب الوفد فى اجتماعها الأخير استقرت على ضرورة الانسحاب من الجبهة، بعد انتهاء دورها فى الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين، والحفاظ على الدور التاريخى الذى قامت به، ويقتضى ضرورة توقف نشاط جبهة الإنقاذ الوطنى، بتحقق الهدف الذى تأسست من أجله، خاصة أن الجبهة تتكون من قوى سياسية تختلف فى أفكارها وبرامجها، إلا أنها توحدت تحت راية الوطنية المصرية من أجل إنقاذ مصر، وأعرب الوفد عن أمله فى أن تحظى هذه الرؤية بتوافق أعضاء الجبهة. وأكد مصدر من داخل حزب الوفد ل «الصباح» أن أعضاء الهيئة العليا للحزب أبدوا خوفهم من خوض جبهة الإنقاذ الانتخابات البرلمانية القادمة بقوائم موحدة، مما يضيع الفرصة على حزب كبير مثل الوفد فى حصد الأغلبية فى الانتخابات البرلمانية القادمة. وأكد المصدر الوفدى أن الهيئة العليا للحزب قالت للبدوى، إن الحزب لديه قواعد شعبية عريضة، وبيانات جميع الناخبين فى المحافظات، وهو ما يضيع علينا الفرصة فى خوض الانتخابات بعيدًا عن التحالفات، مضيفًا إلى أن أعضاء الوفد يرحبون بخوض الانتخابات البرلمانية بمفردهم، بعد طرح قانون الانتخابات البرلمانية من قبل المحكمة الدستورية العليا. وأضاف المصدر إلى أن فرصة الوفد ستتضاءل إذا قرر خوض الانتخابات البرلمانية القادمة فى تحالفات مدنية، أو قوائم موحدة للجبهة، وهو ما يثير المشاكل فى حصص الأحزاب المشاركة فى الجبهة. من جانبه قال الدكتور رفعت السعيد القيادى بجبهة الإنقاذ: إن التخوفات من تفكك الجبهة فى وقت حرج مع اقتراب الانتخابات، كما حدث فى الكتلة المصرية بالانتخابات البرلمانية الماضية، دفع بعض الأحزاب لإجراء استعدادات داخلية بعيداً عن الجبهة، وإعداد قوائم خاصة بها، وعلى رأس تلك الأحزاب «حزب الوفد» الذى أعد قوائمه منفرداً فى حال خروجه من الجبهة. فى حين أكد عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى والقيادى بجبهة الإنقاذ، أن هناك اتجاهًا يرى ضرورة استمرار عمل الجبهة بشكل موحد، لدورها المهم فى المرحلة الانتقالية بالمشاركة فى تعديل الدستور، وإعداد صيغة مناسبة للمصالحة الوطنية، تشكيل قائمة واحدة فى انتخابات مجلس نواب الشعب لضمان تواجد التيار المدنس بنسبة كبيرة فى المجلس المقبل يضمن تحقيق المطالب التى ننشدها للشارع.