أودعت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، حيثيات حكمها الصادر بإلزام كل من رئيس الجمهورية، الدكتور محمد مرسى، ورئيس مجلس الوزراء، الدكتور هشام قنديل، والنائب العام المستشار طلعت عبد الله، ووزيري الداخلية والخارجية ورئيس مصلحة الهجرة والجنسية، بعدم جواز ووقف إجراءات ومنع تسليم أحمد قذاف الدم منسق العلاقات المصرية الليبية السابق، إلى السلطات الليبية، حيث أكدت المحكمة. أن الدستور المصري كفل الحرية الشخصية لكل إنسان داخل مصر بغض النظر عن جنسيته، وأن قذاف الدم دخل البلاد وأقام بها بصفة شرعية وأنه يرتبط بصلة قرابة مع رئيس ليبيا السابق معمر القذافي، الذى ثار الشعب الليبي الشقيق عليه، وأنه كان منسقا للعلاقات الليبية المصرية قبل الثورة، واستمر مقيما فى مصر بعد قيام الثورة الليبية. وذكرت المحكمة أن قذاف الدم يتمتع بالحماية القانونية المقررة للمقيمين على الأراضي المصرية، والتي قررتها مواد الدستور المصري والاتفاقيات الدولية، التي انضمت إليها مصر وصارت جزءا من النظام القانوني المصري، ومنها اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة فى جينيف، والتي حظرت طرد اللاجىء أو رده إلى الحدود أو الأقاليم، التى تكون حياته أو حريته مهددة فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه أو آرائه السياسية، والنظام القانوني المصري يعرف نوعين من اللجوء إلى مصر الأول هو نظام اللجوء السياسي والذى نصت عليه المادة 57 من الدستور، وهو مقصور على فئة السياسيين. أما النوع الثاني من اللجوء فهو اللجوء الإقليمي، الذى نظمته اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، وهذا النظام يتسع ويشمل كل أجنبي دخل مصر وأقام فيها بشكل شرعي أو غير شرعي لأسباب تتعلق بالأوضاع السياسية في بلده أو لأسباب تهدد حياته وحريته للخطر بسبب العرق أو الدين أو الانتماء السياسي. وقالت المحكمة، إن هذه الاتفاقيات كفلت للمقيم على الأراضى المصرية حق الإقامة بمأمن من الملاحقة، وحظرت ترحيله أو تسليمه إلى أية دولة على غير رغبة منه وإرادة، خاصة إذا كانت حياته ستتعرض للخطر فى الدولة، التى تطلب تسليمه إليها بسبب انتمائه إلى فصيل سياسى معين أو نظام حاكم أسقطه الشعب أو آراء سياسية، وبالتالى فإن قرار تسليمه للسلطات الليبية مخالفا لأحكام الدستور والاتفاقيات الدولية المشار إليها. ورأت المحكمة أن تسليم قذاف الدم إلى السلطات الليبية يعرض حياته للخطر وينتقص من حقوقه وحرياته، واستندت إلى أحكام الشريعة الإسلامية، والتى أمرت المسلم إذا استجار به أحد المشركين أن يجره مصداقا لقوله تعالى: "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ"، فالله تبارك وتعالى قد أوجب على المسلم أن يجير غير المسلم حتى يبلغ مأمنه، وبالتالي فإن الأمر أولى مع المسلم. وقالت المحكمة، إن إجارة المستجير خلق كريم من أخلاق العرب يضرب بجذوره فى تاريخهم واتسمت به عاداتهم فأبقى الله تعالى على هذا الخلق بل وأوجبه على الدولة الإسلامية عامة والمسلم خاصة، كما أن المصريين دولة وشعبا متحضر ضارب بجذور حضارته فى أعماق التاريخ على مصر العصور إجارته للمظلوم وإغاثته للملهوف متى لجأ إلى مصر طالبا الأمان، وذلك أيا كانت جنسيته أو ديانته أو ثقافته أو عرقه أو لغته أو انتماؤه السياسي. ولم تتطرق المحكمة إلى طلب قذاف الدم بإعطائه شهادته تفيد تمتعه للجنسية المصرية واعتباره مصري الجنسية، حيث قررت إحالة هذا الطلب إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه، وأصدرت المحكمة حكمها دون الخوض في مدى تمتعه بالجنسية المصرية من عدمه ومدى تمتعه بحق اللجوء السياسي من عدمه.