تناولت صحيفة "القدس" الفلسطينية اليوم مقالا كان نصه :"اصبح مرشد الجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي محتارا في ما يمكن ان يفعله مع احمدي نجاد الذي رعاه وسانده وتحمل بسببه، كلفة الاجراءات الخاصة بتزوير الانتخابات الرئاسية عام 2009 كي يكون رئيسا للبلاد لفترة ثانية. غير ان احمدي نجاد انقلب على حاميه وراعيه في نيسان (ابريل) 2011 بعد ان عارض المرشد، قرارا اتخذه الرئيس الايراني بتنحية وزير الاستخبارات حيدر مصلحي. وسارت اشاعات في طهران انذاك ان المرشد خامنئي كان يخشى ان يستولي احمدي نجاد على الوثائق المتعلقة بالفساد المالي والاقتصادي للمحافظين الموالين للمرشد وكذلك العاملين في بيته. وكان هذا القلق في مكانه لان احمدي نجاد كان يعلم ان المرشد يملك العديد من الوثائق من هذا النوع ضده وضد حاشيته، ومن الممكن ان يستخدمها يوما ما لغير صالحه او ضد مرشحه للانتخابات الرئاسية اصفنديار رحيم مشائي الذي يتولى حاليا رئاسة امانة منظمة دول الانحياز التي تراسها ايران. وقبل احمدي نجاد بابقاء مصلحي وزيرا للاستخبارات على مضض بعد ان اعتكف في بيته لمدة 11 يوما دون ان يغير المرشد على خامنئي قراره في هذا الصدد. لكن يقال ان احمدي نجاد ليس خالي اليدين وانه تمكن في غفلة من الزمن ان يحصل على بعض الوثائق الخاصة بفساد خصومه السياسيين بواسطة نواب لوزير الاستخبارات موالين للرئيس. وقد سرب البعض منها الى الخارج كي يتم الكشف عنها في الوقت المناسب. ومنذ ذلك الحين اخذ المرشد الاعلى على خامنئي ومؤيدوه يصفون جماعة احمدي نجاد ب "التيار المنحرف" ليضاف الى "تيار الفتنة"، اي الحركة الخضراء المعارضة بقيادة مير حسين موسوي ومهدي كروبي التي يتهمها النظام الايراني باثارة القلاقل بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009. اذ الى جانب سجناء الحركة الخضراء والاصلاحيين، يرزح حاليا في السجون الايرانية، معتقلون ينتمون الى "التيار المنحرف"، اي التيار الموالي لاحمدي نجاد واصفنديار رحيم مشائي. ويعلم احمدي نجاد جيدا ان هناك احكاماً قضائية صادرة ضد مشائي والعديد من مساعديه ومقربيه سيتم تنفيذها في اليوم التالي لتركه قصر الرئاسة وتسليمه الى الرئيس المقبل الذي سينتخب يوم 14 حزيران (يونيو) المقبل. كما انه - اي الرئيس احمدي نجاد – يخشى ان تتم تصفيته او اعتقاله هو نفسه بعد ان سلم مقاليد السلطة التنفيذية الى الرئيس الجديد. ولا ننسى ان رئيس السلطة القضائية في ايران صادق لاريجاني يعد من الد اعداء احمدي نجاد. ولذلك يبذل احمدي نجاد قصارى جهده كي يبقي على موطئ قدم له في السلطة التنفيذية وذلك بترشيح صديقه ورفيق دربه اصفنديار رحيم مشائي للانتخابات الرئاسية المقبلة. وتحدثت مصادر مطلعة في ايران عن لقاء جمع بين الرئيس احمدي نجاد والمرشد علي خامنئي قبل 3 اشهر، صارح فيه احمدي نجاد، المرشد علي خامنئي حول الانتخابات الرئاسية، سائلا عن رأيه الشخصي ببعض الذين يمكن ان يترشحوا لهذه الانتخابات. واضافت هذه المصادر ان احمدي نجاد سأل خامنئي عن رأيه بشأن ترشيح ميرحسين موسوي زعيم الحركة الخضراء المعارضة، المحجوز حاليا تحت الاقامة الجبرية في بيته، وصديقه اصفنديار رحيم مشائي. وقد رفض المرشد الاعلى، ترشح مير حسين موسوي، وهو الامر الذي يحتاج الى رفع حالة الاقامة الجبرية عنه وفتح الاجواء السياسية كما كانت في الحملة الانتخابية عام 2009. لكن خامنئي لم ينبس ببنت شفة حول رحيم مشائي، ما اعتبره احمدي نجاد دلالة على رضى مرشد الاعلى لترشيحه، خاصة وهناك مثل فارسي يقول "سكوت علامت رضاست"، اي الصمت يدل على الرضى او القبول. فرغم العداء الذي يكنه المحافظون المؤيدون لخامنئي لإصفنديار رحيم مشائي وعلى راسهم اية الله احمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور المكلف بتزكية المرشحين لمنصب الرئاسة، غير ان المرشد الاعلى يعلم ان عدم تزكية رحيم مشائي يعني ان احمدي نجاد سيزيد من مشاكساته وتحدياته له، اذ يمكن ان يعكر اجواء الانتخابات بعدم اجرائها من قبل وزارة الداخلية. وفي الحقيقة ان الحياة السياسية للرئيس الايراني والقوى الموالية له تكمن في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ولا يوجد اي طريق نجاة للرئيس الا ان يرشح شخصية قريبة له – رحيم مشائي بالدرجة الاولى او شخصاً اخر، اذا لم تتم تزكية مشائي – وان يفوز هذا المرشح في الانتخابات وذلك للحيلولة دون تنفيذ الاحكام القضائية ضد حاشية الرئيس احمدي نجاد. وبما ان المرشد الاعلى علي خامنئي يعرف جيدا ان اياً من افراد حاشيته مثل مستشاره ولايتي او رئيس بلدية طهران قاليباف او صهره حداد عادل، لن يتمكن من هزيمة اصفنديار رحيم مشائي في الانتخابات، فانه يمكن ان يلمح بالرئيس السابق محمد خاتمي كي يرشح نفسه ليكون ندا ومنافسا قويا لرحيم مشائي. ويعلم خامنئي ان خاتمي هو المرشح الوحيد الذي يستطيع ان يهزم اصفنديار رحيم مشائي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويبدو ان خامنئي الذي عمل على هندسة الانتخابات الرئاسية السابقة وقامت جماعته بتزوير النتائج لصالح احمدي نجاد في العام 2009 لا يرى بدا من مشاركة الاصلاحيين المطيعين (الذين يصفونهم في ايران بالاصلاحيين الصُفر) في الانتخابات لهزيمة مرشح احمدي نجاد. وتظهر المواجهات بين خامنئي واحمدي نجاد، ان خامنئي فقد هيبته واقتداره السابقين ولم يعد قائدا مطاعا مئة بالمئة كما كان من قبل، بل لم يصغ اليه لا خصومه من امثال احمدي نجاد ولا حتى مؤيدوه من امثال رئيس البرلمان علي لاريجاني. واكبر دليل على ذلك استمرار الصراع بين التيارين رغم المناشدات المستمرة للمرشد الاعلى.