تناولت صحيفة "القدس" الفلسطينينة اليوم خبر ما يقوم به الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد من استعدادات اللازمة لترشيح صهره اصفنديار رحيم مشائي للانتخابات الرئاسية المقبلة في ايران، قام خصومه في البرلمان الايراني يوم امس الاحد بتمرير مشروع قانون يصعب من ذلك. اذ كان رد فعل الرئيس الايراني حادا وسريعا ازاء مشروع تعديل قانون الانتخابات الرئاسية ما يظهر ان احمدي نجاد لن يلتزم بما يريده مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي بان تتم الانتخابات الرئاسية بشكل لا يعكر "هدوء البلاد". ويعتقد منتقدو مشروع تعديل قانون الانتخابات الرئاسية وهم طيف واسع ومتنوع من القوى السياسية في ايران - يبدأ بالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وينتهي برئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني - يعتقدون بان القانون لا يُعدل بل يتم تغييره بشكل مقصود كي يتم التحضير لنجاح مرشح محدد يتفق حوله المتشددون الموالون للمرشد خامنئي. وشملت التعديلات في قانون الانتخابات الرئاسية، عدم تجاوز عمر المرشح الرئاسي 75 عاما وان يكون قد تبوأ منصباً وزارياً ما لمدة 8 سنوات، ومؤيداً في حُسن ادارته من قبل 300 شخصية سياسية تبوأت منصب والي ولاية او اعلى من ذلك. ويتوقع خصوم احمدي نجاد وهم غالبية في البرلمان الايراني ان مثل هذه التعديلات ستضمن نجاح مرشحهم في الانتخابات الرئاسية الايرانية المقرر اجرائها في حزيران (يونيو) المقبل. لكن المصادقة النهائية على هذا المشروع يجب ان تتم بواسطة مجلس صيانة الدستور، الذي يعين المرشد الاعلى اعضاءه بشكل مباشر او غير مباشر. او بالاحرى ان كل التعديلات والتغيرات في البنية الراهنة للسلطة واسلوب توزيعها مشروط برأي المرشد الاعلى الذي اكد في الاشهر الاخيرة انه يحبذ التقليل من صلاحيات المؤسسات القانونية ومسؤوليها. ويبدو ان اية الله علي خامنئي بعد تجربته الصعبة مع احمدي نجاد في فترة رئاسته الثانية يريد ان يطمئن مئة في المئة الى ان الرئيس المقبل لن يثير له المشاكل كما اثارها له الرئيس الحالي رغم تأييد المرشد له في فترته الاولى. وكان رد فعل احمدي نجاد حادا لعلمه بهذه الالاعيب، اذ صرح يوم امس ان رئيس الجمهورية هو "تبلور الديمقراطية في البلاد" ولايستطيع البرلمان ان يعتبر نفسه ممثلا وحيدا للشعب. وقد اكد احمدي نجاد براعته في الماضي بانه لا يخشى ان يخوض الصراع حتى في اعلى مراتب السلطة في ايران. ويدعي خصوم احمدي نجاد من المحافظين ان "التيار المنحرف" – وهو اسم يطلقونه على مؤيدي الرئيس الايراني - يسعى لترشيح اصفنديار رحيم مشائي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة واستخدام الامكانيات الحكومية لإستمرار وجوده في السلطة. وهم يقولون ان احمدي نجاد يخطط لشيء يشبه خطة "مدفيديف – بوتين" لتداول منصب رئاسة الجمهورية بين الصديقين الحميمين احمدي نجاد ورحيم مشائي. ورغم نفي اصفنديار رحيم مشائي للاخبار التي تتحدث عن انطلاق نشاطاته الانتخابية، غير ان خصومه يعتقدون ان مشائي او احد المقربين لاحمدي نجاد سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية ومن الافضل القيام باجراءات احترازية قبل ان تتمكن "الزمرة المنحرفة" من التحرك وهي التي لم تمتثل لإوامر المرشد الاعلى مئة في المئة. يُعد المراقبون وخصوم احمدي نجاد، تنحي اصفنديار رحيم مشائي كمدير لمكتب رئيس الجمهورية وتسلمه مسؤولية رئاسة امانة حركة عدم الانحياز التي ترأسها طهران حاليا، بانها تحرك الى الامام لإنطلاق حملته الانتخابية، بل وقد أيدت وسائل اعلام مقربة من احمدي نجاد هذا التقييم. التعديلات تستهدف رفسنجاني والاصلاحيين يبدو ان مشروع تعديل قانون الانتخابات الرئاسية لا يستهدف المرشحين المحتملين المقربين لمحمود احمدي نجاد فحسب، اذ ان المشرعين الموالين لاية الله خامنئي يريدون ايضا حرمان عدد من الشخصيات السياسية التي لا تنتمي الى التيار المتشدد الحاكم في ايران. فشرط عدم تجاوز سن المرشح 75 عاما في مشروع تعديل الانتخابات الرئاسية يحرم الرئيس المعتدل لمجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة وان البعض تحدث في الاشهر الاخيرة عن ضرورة عودة "رجل الازمات" لتجاوز الازمة الحادة التي تواجهها ايران حاليا بسبب العقوبات الاقتصادية ومشاكلها مع الدول الغربية. و"رجل الازمات" هو اسم يُطلق على هاشمي رفسنجاني من قبل مؤيديه. فالامر الذي زاد من خشية المتشددين هو اعتقال بنت رفسنجاني وابنه في السجن والذي يزيد من شعبيته بين الجماهير الايرانية. وقد اشاد رفسنجاني قبل فترة بالقانون الحالي للانتخابات الرئاسية مطالبا نواب البرلمان بعدم التسريع في تعديله كي تتم الانتخابات الرئاسية المقبلة على اساس القانون الحالي. كما ان التعديل الذي ينص على ضرورة تأييد مئة نائب برلمان لإي مرشح لرئاسة الجمهورية سيغلق الطريق امام الاصلاحيين المؤيدين للرئيس السابق محمد خاتمي او يصعب الامر عليهم كثيرا وذلك بسبب هيمنة المحافظين على البرلمان الايراني. والامر الذي ينساه هؤلاء المحافظون هو كيف يمكن جلب عدد كبير من الجماهير الايرانية الى صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المقبلة بوجود مثل هذه القوانين الجديدة التي تقيد خياراتهم في انتخاب المرشحين، خاصة وان هذه الجماهير شاهدت تجربة مرة في الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2009 والاحداث الدامية التي تلتها بسبب ما وصف انذاك بتزوير الانتخابات والتلاعب بالاصوات.