لاشك، أن زيارة الرئيس الأمريكية دونالد ترامب الخليجية، تعكس توجها منفتحا على الشرق الأوسط خاصة أن الرئيس ترامب يكرر ما بدأه في ولايته الأولى، عندما افتتح زياراته الخارجية بزيارة تاريخية إلى السعودية في الشهر ذاته من عام 2017، ونفس النهج يتكرر ثانية فبحسب البيت الأبيض، سيكون برنامج الزيارة ملىء بالاجتماعات الثنائية ومع رجال الأعمال والمستثمرين، إضافة إلى مشاركته في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، ثم انضمام ترامب إلى قادة دول مجلس التعاون لعقد القمة الخليجية - الأمريكية الخامسة من نوعها في الرياض، ومرتقب أن تتضمن المناقشة ملفات استراتيجية تتعلق بالأمن الإقليمي، والتعاون الدفاعي، والاستثمار في مجالات التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والتنسيق بشأن التهديدات البحرية في البحر الأحمر، فضلاً عن التطورات في غزة ولبنان واليمن والسودان وليبيا ولبنان والعراق، ومواجهة السلوك الإيراني، فضلا عن تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية، في مجالات تشمل الدفاع، والأمن، والاستثمار، والطاقة. هذا عن ملامح جدول الأعمال، لكن يجب أن نضع عين الاعتبار ونحن نتحدث عن أهمية هذه الزيارة نهج ترامب نفسه، والذي يتميز بأسلوبه القائم على الصفقات، والمرتكز على عقيدة أمريكا أولًا، واستعداده للضغط على الحلفاء،، وتجاهله المحتمل للأعراف الدبلوماسية التقليدية والإجماع الدولي، وكذلك سعى اللاعبين الإقليميين، في استغلال رغبته في إبرام الصفقات لدفع أجنداتهم الخاصة المتعلقة بقضايا حيوية تمسّ مصالحهم الوطنية. والأهم أن هذه الزيارة تأتى في وقت تشهد الديناميكيات الإقليمية في الشرق الأوسط تعقيدًا ملحوظًا، حيث أبدت دول تحولًا نحو الانفتاح على إيران، على الرغم من استمرار حالة التنافس، كما تعقد توسيع مسار اتفاقات أبراهام بربطها بمعالجة أزمة غزة والقضية الفلسطينية، ومحاولة تركيا في تعزيز نفوذها في سوريا، مع المحافظة على علاقات معقدة مع إسرائيل. وأخيرا.. قد يكون هناك ثمار لهذه الزيارة لو تم استغلالها من منطق أن لا ضغط أمريكى حقيقى على إسرائيل إلا هُددت المصالح الأمريكية، أو بمعنى آخر تقاطعت المصالح الإسرائيلية مع المصالح الأمريكية هنا فقط قد يضغط ترامب على تل أبيب، خاصة أننا أمام شرق أوسط جديد يتجه إلى حالة متعددة الأقطاب وديناميكية تتسم بتراجع الهيمنة الأمريكية، وصعود قوى جديدة، مما يغير بيئته الجيوسياسية والجيو اقتصادية، ويجعل التحالفات معقدة ومتغيرة..