تتجه الأنظار يوم الإثنين المقبل إلى العاصمة السعودية الرياض حيث يستهل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب جولته المرتقبة إلى دول الخليج، تشمل كل من المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، فى ظل توترات إقليمية ملتهبة، وتحولات دولية غير مسبوقة، ومن المقرر أن يشارك ترامب فى قمة لقادة دول مجلس التعاون الخليجى تُعقد فى العاصمة الرياض يوم الثلاثاء المقبل، تسبقها قمة سعودية أمريكية. تأتى جولة ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط، التى يغلب عليها الطابع الاقتصادى بغلاف سياسى فى لحظة مفصلية إقليمية، وسط حرب إسرائيلية متواصلة على المدنيين فى قطاع غزة، وفى ظل تراجع مكانة الدور الأمريكى التقليدى، والتنافس مع قوى دولية وإقليمية فى المنطقة، وبين فرص السلام وحسابات المصالح التى يوليها ترامب الأهمية القصوى إذ يتوقع أن يناقش ترامب سبل تعزيز التعاون الثنائى مع دول الخليج، لا سيما السعودية والإماراتوقطر، فى مجالات الاستثمار، البنى التحتية، التكنولوجيا والدفاع، وقد التزمت السعودية بضخ استثمارات تقدر بمبلغ واحد (1) تريليون دولار فى الاقتصاد الأمريكى خلال أربع سنوات، وأعلنت الإمارات من جانبها عن استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار فى الولاياتالمتحدة خلال عشر سنوات، تشمل 100 مليار دولار فى مشروعات خاصة بمؤسسة ترامب، منها مليار دولار فى مشروع فندق وبرج ترامب إنترناشيونال دبى الذى تمتلكه عائلة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على شاطئ الخليج العربى، إلى جانب استثمارات فى الذكاء الاصطناعى، وأشباه الموصلات، والطاقة، فيما التزمت قطر باستثمارات كبيرة واستراتيجية تقترب من التريليون دولار خلال الأربع سنوات المقبلة، وتتجاوز الصفقات التى سوف يعقدها ترامب مع دول الخليج الأسبوع المقبل حاجز الثلاث (3) تريليونات دولار، متجاوزة بكثير صفقات ترامب فى زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية عام 2017 التى بلغت 600 مليار دولار، وكان اريك ترامب نجل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والذى يشغل منصب الرئيس التنفيذى فى مؤسسة ترامب استبق زيارة والده وقام بجولة نهاية شهر إبريل الماضى فى منطقة الخليج دشن خلالها برج ترامب الجديد فى دبى الذى يضم 80 طابقا بالشراكة مع شركة دار جلوبال لتطوير العقارات الفارهة المملوكة لشركة دار الأركان السعودية، كما وقع مع شركة الديار القطرية، وهى شركة عقارية مملوكة لصندوق الثروة السيادية القطرى،، اتفاقًا مع دار جلوبال لتطوير نادى ترامب الدولى للجولف الذى يضم عددًا كبيرًا من الفيلات الفاخرة التى تحمل علامة ترامب التجارية، وسبق أن دشن إريك ترامب برج ترامب جدة الذى يعتبر أحد أبرز معالم جدة المستقبلية، وهو مشروع سكنى فاخر يقع على كورنيش جدة بارتفاع يصل إلى 200 متر على 47 طابقاً، ويضم 350 وحدة سكنية فارهة، بيعت جميعها قبل أن يبدأ البناء فيه ويتراوح سعر الوحدة من 3.5 مليون دولار الى 15 مليون دولار. وفى الجانب السياسى فقد استبق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب زيارته إلى دول الخليج وأعلن خلال لقاء صحفى جمعه مع رئيس الوزراء الكندى الجديد مارك كارنى عن توصل الولاياتالمتحدةالأمريكية وجماعة الحوثيين عن اتفاق بوساطة عمانية يتضمن تعهدًا بعدم استهداف أى من الطرفين للآخر، بما يشمل السفن الأمريكية فى البحر الأحمر وباب المندب، فى خطوة تهدف إلى خفض التصعيد وضمان حرية الملاحة الدولية فى باب المندب وقناة السويس، مما يعده المراقبين تحولا كبيرا فى السياسة الأمريكية جاء بعد اتصال أجراه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالرئيس عبدالفتاح السيسى فى إبريل الماضى طالبًا دعم القاهرة فى العمليات ضد الحوثيين فى اليمن، وتحديدا الدعم العسكرى وتبادل المعلومات الاستخباراتية أو التمويل، لكن الرئيس السيسى رفض مطالبه، مؤكدا أن وقف إطلاق النار فى قطاع غزة يعتبر أفضل طريقة لوقف الحوثيين، وفيما يبدو أن ترامب قد اتخذ هذه الخطوة القوية بعد رفض الرئيس السيسى، كما أن هذا الاتفاق يعكس من وجهة نظر المراقبين التفاؤل فى مسار المفاوضات التى تجرى بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وإيران بخصوص الاتفاق النووى الذى اختتم جولاته الإطارية الأربع بالانخراط فى مفاوضات فنية تعكس التقدم فى الجولات السابقة . كما استبق الرئيس الأمريكى زيارته المرتقبة إلى دول الخليج وأعلن أيضا فى نفس اللقاء مع مارك كارنى رئيس الوزراء الكندى أنه بصدد تفجير مفاجأة مدوية قبيل زيارته إلى الرياض وهو ما أثار تكهنات حول طبيعة وكينونة هذه المفاجأة التى سوف يطلقها ترامب المغرم بإثارة الجدل واللقطة والصورة والإعلام، وذكرت وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية الأربعاء، نقلاً عن مصادرها فى الإدارة الأمريكية، أن الرئيس دونالد ترامب يعتزم الإعلان عن الاعتراف الرسمى من قبل الولاياتالمتحدة بتسمية الخليج العربى بدلا عن الخليج الفارسى بالتزامن مع جولة الرئيس ترامب التى تشمل المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، لكن من وجهة نظرى أن المفاجأة التى ألمح اليها ترامب تخص الداخل الأمريكى بالأساس وهى تتعلق بالحزمة الاقتصادية والعسكرية والنووية الضخمة التى يعتزم الاتفاق بشأنها مع كل دولة على حدة من دول الخليج الثلاث. ومن المتوقع أن يتضمن حسب مصادر خليجية واسعة الاطلاع ل «روزاليوسف» أن يتضمن جدول زيارة ترامب ملفات إقليمية حساسة، أبرزها بحث اتفاق تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل، فى خطوة لو تمت ستكون غير مسبوقة على صعيد العلاقات العربية-الإسرائيلية، لكن السعودية «حسب المصادر» رفضت ذلك مرارًا وأكدت أن أى تقدم فى مسار التطبيع مع إسرائيل مرهون بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، كما سيبحث ترامب توسيع اتفاقيات أبراهام لتشمل قطر والسعودية إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والبحرين ودولًا عربية أخرى، إضافة إلى طرح مبادرة أمريكية لوقف إطلاق النار فى غزة، كما سيطرح ترامب اقترحًا سياسيًا شاملاً لاتفاق إقليمى بين إسرائيل والدول العربية، ضمن رؤية أمريكية جديدة لإعادة ترتيب التوازنات فى منطقة الشرق الأوسط، فى خطوة تهدف إلى إعادة صياغة السياسات الإقليمية لمواجهة التحديات المتزايدة فى المنطقة. وقالت ذات المصادر: بغض النظر عما تحتوى عليه أجندة زيارة الرئيس دونالد ترامب فإن الرغبة الأمريكية فى دعم قدرات دول الخليج العربى، والأخذ بالاعتبار مخاوفها بشأن تهديدات الأمن الإقليمى ووضع أطر جديدة لتطوير الشراكات الأمريكية الخليجية لتحقيق مصالح الطرفين بشكل متوازن تلبى تطلعات الدول الخليجية من تلك الزيارة التى تأتى فى توقيت مهم للغاية ليس فقط بالنسبة لأمن دول الخليج العربى، ولكن بالنسبة إلى الأمن الإقليمى الذى يرتبط بالأمن العالمى، مضيفة إن منطقة الخليج العربى التى سبق لها أن عقدت عددًا من المبادرات والشراكات مع حلف شمال الأطلسى الناتو 2004، ومع روسيا2021، ومع الاتحاد الأوروبى 2022، ومع الصين من خلال مبادرتها للشرق الأوسط عام 2021 هى بحاجة اليوم إلى تجديد الشراكة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية مع الأخذ بالاعتبار التحولات الجيوسياسية والمستجدات الأمنية، والتنافس الدولى المحموم تجاه منطقة الخليج التى ترى فى تلك الشراكات الجديدة فرصًا هائلة على الأقل على الصعيد الاقتصادى.