في حال فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، من المرجح أن يستمر في دعم "مبادرة أبراهام"، التي تعد واحدة من أبرز إنجازاته في السياسة الخارجية خلال فترة رئاسته الأولى. ولكن، هل كانت هذه المبادرة ناجحة بالفعل؟، وكيف سيتعامل ترامب مع هذه القضية في سياق التحديات السياسية الحالية في الشرق الأوسط؟. مبادرة أبراهام "مبادرة أبراهام" هي سلسلة من الاتفاقات التاريخية التي رعتها إدارة ترامب بين إسرائيل وبعض الدول العربية، والتي هدفت إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. بدأت هذه المبادرة في 2020، وتحديدًا في أغسطس من نفس العام، عندما أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، تلتها البحرين في سبتمبر 2020، ثم انضمت كل من السودان والمغرب إلى الاتفاق في وقت لاحق من نفس العام. تتضمن المبادرة أيضًا التعاون في مجالات الأمن، التجارة، السياحة، التكنولوجيا، والاستثمار، وكان يُنظر إليها على أنها خطوة نحو إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط. وقد روج ترامب وحكومته لهذه الاتفاقات باعتبارها إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا يسهم في تغيير ديناميكيات الشرق الأوسط وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية بشكل غير مسبوق. هل كانت المبادرة فعّالة؟ منذ توقيع اتفاقيات أبراهام، شهدت العلاقات بين إسرائيل والدول الموقعة تحسّنًا ملحوظًا في المجالات الاقتصادية والتجارية، على سبيل المثال، توسعت التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة بشكل كبير، وبدأت شركات من كلا البلدين في الاستثمار في مشاريع مشتركة في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة، كما سُجلت زيارات دبلوماسية متبادلة بين المسؤولين الإسرائيليين والعرب، ما يعكس تغييرًا في المواقف التقليدية. ومع ذلك، فإن "مبادرة أبراهام" لم تكن خالية من التحديات، فمن ناحية، لم يتغير الموقف الفلسطيني بشكل كبير تجاه هذه الاتفاقات، إذ رأى الفلسطينيون في المبادرة تجاوزًا لقضيتهم المركزية، معتبرين أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل تحقيق تقدم حقيقي في عملية السلام "الفلسطينية- الإسرائيلية" لا يخدم مصالحهم، علاوة على ذلك، لم تنجح المبادرة في إحداث تحولات جذرية في مواقف دول عربية أخرى مثل السعودية التي ظلت مترددة في الانضمام إلى الاتفاقات في الوقت الراهن، بالرغم من الإشارات الإيجابية. هل سيستمر ترامب في دعم المبادرة حال فوزه؟ إذا فاز ترامب في انتخابات 2024، فإنه سيُحتمل أن يستمر في دعم "مبادرة أبراهام" بشكل قوي، بل قد يسعى لتوسيعها لتشمل المزيد من الدول العربية. وقد وصف ترامب هذه المبادرة في أكثر من مناسبة بأنها أحد الإنجازات الكبرى لإدارته، واصفًا إياها ب"السلام مقابل السلام" على عكس "السلام مقابل الأرض" الذي كان سائدًا في صفقات السلام السابقة، وهو يرى أن تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول العربية سيسهم في الاستقرار الإقليمي وتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة. من المتوقع أن يسعى ترامب إلى دفع دول أخرى مثل السعودية وقطر وغيرها نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو أمر قد يُعزز استراتيجياته في تعزيز الأمن الإقليمي وتوسيع نفوذ الولاياتالمتحدة في المنطقة. كما أن الدعم الإسرائيلي الثابت لترامب بين قطاعات واسعة من اليهود الأمريكيين قد يُسهم في تحفيزه على الاستمرار في دعم هذه المبادرة. اقرأ أيضا | الخارجية الأمريكية: بلينكن ثمن دور مصر لإنهاء الصراع في السودان وحماية المدنيين الآفاق المستقبلية في حال استمر ترامب في دعم "مبادرة أبراهام"، قد يشهد الشرق الأوسط مزيدًا من التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، خاصة إذا كانت الدول مثل السعودية مستعدة للمضي قدمًا في مسار العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تغييرات جذرية في تحالفات المنطقة، ويظل التحدي الكبير في هذه المبادرة هو القضية الفلسطينية التي ستظل تشكل حجر الزاوية لأي عملية سلام شاملة في المنطقة. من جهة أخرى، سيبقى التأثير الفلسطيني في مواقف الدول العربية حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل حاسمًا، حيث لا يمكن تحقيق استقرار دائم في المنطقة بدون معالجة القضايا العالقة التي تخص الشعب الفلسطيني. وفي حالة فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، فمن المرجح أن تستمر "مبادرة أبراهام" في لعب دور محوري في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وستظل المبادرة تحمل بعدًا استراتيجيًا بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية الموقعة، لكن نجاحها الكامل سيعتمد على قدرة جميع الأطراف على معالجة القضايا الإقليمية الأعمق، مثل القضية الفلسطينية، والحد من التصعيدات الإقليمية التي تهدد استقرار المنطقة. قد تكون "مبادرة أبراهام" بداية لتحولات دبلوماسية كبيرة في الشرق الأوسط، ولكن المستقبل وحده سيحدد ما إذا كانت ستبقى محض إنجاز دبلوماسي، أو إذا كانت ستفتح الباب لتحقيق السلام الدائم في المنطقة. المصادر تقارير رسمية للبيت الأبيض تصريحات قادة الدول المعنية في مبادرة أبراهام دراسات ومقالات تحليلية من مراكز أبحاث دولية