خبير بالشأن الأفريقي: تغيرات مفاجئة في تدفقات النيل الأزرق تهدد السودان بفيضانات مدمرة بسبب سد النهضة    بعد دعوة الرئيس للانعقاد.. تفاصيل جلسة مجلس النواب غدا.. عرض رئيس الحكومة أسباب اعتراض السيسي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. وبدائل وخيارات الحبس الاحتياطي أبرز الملاحظات    السكة الحديد: التحفظ على الصندوق الأسود لقطار البضائع المقلوب ببني سويف    سعر الجنيه الذهب اليوم الثلاثاء في الصاغة    رئيس الوزراء يتفقد سوق اليوم الواحد للسلع الغذائية بأشمون في المنوفية    مدبولي يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل ضمن مشروعات المبادرة الرئاسية حياة كريمة بقرية سبك الأحد    محافظ أسيوط: إزالة 9 حالات تعدٍ واسترداد 300 فدان أراضي أملاك الدولة بالقوصية    عاجل| السيسي يدعو الدول التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية بالإسراع في هذه الخطوة    أيرلندا ترحب بالجهود المبذولة لوقف إطلاق النار بغزة    وزير الخارجية يلتقي الشباب المشاركين في برنامج زمالة "شفيق جبر" من مصر والولايات المتحدة    رسميا.. إيقاف كارفاخال مباراتين في دوري الأبطال    بدون راحة، الأهلي يبدأ اليوم استعداداته لمواجهة كهرباء الإسماعيلية    سلوت يكشف سبب غياب كييزا عن مباراة ليفربول وجالاتا سراي    تريزيجيه يغيب عن مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية    محافظ قنا يكرم أبطال الجمهورية في كرة القدم واللياقة البدنية والفائزين ببرامج الموهوبين    حالة المرور في القاهرة والجيزة اليوم، كثافات متوسطة في هذه المناطق    نتائج حملات الكشف عن تعاطي المخدرات بين سائقي الحافلات المدرسية (إنفوجراف)    مرور كفر الشيخ يضبط 1610 مخالفات مرورية متنوعة في حملات موسعة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    بدء نظر دعوى مطالبة شركة أوبر بدفع 100 مليون جنيه لأسرة حبيبة الشماع    حريق محدود بشركة طنطا للزيوت في بنها دون خسائر بشرية    استقبلوا السائحين بالورود، قنا تحتفل باليوم العالمي للسياحة في معبد دندرة (صور)    رئيس الوزراء يتفقد وحدة المكتبة المتنقلة في قرية شمّا بالمنوفية    الرئيس السيسي يستقبل الأمير رحيم آغا خان لبحث تعزيز التعاون التنموي والحفاظ على التراث الإسلامي في مصر    الجمسي.. فيلم يوثق سيرة مهندس النصر في حرب أكتوبر    رئيس هيئة الرعاية الصحية: 80% من أمراض القلب يمكن الوقاية منها    رئيس الوزراء يتفقد مركز طب الأسرة شمّا.. ويستفسر من المواطنين عن جودة الخدمات الطبية    سؤال برلمانى للحكومة حول انتشار بيع الأدوية عبر الإنترنت    الأهلى يستعيد جهود زيزو فى مباراة كهرباء الإسماعيلية بدورى نايل    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    التخطيط: الناتج المحلى الإجمالى لمصر يُسجّل نموا 5% بالرُبع الرابع من 24/2025    المؤتمر: تقدير ترامب للسيسى يؤكد مكانة مصر القيادية دوليا وإقليميا    مبعوث رئيس كوريا: مصر تلعب دورا محوريا فى تعزيز سلام واستقرار المنطقة    أم 44.. رضوى الشربينى تحتفل بعيد ميلادها وتتمنى 5 أمنيات    سارة سلامة توثق رحلتها إلى فرنسا بجلسة تصوير فى شوارع باريس    الملتقى الفقهى بالجامع الأزهر: "الترند" ظاهرة خطيرة تهدد أمن المجتمع    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    سفير الصين بالقاهرة: العلاقات مع مصر تمر بأفضل مراحلها فى التاريخ    أحمد بلال: صدارة الزمالك للدورى وهمية.. والأهلى هيعود لمكانه الطبيعى على القمة    الزمالك يعود للتدريبات الخميس استعدادا لغزل المحلة    بنى سويف تستعد للتأمين الصحي الشامل.. تجهيز 10 وحدات صحية ضمن مبادرة حياة كريمة    الأمم المتحدة: رغم قرار مجلس الأمن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي يتسارع في الأرض الفلسطينية المحتلة    إجازة مدفوعة الأجر.. موعد آخر عطلة رسمية خلال عام 2025    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    استمرار تدفق المساعدات إلى غزة وسط تحديات ميدانية ووعود بإعادة الإعمار    رئيس برلمانية الشعب الجمهوري: زيارة رئيس الإمارات لمصر ترسيخا لعمق العلاقات الأخوية بين البلدين    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع اللجنة الدائمة للإشراف على منظومة عمل الرائدات الاجتماعيات    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    وكيل اقتصادية النواب يطرح مقترحات للقضاء على ظاهرة عجز المعلمين    آمال ماهر تفتتح الدورة ال33 لمهرجان الموسيقى العربية بحفل مميز    ختام فعاليات التدريب البحرى المشترك المصري التركي «بحر الصداقة - 2025»    دراسة تبين تأثير الأمراض ونمط الحياة على شيخوخة الدماغ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    في مواجهة مع أفكار الأسرة التقليدية.. حظك اليوم برج الدلو 30 سبتمبر    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سد النهضة وتعنّت إثيوبيا وقلق المصريين
نشر في الموجز يوم 17 - 06 - 2020

لا يجتمع اثنان في مصر هذه الأيام إلا وموضوع سد النهضة الإثيوبي مثار نقاش وتساؤلات وقلق حول ما يمكن فعله إذا أصرت إثيوبيا على فرض الأمر الواقع وقامت بملء بحيرة السد قبل التوصل إلى اتفاق شامل يحدد قواعد الملء والتشغيل المستدام في سنوات الجفاف والسنوات العادية.
القلق المصري شعبياً ورسمياً مشروع، فهو يتعلق بمياه نهر النيل، أصل الحياة الوحيد لمصر والمصريين منذ قديم الأزل، وهو الأصل المهدد الآن في ضوء نيات إثيوبيا بالتحكم الكامل في مياه النهر لكل من مصر والسودان بإرادتها المنفردة، ومن دون وجود أي التزامات قانونية يتم الاتفاق عليها. وما تقدمه أديس أبابا حتى اللحظة لمصر وللسودان يتلخص في وعد مبهم وبألا تتضرر دولتا المصب من تشغيل السد.
الوعد الإثيوبي الشفهي لا يقنع أحداً في مصر، فمصالح الدول والشعوب تقوم على التزامات متبادلة ومقننة، تتوافق مع القانون الدولي وخبرات الشعوب والدول الأخرى، والاستفادة من إيجابياتها والتخلي عن سلبيات إن وجدت. وطوال السنوات الست الماضية وحتى قبل التوصل إلى اتفاق الخرطوم الإطاري في مارس (آذار) 2015، عبرت مصر عن تفهمها لحاجة الشعب الإثيوبي للتنمية عبر توليد الكهرباء وفي الوقت ذاته ألا تتضرر مصر من بناء السد الإثيوبي ضرراً جسيماً، إذ تدرك أنه سوف يؤثر حتماً على واردات المياه لمصر، وأنه يمكنها أن تتحمل فقد جزء من واردات المياه بطريقة منظمة تراعي حجم الفيضان وفقاً لحالته. ومن هنا كان موقف مصر لا يعترض على بناء السد الإثيوبي ويربط تشغيله بقواعد القانون الدولي وباتفاقات مسبقة ومفصلة.
وفى ثنايا الموقف المصري الرسمي لم يُطرح موضوع الحصص المائية، ولا تهديدات بالحرب أو أعمال عسكرية، أو إدانة أديس أبابا لبناء السد قبل التوافق مع دولتي المصب كما هو معمول به في حالات بناء السدود على أنهار تمر في أكثر من دولة. كل ذلك لم يرد في مواقف مصر الرسمية، وكان التركيز وما زال منصباً على أن المفاوضات هي الأسلوب الأمثل للوصول إلى اتفاقات عادلة ومتوازنة تنهي هواجس دولتي المصب وتوفر للإثيوبيين الاستفادة من بناء السد.
وحسب خبرة السنوات الخمس الماضية في المفاوضات الثلاثية المباشرة لم يتحقق أي تقدم يذكر في تحويل الاتفاق الإطاري لعام 2015 ذي المبادئ العشرة المستقاة من القانون الدولي إلى اتفاق مفصل توقع عليه الدول الثلاث، الأمر الذي أظهر أن هدف إثيوبيا في المفاوضات ركز على إفشالها واستهلاك الوقت، مع الاستمرار في بناء السد والبدء في ملئه من دون أن يكون هناك أي اتفاق قانوني ملزم لها يراعي حقوق دولتي المصب.
في إطار السياسات السلمية التوافقية التي تتبناها مصر، اتجهت إلى إيجاد مظلة دولية تقبلها الدول الثلاث بحيث تسهم في حلحلة القضايا والتفاصيل التي تعترض التوصل إلى اتفاق ملزم، وبعد عدة سنوات قبلت إثيوبيا والسودان مشاركة كل من الولايات المتحدة والبنك الدولي رعاية المفاوضات، وهو ما حدث بالفعل وانتهى بعد جولات أربع في واشنطن إلى وثيقة متوازنة صاغتها الولايات المتحدة وخبراء البنك الدولي، بنيت أساساً على حوارات ومناقشات الوفود الفنية والقانونية للدول الثلاث وما توصلوا إليه من اتفاقات نهائية للعديد من النقاط التفصيلية، شكلت ما يقرب من 90 في المائة من مجمل الاتفاق المنتظر، وبقيت ثلاث نقاط قدم فيها كلٌّ رؤيته الخاصة، وقام الخبراء الأميركيون والبنك الدولي بالتنسيق بينها في صياغة وسط تحقق توازناً لمطالب الأطراف الثلاثة معاً، وهو ما يعرف بوثيقة 21 فبراير (شباط) التي افترض أن الوفود الثلاثة سوف توقع عليها آنذاك في واشنطن بصورة مبدئية، وبعدها سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية للتوقيع عليها بين قادة الدول الثلاث برعاية أميركية.
لم تذهب إثيوبيا إلى اجتماع واشنطن في الوقت الذي سافر فيه الوفدان المصري والسوداني، وبينما وقع الوفد المصري مبدئيا على الوثيقة، امتنع الوفد السوداني، وكانت الحجة المصرية أن الوثيقة متوازنة وعادلة وتحقق مصالح الأطراف الثلاثة. المهم هنا التأكيد على أن النسبة الكبرى من بنود هذه الوثيقة هي اتفاقات توصل إليها المفاوضون أنفسهم، وهو ما تتمسك به مصر وترى أن أي مفاوضات جديدة يجب أن تنطلق من هذه الوثيقة وليس البدء من نقطة الصفر التي تُصر عليها إثيوبيا، وظهر جلياً في المفاوضات التي جرت افتراضياً وعبر شبكة اتصال مؤمنة في الفترة من 9 إلى 13 يونيو (حزيران) الحالي، وشارك فيها ممثلون للولايات المتحدة وللبنك الدولي ودولة جنوب أفريقيا، ولم تنتهِ إلى شيء جديد، اللهم إلا إثبات النيات الإثيوبية في استهلاك الوقت ووضع كل من مصر والسودان أمام الأمر الواقع متمثلاً في البدء في ملء بحيرة السد في يوليو (تموز) المقبل بإرادة منفردة.
المفاوضات الأخيرة جرت بناء على تفاهم سوداني إثيوبي استهدف العودة إلى المفاوضات التي عطلها انسحاب أديس أبابا من جولة فبراير في واشنطن، وقيل سودانياً إن المفاوضات ستجري بهدف إنهاء النقاط العالقة، وهي التي تمثل 10 في المائة فقط من الاتفاق كله.
والجديد في الموقف السوداني أربعة مبادئ مهمة؛ أولها أن السودان طرف أصيل في المفاوضات وليس وسيطاً، وله مصالح يرغب في الحفاظ عليها، والثاني أن السودان يرى في سد النهضة فوائد ولكنه يرى ضرورة أن يكون هناك اتفاق ثلاثي واضح مبني على القانون الدولي يراعي حقوق السودان بوصفها دولة مصب، والثالث أنه يرفض أي تصرف أحادي إثيوبي يتمثل في ملء السد من دون اتفاق، والرابع أن المفاوضات هي الأسلوب الأمثل وأن فشلها سيؤدى إلى مسارات أخرى. وهي مبادئ مهمة ولا تتعارض مع المبادئ التي التزمت بها مصر منذ عام 2013 وحتى الآن.
لكن أديس أبابا المحملة بهموم الانتقال السياسي والانتخابات المؤجلة، والصراع بين آبي أحمد رئيس الوزراء وجوهر محمد المنافس الأكبر المنتمي إلى عرقية الأرومو، ما زالت تُحّمل مصر مسؤولية فشل المفاوضات لأنها تتمسك بحقوقها ومرجعية وثيقة واشنطن، والأعجب أن رئيس الأركان الإثيوبي يتحدث عن الحرب وقت التفاوض ويدعو مصر إلى التنازل عن حقوقها وقبول المنطق الإثيوبي، وبيان الخارجية الإثيوبية يدين القاهرة لأنها تتحرك دبلوماسياً على النطاقين الدولي والأفريقي لشرح موقفها ويعتبره ضغوطاً وسوء نية، بينما تستغل أديس أبابا لكونها مقر منظمة الوحدة الأفريقية وتشيع الأباطيل عن مصر ومواقفها، وتحفز الدول الأفريقية لمعاداة مصر لأنها تطالب بحقها المكتسب في مياه النيل منذ مطلع التاريخ.
ولذا يظل السؤال مطروحاً وبقلق شديد، ما الذي تحمله الأيام المقبلة إن جاءت والعطش يضرب مصر أرضاً وإنساناً؟ وهل يظل التفاوض مُجدياً والموت على الأبواب؟ أسئلة مُربكة وتضع كل الاحتمالات على الطاولة.هو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.