البورصة المصرية تستعد لإطلاق منصة التداول الأساسية الجديدة خلال 2026    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل القافلة 77 من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح    الكشف عن تفاصيل مباريات مُلحق القارات المؤهل لكأس العالم    توروب والشناوي يحضران غدًا المؤتمر الصحفي لمباراة شبيبة القبائل    الداخلية تنقذ 17 طفلا جديدا من التسول بمحافظتي القاهرة والجيزة.. وتضبط 11 شخصا    اليوم.. عرض ستة أفلام قصيرة ضمن "البانوراما المصرية" في مهرجان القاهرة السينمائي    اليوم.. عرض فيلم "صديق صامت" في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    بدء الصمت الانتخابي للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    هل يخفض البنك المركزي الفائدة لتهدئة تكاليف التمويل؟.. خبير يكشف    حقيقة فسخ عقد حسام حسن تلقائيا حال عدم الوصول لنصف نهائي أمم إفريقيا    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    المنيا: توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج خلال أكتوبر الماضي    مدبولي: لولا إرادة الرئيس ما كان ليتحقق هذا الإنجاز في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    يديعوت أحرونوت: محمد بن سلمان يضغط لإقامة دولة فلسطينية في 5 سنوات    يوم الطفل العالمى.. كتب عن الطفولة الإيجابية    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    يضيف 3 آلاف برميل يوميًا ويقلل الاستيراد.. كشف بترولي جديد بخليج السويس    بعد فرض رسوم 5 آلاف جنيه على فحص منازعات التأمين.. هل تصبح عبئا على صغار العملاء؟    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    أوقاف شمال سيناء تحذر من "حرمة التعدي على الجار" فى ندوة تثقيفية    الداخلية تضبط أموالاً بقيمة 460 مليون جنيه من نشاط إجرامى    تفاصيل صادمة في واقعة تشويه وجه عروس مصر القديمة.. المتهمة أصابتها ب 41 غرزة وعاهة مستديمة.. وهذا سبب الجريمة    مساعدة وزير التعليم العالي تدعو لاستهداف المدارس في برامج الصحة العامة    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    بهاء طاهر.. نقطة النور فى واحة الغروب    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    صحة بني سويف تطلق برنامجا إلكترونيا للحصول على خدمات العلاج الطبيعي الحكومية    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    عاجل - اتجاهات السياسة النقدية في مصر.. بانتظار قرار فائدة حاسم ل "المركزي" في ظل ضغوط التضخم    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو يصل القاهرة اليوم    20 نوفمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    التخطيط تبحث تفعيل مذكرة التفاهم مع وزارة التنمية المستدامة البحرينية    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    إندونيسيا: إجلاء أكثر من 900 متسلق عالق بعد ثوران بركان سيميرو    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن: هل يبدأ موسم تأديب أديس أبابا ؟
نشر في الموجز يوم 10 - 06 - 2020


القاهرة استنفذت مراحل التفاوض وسط هروب أثيوبى مثير
التفاصيل الكاملة لأضخم قاعدة عسكرية مصرية على حدود أثيوبيا
يبحث السودان، حاليا مع مصر وإثيوبيا، ترتيب استئناف المفاوضات، وفق بيان لوزارة الري السودانية، حيث أجرى الوزير السوداني، ياسر عباس، اجتماعاته عن بُعد مع نظيره المصري محمد عبد العاطي، والإثيوبي سيليشي بيكيلي، كل على حدة، للترتيب لاستئناف المفاوضات الثلاثية، ووضع تصور للقضايا العالقة المتبقية من مفاوضات واشنطن. وقبل أيام دعمت رسالة سودانية إلى مجلس الأمن، موقف مصر في مواجهة إثيوبيا، حيث طالبت بتشجيع كل الأطراف على الامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية قد تؤثر على السلم والأمن الإقليمي والدولي.
خلال الأسبوع الماضي، تم تداول أخبار بشأن موافقة دولة جنوب السودان، على إقامة قاعدة عسكرية مصرية في مدينة "باجاك"، قرب حدودها مع إثيوبيا. لكن وزارة الشؤون الخارجية في جوبا نفت هذه الأخبار، وأكدت في بيان، أنها "لا أساس لها من الصحة... وادعاء زائف ودعاية يطلقها أعداء السلام في البلاد من أجل الإساءة لعلاقات جنوب السودان مع دول الجوار والمنطقة برمتها". ووصفت حكومة جنوب السودان كلا من مصر وإثيوبيا، بأنهما "صديقان مقربان لجنوب السودان". فيما لم يرد تعليق رسمي مصري حتى الآن.
تصاعد التوتر بين مصر وإثيوبيا، عقب انسحاب الأخيرة من اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي. أعقبه مباشرة إعلان إثيوبيا بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب في بحيرة السد، في يوليو المقبل، دون الاتفاق مع مصر أو السودان. والشهر الماضي تبادلت الدولتان إرسال الرسائل إلى مجلس الأمن الدولي، اتهم فيها كل طرف الآخر بالسعي للجور على حقوقه. قبل أن يعلنا، بمبادرة سودانية، استعدادهما لاستئناف المفاوضات في وقت لاحق.
اقرأ أيضاً
* ننشر تفاصيل اجتماع وزراء ري الدول الثلاث بشأن أزمة سد النهضة
* وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا يتفقون على استمرار المفاوضات
* استئناف مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا
* اليوم: إجتماع ثلاثى لبحث أزمة سد النهضة بمراقبة دولية
* السودان تحذر: يجب ألا تبدأ عمليات ملء سد النهضة بدون توافق
* رئيس وزراء إثيوبيا : قرار ملء سد النهضة لا رجعة فيه
* تطور إيجابي..السودان يطالب مصر بموقف قوي ضد أثيوبيا
* السودان يستدعى القائم بأعمال سفارة إثيوبيا للاحتجاج على اشتباكات الحدود
* طبول الحرب تدق بين إثيوبيا والسودان
* إثيوبيا والسودان يتفقان على أهمية العودة للمفاوضات بشأن سد النهضة
* وزير الخارجية السوداني يوجه لطمة جديدة لإثيوبيا: لدينا مخاوف من إحتمالية انهيار سد النهضة
* السودان توجه صفعة لإثيوبيا
لكل دولة طريقتها في التعامل مع الأزمة. وطبيعي أن يكون جزء من هذه الطريقة معلن والآخر غير معلن. لكن في النهاية لا يمكن محاسبة الدولة إلا على تصريحاتها الرسمية الواضحة. ولا يمكن البناء على مجرد أخبار مضروبة، تستهدف مجرد الشو الإعلامي.
بين القاهرة وجوبا تعاون واسع في المجالات كافة، حيث أخذت مصر على عاتقها دعم الدولة الوليدة منذ استقلالها عن السودان، والتعاون العسكري بين مصر وجنوب السودان يأتي ضمن اتفاقيات تعاون واسعة تضم تعاونا تجاريا واقتصاديا لدعم بناء مؤسسات الحكومة في جوبا، وهو تعاون معلن.
طبقا للخبر، الذي تم نفيه لاحقا، فإن "مصدرا عسكريا ذكر لتلفزيون جوبا أن حكومة جنوب السودان وافقت على طلب مصر بناء قاعدة عسكرية في منطقة باجاك ستضم نحو 250 جنديا مصريا". لكننا نستبعد أن تسعى مصر لبناء قاعة عسكرية في جنوب السودان لتوجيه ضربة عسكرية لسد النهضة، لأن هذا الخيار لو كان حتميا، فإن الأمر لا يحتاج لقاعدة معلنة، بل يكفي مجرد تسهيلات عسكرية ولوجيستية، تكون كافية لإتمام المهمة. ولو أرادت مصر بناء قاعدة لضرب إثيوبيا، لكانت قامت بها منذ فترة وليس في ذلك التوقيت.
خلال الأسابيع الأخيرة، أقدمت مصر على خطوة لاستمالة الجانب السوداني في صفها، عندما أتمت مشروع الربط الكهربي بين البلدين، الذي أسقط حاجة السودان إلى كهرباء سد النهضة، وهي الخطوة التي تعتبرها أديس أبابا قد تصيب مشروع الربط الكهربي بين السودان وإثيوبيا في مقتل. ولكن هل تؤدي هذه التطورات إلى اندلاع حرب بين البلدين، خاصة أن التوتر بينهما لم يقف فقط عند توغل الجيش الأثيوبي داخل الحدود السودانية، بل سبقه تسمية سفير إثيوبي في السودان ينتمي إلى القومية الأمهرية المسيحية كرسالة تصعيد إثيوبية مع الخرطوم، خصوصاً أن السفير الذي تم سحبه لم يستكمل فترته بعد، وأن خطوة تسمية سفير أمهري تجيء بالمخالفة لقاعدة أن السفراء الإثيوبيين خلال الثلاثة عقود الأخيرة كانوا من أقاليم العفر والأورمو، باعتبار أنها أقاليم للمسلمين في إثيوبيا، أصحاب التعاطف التقليدي مع السودان.
احتمال الحرب بين البلدين هو احتمال ضعيف، نظرا لغرق أثيوبيا في توترات داخلية بين القوميات والأعراق المختلفة، والتي نتج عنها تفجير المساجد والكنائس الإثيوبية، وممارسة الاغتيال على أسسٍ إثنية، وكذلك وجود توترات داخل الكنيسة الإثيوبية وهي كنيسة أرثوذكسية، ينازعها الأورمو المسيحيون ليكون رأس الكنيسة منهم وليس من الأمهرا الذين يحوزون هذه المكانة الدينية الرفيعة تاريخياً، كما تواجه الكنيسة الأرثوذكسية أيضاً تحديات جديدة بسبب حجم التبشير البروستانتي حالياً في إثيوبيا والمستند إلى انتماء آبي أحمد إلى هذه الطائفة، وتحت مظلة جملة هذه التوترات الداخلية، اضطر رئيس الوزراء الإثيوبي إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى أجلٍ غير مسمى، في خطوة سوف تزيد الاحتقانات السياسية الإثيوبية، ولا تخفف منها.
إعلان مصر والسودان استئناف التفاوض جاء استكمالاً لمشوار طويل من المفاوضات تخلله الكثير من النكسات والانقطاعات، منذ شروع أثيوبيا في بناء السد سنة 2011، بهدف الاتفاق حول تقليل تأثير السد الأثيوبي على كل من السودان ومصر، اللتان تخشيان من تراجع إمداداتهما من مياه النيل. وفي فبراير الماضي رفضت أثيوبيا التوقيع على مقترح اتفاق تقدمت به الولايات المتحدة التي دخلت في نوفمبر الماضي كوسيط إلى جانب البنك الدولي لإيجاد حلول لخلافات الدول الثلاث.
في 12 مايو رفض السودان مقترحاً أثيوبياً بتوقيع اتفاق جزئي حول ملء بحيرة السد. ونقلت وزارة الري والزراعة السودانية عن رسالة من عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء، إلى أبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي أن توقيع أي اتفاق جزئي للمرحلة الأولى لا يمكن الموافقة عليه نظراً لوجود جوانب فنية وقانونية يجب تضمينها في الاتفاق، وأن معظم القضايا تحت التفاوض وأهمها آلية التنسيق وتبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية والاجتماعية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ليس فقط بالملء الأول وإنما بكل مراحل الملء والتشغيل طويل المدى وبالتالي لا يمكن تجزئتها.
الخيار العسكري أمر مستبعد في الوقت الراهن بالنسبة لمصر، التي تسير حاليا وفق خطوات قانونية وتفاوضية منها شكوى مجلس الأمن، والإعلان عن استعدادها لخوض المفاوضات، بما يعني أن المسار السياسي مستمر ولم يتوقف، والطريق السلمي ما زال متاحا.
إثيوبيا هي التي تروج لاحتمالية تعرضها لضربة عسكرية مصرية بهدف انتزاع التعاطف الدولي. وفي أكتوبر الماضي، تحدث رئيس الوزراء الإثيوبي عن استعداد بلاده لحشد الملايين للدفاع عن السد في مواجهة أي حرب، الأمر الذي أغضب مصر، فاضطر لتقديم توضيح يؤكد أن حديثه تم فهمه على وجه خاطئ.
عدم تلويح مصر باللجوء للخيار العسكري لا يعني عدم استعدادها لهذا الخيار إذا ما اضطرت إليه. لكن المثير للدهشة هو أن خوف الإثيوبيين من إمكانية الرد العسكري، الذي لم تلوح به مصر الرسمية ولا تفضله حتى الآن، لم يتم ترجمته إلى مرونة واحترام لحقوق الآخرين دون استعلاء أو غطرسة. إلا إذا كان الهدف من إظهار هذا الخوف هو الإساءة لمصر أفريقيا ودوليا والظهور بمظهر يخالف حقيقتهم.
يبحث السودان، حاليا مع مصر وإثيوبيا، ترتيب استئناف المفاوضات، وفق بيان لوزارة الري السودانية، حيث أجرى الوزير السوداني، ياسر عباس، اجتماعاته عن بُعد مع نظيره المصري محمد عبد العاطي، والإثيوبي سيليشي بيكيلي، كل على حدة، للترتيب لاستئناف المفاوضات الثلاثية، ووضع تصور للقضايا العالقة المتبقية من مفاوضات واشنطن. وقبل أيام دعمت رسالة سودانية إلى مجلس الأمن، موقف مصر في مواجهة إثيوبيا، حيث طالبت بتشجيع كل الأطراف على الامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية قد تؤثر على السلم والأمن الإقليمي والدولي.
خلال الأسبوع الماضي، تم تداول أخبار بشأن موافقة دولة جنوب السودان، على إقامة قاعدة عسكرية مصرية في مدينة "باجاك"، قرب حدودها مع إثيوبيا. لكن وزارة الشؤون الخارجية في جوبا نفت هذه الأخبار، وأكدت في بيان، أنها "لا أساس لها من الصحة... وادعاء زائف ودعاية يطلقها أعداء السلام في البلاد من أجل الإساءة لعلاقات جنوب السودان مع دول الجوار والمنطقة برمتها". ووصفت حكومة جنوب السودان كلا من مصر وإثيوبيا، بأنهما "صديقان مقربان لجنوب السودان". فيما لم يرد تعليق رسمي مصري حتى الآن.
تصاعد التوتر بين مصر وإثيوبيا، عقب انسحاب الأخيرة من اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي. أعقبه مباشرة إعلان إثيوبيا بدء تخزين 4.9 مليار متر مكعب في بحيرة السد، في يوليو المقبل، دون الاتفاق مع مصر أو السودان. والشهر الماضي تبادلت الدولتان إرسال الرسائل إلى مجلس الأمن الدولي، اتهم فيها كل طرف الآخر بالسعي للجور على حقوقه. قبل أن يعلنا، بمبادرة سودانية، استعدادهما لاستئناف المفاوضات في وقت لاحق.
لكل دولة طريقتها في التعامل مع الأزمة. وطبيعي أن يكون جزء من هذه الطريقة معلن والآخر غير معلن. لكن في النهاية لا يمكن محاسبة الدولة إلا على تصريحاتها الرسمية الواضحة. ولا يمكن البناء على مجرد أخبار مضروبة، تستهدف مجرد الشو الإعلامي.
بين القاهرة وجوبا تعاون واسع في المجالات كافة، حيث أخذت مصر على عاتقها دعم الدولة الوليدة منذ استقلالها عن السودان، والتعاون العسكري بين مصر وجنوب السودان يأتي ضمن اتفاقيات تعاون واسعة تضم تعاونا تجاريا واقتصاديا لدعم بناء مؤسسات الحكومة في جوبا، وهو تعاون معلن.
طبقا للخبر، الذي تم نفيه لاحقا، فإن "مصدرا عسكريا ذكر لتلفزيون جوبا أن حكومة جنوب السودان وافقت على طلب مصر بناء قاعدة عسكرية في منطقة باجاك ستضم نحو 250 جنديا مصريا". لكننا نستبعد أن تسعى مصر لبناء قاعة عسكرية في جنوب السودان لتوجيه ضربة عسكرية لسد النهضة، لأن هذا الخيار لو كان حتميا، فإن الأمر لا يحتاج لقاعدة معلنة، بل يكفي مجرد تسهيلات عسكرية ولوجيستية، تكون كافية لإتمام المهمة. ولو أرادت مصر بناء قاعدة لضرب إثيوبيا، لكانت قامت بها منذ فترة وليس في ذلك التوقيت.
خلال الأسابيع الأخيرة، أقدمت مصر على خطوة لاستمالة الجانب السوداني في صفها، عندما أتمت مشروع الربط الكهربي بين البلدين، الذي أسقط حاجة السودان إلى كهرباء سد النهضة، وهي الخطوة التي تعتبرها أديس أبابا قد تصيب مشروع الربط الكهربي بين السودان وإثيوبيا في مقتل. ولكن هل تؤدي هذه التطورات إلى اندلاع حرب بين البلدين، خاصة أن التوتر بينهما لم يقف فقط عند توغل الجيش الأثيوبي داخل الحدود السودانية، بل سبقه تسمية سفير إثيوبي في السودان ينتمي إلى القومية الأمهرية المسيحية كرسالة تصعيد إثيوبية مع الخرطوم، خصوصاً أن السفير الذي تم سحبه لم يستكمل فترته بعد، وأن خطوة تسمية سفير أمهري تجيء بالمخالفة لقاعدة أن السفراء الإثيوبيين خلال الثلاثة عقود الأخيرة كانوا من أقاليم العفر والأورمو، باعتبار أنها أقاليم للمسلمين في إثيوبيا، أصحاب التعاطف التقليدي مع السودان.
احتمال الحرب بين البلدين هو احتمال ضعيف، نظرا لغرق أثيوبيا في توترات داخلية بين القوميات والأعراق المختلفة، والتي نتج عنها تفجير المساجد والكنائس الإثيوبية، وممارسة الاغتيال على أسسٍ إثنية، وكذلك وجود توترات داخل الكنيسة الإثيوبية وهي كنيسة أرثوذكسية، ينازعها الأورمو المسيحيون ليكون رأس الكنيسة منهم وليس من الأمهرا الذين يحوزون هذه المكانة الدينية الرفيعة تاريخياً، كما تواجه الكنيسة الأرثوذكسية أيضاً تحديات جديدة بسبب حجم التبشير البروستانتي حالياً في إثيوبيا والمستند إلى انتماء آبي أحمد إلى هذه الطائفة، وتحت مظلة جملة هذه التوترات الداخلية، اضطر رئيس الوزراء الإثيوبي إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى أجلٍ غير مسمى، في خطوة سوف تزيد الاحتقانات السياسية الإثيوبية، ولا تخفف منها.
إعلان مصر والسودان استئناف التفاوض جاء استكمالاً لمشوار طويل من المفاوضات تخلله الكثير من النكسات والانقطاعات، منذ شروع أثيوبيا في بناء السد سنة 2011، بهدف الاتفاق حول تقليل تأثير السد الأثيوبي على كل من السودان ومصر، اللتان تخشيان من تراجع إمداداتهما من مياه النيل. وفي فبراير الماضي رفضت أثيوبيا التوقيع على مقترح اتفاق تقدمت به الولايات المتحدة التي دخلت في نوفمبر الماضي كوسيط إلى جانب البنك الدولي لإيجاد حلول لخلافات الدول الثلاث.
في 12 مايو رفض السودان مقترحاً أثيوبياً بتوقيع اتفاق جزئي حول ملء بحيرة السد. ونقلت وزارة الري والزراعة السودانية عن رسالة من عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء، إلى  أبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي أن توقيع أي اتفاق جزئي للمرحلة الأولى لا يمكن الموافقة عليه نظراً لوجود جوانب فنية وقانونية يجب تضمينها في الاتفاق، وأن معظم القضايا تحت التفاوض وأهمها آلية التنسيق وتبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية والاجتماعية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ليس فقط بالملء الأول وإنما بكل مراحل الملء والتشغيل طويل المدى وبالتالي لا يمكن تجزئتها.
الخيار العسكري أمر مستبعد في الوقت الراهن بالنسبة لمصر، التي تسير حاليا وفق خطوات قانونية وتفاوضية منها شكوى مجلس الأمن، والإعلان عن استعدادها لخوض المفاوضات، بما يعني أن المسار السياسي مستمر ولم يتوقف، والطريق السلمي ما زال متاحا.
إثيوبيا هي التي تروج لاحتمالية تعرضها لضربة عسكرية مصرية بهدف انتزاع التعاطف الدولي. وفي أكتوبر الماضي، تحدث رئيس الوزراء الإثيوبي عن استعداد بلاده لحشد الملايين للدفاع عن السد في مواجهة أي حرب، الأمر الذي أغضب مصر، فاضطر لتقديم توضيح يؤكد أن حديثه تم فهمه على وجه خاطئ.
عدم تلويح مصر باللجوء للخيار العسكري لا يعني عدم استعدادها لهذا الخيار إذا ما اضطرت إليه. لكن المثير للدهشة هو أن خوف الإثيوبيين من إمكانية الرد العسكري، الذي لم تلوح به مصر الرسمية ولا تفضله حتى الآن، لم يتم ترجمته إلى مرونة واحترام لحقوق الآخرين دون استعلاء أو غطرسة. إلا إذا كان الهدف من إظهار هذا الخوف هو الإساءة لمصر أفريقيا ودوليا والظهور بمظهر يخالف حقيقتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.