أقل مايوصف به الحوار مع الفقيه الدستوري الدكتور محمد نور فرحات أنه حوار المعلومات الصادمة لما احتواه من أسرار تخرج للمرة الأولي إلي صفحات الجرائد.. حيث كشف فرحات الكثير من الخبايا التي شهدتها اللحظات العصيبة أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية.. وحقيقة الاتصالات السرية التي تمت بين البعض وربما كانت سببا في تغيير النتائج.. فرحات تحدث أيضا عن المجلس العسكري والأخطاء التي وقع فيها والتي مكنت جماعة الإخوان المسلمين من التربع علي عرش مصر.. في الوقت ذاته أبدي فرحات قلقه علي مستقبل مصر في ظل الضبابية التي تعيشها البلاد مع سيطرة الإسلاميين علي الجمعية التأسيسية لصياغة دستور البلاد.. واستبعاد فقهاء الدستور منها.. وهو أحد هؤلاء المستبعدين.. لأنه - كما يؤكد الدكتور فرحات - غير متعاطف أو محاب للإخوان أو السلفيين، بجانب تفاصيل أخري كثيرة سوف نتعرف عليها خلال هذا الحوار.. كيف تري قرار الرئيس الأخير بإقالة النائب العام ثم العدول عنه؟ هذا القرار يعد مخالفا للقانون.. وبالتحديد للمادة 119 من قانون السلطة القضائية، والتي تحظر عزل النائب العام وكان يمكنه بدلا من التسرع والخروج بهذا القرار غير المدروس أن يكلف مؤسسة الرئاسة ومستشاريه بإصدار قانون يتيح إعادة محاكمات المتورطين في قضية موقعة الجمل. وماذا عن دور مستشاري الرئيس؟ مستشارو الرئيس هم السبب وراء "توريطه" في الوقوع في العديد من الأخطاء الدستورية والقانونية، وعلي رأسها قراره غير الدستوري بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، فليس من حق الرئيس ذلك، وعادوا مجددا ليوقعوه في نفس الخطأ بمخالفته للقانون بقرار إقالة النائب العام.. فهؤلاء المستشارون كان لزاما عليهم وضع الأمور في نصابها القانوني للرئيس. وكيف تري عواقب تركيز السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد الرئيس؟ تحدثنا كثيرا عن فصل السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحديد دور الرئيس، لكن ما نعيشه الآن من حالة الفراغ الدستوري، التي أدخلنا فيها المجلس العسكري بتأجيله لوضع الدستور لما بعد الانتخابات الرئاسية، والانتخابات البرلمانية، ثم حل مجلس الشعب، كان سببا في إقدام مرسي علي الجمع بين سلطتين رغم عدم دستورية ذلك، ويوما بعد يوم يخرج علينا بقرارات غير دستورية، وغير قانونية، ويبدو أن مستشاريه تتركز أدوارهم فقط في كيفية تمكين الرئيس من السلطة قدر المستطاع.. وهذا ما يخلق حالة الغليان والاحتقان التي تزداد في الشارع السياسي، والتي كانت سببا فيما حدث في ميدان التحرير الأيام الماضية. ما هي رؤيتك لبرنامج المائة يوم الذي تحدث عنه الرئيس مرسي ؟ هناك تحسن في الأمن وإن كان محدودا، كما أن هناك تقدما في المرور إلي حد ما، وهناك تحسن طفيف في النظافة، وفي الحقيقة أنا أشفق علي الرئيس مرسي من أن يستطيع الانتهاء من حل مشاكل كل هذه القطاعات في مائة يوم فقط، ولو كنت مستشارا له وهو يستعد لإطلاق هذا البرنامج لنصحته بالتريث ولذلك, القائمون علي مؤسسة الرئاسة بعد أن وجدوا نفسهم وقعوا في مأزق استحالة تحقيق البرنامج كلية، أعلنوا أنهم كانوا يقصدون وضع خطط للحلول، وليس الانتهاء من حل المشاكل، ويجب ألا نحاسب الرئيس علي ذلك، وإلا كان ذلك تصيدا للأخطاء، إنما الأهم من كل ذلك هو الاهتمام بالاقتصاد والتعليم، والرعاية الصحية، ولكن للأسف حتي الآن لم أجد أي تقدم في أي من هذه القطاعات إلا من خلال قرض صندوق النقد الدولي الذي كان يحاربه أعضاء حزب الحرية والعدالة أيام حكم الدكتور الجنزوري رئيس الوزراء السابق.. وبعيدا عن ذلك نجد المسألة الصحية والتعليمية ليس بها أي بشائر علي الإطلاق، الأسعار في ارتفاع مستمر، الإنتاج شبه متوقف، لم تقدم لنا حكومة الثورة بقيادة الدكتور هشام قنديل أي بوادر للتعامل مع السلبيات الاقتصادية التي نتجت عن ثورة 25 يناير. بجانب ذلك هناك اتهامات توجه ل "مرسي" بأنه يهتم بالخطاب الخارجي علي حساب الخطاب الداخلي وحل مشاكل البلاد ؟ رسم سياسة خارجية لمصر شيء مطلوب، ولا يمكننا لوم الرئيس مرسي علي ترتيب الأوراق والعلاقات الخارجية، إنما لابد أن يكون مواكبا لذلك الاهتمام بالشأن الداخلي. بعيدا عن هذه النقطة.. أين أنت والعديد من فقهاء الدستور من الجمعية التأسيسية الحالية لوضع الدستور ؟ أغلب أساتذة القانون الدستوري تم استبعادهم من الجمعية التأسيسية بجانب أساتذة القانون الذين لهم توجهات مستقلة، فالجمعية بها أقلية من رجال القانون لا يتجاوزون أصابع اليد، والأغلبية من أصحاب الاتجاه الإسلامي السياسي، وبعضهم من المتشددين دينيا، ولا أود استخدام عبارة "المتطرفين دينيا"، والتي تثير حفيظة البعض، لكن هذه الجمعية لا يرجي منها أن يخرج دستور يليق بمصر ويعلي من شأن المواطنة المصرية، ويعلي من الحقوق والحريات العامة، ومن مبدأ المساواة. وما رؤيتك للدستور الذي ستفرزه جمعية بهذا الشكل ؟ الجمعية من الناحية الدستورية تشوبها نفس العيوب التي شابت الجمعية التي تم حلها في السابق، حيث تم الاختيار أولا علي أساس المحاصصة السياسية، والأحزاب السياسية كلها لا تمثل 1/40 من مجموع الشعب المصري، فكل أعضاء الأحزاب السياسية لا يتجاوزون مليوني شخص أمام شعب تعداده أكثر من 83 مليوني، فعندما نؤسس جمعية لوضع الدستور لا يمثل فيه إلا 1/25 من الشعب المصري، بل نجعل أغلبية هذه النسبة البسيطة من تيار بعينه وهو التيار الإسلامي السياسي، والنصيب الأقل من التيار المدني، فتكون هذه الجمعية غير متوازنة، ولا تمثل الشعب المصري ومصيرها إن أخلص مجلس الدولة نيته لله وللقانون سيكون الإلغاء, ولكن في الوقت ذاته هناك معضلة أخري فإن ألغيت الجمعية فستدخل مصر في مأزق ونفق مظلم لا خروج منه.. وذلك لأن هناك نصا في الإعلان الدستوري الذي وضعه الرئيس مرسي، وذلك علي الرغم من أن رئيس الجمهورية ليس من حقه أن يصدر أي إعلان دستوري، حيث إنه لأول مرة في التاريخ يبادر رئيس الجمهورية إلي تعديل الدستور، وإلي إصدار إعلان دستوري، فالذي يضع الإعلان الدستوري السلطة التي تنوب عن الثورة، ومجلس الدولة أعلن في حكمين قضائيين أحدهما في مارس 2011، والآخر في مايو 2012، إن السلطة التي تنوب عن الثورة هو المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. فجاء الرئيس مرسي ليصدر هذا الإعلان الدستوري الذي أشار عليه به مستشاروه الذين ورطوه أكثر من مرة، أولا في دعوته مجلس الشعب للانعقاد واتضح أنه إجراء غير قانوني، وألغي، وأصدر إعلانا دستوريا بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل - وعلي الرغم من رفضي للإعلان الدستوري المكمل - إلا أنه من الناحية القانونية ليس من حق الرئيس إصدار أي إعلان دستوري، خاصة أنه عدل مادة تم استفتاء الشعب عليها، وهي المادة (60) المتعلقة بوضع الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، والتي كانت تنص علي أن مجلسي الشعب والشوري يجتمع ليشكلا الجمعية التأسيسية، وجعل من حق رئيس الجمهورية تشكيل الجمعية التأسيسية إذا عجزت الجمعية الحالية عن القيام بمهامها. وإذا طبقنا هذه الأوضاع علي الواقع الفعلي الآن، وتم إلغاء الجمعية الحالية، سيشكلها الرئيس مرسي الذي منح نفسه اختصاصات لا ينص عليها الدستور أو القانون، فإذا تقدم أحد الأشخاص بدعوي أمام مجلس الدولة بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، فسيحكم مجلس الدولة بإلغاء قرار رئيس الجمهورية لأنه لا يملك إصدار أو إلغاء دساتير، إعلانات دستورية.. وبهذا سنكون قد دخلنا في نفق مظلم لا خروج منه، حيث إنه لا توجد سلطة تستطيع تشكيل جمعية جديدة.. وهذا ما أوصلنا إليه الفقهاء المحيطون بالدكتور مرسي، وهذا ما يفسر القتال الشديد الذي يحرص عليه ممثلو الإخوان المسلمين والسلفيون الموجودين داخل الجمعية التأسيسية للانتهاء من مهمتهم قبل النطق بالحكم القضائي، والخروج بالدستور، ولا بأس من ذلك شريطة أن يضعوا دستورا يرضي جميع المصريين باختلاف طوائفهم وتوجهاتهم. إنما يضعوا دستورا يشوه الهوية المدنية للدولة أو يضعوا دستورا يميز بين الرجال والنساء أو يميز بين المسلمين والمسيحيين.. فلن يوافق علي ذلك أحد، ولن يسمح الشعب المصري بذلك. وكيف تري الجدل المستمر بين أعضاء التأسيسية حول العديد من مواد الدستور ؟ جدل يتعلق بحبال معلقة علي سحاب يجري هنا وهناك، فنحن لا نعلم حتي الآن أيا من هذه المواد التي تم الاتفاق عليها، التي يتجادلون حولها، فالموقع الإلكتروني المخصص للجمعية التأسيسية، تتغير فيه المواد الدستورية يوميا، ونفاجأ كل يوم باستقالات لأعضاء من الجمعية التأسيسية ويخرجون إلينا بأشياء تتم داخل الجمعية يشيب لها الولدان، كحماية حقوق المرأة المعلقة علي أن تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، علي أن هناك اجتهادات فقهية في القرنين الثالث والرابع الهجري تحط من مكانة المرأة، وهناك أحاديث حول عدم الرغبة في إلغاء عقوبة الحبس في جرائم التعبير عن الرأي، وإجازة وقف وتعطيل الصحف، ولكننا لا نعلم المنتج النهائي للجمعية التأسيسية. وهل يمكن من خلال الدستور الجديد للبلاد علي هذا النحو أن يتم تحويل مصر من دولة مدنية إلي دينية ؟ لن يحدث لأن المصريين ليسوا قطعانا يساقون إلي مصائرهم، وهذه أول مرة يضع فيها المصريون دستورهم، ولن يتسلط علي مستقبل المصريين أقلية فازت بالانتخابات البرلمانية الباطلة في وقت من الأوقات، وإذا عرض علي المصريين دستور يمس حرياتهم وما جبلوا عليه من تسامح ووسطية لن يخرج هذا الدستور. لو انتقلنا إلي الفترة الانتقالية.. ماهو تقييمك لإدارة المجلس العسكري للبلاد خلال هذه الفترة ؟ المجلس العسكري في إدارته للبلاد أثناء الفترة الانتقالية له ما له وعليه ما عليه.. والمحصلة أن ما عليه اكثر مما له.. وما له أنه لم يشهر السلاح في وجه الثوار أثناء حكم مبارك واحتوائه للثورة في الميدان، لكن ما عليه أولا استخدامه العنف المفرط مع الثوار في أحداث مجلس الوزراء وأحداث محمد محمود، إلي جانب الأخطاء السياسية والدستورية علي الرغم من تقديم النصيحة له من العديد من الدستوريين والقانونيين، لكنه كان مصرا علي ارتكاب ماسبق مما أدي في النهاية إلي تسليم السلطة للإخوان المسلمين. وما هي هذه الأخطاء السياسية والدستورية التي وقع فيها العسكري ؟ أول وأهم خطأ كان قيامه بتعديل دستور 71 بدلا من تشكيله جمعية لوضع دستور جديد للبلاد قبل أي انتخابات سواء برلمانية أو رئاسية، والخطأ الثاني في تشكيل الجمعية التأسيسية نفسها حيث كان العنصر الغالب علي أعضائها هو التيار الإسلامي السياسي، في حين كان ينبغي أن تراعي الأسس والمعايير التي تحافظ علي اتساع اللجنة لكل طوائف المجتمع الذي سيطبق عليهم الدستور الجديد الأمر الذي أدي في النهاية إلي صياغة تعديلات دستورية ترسم انتقال السلطة إلي جماعة الإخوان المسلمين قبل وضع الدستور. ورُسمت هذه الهندسة عن طريق استخدام المادة 89 مكررا من التعديلات الدستورية التي حددت كيفية وضع الدستور الجديد من خلال اجتماع مجلسي الشعب والشوري لانتخاب الجمعية التأسيسية، وهم يعلمون علم اليقين أن الاضطرابات السياسية التي عاشتها البلاد بعد الإطاحة بنظام مبارك أن التنظيم الوحيد الذي يتمتع بالقدرة علي الحشد في البرلمان هو التيار الإسلامي المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية، والخطوة الثانية التي أقدمت عليها لجنة طارق البشري حينما استخدمت النص الذي كان يحذر إقامة الأحزاب علي أساس مرجعية دينية في دستور 71، واستبدلته بنص آخر، يحذر إقامة الأحزاب علي أساس ديني وحذفت كلمة "المرجعية"، وفسر الأساس الديني علي أساس عدم التمييز في عضوية الحزب علي أساس ديني، وتركت المرجعية الدينية من خلال سماحها باستخدام النصوص الدينية في حشد الناس، والدعاية الانتخابية، وسمح به قانون الأحزاب الذي تضمنته التعديلات الدستورية. والخطأ الثالث للمجلس العسكري أنه أغمض عينيه عن المناخ شديد الطائفية الذي جري في ظله الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، حيث تم توجيه الناس للتصويت ب «نعم» لينالوا الجنة، والامتناع عن التصويت ب «لا» حتي لا يقعوا في المعصية، حتي أن تصميم بطاقة الاقتراع التي كان مسئولا عنها العسكري كانت توحي بذلك. الخطأ الرابع أنه استجاب لضغوط حزب الحرية والعدالة، والأحزاب الأخري، ووضع قانونا غير دستوري يخصص ثلثي مقاعد البرلمان للقوائم الحزبية والثلث للأفراد. الخطأ الخامس أنه لم ينفذ وعده الذي أصدره في 12 يوليو 2011 حول إصدار إعلان دستوري للمبادئ الحاكمة للدستور القادم، وبالمعايير المحددة لتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، ولكنه عاد وعلق تنفيذ هذا الوعد علي توافق القوي السياسية، وفسر هذا التوافق علي أنه إجماع القوي السياسية كلها تحت لواء واحد، مما أعطي جماعة الإخوان المسلمين حق الفيتو علي وضع أي معايير لتشكيل الجمعية التأسيسية، وهو ما أدي إلي إفشال المجلس الاستشاري منذ نشأته، حيث كان الغرض منه تقديم النصائح القانونية والدستورية في تشكيل الجمعية التأسيسية، والإخوان المسلمون وكان يمثلهم الدكتور محمد مرسي وأسامة ياسين واللذان انسحبا كذلك من المجلس الاستشاري دون إبداء أسباب احتجاجا علي وضع المجلس لمعايير تشكيل الجمعية التأسيسية، والعسكري عندما امتنع عن اصدار هذا الاعلان الدستوري في وقتها أصبحت مهمة المجلس الاستشاري مستحيلة وعلقه علي شرط مستحيل وهو موافقة حزب الحرية والعدالة، وهذا هو السبب في استقالتي من المجلس. الخطأ السادس أنه أصدر الاعلان الدستوري المكمل في غير وقته، حيث وعد به في مارس 2011، وأصدره في يونيو 2012، وقبل إعلان الفائز بالكرسي الرئاسي بأيام، الأمر الذي أثيرت حوله الشبهات حول جدية المجلس بالنسبة لهذا الإعلان المكمل، ومكن جماعة الإخوان المسلمين من السلطة دون وازع من خلق أو ضمير من مهاجمة الإعلان الدستوري المكمل حيث إنهم لم يهاجموا المجلس العسكري عندما أصدر الإعلان الدستوري وعندما عدل الإعلان الدستوري أكثر من مرة علي الرغم من استفتاء الشعب عليه. كل هذه الخطايا جعلت ثمرة حكم مصر تقع في حجر جماعة الإخوان المسلمين، وأظن أن مسرحية إقالة المشير ورئيس الأركان، كان متفقا عليها، ولكن كان الخلاف حول كيفية إخراج هذه المسرحية، والرئيس مرسي كان حازما وقاسيا في إخراجها، فلم يسمح لهم حتي بتقديم الاستقالة، فقام بإقالتهما بشكل فيه من الإهانة الكثير، علي الرغم من أنه استقبلهما بعد ذلك، وأعطاهما الأوسمة والقلادات. وأنا أذكر في أحد الاجتماعات التي شاركت فيها مع المجلس العسكري بصفتي أستاذ قانون، وحينما كانت القوي السياسية تلح علي المجلس العسكري بسرعة تسليم السلطة حينها أكد الفريق سامي عنان أنهم زاهدون في السلطة وأنهم سيتركون السلطة، وأنه سيأتي اليوم الذي سيثبت أنهم صادقون تمام الصدق، ولكنهم خرجوا بشكل غير لائق. وكيف تري الحديث عن وجود صفقة تمت بين الإخوان والعسكري والتي نتج عنها تولي الدكتور مرسي رئاسة الجمهورية؟ ليس لدي معلومات مؤكدة حول هذه المسألة، إلا أن الفريق شفيق صرح بأن أحد كبار المسئولين اتصل به - اتضح بعد ذلك أنه الفريق سامي عنان-وأكد له أنه الفائز بكرسي الرئاسة، ويوم المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه المرشح الفائز بالرئاسة كنت أنا في إحدي الدول الأجنبية، وأكد لي أحد الدبلوماسيين هناك أنه علم من مصدر موثوق فيه أن الفريق شفيق هو الفائز، ثم فوجئنا بإعلان فوز الدكتور مرسي. ومازالت هناك حتي الآن مناطق مظلمة لا نستطيع تفسيرها، فأحد الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها حتي الآن، ما الذي تم وإلي أين انتهت التحقيقات حول ما تم إعلانه عن تزوير بطاقات انتخاب لصالح الدكتور مرسي بالمطابع الأميرية؟، والتي تم وضعها بصناديق الاقتراع، واكتشفها بعض القضاة وأبلغوا عنها.. ثم قامت اللجنة القضائية المشرفة علي الانتخابات فاستبعدت إحدي اللجان الصغيرة التي اكتشفت فيها هذه الأوراق، أما بقية اللجان فلم تستبعد، وما حدث أن أعضاء اللجنة المشرفة علي الانتخابات انقسموا إلي قسمين.. الأقلية التي كانت تري إبطال عدد كبير من اللجان التي تم فيها التزوير لصالح مرسي، والتي منع الأقباط من التصويت فيها، والقسم الثاني والذي انحاز له رئيس اللجنة والذي رأي باستبعاد لجنة واحدة فقط صغيرة غير مؤثرة في نتائج الانتخابات، والإبقاء علي بقية اللجان.. إذن فعمل اللجنة القضائية المشرفة علي الانتخابات ومدي دستورية هذا العمل ومطابقته لصحيح الدستور أمامه علامة استفهام، وفرز الأصوات وقبول بعض الطعون ورفض بعض الطعون الأخري، وعدم التحقيق في عمليات التحقيق التي تمت والتي مازالت أمام النائب العام حتي الآن، ولم يفصل فيها أمامه أيضا علامة استفهام.. كل هذا يجعل العملية الانتخابية برمتها عليها علامات استفهام، نضيف إلي ذلك المؤتمر الصحفي الذي عقده حزب الحرية والعدالة، والذي أعلن فيه الدكتور مرسي فوزه في الثالثة صباحا وقبل أن تنتهي جميع اللجان من فرز الأصوات، والذي استخدم فيه لغة التهديد، وأشيع أن ميليشيات الإخوان ستلجأ للعنف في حال تغيير نتائج الانتخابات لصالح الفريق شفيق.. ولابد أن يتم فتح التحقيق من جديد وأفضل أن يكون تحقيقا دوليا تحت إشراف الأممالمتحدة، في جميع الملابسات التي شابت الانتخابات الرئاسية هناك مخاوف تتعلق بأن مكتب الإرشاد هو الذي يحكم مصر وليس الرئيس مرسي؟ هذه حقيقة ملموسة، فقد تم تعيين عدد من المحافظين من حزب الحرية والعدالة، خاصة في المحافظات التي كان التصويت للرئيس مرسي فيها ضعيفا كمحافظات كفر الشيخ والمنوفية والشرقية، ومعلوماتي تؤكد أن "أخونة الدولة" في المواقع القيادية ومؤسسات الدولة، وفي الإعلام والصحافة، وفي الجامعات تجري علي قدم وساق، حتي أن بعض كبار مسئولي الدولة أخبرني أنه يتم الآن أخونة الجهاز البيروقراطي المصري حتي درجة مدير عام، كما أنه تتم الإطاحة بكبار الموظفين الأكفاء ليحتل مكانهم أشخاص أقل كفاءة لمجرد أنهم متعاطفون مع الإخوان، إن لم يكونوا منتمين للجماعة، وهذا بالطبع كان متوقعا من جهاز بيروقراطي جبل علي النفاق الشديد منذ أيام الفراعنة والخوف أن يؤثر هذا علي الانتخابات القادمة، وعلي تمكين حزب الحرية والعدالة من تزوير الانتخابات القادمة, خاصة أن هناك اتجاه في الدستور القادم لإلغاء الإشراف القضائي، واستبداله بإشراف هيئة مستقلة، وما أدراني أنها ستكون مستقلة بالفعل - وأذكرهم بأن الذي أطاح بمبارك ونظامه إصراره علي تزوير الانتخابات. كيف تري التحالفات الحزبية التي تتم الآن استعدادا للانتخابات البرلمانية القادمة ؟ نحن مازلنا في مرحلة إعادة تسوية الصفوف، فهناك عدد من الأحزاب تتآلف، وأرجو أن تنتهي هذه التيارات إلي المنتج النهائي وهو إعداد قائمة متوافقة واحدة تجمع القوي المدنية، لأنه إذا وقعت الانتخابات القادمة مرة أخري في يد حزب الحرية والعدالة، والسلفيين علينا أن ننسي أمر الحرية والمواطنة والمدنية لعشرات السنين. وهل تراجعت شعبية التيار الإسلامي في الشارع المصري ؟ بالفعل تراجعت شعبية التيار الإسلامي في الشارع بعد ممارسات البرلمان الماضي، وما شاهده المصريون من ممارسات مثيرة للدهشة علي مرأي ومسمع من الجميع خلال الفترة الماضية.