طالب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس بتطبيق قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار فى سوريا لمدة 30 يوما فورا جاء ذلك خلال كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان حيث جاء فيها أصحاب السعادة بما أن هذه هي المرة الأولى التي تتاح لي الفرصة لمخاطبة هيئة تابعة للأمم المتحدة بعد قرار مجلس الأمن يوم السبت الماضي بشأن سوريا، اسمحوا لي أن أقول بضع الكلمات في هذا الصدد.كما تعلمون، إنني أرحب باتخاذ مجلس الأمن قرارا يطالب بوقف الأعمال العدائية في جميع أنحاء سوريا لمدة 30 يوما على الأقل.ولكن قرارات مجلس الأمن لا تكون ذات معنى إلا إذا نفذت تنفيذا فعالا.ولهذا أتوقع أن يتم تنفيذ القرار على الفور وبشكل مستدام ، ولا سيما لضمان التسليم الفوري والآمن والمستمر ودون عوائق للمعونات والخدمات الإنسانية وإجلاء الحالات الحرجة من المرضى والمصابين والتخفيف من معاناة الشعب السوري.وكما تعلمون، فإن الأممالمتحدة مستعدة للقيام بدورها. كما قلت أمام مجلس الأمن نفسه قبل أيام قليلة، فإن الغوطة الشرقية بالذات لا يمكن أن تنتظر.لقد حان الوقت لوقف هذا الجحيم على الأرض.وأذكر جميع الأطراف بواجبها المطلق طبقا للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان لحماية المدنيين والهياكل الأساسية المدنية في جميع الأوقات.وبالمثل، فإن الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب لا تحل محل هذه الالتزامات.أصحاب السعادة، يشرفني أن أكون هنا معكم اليوم وفي هذا العام والذي سيشهد الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.لقد ساهمت هذه الأداة القوية ومنذ سبعين عاما في إحداث تغيير عميق في العالم الذي نعيش فيه.ويقرالإعلان العالمي بالمساواة والكرامة لجميع البشر ويتعين على جميع الحكومات أن تسمح لكل شخص بممارسة حقوقه وحرياته غير القابلة للتصرف.وفي هذا الصدد، أود أن أوضح أننا عندما نتكلم عن حقوق الإنسان، فإننا نتخدث عن جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية و التي أقر الإعلان بطابعها العالمي.أينما نعيش وأيا كان وضعنا أو مكاننا في المجتمع أو جنسنا أو ميولاتنا الجنسية أو عرقنا أو ديننا أو معتقداتنا، نحن جميعا متساوون في الحقوق والكرامة.وينص الإعلان العالمي أيضا على أن احترام حقوق الإنسان هو أفضل استراتيجية للوقاية. فإن تجاهل هذه الحقوق هو الذي أدى إلى أعمال وحشية ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية.وفي عالم اليوم، فإنه يمكن منع نشوب انزاعات أيضا من خلال ضمان سيادة حقوق الإنسان.إن خرق وانتهاكات حقوق الإنسان تصاحب ويدون استثناء جميع الأزمات التي ينظر فيها مجلس الأمن حاليا.وتتراوح هذه الانتهاكات بين انتهاك الحريات الفردية والجماعية للتجاوزات الصارخة للقانون الإنساني الدولي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.وأثني على مجلس حقوق الإنسان لتأكيده على الوقاية في الحوارات غير الرسمية التي عقدها في غليون في عام 2017.ومكتبي على استعداد لمساعدة المجلس على تعزيز دوره الوقائي.لن يتسنى لنا أن نفي بهدفنا لعام 2030 المتمثل في كفالة مجتمعات متنوعة وشاملة وسلمية ومستدامة، على كوكب سليم، إلا من خلال احترام وتعزيز حقوق الإنسان. والتنوع مصدر ثروة لأي مجتمع.إنني شخصيا على بينة من أهمية حقوق الإنسان: لقد نشأت تحت ديكتاتورية، وكنت شاهدا، بصفتي المفوض السامي لشؤون اللاجئين، على التداعيات الفظيعة لانتهاكات حقوق الإنسان.وأنا أدرك، للأسف، أنه أمامنا طريق طويل جدا لنقطعه.لسيد الرئيس،هذا ليس إنكار للتقدم الكبير الذي أحرزناه في السنوات السبعين الماضية.لقد اكتسب الناس تدريجيا و في جميع أنحاء العالم حريات ومساواة أكبر.وتحسنت ظروف البؤس الاقتصادي الشديد والاستغلال.وتقدمت حقوق المرأة، جنبا إلى جنب مع حقوق الأطفال وضحايا التمييز العنصري والديني والشعوب الأصلية والأشخاص ذوي الإعاقة.وحاكمت المحاكم الدولية مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان المروعة.ولكن من الواضح أيضا أن كلمات الإعلان العالمي لا تتطابق بعد مع الحقائق على أرض الواقع.فعلى مستوى التطبيق، لا يزال الناس في جميع أنحاء العالم يعانون من قيود على - أو حتى إنكار تام - لحقوقهم الإنسانية.ولا تزال عدم المساواة بين الجنسين مسألة ملحة - مع وجود عدد هائل من النساء والفتيات يتعرضن يوميا لانعدام الأمن والعنف وانتهاك حقوقهن.ونحن نشهد موجة كراهية للأجانب والعنصرية والتعصب، بما في ذلك معاداة السامية و ومعاداة وكراهية للمسلمين.الأحزاب السياسية ووجهات النظر اليمينية المتطرفة انبعاثا جديدا.وكثيرا ما يُحرم اللاجئون والمهاجرون من حقوقهم ويتعرضون للظلم بدون وجه حق، و ويعتبرون كتهديد للمجتمعات التي يسعوا إلى الانضمام إليها، على الرغم من الفوائد التي يجلبونها.وقد أدت أساليب إنفاذ القانون القديمة التي تخاطب مكافحة المخدرات فقط، إلى تغذية العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وفشلت في الحد من تعاطي المخدرات، وعرضها بصورة غير مشروعة.وفي العديد من الحالات، يؤدي التركيز المتزايد على مكافحة الإرهاب إلى تآكل احترام الحقوق الأساسية.وتتعرض وسائط الإعلام للهجوم بصورة متزايدة في جميع المناطق.كما أن مساحة المجتمع المدني - والمدافعين عن حقوق الإنسان بشكل خاص - آخذة في التقلص وأصبحت أكثر خطورة.هذه مجرد اتجاهات عامة.وهناك أيضا أمثلة محددة عديدة على الانتهاكات الفظيعة.القائمة طويلة جدا عرض تفاصيلها هنا.ولكن اسمحوا لي أن أوضح محنة المسلمين الروهينجا في ميانمار.لقد سافرت عدة مرات إلى شمال راخين في تجربتي، الروهينجا هي واحدة من أكثر الفئات المُتعرضة للتميز العنصري في العالم، وكان ذلك قبل بداية الأزمة في العام الماضي.بجانب حرمانهم من الجنسية، فقد تعرضوا لقسوة وحشية من جانب القوات العسكرية وغيرها، وخرجوا من ديارهم وبلدهم في مثال واضح على التطهير العرقي.هم تحت الحصار كجماعة بسبب هويتهم لا غير.وهذا هو السبب في أنني أخذت زمام المبادرة لكتابة رسالة رسمية إلى مجلس الأمن بشأن هذه المسألة.وهذه هي المرة الأولى منذ عام 1989 التي يتخذ فيها الأمين العام هذا الإجراء.يحتاج مجتمع الروهينجا بشكل ماسة إلى مساعدة فورية منقذة للحياة، وحلول طويلة الأجل، وعدالة.وأدعو الحكومة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق في ولاية راخين، وأناشد المجتمع الدولي دعم أولئك الذين فروا إلى بنغلاديش.ويتعين على المجتمع الدولي أن يتضافر لدعم العودة الآمنة والطوعية والكريمة والمستدامة للاجئين إلى مناطقهم الأصلية أو اختيارهم، وفقا للمعايير الدولية.والاتفاق الأخير بين بنغلاديش وميانمار لا يمكن أن يؤدي إلى ذلك الواقع إلا من خلال الاستثمار الضخم - ليس فقط في التعمير و إعادة البناء، بل في المصالحة. والتنفيذ الكامل لتوصيات لجنة " الراخين "الاستشارية أمر مهم أيضا.السيد الرئيس،لجعل حقوق الإنسان حقيقة واقعة للجميع، نحتاج إلى عمل أكثر حزما وتماسكا.ويجب أن نتكلم عن حقوق الإنسان بطريقة نزيهة دون ازدواجية المعايير. ويجب علينا أن نستثمر في حقوق الإنسان ونعترف بها كقيم وأهداف في حد ذاتها - ولا نسمح باستخدام حقوق الإنسان كأداة سياسية.وقد حددت الدول الأعضاء القانون الدولي لحقوق الإنسان ووضعتها في صميم الأممالمتحدة.ومع ذلك لا تزال هناك بعض المقاومة لدعم عمل الأممالمتحدة في مجال حقوق الإنسان. وعلينا أن نتغلب على الانقسام الكاذب بين حقوق الإنسان والسيادة الوطنية.وتسير حقوق الإنسان والسيادة الوطنية جنبا إلى جنب بلا تناقض.إن تحقيق حقوق الإنسان يعزز الدول والمجتمعات، مما يعزز السيادة الوطنية.وإذا ما كنا أولينا اهتماما أكبر بكثير لحقوق الإنسان على الصعيد العالمي خلال العقدين الماضيين كان من الممكن إنقاذ الملايين من الأرواح.ولهذا فإنني أناشد الدول الأعضاء في جميع أجهزة الأممالمتحدة أن تنظر في كيفية تعزيز الدعم لعمل الأممالمتحدة بشأن حقوق الإنسان.ولهذا السبب أعمل - بروح حقوق الإنسان أولا - لضمان أن تضع الأممالمتحدة الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها في صميم جميع جهودنا.إن التركيز على حقوق الإنسان يكمن في صميم منع نشوب الصراعات وهو ما يجب أن يكون على رأس أولوياتنا.والمراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان هي أداة أساسية.وهي تخضع كل دولة، دون استثناء، للتدقيق اللازم للمساءلة.وتعترف بأن بإمكان جميع الدول الأعضاء إجراء تحسينات، وأن على منظومة الأممالمتحدة مسؤوليات لدعم الدول في هذا الصدد.ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة عميقة بين معرفتنا والعمل.ولهذا السبب يتحتم على هذا المجلس - والأممالمتحدة ككل – التركيز أكثر بكثير على التنفيذ والمتابعة الوطنية.ويجب أن تندرج حقوق الإنسان في أعمال الأممالمتحدة على جميع المستويات - بدءا من التحليل والتخطيط والتقييم والمساءلة عن التقدم المحرز.ويوفر الاستعراض الدوري الشامل وعمليات هيئات المعاهدات موردا هائلا للمعايير والمبادئ التوجيهية.وعلينا أن نجد طرقا مبسطة لإدراج مخرجات آليات حقوق الإنسان هذه بصورة منهجية في الإجراءات الشاملة للأمم المتحدة وجميع جهودنا لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.ولكن، من أجل دعم حقوق الإنسان وعكس الإرتداد الحالي، يجب أن نكون أكثر قدرة على دعم الدول الأعضاء لتنفيذ توجيهات الخبراء الواردة من آليات حقوق الإنسان.ونحن نفعل ذلك من خلال المساعدة في صياغة القوانين والسياسات بما يتماشى مع المعايير المتفق عليها وبناء القدرات المؤسسية للمساعدة في حماية هذه المعايير.فعلى سبيل المثال، ساعدنا مكاتب االنيابة العامة في التحقيق والتحضير للفصل في القضايا المعقدة المتعلقة بالجرائم الدولية.ونحن نساعد في تطوير المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من خلال دعم تبادل الخبرات بين هيئات حقوق الإنسان التي تواجه تحديات مماثلة.كما ندعم مجتمع مدني نابض بالحياة لتعزيز مؤسسات عامة شاملة وقابلة للمساءلة وفعالة.ونساعد ضحايا الجرائم الدولية في المطالبة بحقوقهم.وكل هذا يتطلب التمويل.حقوق الإنسان ليست ترفا. فهي مسؤولية جماعية وقعت عليها جميع الدول الأعضاء.السيد الرئيس،يتمثل أحد العناصر الرئيسية لدعم حقوق الإنسان ز تعزيز المساءلة وفضح الانتهاكاتفي دعمنا للمجتمع المدني.وإنني شديد الإعجاب بشجاعة المدافعين عن حقوق الإنسان وتضحياتهم.هؤلاء الأفراد والمنظمات هم أعيننا وآذاننا وضميرنا.وينبغي لنا جميعا أن نشعر بالصدمة والغضب العميقين إزاء مدى تعرض الجهات الفاعلة في المجتمع المدني للأعمال الانتقامية والتخويف والهجوم بسبب عملها، بما في ذلك عندما تتعامل مع منظومة الأممالمتحدة ومع هذا المجلس.وسأقدم تقريرا عن التحديات التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان إلى الدورة المقبلة للجمعية العامة.والآن، اسمحوا لي أن أقدم تعازينا الشخصية لوفاة السيدة أسما جاهانغير - وهي بطل حقيقي لحقوق الإنسان.فبصفتها مقررا خاصا لهذا المجلس، و مواطنة عظيمة من باكستان، وكممثل شاهق لقوة المجتمع المدني، كرست حياتها في سبيل تفعيل رؤية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.كما وقفت أيضا مع حقوق المرأة، لتذكرنا مرة أخرى بأن حقوق المرأة هي حقوق الإنسان.كانت مثالا عظيما لنا جميعا.وأخيرا، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأثني على عمل المفوض السامي وأشكره على خدمته للأمم المتحدة وقضية حقوق الإنسان.وقد أبدى المفوض السامي زيد شجاعة هائلة في إبراز الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان في جميع المناطق.وقد أبدى تفانيا هئلا أيضا في العمل مع الحكومات لحل هذه الشواغل.يعتمد العالم على المفوض السامي، ومكتبه، وهذا المجلس لفضح انتهاكات حقوق الإنسان أينما وقعت، وللضغط من أجل التغيير. فلنستخدم هذه الذكرى السنوية السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لمواصلة النهوض بهذا العمل الأساسي.شكرا لكم.