انطلق اليوم بالعاصمة القطريةالدوحة، مؤتمر الأممالمتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية، بحضور الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة. وقال الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري، إن "هذا المؤتمر يعقد في ظل تزايد انتشار الجريمة بكافة أنواعها وأشكالها، واستمرار وجود بؤر النزاع والتوتر وانعدام الأمن والاستقرار، وغياب التنمية في مناطق كثيرة من العالم، كل ذلك أدى إلى تصاعد موجات العنف والإرهاب والفساد". وأضاف، أن "استضافة دولة قطر لهذا المؤتمر تأتي من منطلق تحملها مسؤوليتها الدولية وإدراكًا منها لأهمية تحقيق العدالة الجنائية وإقامة مجتمعات وطنية ومجتمع دولي آمن تحكمه سيادة القانون ومبادئ الحرية والعدالة، وانطلاقًا كذلك من أهمية مكافحة الجريمة التي تؤثر سلباً في تحقيق الأمن الإنساني الدولي بأبعاده كافة في السلم والأمن الدوليين، وكذلك في بلوغ التنمية لأهدافها المنشودة، فالروابط بين منع الجريمة والعدالة الجنائية والتنمية المستدامة لم تكن أبداً أكثر وضوحاً كما هي في يومنا هذا وبقدر لا يمكن إنكاره. وكشف عن "مبادرة ترمي إلى إنقاذ جيل من الأطفال والشباب النازحين واللاجئين على المستوى الإقليمي، وذلك بتأسيس صندوق يخصص للتعليم والتطوير المهني لصالح النازحين واللاجئين ضحايا الصراعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، وتركز هذه المبادرة على توفير نظام تعليم ثنائي يزاوج بين التعليم في المدرسة والتدريب المهني في المؤسسات، يتجسد في بناء مدارس في مخيمات اللجوء بالتنسيق مع الدول المضيفة للاجئين التي لم تدخر جهداً في استقبال واستيعاب أعداد غير قليلة منهم في مدارسها، على الرغم من إمكانياتها المحدودة". ودعا وزير الداخلية القطري، إلى تعميم هذه المبادرة لاحقًا على المستوى الدولي، وبهذا الشأن ندعو الشركاء كافة من حكومات، ومنظمات دولية، وهيئات مانحة، ومنظمات المجتمع المدني، ومنظمات غير حكومية للشراكة والتنسيق والتعاون في دعم هذه المبادرة. ونبه إلى أن ازدواجية تطبيق معايير الشرعية الدولية يمثل أبرز التحديات التي تواجه منع الجريمة والعدالة الجنائية، وتشكل عائقًا أساسيًا لبلوغ تحقيق التنمية المنشودة للشعوب، مشيرًا إلى أن الجرائم والانتهاكات الجسيمة والصارخة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي ترتكب في بعض مناطق العالم والتي تعد جرائم ضد الإنسانية، وإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العدالة الجنائية بسبب أسلوب الانتقائية الذي تعالج به بعض هذه الجرائم، وهو ما ينعكس سلبًا على مصداقية حقوق الإنسان في جوهرها، مطالبا الأممالمتحدة انطلاقًا من مسؤوليتها المشتركة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان للشعوب كافة وتحقيقًا للعدالة أن تعيد للمجتمع الدولي مصداقيته عبر التزام مجلس الأمن بتطبيق الشرعية الدولية بمفهومها الحقيقي باتخاذ الإجراءات كافة تجاه مرتكبي هذه الجرائم، وتنفيذ حكم القانون بحقهم. كما طالب وزير الداخلية القطري، بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، والتعامل مع الظاهرة الإجرامية من منظور شامل يأخذ في الاعتبار كافة أسبابها وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها، ونتلمس الحلول المناسبة لها جميعاً وبغير ذلك يصبح الحديث عن منع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية ترفاً لا يجد آذانا صاغية.وبين أنه لن يتأتى ذلك إلا من خلال تبني الدول والمجتمع الدولي سياسات عادلة وفق معايير محددة وواضحة، والالتزام بتنفيذها استناداً للشرعية الدولية، وبهدف أسمى يرمي إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية عبر السعي الجاد لتطوير نظم وقواعد ومعايير منع الجريمة والعدالة الجنائية التي يتعين أن تتصف بالإنصاف والمسؤولية والفاعلية، وإلى مكافحة الفساد وتمتع الفرد بالخدمات الاجتماعية كافة، وبخاصة الصحة والتعليم بما يكرس القيم المجتمعية، والقضاء على الفقر، وتوسيع فرص المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية أمام فئات المجتمع كافة، وبالذات النساء والشباب والفئات المحرومة، وتعزيز الشراكات بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وأشار إلى أنه إدراكًا منا للآثار السلبية الخطيرة للجريمة على تحقيق الأهداف الإنمائية التي توافق عليها المجتمع الدولي بخاصة في البلدان التي هي بحاجة إلى التقدم والتنمية أكثر من غيرها، فإن الاتفاق على إدماج منع الجريمة والعدالة الجنائية في الأهداف الإنمائية الألفية لما بعد 2015 سوف يعد خطوة مهمة لتعزيز التنمية المنشودة للشعوب، مشيراً إلى أن دولة قطر لا تألو جهداً في المساهمة بفاعلية في تعزيز الشراكة الدولية لتحقيق الأهداف الإنمائية العالمية عبر الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال تقديم المساعدات الإنمائية على الصعد الإقليمية والعالمية. وشدد على "أننا جميعًا أمام مواجهة جادة ضد كل ثقافات الجريمة وانتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والتي تتطلب منا بذل أقصى الجهود لترسيخ الثقافة التي تسود فيها مراعاة كافة حقوق الإنسان الفردية والجماعية في شتى أرجاء المعمورة. وثمن الجهود التي تبذلها الأمانة العامة للأمم المتحدة لتحقيق الأهداف والمبادئ الواردة في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمنع الجريمة والعدالة الجنائية، مشيراً إلى أن دولة قطر لن تألو جهداً في تيسير السبل كافة لإنجاح هذا المؤتمر.وأضاف، "إنني أتطلع معكم إلى مشاركة فاعلة لبلورة توصيات عملية وواقعية وممكنة التحقيق يخرج بها هذا المؤتمر على نحو يجسد الهدف المنشود وصلابة الإرادة على بلوغه، باعتبار أن منع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية ركيزة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة وليكن إعلان الدوحة رسالة في هذا الاتجاه لتحقيق مصلحة شعوبنا جميعاً". من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن "هذا المؤتمر يعد أضخم تجمع عالمي من الحكومات والمجتمع المدني والدوائر الأكاديمية والخبراء في منع الجريمة والعدالة الجنائية وأكثرها تنوعا".. مشيرا إلى أنه على مدار 60 سنة ساعدت هذه المؤتمرات في تشكيل سياسات العدالة الجنائية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الخطر العالمي الذي تمثله الجريمة المنظمة عبر الوطنية". وأشاد بمبادرة الحكومة القطرية إلى استضافتها لهذا الاجتماع الهام، وترحيبها بنا، وقال: "في اللغة العربية كلمة "الدوحة" تعني الشجرة الكبيرة، هذا ما أعرفه.. فهذه المدينة نمت بطموح ونشاط لتصبح كما نراها اليوم هذه المدينة الحديثة المترامية". وأضاف أن "الجريمة تدمر الأفراد والمجتمعات والأمم في أنحاء العالم .. فالآلاف من الأفراد يقتلون بسبب العنف المرتبط بالمخدرات وبسبب الإرهاب كل سنة وأكثر من 40 ألف امرأة يقتلهن شركاؤهن في الحياة، ومئات الآلاف من النساء والفتيات يجبرن من قبل المتاجرين في البشر على العمل بالسخرة، والانخراط في الرق الجنسي، ما يسبب لهن معاناة ضخمة".وتابع "إن الحياة البرية تتعرض أيضا لخطر قوي .. ففي العام الماضي أكثر من 1200 من حيوان"وحيد القرن" ذبحها القناصة .. كل ذلك ليربح المجرمون.. فالجريمة تترعرع على الفساد وتعرقل الحوكمة الرشيدة، وتقوض المؤسسات وسيادة القانون، وتهدد السلم والأمن، وتعوق التنمية، وتنتهك حقوق الإنسان.. هذه السنة سنة حيوية لهذه الأركان الثلاثة للأمم المتحدة". وأوضح الأمين العام أنه "في شهر سبتمبر من هذا العام ستنظر الدول الأعضاء في جدول أعمال التنمية ما بعد 2015، وهذا سيمهد الطريق لمستقبل أفضل لملايين الأفراد .. فالنجاح يتطلب أن يعبر جدول أعمال جديد وتعبر أهداف التنمية المستدامة عن محورية سيادة القانون". وتساءل: "ما الفرص المتاحة لفتاة ما لو أن الموارد الضرورية للغاية لأغراض الصحة والتعليم سرقها الفساد؟.. وكيف يمكن لأم أن تزدهر في حياتها، وهي تتعرض للعنف الأسري؟.. وكيف يمكن لشاب أن يشق طريقه في العالم عندما يسيطر على منطقة سكنه العصابات؟.. وكيف يمكن للأفراد أن يزدهروا ويترعرعوا عندما تستخدم أجهزة الشرطة والمحاكم كأدوات للقمع؟". وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن التنمية وحقوق الإنسان يعتمدان على أطر قانونية تنهض بالمساواة والحوكمة التي ترفع لواء هذه القوانين. وقال إن "كل المجتمعات تحتاج إلى أنظمة عادلة للعدالة الجنائية ولمؤسسات فعالة تكون خاضعة للمساءلة وإمكانية وصول الجميع لباب العدالة، فالخدمات الاستخباراتية التي تخضع للمساءلة والأجهزة الأمنية التي تخضع للمساءلة يمكن أن تساعدنا في قطع شوط طويل لإنهاء العنف وتعزيز حقوق الإنسان يساعد على التخلص من أوجه الإجحاف.. فما يمكن للتنمية المستدامة أن تتحقق دون حقوق الإنسان". وكان مؤتمر الأممالمتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية قد انتخب بالتزكية في مستهل أعماله معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري، رئيسًا له. شاهد الصور..